للمرة الأولى في التاريخ، منح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) الضوء الأخضر لإقامة مباريات من الدوريات المحلية الأوروبية خارج حدود بلدانها.
وتقترب بالفعل مباراتان بارزتان من دخول التاريخ: فياريال × برشلونة في ميامي (الولايات المتحدة) في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وميلان × كومو في بيرث (أستراليا) في فبراير (شباط) 2026.
وبحسب شبكة «The Athletic»، فإن كل ما تبقى هو موافقة «فيفا» والاتحادات المستضيفة رسمياً، لكن الخطوة الكبرى – التي كانت تُعتبر «محرّمة» لسنوات – أصبحت الآن شبه حقيقية.
قرار نقل مباريات محلية إلى الخارج يُعد خطوة مفصلية، كانت مرفوضة تماماً في السابق.
لكن «اليويفا» أعلن أنه وافق على الطلبين الإسباني والإيطالي «على أساس استثنائي»، بعد أن رأى أنه لا يمتلك الصلاحيات القانونية الكافية لرفضهما في ظل مراجعة «الفيفا» لقوانينه.
ورغم الموافقة، فقد وصف «اليويفا» القرار بأنه «مؤسف ومؤقت»، وأكد رئيسه ألكسندر تشيفيرين أنه لن يشكّل سابقة قانونية: «مباريات الدوري يجب أن تُقام على أرضها الأصلية. أي بديل عن ذلك يُهمّش المشجعين المخلصين ويهدد نزاهة المنافسة».
السبب يعود إلى دعوى قضائية أميركية بدأت عام 2019 من قبل شركة «ريليفنت سبورتس» ضد «الفيفا» و«اتحاد الكرة الأميركي»، اتهمتهما فيها بانتهاك قوانين الاحتكار عبر منع إقامة مباريات دوريات أجنبية في الولايات المتحدة.
وفي عام 2024، تم التوصل إلى تسوية سرّية بين الطرفين، فتنازلت الشركة عن الدعوى مقابل وعد من «الفيفا» بـ«إعادة النظر في اللوائح».
هذه التسوية فتحت الباب قانونياً أمام الطلبين الإسباني والإيطالي، وجعلت «اليويفا» عاجزاً عن الاعتراض استناداً إلى القوانين الحالية.
فكرة نقل المباريات ليست جديدة.
السوبر الإيطالي أُقيم في أميركا منذ التسعينات، ثم في الصين وقطر والسعودية، والسوبر الإسباني أيضاً انتقل إلى السعودية منذ 2020.
لكن نقل مباريات الدوري نفسها كان دائماً «خطاً أحمر»، خوفاً من الإخلال بتوازن المنافسة أو غضب الجماهير.
ومع ذلك، حاولت «لا ليغا» الإسبانية بقيادة خافيير تيباس تنفيذ خطة مماثلة عام 2018 لمباراة برشلونة ضد جيرونا في ميامي، لكن المشروع أُلغي بعد اعتراض الاتحاد الإسباني والنقابة واللاعبين.
اليوم، وبعد قرار «اليويفا»، بات الطريق مفتوحاً أمام أولى المباريات الرسمية خارج أوروبا.
تشيفيرين يقول «لا»، لكن الواقع يقول: «ربما نعم».
فإسبانيا وإيطاليا تعتبران القرار «خطوة أولى نحو المستقبل»، بينما الجماهير الأوروبية تصفه بـ«خيانة لجذور اللعبة».
رئيس الـ«لا ليغا» خافيير تيباس رحّب فوراً بالقرار، مؤكّداً أن مباراة فياريال وبرشلونة في ميامي ستكون «حدثاً تاريخياً يعزز عائدات الدوري الإسباني ويقوّي حضوره العالمي».
أما رئيس سيريا آ إزيو سيمونيلي فقال إن مباراة ميلان وكومو في أستراليا «ستكون بداية عهد جديد لكرة القدم الإيطالية».
في المقابل، ريال مدريد أعرب عن معارضته الشديدة، معتبراً أن نقل المباراة يخل بمبدأ المساواة ويجري «دون تشاور حقيقي مع الأندية».
من سيتنافس على استضافة المباريات القادمة؟
الولايات المتحدة: الوجهة الأبرز قبل مونديال 2026، حيث السوق الضخمة والإقبال الجماهيري.
أستراليا: تبحث عن تعزيز ارتباطها بالكرة الأوروبية.
السعودية: المرشح الدائم، بعد استضافتها السوبر الإسباني وكذلك الإيطالي.
الهند والمكسيك أيضاً مطروحتان كونهما من الخيارات المستقبلية.
الموقف الإنجليزي
الدوري الإنجليزي الممتاز ما زال يرفض الفكرة علناً.
رئيسه التنفيذي ريتشارد ماسترز، قال صراحة: «هذا ليس مطروحاً على الطاولة حالياً».
لكن الذاكرة لا تنسى: ففي 2008 حاولت «البريميرليغ» تنظيم ما سُمّي بـ«المباراة الـ39» في مدن عالمية، فقوبلت بعاصفة غضب جماهيرية وبرلمانية.
ومع ذلك، يدرك المسؤولون أن البقاء في القمة يتطلب التطور المستمر؛ لذلك، قد لا يكون الرفض دائماً.
ألمانيا: الموضوع «محرّم تماماً»، وفقاً لثقافة المشجعين التي ترفض أي مساس بحقوق الحضور المحلي.
فرنسا: الأزمة المالية بعد انهيار عقود البث تجعل بعض الأندية منفتحة على الفكرة مستقبلاً.
المكسيك: ترحب بالقرار، وقد تسعى «ليغا إم إكس» لتنظيم مباريات رسمية في أميركا لتحقيق أرباح إضافية.
الولايات المتحدة: تعتبر القرار فرصة تاريخية لتوسيع نفوذ كرة القدم الأوروبية في أكبر سوق رياضية في العالم.
ما كان يُعتبر «مستحيلاً» قبل سنوات، أصبح الآن واقعاً: مباريات الدوريات الأوروبية ستُقام خارج أوروبا.
قد تبدأ بخطوتين تجريبيتين، لكن تأثيرهما القانوني والاقتصادي قد يُغيّر شكل اللعبة.
ورغم تحفظات «اليويفا»، يبدو أن الكرة الأوروبية تستعد لعصر العولمة الكاملة؛ حيث تصبح مباراتا برشلونة وميلان في ميامي وبيرث مجرد البداية، لا الاستثناء.

