فراس الحلاق يحمل حلم «مسرح القبة» اللبناني إلى المهرجانات

تحفة داخل معرض رشيد كرامي تنتظر الإنقاذ

جانب من منشآت المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من منشآت المعرض (الشرق الأوسط)
TT

فراس الحلاق يحمل حلم «مسرح القبة» اللبناني إلى المهرجانات

جانب من منشآت المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من منشآت المعرض (الشرق الأوسط)

تمكن فراس الحلاق من أن يروي ما عجز عنه عشاق «مسرح القبة» في طرابلس (شمال لبنان)، الذي يسحر من يدخله، ويُعجز من يحاول التقاط صورة تعكس غرابته، ويُدهش من يجرّب أن يسمع صدى صوته، أو يعزف في داخله.

مكان استثنائي بحق. هو إحدى المنشآت المتعددة لمعرض رشيد كرامي الدولي الذي يمتد على مساحة 70 هكتاراً. ضمن هذه المساحة المكسوة بالأشجار والزهور تتوزع مباني المعرض، بدءاً من صالة العرض الهائلة مروراً بمهبط طائرات، ومسرح عائم جميل، في الهواء الطلق، وفندق، ومبان أخرى، بينها مسرح القبة الذي ينظر إليه البعض على أنه دُرّة التاج.

معرض رشيد كرامي الدولي ويبدو مسرح القبة من الخارج (الشرق الأوسط)

هذه المباني الموزعة في حدائق ممتدة، صممها المهندس البرازيلي الشهير أوسكار نيماير في ستينات القرن الماضي لتكون مركزاً للمعارض. لكن المنشأة كلها أهملت خلال الحرب الأهلية، ثم احتلتها الميليشيات، وقوات الردع السورية، وحررت بعد الحرب، لكن بقيت محاولة إحيائها، أو الاستفادة منها نوعاً من التحدي للدولة اللبنانية، وإهمالها غصة في حلق الطرابلسيين.

في فيلمه الوثائقي التجريبي «جلسات القبة» الذي تقارب مدته الساعة، تمكن فراس الحلاق، وهو يرينا ويسمعنا، عزفاً لموسيقيين، وغناء لفنانين، داخل مسرح القبة التجريبي، أن يكشف الإمكانات الصوتية للمكان. وحين يدير كاميرته في الأرجاء، مختاراً زوايا تكشف روعة الهندسة وجمالية المكان، يصبح بمقدور المتفرج أن يدرك حقاً أن تحفة منسية في طرابلس تحتاج إلى من ينقذها.

قبة المسرح الأسمنتية التي تسمح لزائرها أن يلج إليها من فتحات عدة، بداخلها أدراج، ومدرجات دائرية تشبه المسارح الرومانية، وفي الوسط فتحة عميقة كان يفترض أن يركب فيها المسرح الذي يسمح برؤية العرض بقطر 360 درجة. ومما يزيد جاذبية المكان القضبان الحديدية المتدلية من الأسقف، التي تجعل أي صوت هامس يصدره شخص داخل القبة يتردد صداه طويلاً. وهو ما شجع الفنان البصري المتعدد المواهب والعاشق للموسيقى فراس الحلاق، على تسجيل 11 مقطوعة موسيقية ومغناة داخل القبة، ويصدرها في أسطوانة خاصة. أما فيلم «جلسات القبة»، ففيه مشاهد من هذه التجربة مقرونة بشهادة المهندس وسيم ناغي، الذي له مع المعرض تاريخ طويل منذ كان طفلاً يسكن في المنطقة نفسها، ويزور المنشآت باستمرار، ويراقب تحولاتها، إلى أن كبر وعني بها باعتباره مهندساً يتابع شؤونها.

مشهد من الفيلم حيث العزف في مسرح القبة تجربة فريدة (الشرق الأوسط)

وسيم ناغي وهو يتحدث يكاد يكون لسان حال صاحب الفيلم، الذي عاش مثله في طرابلس، وتردد صغيراً على المسرح، وشعر بالخوف والرهبة من غرابة المكان وظلمته. فالأماكن المهجورة تحوم حولها الخرافات والحكايا، ويتلبسها الغموض.

يتحدث فراس الحلاق لـ«الشرق الأوسط»، ليس فقط عن حنين، وذكريات، وإنما أيضاً عن المستقبل. عن عمل جاد لإحياء المسرح، لجعله صالحاً للعرض والحياة والفن.

