يهود بريطانيا يلجأون لإجراءات أمنية صارمة بعد هجوم مانشستر

الهجمات المعادية للسامية تصل إلى مستويات قياسية

معزُّون يصلون لحضور جنازة أدريان دالبي يوم 6 أكتوبر 2025 حيث قُتل برصاصة في هجوم «يوم الغفران» خارج كنيس «هيتون بارك» فيما أعلنته الشرطة البريطانية حادثاً إرهابياً (رويترز)
معزُّون يصلون لحضور جنازة أدريان دالبي يوم 6 أكتوبر 2025 حيث قُتل برصاصة في هجوم «يوم الغفران» خارج كنيس «هيتون بارك» فيما أعلنته الشرطة البريطانية حادثاً إرهابياً (رويترز)
TT

يهود بريطانيا يلجأون لإجراءات أمنية صارمة بعد هجوم مانشستر

معزُّون يصلون لحضور جنازة أدريان دالبي يوم 6 أكتوبر 2025 حيث قُتل برصاصة في هجوم «يوم الغفران» خارج كنيس «هيتون بارك» فيما أعلنته الشرطة البريطانية حادثاً إرهابياً (رويترز)
معزُّون يصلون لحضور جنازة أدريان دالبي يوم 6 أكتوبر 2025 حيث قُتل برصاصة في هجوم «يوم الغفران» خارج كنيس «هيتون بارك» فيما أعلنته الشرطة البريطانية حادثاً إرهابياً (رويترز)

مع اقتراب عطلة عيد العرش اليهودي، يتمنى الحاخام بن كورزر لو كان الكنيس لا يحتاج إلى حراسة أمنية مشددة، ليتمكن المصلون من أداء صلواتهم، وذلك بعد الهجوم الذي وقع الأسبوع الماضي في مانشستر، وأسفر عن مقتل اثنين من المصلين اليهود.

أفراد من عائلة أدريان دالبي يحضرون جنازته في مقبرة أجيكروفت اليهودية في بيندلبري حيث قُتل برصاصة في هجوم «يوم الغفران» خارج كنيس «هيتون بارك» فيما أعلنته الشرطة البريطانية حادثاً إرهابياً (رويترز)

وقال كورزر: «مع الأسف، منذ فترة طويلة ونحن نكثف ببطء إجراءاتنا الأمنية أكثر فأكثر». وأضاف: «كنا نود أن نعيش في بلد لا نضطر فيه إلى فعل ذلك بهذا القدر».

ودهس رجل بريطاني من أصل سوري مارة بسيارته الخميس الماضي، ثم بدأ يطعن الناس خارج كنيس يهودي في شمال مانشستر في عيد الغفران (يوم كيبور)، وهو أقدس الأيام في التقويم اليهودي.

وقالت الشرطة في وقت لاحق، إنها هي التي أطلقت النار بطريق الخطأ على أحد الشخصين اللذين لقيا حتفهما في الهجوم.

ويقول كثيرون من المجتمع اليهودي في بريطانيا، إنهم مستهدفون بشكل غير عادل، بسبب تضامن معظمهم مع إسرائيل، ولا سيما بعد الهجوم الذي قادته حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) على إسرائيل، قبل عامين.

ووصل الأمر إلى شن هجمات على اليهود، وسط احتجاجات من الجماعات المؤيدة للفلسطينيين، وجماعات أخرى، على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

ويقول مسؤولون في الجالية اليهودية، إن مجتمعهم اضطر نتيجة لذلك إلى إنفاق مزيد من الأموال لجلب شركات أمن خاصة إضافية، والاعتماد على شبكة متطوعين، في انتظار مزيد من الدعم من الحكومة.

زيادة الحوادث المعادية للسامية

يُمنع الأطفال من اللعب في الخارج خلال الصلوات في بعض المعابد اليهودية، التي يحيط بكثير منها بالفعل أسلاك شائكة، ومسامير لمنع التسلق.

