صعّدت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، على لسان وزارة العدل، موقفها ضد السلطات اللبنانية بسبب قضية هانيبال معمر القذافي، وحمّلتها المسؤولية عن «صحّته وحياته». كما دخلت قبيلة القذاذفة على خطّ الأزمة، وطالبت بـ«اتخاذ إجراءات فورية لحمايته».
واستقطب الوضع الصحي لهانيبال، المحتجز في لبنان منذ عشر سنوات على ذمة قضية اختفاء مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام موسى الصدر، تعاطفاً واسعاً داخل الأوساط الليبية.

وقال أحد مشايخ قبيلة القذاذفة لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع الذي يمرّ به ابننا هانيبال في لبنان لم يعد مقبولاً؛ ولا بدّ من إجراءات سريعة لفكّ أسره»، مشيراً إلى أن السلطات الليبية «لم تحرّك ساكناً في قضية اعتقاله، منذ أن اختُطف من الأراضي السورية في السادس من ديسمبر (كانون الأول) 2015، وأُحضر قسراً إلى لبنان، حيث ظلّ منذ ذلك الحين قيد الاحتجاز التعسّفي».
وتزايد انشغال الأوساط الليبية بقضية هانيبال بعد نقله إلى المستشفى، بسبب ما قيل إنّه عارضٌ صحيّ، ألمّ به داخل محبسه في مقرّ قوى الأمن الداخلي في بيروت، وسط مخاوف من «تعرّضه لمكروه قد يُنهي حياته».
يشار إلى أن هانيبال معتقل في لبنان بتهمة «إخفاء معلومات تتعلق باختفاء الصدر» في أثناء زيارته إلى ليبيا في أغسطس (آب) 1978، بدعوة من معمر القذافي.
وتحدثت وزارة العدل في الحكومة عن «تدهور صحة هانيبال»، إثر توقيفه لسنوات في السجون اللبنانية بإجراءات «غير قانونية»، مضيفة أن الجهات القضائية في ليبيا «أبدت تعاوناً مع نظيراتها في لبنان»؛ وأرسلت مذكرة رسمية عبر القنوات الدبلوماسية إلى الجهات العدلية والقضائية اللبنانية، منذ أبريل (نيسان) الماضي، تضمّنت «عرضاً عادلاً لإنهاء القضية، غير أن الجانب الليبي لم يتلقّ أي ردّ حتى الآن». واختتمت الوزارة بالقول إنها «تضع هذه الحقيقة أمام الجميع للقيام بما يستوجب من إجراءات مهنية وعدلية وإنسانية».
وكان محامي هانيبال، الفرنسي لوران بايون، قد صرح لـ«الشرق الأوسط» بأن هناك «صعوبات تواجه عمل الفريق القانوني في متابعة وضعه الصحي، بعد إدخاله المستشفى، الجمعة الماضي، بسبب مشكلات في الكبد»، مضيفاً أن موكّله «لا يرحّب بأي تدخل ليبي في طلب الإفراج عنه؛ لأن قضيته إنسانية بحتة، وليست موضوعاً للتجاذبات أو المساومات السياسية. فملفّه لا علاقة له بالسياسة أو التفاوض، بل بالعدالة والحقّ والحرية».

بدوره، قال المجلس الاجتماعي لقبيلة القذاذفة إنه يتابع «ببالغ القلق التدهور الخطير في الحالة الصحية لهانيبال، الذي نُقل من مكان احتجازه التعسّفي إلى مستشفى في بيروت»، لافتاً إلى أن هذا الاحتجاز «يتم من دون محاكمة، أو أي شكل من أشكال الإجراءات القانونية الواجبة، وعلى خلفية حادث يُزعم ارتباطه بأحداث في ليبيا لم يثبتها أي دليل قانوني، في حين لم يكن عمر هانيبال سوى عامين وقت وقوع تلك الأحداث».
ويرى المجلس الاجتماعي أن «الاحتجاز التعسفي لهانيبال القذافي يمثل انتهاكاً صارخاً لكافة المبادئ الإنسانية والأخلاقية، وخرقاً جسيماً للقانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب»، مؤكداً أنه «يحمّل السلطات اللبنانية المسؤولية الكاملة، قانونياً وأخلاقياً، عن حياة وسلامة هانيبال القذافي».
وأضاف المجلس أنه «أمام الوضع الخطير لهانيبال، فإنه يدعو جميع السلطات السياسية والقضائية في شرق ليبيا وغربها إلى اتخاذ إجراءات فورية لحمايته»، محذّراً من أن «أي إهمال، أو تقصير في هذا الشأن، سيعدّ عملاً من أعمال عدم المسؤولية وخيانة لواجب المواطنة، يدينها التاريخ».
واختتمت قبيلة القذاذفة موقفها بالتأكيد على أنها لن تقف مكتوفة اليدين «في وجه هذا الظلم الفاضح، الذي وقع على ابننا أمام أعين وآذان العالم، وستقف مع كلّ شرفاء الوطن والمدافعين عن الحرية والعدالة في كل مكان».
وسبق أن طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في نهاية أغسطس (آب) الماضي بـ«الإفراج الفوري» عن هانيبال القذافي، وتقديم «تعويض مناسب» له عن احتجازه قرابة عقد من الزمن «تعسفاً وظلماً»، موضحة أنه يعاني «أزمة نفسية بسبب اعتقاله في زنزانة تحت الأرض».