«أعمالي عموماً، مرتبطة بالذاكرة الجماعية. وهذا المكان يوم يرمم سيفقد بعضاً من ملامحه الحالية. الفيلم يسجل اللحظة الراهنة، والأجواء التي عرفناها وعشناها، قبل أن يطرأ أي تغيير. إذ إن أي تأهيل للمسرح سيفقد الصوت تردداته بمقدار 60 في المائة».

عبر قصص الطفولة في القبة، وتجاريب زيارتها، والتقاط الصور، وإطلاق الحنجرة على مداها لسماع صوتك مكرراً عشرات المرات، يتحدث الحلاق عن «شعوره بالانبهار، وأحياناً الفزع. لأن الصوت غير مرئي يمكنه أن يكون أكثر تأثيراً في الروح من الصورة، لهذا هناك إحساس بالرهبة في الكنائس التي يعتنى فيها بتوزيع الصوت بشكل خاص».

مسرح القبة من الداخل ويبدو أحد المداخل والحديد المتدلي من السقف ويتسبب في ترددات الصدى (الشرق الأوسط)

لا ييأس محبو المعرض، ويأملون بأن تنتعش الحياة فيه. يخبرنا الحلاق بأن البعض لشدة ما أهمل هذا المشروع، يقولون لنا نحن الساعين لإحيائه: «لا تتعبوا أنفسكم هذا المكان منحوس».

لكن الإصرار بدأ باكراً. كان فراس الحلاق يزور المعرض ويجرب العزف وصوت الموسيقى، ويصور ولا يعرف ما سيفعله بتسجيلاته. سنوات وهو يفعل ذلك. «كنت أفكر في توليف (يوتيوب) مثلاً، إلى أن تبلورت الفكرة، وجاء التمويل، وخرج الفيلم إلى النور. الزيارة إلى المعرض، كانت نوعاً من تعميق الوعي بالمكان، وإعادة تفكير بما يمكن أن نفعله في هذا الصرح بدل تركه منسياً».

ثمة خلاف حقيقي على طريقة ترميم مسرح القبة، وخوف من أن يساء إلى جماليته. صمم المهندس نيماير في حياته 16 قبة، كل منها لمبنى بوظيفة مختلفة، منها مبنى الحزب الاشتراكي في باريس، والمتحف المعروف ببرازيليا. لهذا يعتقد الحلاق أن هذه القبة بما لها من قيمة هندسية وفنية، تستحق عناية خاصة.

فيلم «جلسات القبة» يحاول أن يفي هذا الإبداع المعماري المنسي حقه. يخلط العمل بين الوثائقي والواقعي والشهادات الحية والتاريخي والإنساني. نرى رئيس الجمهورية شارل حلو في المعرض يطّلع على الخرائط، نسمع شهادات حول علاقة السكان بالمبنى، ثم تطل علينا فرقة كورال الفيحاء داخل المسرح وهي تغني زهرة المدائن، لقطات ليلية وأخرى نهارية، من زوايا مختلفة، كي تتمكن من التقاط روح المكان التي يصعب القبض عليها. ها هي دبابات الجيش السوري متمركزة في المعرض. 22 سنة تحولت هذه التحفة المعمارية إلى مركز عسكري. عاد السلام لكن هذا المسرح الذي يتسع لأكثر من ألف متفرج بقي متوارياً، غائباً، أو مغيباً. «قد يكون الأمر مقصوداً» يستدرك فراس الحلاق: «إذ كيف يمكن تفسير ستة عقود من التعثر والفشل في استثمار هذا الكنز، الذي لا مثيل له في المنطقة كلها».

تعاضد بين الفنون، وتشابك في الأهداف. فالمكان الجميل الذي أخصب أحلام الطفولة ومخاوفها يتحول إلى موضوع فيلم يرينا العلاقة الوثيقة بين الهندسة والموسيقى والسينما، وانعكاس كل ذلك على الذات الإنسانية.

بعد عرضه في عدة مناسبات، يتهيأ الفيلم لجولة في مهرجانات، حاملاً رسالة مسرح يستغيث، وحلم هندسي يخشى أن يتحول إلى خراب.

يستدعي الشريط ربطاً ضمنياً، بين ما آل إليه حال هذا المسرح الجميل الذي لم يكتمل يوماً، وأزمات الدولة اللبنانية وارتباكها المستمر. وكأنما من الصعب بناء دولة إذا كنت غير قادر على إكمال بناء مجرد مسرح.