وقال جوناثان رودين، وهو حاخام لطائفة أخرى في لندن: «تعزيز الأمن ضرورة، ولكنه يجب ألا يكون كذلك في الواقع».

وأضاف: «بدلاً من ذلك، تجب معالجة المشكلات التي يواجهها المجتمع البريطاني... يجب وضع خطة شاملة للتثقيف، لضمان ألا يكون العنف والرعب والخوف والترهيب جزءاً من تجربتنا اليومية».

وسجلت منظمة «كوميونيتي سكيوريتي تراست» الخيرية البريطانية التي تقول إنها تحمي اليهود البريطانيين من الإرهاب ومعاداة السامية، 1521 حادثة معاداة للسامية في أنحاء بريطانيا، في النصف الأول من 2025، وهو ثاني أعلى إجمالي على الإطلاق في الأشهر الستة الأولى من أي عام.

وتقول مجموعات مجتمعية، إن الحوادث في الآونة الأخيرة شملت هجمات على أطفال المدارس اليهودية، وتلطيخ مواقع يهودية في لندن بفضلات آدمية، بما في ذلك كنيس يهودي.

وقال رودين: «نريد أن نتمكن من فعل الأشياء التي يمكن لأي شخص آخر فعلها، دون خوف، ودون ترهيب، ودون تهديدات».

وازدادت الهجمات على اليهود والأهداف اليهودية في أنحاء العالم، منذ أن بدأت إسرائيل هجومها على غزة، بعد الهجوم الذي قادته «حماس» في 2023. ولطالما اشتكى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من تنامي معاداة السامية في كثير من الدول الأوروبية.

وتشير بيانات معهد بحوث السياسة اليهودية المستقل إلى أن نحو 300 ألف يهودي يعيشون في بريطانيا، ويشكلون 0.5 في المائة من إجمالي السكان، وخامس أكبر جالية يهودية في العالم. ولندن ومانشستر موطنان لأكبر الجاليات اليهودية.

أسلاك شائكة ومسامير وكاميرات مراقبة

قال ريتشارد فيربر، من جمعية «يونايتد سيناجوج» الخيرية التي تمثل نحو 60 مجموعة في بريطانيا، وهي ضمن أكبر تجمعات المؤسسات اليهودية، إن الجمعية تنفق مليون جنيه إسترليني (1.34 مليون دولار) سنوياً على الإجراءات الأمنية التي كانت ستستخدمها في تعزيز حياة اليهود.

وأضاف: «لا توجد مجموعة دينية أخرى -على حد علمي- تضطر إلى أن يكون لديها مستوى من الحماية في أماكن عبادتها ومدارسها ومبانيها المجتمعية، أما الجالية اليهودية فلديها ذلك».

وذكر: «نتحدث عن الأسوار، نتحدث عن مسامير أعلى الأسوار، نتحدث عن أسلاك شائكة، نتحدث عن كاميرات مراقبة، نتحدث عن ربطها جميعاً بقوات الشرطة المحلية».

وأضاف: «الواجب الأساسي لأي حكومة هو حماية مواطنيها. وفشل ذلك (في مانشستر) بأكثر الطرق فظاعة».

وتعهد رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، الأسبوع الماضي، ليهود بريطانيا قائلاً: «سأبذل كل ما في وسعي لأضمن لكم الأمن الذي تستحقونه».

مشاهير يشاركون في جنازة دالبي يوم 6 أكتوبر 2025 حيث قُتل برصاصة في هجوم «يوم الغفران» خارج كنيس «هيتون بارك» فيما أعلنته الشرطة البريطانية حادثاً إرهابياً (رويترز)

وقال مارك رولي، مفوض شرطة العاصمة لندن، إن الشرطة زادت من الدوريات العلنية والأمن الوقائي، حول المعابد والمدارس اليهودية والمراكز المجتمعية.

وكتب رولي في صحيفة «جويش كرونيكل» الأحد: «نحن معكم... لستم وحدكم».

وقالت نيكول لامبرت، وهي صحافية وكاتبة عمود عن اليهود البريطانيين، إن كثيرين من اليهود البريطانيين غير واثقين، على الرغم من هذه التأكيدات.

وأضافت: «معابدنا اليهودية ومدارسنا ودور الحضانة لدينا مثل القلاع بالفعل... وأنا لا أثق بهم (الحكومة) للحفاظ على سلامتنا». وتابعت: «لا يزال الخطر كبيراً بشكل مخيف».


مقالات ذات صلة

تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

شؤون إقليمية قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)

تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

مددت لجنة بالبرلمان التركي تتولى إعداد الأساس القانوني لـ«عملية السلام»، التي تمرّ عبر حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، عملها لشهرين إضافيين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا صورة التقطتها كاميرا مراقبة لوليد سعداوي وعمار حسين في مدينة دوفر الساحلية جنوب شرقي إنجلترا (رويترز)

بريطانيا: إدانة رجلين بالتآمر لقتل مئات اليهود مع تصاعد المخاوف من «داعش»

أُدين رجلان، اليوم (الثلاثاء)، بالتآمر لقتل المئات من أفراد الجالية اليهودية في إنجلترا بهجوم مسلح مستوحى من ​هجمات تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (لندن)
أفريقيا الطرق بين المدن هي الأكثر عرضة لتنفيذ عمليات الخطف الجماعي بعد المدارس (إعلام محلي)

نيجيريا: مسلّحون يختطفون 28 شخصاً كانوا في طريقهم لحفل ديني

اختطفت مجموعة مسلّحة مجهولة 28 مدنياً في ولاية بلاتو بوسط نيجيريا، وطلبوا دفع فدية 28 ألف دولار للإفراج عن الرهائن.

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا تحدث رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز عن التشريع الجديد المقترح في سيدني - الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 (أ.ب)

ولاية أسترالية تستعد لإقرار قوانين أكثر صرامة بشأن الأسلحة النارية

تستعد ولاية نيو ساوث ويلز في أستراليا لإقرار قوانين أكثر صرامة بشأن حيازة الأسلحة النارية وحظر عرض ​الرموز المرتبطة بالإرهاب والحد من الاحتجاجات.

«الشرق الأوسط» (سيدني )
أوروبا أفغان ضمن برامج الاستقبال الفيدرالية في مطار هانوفر... وقد نقلت رحلة طيران مستأجرة نظمتها الحكومة الألمانية 141 أفغانياً إلى ألمانيا يوم الاثنين (د.ب.أ)

ألمانيا تستقبل دفعة جديدة تضم 141 أفغانياً ضمن «برنامج الإيواء»

وصل 141 أفغانياً إلى ألمانيا على متن رحلة طيران مستأجرة (شارتر) نظمتها الحكومة الألمانية.

«الشرق الأوسط» (هانوفر (ألمانيا))

استطلاع: غالبية الروس يتوقعون انتهاء حرب أوكرانيا في 2026

عمال يزيلون الأنقاض من سطح مبنى سكني متضرر بشدة عقب غارة جوية بطائرة مسيرة في كييف (أ.ف.ب)
عمال يزيلون الأنقاض من سطح مبنى سكني متضرر بشدة عقب غارة جوية بطائرة مسيرة في كييف (أ.ف.ب)
TT

استطلاع: غالبية الروس يتوقعون انتهاء حرب أوكرانيا في 2026

عمال يزيلون الأنقاض من سطح مبنى سكني متضرر بشدة عقب غارة جوية بطائرة مسيرة في كييف (أ.ف.ب)
عمال يزيلون الأنقاض من سطح مبنى سكني متضرر بشدة عقب غارة جوية بطائرة مسيرة في كييف (أ.ف.ب)

كشف «المركز الروسي لدراسات الرأي العام» لاستطلاعات الرأي، اليوم (الأربعاء)، أن غالبية الروس يتوقعون انتهاء الحرب في أوكرانيا عام 2026، في إشارة إلى أن الكرملين ربما يجري اختباراً لقياس ردّ فعل الرأي العام على تسوية سلمية محتملة، مع تكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع، وفقاً لوكالة «رويترز».

وخلال عرض نهاية العام الذي قدّمه ‌المركز، قال ميخائيل ‌مامونوف، نائب رئيس المؤسسة، إن 70 في المائة ‌من ⁠المشاركين ​في الاستطلاع، ‌البالغ عددهم 1600 شخص، يرون أن عام 2026 سيكون «أكثر نجاحاً» لروسيا من هذا العام، بينما ربط 55 في المائة منهم هذا الأمل باحتمال نهاية ما تسميه روسيا «العملية العسكرية الخاصة» في أوكرانيا.

وقال مامونوف، في العرض التقديمي، إن «السبب الرئيسي للتفاؤل هو احتمال الانتهاء من العملية العسكرية الخاصة وتحقيق الأهداف المعلنة، بما يتماشى مع المصالح الوطنية التي حددها الرئيس».

وفي استطلاعات الرأي ⁠السابقة لنهاية العام، أكّد المركز على التفاف المجتمع الروسي حول الرئيس فلاديمير بوتين وأهدافه ‌العسكرية في أوكرانيا، لكنه لم يقدم أرقاماً لنسبة ‍السكان الذين يتوقعون انتهاء الحرب.

وتقترب الحرب ‍الأوكرانية، التي بدأت في فبراير (شباط) 2022، من دخول عامها الخامس، ‍لكن من الصعب قياس المستوى الحقيقي للضيق الشعبي بسبب الصراع نظراً للضوابط الصارمة التي تفرضها الدولة على المعارضة.

وأشار مامونوف إلى الهجوم المستمر للجيش الروسي في أوكرانيا، وتردد الولايات المتحدة في تمويل أوكرانيا، وعدم قدرة الاتحاد الأوروبي على أن يحلّ ​محل الولايات المتحدة بالكامل مالياً وعسكرياً، باعتبارها عوامل رئيسية وراء احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام في نهاية المطاف.

وأضاف أن إعادة ⁠إدماج قدامى المحاربين الذين شاركوا في «العملية العسكرية الخاصة» في المجتمع وإعادة إعمار المناطق التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا، وكذلك المناطق الحدودية الروسية، بعد انتهاء الأعمال العسكرية، تعتبر الأولويات الرئيسية.

ويؤيد نحو ثلثي الروس محادثات السلام، وهي أعلى نسبة منذ بداية الحرب، وفقاً لمؤسسة ليفادا المستقلة لاستطلاعات الرأي، التي توصف بأنها «عميل أجنبي» بموجب القانون الروسي خلال الصراع.

وقال الكرملين، اليوم (الأربعاء)، إنه تم إطلاع بوتين على الاتصالات التي أجراها مسؤولون روس مع مبعوثي الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن المقترحات الأميركية لاتفاق سلام محتمل، وإن موسكو ستحدد موقفها الآن.

وأفاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في ‌22 ديسمبر (كانون الأول)، أن المفاوضات التي أجريت مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية بهدف إنهاء الحرب مع روسيا «اقتربت جداً من نتيجة حقيقية».


زيلينسكي «منفتح» على إنشاء منطقة اقتصادية حرة بشرق أوكرانيا

عناصر إطفاء يحاولون إخماد حريق سببته ضربة جوية روسية على زابوريجيا يوم 24 ديسمبر 2025 (رويترز)
عناصر إطفاء يحاولون إخماد حريق سببته ضربة جوية روسية على زابوريجيا يوم 24 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

زيلينسكي «منفتح» على إنشاء منطقة اقتصادية حرة بشرق أوكرانيا

عناصر إطفاء يحاولون إخماد حريق سببته ضربة جوية روسية على زابوريجيا يوم 24 ديسمبر 2025 (رويترز)
عناصر إطفاء يحاولون إخماد حريق سببته ضربة جوية روسية على زابوريجيا يوم 24 ديسمبر 2025 (رويترز)

في تطوّر لافت على مسار مفاوضات إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية، أكّد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، استعداده لسحب القوات من منطقة دونباس؛ القلب الصناعي شرق البلاد، «إذا سحبت روسيا قواتها أيضاً»، وإذا تحوّلت المنطقة إلى «منطقة منزوعة السلاح» و«اقتصادية حرة» تخضع لرقابة قوات دولية. وأضاف، وفق وكالة «أسوشييتد برس» أن هذا المقترح، الذي من شأنه معالجة إحدى العقبات الرئيسية أمام إنهاء الحرب، يجب أن يُطرح أيضاً على استفتاء شعبي. كما ذكر زيلينسكي أن ترتيباً مشابهاً قد يكون ممكناً للمنطقة المحيطة بمحطة زابوريجيا النووية، الخاضعة حالياً للسيطرة الروسية.

وكان زيلينسكي يتحدث إلى الصحافيين، الثلاثاء، لشرح خطة شاملة من 20 نقطة صاغها مفاوضون من أوكرانيا والولايات المتحدة خلال الأيام الماضية بولاية فلوريدا، مشيراً إلى أن كثيراً من التفاصيل لا يزال قيد البحث.

وانخرط مفاوضون أميركيون في سلسلة محادثات منفصلة مع أوكرانيا وروسيا منذ أن قدّم الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الشهر الماضي، خطة لإنهاء الحرب؛ في مبادرة عُدّت على نطاق واسع أنّها تصُبّ في مصلحة موسكو التي غزت جارتها قبل نحو 4 سنوات. ومنذ ذلك الحين، عملت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون على تعديل الخطة لتكون أقرب إلى موقف كييف.

ويُعدّ تقرير مصير إقليم دونباس الأوكراني، الذي استولت روسيا على غالبيته العظمى، إضافة إلى كيفية إدارة أكبر محطة نووية في أوروبا، من أشد النقاط تعقيداً في المفاوضات.

تأنٍّ روسي

وقال المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، الأربعاء، وفق وكالة أنباء «إنترفاكس»، إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اطّلع على نتائج المحادثات التي جرت بين المفاوضين الأميركيين والروس في ميامي نهاية الأسبوع الماضي. وقال بيسكوف إن روسيا تصوغ الآن موقفها بينما تظل على تواصل مع المسؤولين الأميركيين، مؤكداً أن موسكو لن تعلق علانية على الجوانب التي لم تُحلّ بعدُ من الخطة. وأضاف أن موقف روسيا معروف للولايات المتحدة منذ مدة طويلة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدّث في سان بطرسبرغ يوم 21 ديسمبر 2025 (رويترز)

من جهتها، ذكرت وكالة «بلومبرغ» نقلاً عن مصدر مطلع، الأربعاء، أن روسيا ستسعى لإجراء تعديلات جوهرية على خطة السلام الأميركية لإنهاء حربها مع أوكرانيا، بما في ذلك فرض مزيد من القيود على القدرات العسكرية لكييف. وقال المصدر المُقرّب من الكرملين إن روسيا تَعدّ خطة السلام الأميركية المؤلفة من 20 بنداً «نقطةَ انطلاق» فقط لمزيد من المفاوضات؛ وذلك لافتقارها إلى بنود تراها موسكو في غاية الأهمية، وعدم إجابتها عن كثير من التساؤلات.

وأضاف: «في حين أن روسيا تنظر إلى الوثيقة الحالية على أنها خطة أوكرانية إلى حد كبير، فإنها ستدرسها بهدوء».

ولم تُبدِ روسيا أي إشارة إلى استعدادها للموافقة على سحب قواتها من الأراضي التي استولت عليها. بل تُصرّ موسكو على أن تتخلى أوكرانيا عمّا تبقى لديها من أراضٍ في إقليم دونباس، وهو ما ترفضه كييف. وقد سيطرت روسيا على معظم إقليم لوغانسك، ونحو 70 في المائة من إقليم دونيتسك، وهما الإقليمان اللذان يشكلان معاً منطقة دونباس.

وأقرّ زيلينسكي بأن مسألة السيطرة على المنطقة تُمثّل «أصعب نقطة» في المفاوضات، وقال إن هذه القضايا تنبغي مناقشتها على مستوى القادة. وإضافة إلى تأكيده ضرورة طرح الخطة على استفتاء شعبي، قال زيلينسكي إن نشر قوة دولية في المنطقة سيكون أمراً جوهرياً.

وبشأن محطة زابوريجيا النووية، فقد اقترحت الولايات المتحدة إنشاء «كونسورتيوم» يضم أوكرانيا وروسيا، بحيث يمتلك كل طرف حصة متساوية مع غيرها. وردّ زيلينسكي باقتراح مشروع مشترك بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، يكون للأميركيين فيه حق تقرير كيفية توزيع حصتهم، بما في ذلك منح جزء منها لروسيا. وأكّد زيلينسكي أن الولايات المتحدة لم توافق بعد على المقترحات الأوكرانية المضادة.

وقال: «لم نتوصل إلى توافق مع الجانب الأميركي بشأن أراضي منطقة دونيتسك ومحطة زابوريجيا النووية». وأضاف: «لكننا قرّبنا بشكل كبير معظم المواقف بعضها من بعض. ومن حيث المبدأ، تم التوصل إلى توافق بشأن جميع البنود الأخرى في هذا الاتفاق بيننا وبينهم».

المنطقة الاقتصادية الحرة

قال زيلينسكي إن إنشاء منطقة اقتصادية حرة في دونباس سيتطلب مناقشات صعبة بشأن مدى تراجع القوات وأماكن تمركز القوات الدولية. وأكد أن الاستفتاء ضروري؛ «لأن الناس عند ذلك يمكنهم أن يختاروا ما إذا كان ذلك يناسبهم أم لا». وأضاف أن إجراء مثل هذا التصويت سيستغرق 60 يوماً، وأنه يجب أن تتوقف خلالها الأعمال القتالية.

زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي في كييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

ويقترح «مشروع الصيغة الأميركية - الأوكرانية» أيضاً انسحاب القوات الروسية من مناطق دنيبروبتروفيسك وميكولايف وسومي وخاركيف. ويتصور زيلينسكي أن تتمركز قوات دولية على خط التماس داخل المنطقة الاقتصادية الحرة لمراقبة تنفيذ الاتفاق. وقال: «نظراً إلى غياب الثقة بالروس، ولأنهم خرقوا وعودهم مراراً، فإن خط التماس الحالي يتحول عملياً إلى خط منطقة اقتصادية حرة، ويجب أن تكون فيها قوات دولية لضمان ألا يدخلها أحد تحت أي ذريعة؛ لا (الرجال الخضر الصغار) ولا جنود روس متنكرون في زي مدني».

إدارة محطة زابوريجيا

اقترحت أوكرانيا أن تكون مدينة إنرهودار المحتلة، وهي أقرب مدينة إلى محطة زابوريجيا النووية، منطقة اقتصادية حرة منزوعة السلاح، وفق زيلينسكي. وقال إن هذه النقطة تطلّبت 15 ساعة من المناقشات مع الولايات المتحدة، من دون التوصل إلى اتفاق.

وفي الوقت الراهن، تقترح الولايات المتحدة أن تُدار المحطة بشكل مشترك من أوكرانيا والولايات المتحدة وروسيا، بحيث يسيطر كل طرف على 33 في المائة من المشروع؛ وهي خطة وصفها زيلينسكي بأنها «غير واقعية تماماً». وقال متسائلاً: «كيف يمكن إقامة تجارة مشتركة مع الروس بعد كل ما حدث؟».

واقترحت أوكرانيا بدلاً من ذلك أن تُدار المحطة عبر مشروع مشترك مع الولايات المتحدة، يتمكن فيه الأميركيون من تحديد كيفية توزيع الطاقة الناتجة عن حصتهم البالغة 50 في المائة. وأضاف زيلينسكي أن تشغيل المحطة مجدداً يتطلب استثمارات بمليارات الدولارات، بما في ذلك إعادة تأهيل السد المجاور.

الضمانات الأمنية

تتضمن الصيغة قيد الإعداد تأكيد حصول أوكرانيا على «ضمانات أمنية قوية»، تُلزم شركاءها بالتحرك في حال تجدّد العدوان الروسي، بما يحاكي «المادة الخامسة» من «ميثاق حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، التي تنص على أن أي هجوم عسكري على أحد أعضاء الحلف يُعدّ هجوماً على الجميع.

جانب من لقاء جمع الرئيس ترمب بنظيره الأوكراني وقادة أوروبيين في البيت الأبيض يوم 18 أغسطس 2025 (أ.ب)

وقال زيلينسكي إن وثيقة منفصلة مع الولايات المتحدة ستُحدّد هذه الضمانات بشكل واضح، وستُفصّل الشروط التي سيوفَّر بموجبها الأمن، لا سيما في حال شنّ هجوم روسي جديد، كما ستُنشِئ آلية لمراقبة أي وقفٍ لإطلاق النار. وأوضح أن هذه الوثيقة ستُوقَّع بالتزامن مع الاتفاق الرئيسي لإنهاء الحرب.

وتتضمن المسودة بنوداً أخرى، من بينها الإبقاء على قوام الجيش الأوكراني عند 800 ألف جندي في زمن السلم، وأن تصبح أوكرانيا عضواً في «الاتحاد الأوروبي» بحلول تاريخ محدد. وتقليص حجم الجيش الأوكراني أحد المطالب الرئيسية لروسيا.

الانتخابات ودعم الاقتصاد

تقترح الوثيقة تسريع اتفاقية تجارة حرة بين أوكرانيا والولايات المتحدة، فيما ذكر زيلينسكي أن واشنطن تسعى إلى إبرام اتفاق مماثل مع روسيا.

وترغب أوكرانيا في الحصول على وصول تفضيلي قصير الأمد إلى السوق الأوروبية، إضافة إلى حزمة مساعدات تشمل إنشاء صندوق تنمية للاستثمار في قطاعات عدة؛ من بينها التكنولوجيا، ومراكز البيانات، والذكاء الاصطناعي، وكذلك قطاع الغاز.

مواطن أوكراني يتفقد نتائج ضربة روسية في زابوريجيا جنوب شرقي أوكرانيا يوم 19 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

وتشمل بنود أخرى توفير أموال لإعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب عبر وسائل مختلفة، من بينها المنح والقروض وصناديق الاستثمار. وقال زيلينسكي: «ستتاح لأوكرانيا فرصة تحديد أولويات توزيع حصتها من الأموال في الأراضي الخاضعة لسيطرتها». وسيكون الهدف جذب 800 مليار دولار من خلال رؤوس الأموال والمنح والقروض ومساهمات القطاع الخاص.

كما تنص مسودة المقترح على أن تُجري أوكرانيا انتخابات بعد توقيع الاتفاق. وكان من المقرر أن تنتهي ولاية زيلينسكي الممتدة 5 سنوات في مايو (أيار) 2024، لكن الانتخابات أُجّلت بسبب الحرب الروسية. وقد استغل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، هذا الأمر للتشكيك في شرعية الحكومة الأوكرانية - رغم أن التأجيل كان قانونياً - كما أصبح ذلك مصدر توتر مع ترمب.

وتطالب أوكرانيا أيضاً بالإفراج الفوري عن جميع الأسرى المحتجزين منذ عام 2014، وإعادة المحتجزين المدنيين والسجناء السياسيين والأطفال إلى أوكرانيا.


تقرير: روسيا ستسعى لإجراء تعديلات جوهرية على خطة السلام الأميركية لإنهاء حرب أوكرانيا

صورة مركبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) ونظيره الأميركي دونالد ترمب (وسط) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)
صورة مركبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) ونظيره الأميركي دونالد ترمب (وسط) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)
TT

تقرير: روسيا ستسعى لإجراء تعديلات جوهرية على خطة السلام الأميركية لإنهاء حرب أوكرانيا

صورة مركبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) ونظيره الأميركي دونالد ترمب (وسط) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)
صورة مركبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) ونظيره الأميركي دونالد ترمب (وسط) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)

ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، نقلاً عن مصدر مطلع اليوم (الأربعاء)، أن روسيا ستسعى لإجراء تعديلات جوهرية على خطة السلام الأميركية لإنهاء حربها مع أوكرانيا، بما في ذلك فرض مزيد من القيود على القدرات العسكرية لكييف.

وقال المصدر المقرب من الكرملين، إن روسيا تعتبر خطة السلام الأميركية المؤلفة من 20 بنداً «نقطة انطلاق» فقط لمزيد من المفاوضات، وذلك لافتقارها إلى بنود تراها موسكو في غاية الأهمية، وعدم إجابتها عن كثير من التساؤلات.

وأضاف: «في حين أن روسيا تنظر إلى الوثيقة الحالية على أنها خطة أوكرانية إلى حد كبير، فإنها ستدرسها بهدوء».

وفي وقت سابق اليوم، قال الكرملين إن موسكو ستواصل اتصالاتها مع واشنطن عبر القنوات القائمة قريباً بشأن التسوية الأوكرانية، فيما أوصى مجلس الاتحاد الروسي وزارة الخارجية بالعمل على إقامة حوار مع الولايات المتحدة.

ونقلت وكالة «سبوتنيك» عن الكرملين قوله إن المبعوث الرئاسي الروسي كيريل دميترييف، قدّم تقريراً مفصلاً إلى الرئيس فلاديمير بوتين، حول نتائج محادثاته في الولايات المتحدة، مضيفاً أن موسكو ستصوغ موقفها بشأن التسوية بناء على المعلومات الواردة من دميترييف.

وكان مسؤولون أميركيون قد عقدوا مطلع هذا الأسبوع، اجتماعات في مدينة ميامي حول الشروط الممكن تنفيذها لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية التي اندلعت في فبراير (شباط) 2022. وضمت المحادثات مسؤولين أوكرانيين وأوروبيين، وشملت عقد اجتماعات منفصلة مع دميترييف.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس (الثلاثاء)، إن محادثات ميامي تمخضت عن عدة مسودات وثائق «تتضمن على وجه الخصوص ضمانات أمنية لأوكرانيا، وخططاً للتعافي وإطار عمل أساسياً لإنهاء هذه الحرب».

وفي سياق متصل، أوصى مجلس الاتحاد الروسي وزارة الخارجية اليوم، بالعمل على استعادة العلاقات مع الولايات المتحدة بالكامل «مع مراعاة المصالح الروسية».

وأفادت قناة «آر تي» التلفزيونية بأن المجلس أوصى «الخارجية» الروسية أيضاً «بالعمل على إقامة حوار مع الولايات المتحدة مع مراعاة أهمية التوصل إلى تسوية دائمة في أوكرانيا».