زوجان بريطانيان يفوزان بجائزة يانصيب بمليون إسترليني للمرة الثانية

حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)
حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)
TT

زوجان بريطانيان يفوزان بجائزة يانصيب بمليون إسترليني للمرة الثانية

حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)
حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)

حقق زوجان محظوظان بشكل استثنائي فوزاً غير مسبوق بجائزة مليون جنيه إسترليني في اليانصيب في بريطانيا - للمرة الثانية.

وفاز ريتشارد ديفيز، 49 عاماً، وفاي ستيفنسون-ديفيز، 43 عاماً، بالجائزة الكبرى المكونة من سبعة أرقام في لعبة «يورومليونز مليونير ميكر» في يونيو (حزيران) 2018. وها هما الآن يكرران الإنجاز بمطابقة خمسة أرقام رئيسية والرقم الإضافي في سحب اليانصيب الذي أُجري في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) - وهي فرصة ضئيلة للغاية، وفقاً للخبراء.

وقالت فاي، من وسط ويلز: «كنا نعلم أن احتمالية تكرار هذا الفوز ضئيلة للغاية، لكننا دليل على أن الإيمان يجعل أي شيء ممكناً».

وأوضح ريتشارد، لم يكن فوزهم الثاني مجرد اختيار الأرقام الصحيحة. وقال: «لقد تحقق لنا ذلك من خلال سلسلة من أربع سحوبات متتالية لليانصيب»، وفق ما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وقال: «عندما تُطابق رقمين في سحب اليانصيب، تربح تلقائياً جائزة «لاكي ديب» للعبة التالية، وهذا ما حدث لنا.

طابقنا رقمين وفزنا بجائزة «لاكي ديب» مجانية من سحب سابق، مما أهّلنا للسحب التالي، وهكذا دواليك، حتى السحب الفائز في 26 نوفمبر».

ووفقاً لخبراء شركة «ألوين»، المشغلة لليانصيب الوطني، فإن احتمالات فوز ريتشارد وفاي بجائزة «يورومليونز مليونير ميكر» ثم خمسة أرقام والكرة الإضافية في اللوتو تتجاوز 24 تريليون إلى واحد.

ومع ذلك، من غير المرجح أن تُغيّر هذه الجائزة الأخيرة من توجه الزوجين نحو خدمة المجتمع. إذ يستخدم ريتشارد، مصفف الشعر السابق، مهاراته في مأوى للمشردين في كارديف، وهو مشروع تلقى تمويلاً حيوياً من اليانصيب الوطني، كما يُساعد أصدقاءه بالعمل سائق توصيل.

وتعمل الممرضة السابقة فاي طاهيةً متطوعةً في مطبخ سيجين هيدين المجتمعي في كارمارثين، كما تقدم خدمات الاستشارة النفسية لمنظمات محلية مثل جمعية بريكون آند ديستريكت مايند الخيرية. وقالت فاي، التي ستعمل حتى في يوم عيد الميلاد: «في المرة الأولى التي فزنا فيها، قدمنا ​​سيارات كهدايا، وتبرعنا بحافلة صغيرة لفريق الرجبي المحلي، وبذلنا قصارى جهدنا لمساعدة الأصدقاء والعائلة». وأضافت: «كان الأمر جديداً تماماً، وكان من الرائع أن نتمكن من إحداث فرق». وأردفت: «هذه المرة، من يدري؟ سنأخذ وقتنا ونستمتع باللحظة».

وفي حديثه على إذاعة «بي بي سي»، قال ريتشارد: «إن إعلان فوزنا هذه المرة لم يكن قراراً سهلاً». وقال: «منذ الفوز الأول، شاركنا في العديد من الفعاليات المتعلقة باليانصيب والجمعيات الخيرية». وأضاف: «هناك الكثير من الخير في العالم، بينما تسود الأخبار الكئيبة والمحبطة هذه الأيام. إنها حقاً جرعة من البهجة».

وقال آندي كارتر، كبير مستشاري الفائزين في شركة ألوين: «ما زلت أتذكر اليوم الذي التقيت فيه بريتشارد وفاي لأول مرة، ومن دواعي سروري أن أكون معهما وهما يحتفلان بفوزهما الثاني بجائزة مليون جنيه إسترليني». وأضاف: «لقد لمستُ الأثر الإيجابي للفوز الأول، وأعلم أن هذا الفوز الثاني سيكون له نفس القدر من الأهمية».


خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)
خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)
TT

خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)
خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)

في مسيرة بعض الممثلين، تأتي الأدوار المهمّة في وقت متأخر، وهو ما حصل مع الممثلة السعودية خيرية نظمي، بطلة فيلم «هجرة»، التي تحدَّثت بشفافية لـ«الشرق الأوسط»، قائلةً: «حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين»، مُعبّرةً عن سعادتها الغامرة بهذه التجربة التي نقلتها إلى منطقة مختلفة، بوصفها ثمرة رحلة طويلة من التراكم الفنّي والتجربة الإنسانية.

بطولة «هجرة» جاءت في مرحلة شعرت فيها خيرية بأنّ علاقتها بالتمثيل أصبحت أوضح وأكثر هدوءاً. وتتحدَّث عن هذه التجربة بثقة، مؤكدةً أن مرحلة ما بعد الخمسين حوَّلت العمر من مجرّد رقم إلى رصيد من المشاعر والمواقف والقدرة على قراءة الشخصيات بعمق، ممّا غيّر زاوية نظرها للأمور، وجعل اختياراتها أكثر وعياً ومسؤولية.

وللمرة الأولى، سارت خيرية نظمي على السجادة الحمراء في مهرجانات عالمية بصفتها نجمة سينمائية عبر بطولتها فيلم المخرجة شهد أمين «هجرة»، الذي كان عرضه العالمي الأول في مهرجان البندقية، وهناك حصد جائزة «نيتباك» لأفضل فيلم آسيوي، ثم واصل حضوره في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» بجدة، ليفوز بجائزتين هما «جائزة اليسر من لجنة التحكيم» وجائزة «فيلم العلا لأفضل فيلم سعودي».

خيرية، التي التقتها «الشرق الأوسط» في «البحر الأحمر»، تُشير إلى أن الفرق بين الأدوار الرئيسية وتحمُّل بطولة كاملة يكمُن في الإيقاع اليومي للتصوير، وفي الالتزام الجسدي والنفسي المستمرّ، قائلةً: «التصوير في (هجرة) امتد ساعات يومياً، وعلى مدى شهرين ونصف الشهر تقريباً، وهو ما تطلَّب جهداً مضاعفاً، وانغماساً كاملاً في الشخصية». هذا التعب، كما تصفه، أثمر لاحقاً مع خروج الفيلم إلى الجمهور، وظهور ردود الفعل في العروض الأولى، والإشادات التي ركّزت على الأداء والنظرة والتعبير الصامت.

خيرية نظمي على السجادة الحمراء (مهرجان البحر الأحمر)

سنوات من الكوميديا

قبل «هجرة»، رسَّخت خيرية حضورها في الأعمال الكوميدية، وتتوقَّف عند هذه المرحلة بكونها مدرسة أساسية في مسيرتها، تعلَّمت خلالها الإيقاع، والتوقيت، والقدرة على التقاط التفاصيل الصغيرة. وتستذكر تجربتها في مسلسل «سكة سفر» من خلال شخصية «بركة»، التي تقول إنها كانت قريبة من روحها، وتفاعلت معها بعفوية عالية. تبتسم وهي تتحدَّث عن «بركة»، مضيفةً: «هذه الشخصية خرجت مني بشكل تلقائي»، موضحةً أنها تعاملت مع النص بطاقة مفتوحة، وسمحت للارتجال بقيادة كثير من اللحظات. هذا التفاعل العفوي، كما ترى، وصل إلى الجمهور السعودي والعربي، وصنع حالة قبول واسعة، وأكد قدرتها على حمل الدور الكوميدي وصناعة شخصية تعيش خارج إطار الحلقة.

وتشير إلى أنّ «سكة سفر» شكّل إحدى أبرز تجاربها، ضمن مسار متنوّع سبقها، مؤكدةً أنّ انغماسها في الكوميديا أثبت نجاحه، وساعدها على بناء علاقة مباشرة مع الجمهور، وهي مرحلة منحتها ثقة إضافية، ووسَّعت أدواتها، إذ ترى أنّ الكوميديا فنّ يحتاج إلى حسّ داخلي عالٍ وصدق في الأداء.

خيرية نظمي وحفيدتها في الفيلم لمار فادن في مشهد من «هجرة» (الشرق الأوسط)

«هجرة»... اختبار العمق

في تلك المرحلة، كانت خيرية تتطلَّع إلى تنويع أدوارها، وتؤمن بأن التنقّل بين الأنواع يكشف عن جوانب مختلفة من الموهبة، ويمنح الممثل فرصة أوسع للتجريب. هذا التطلُّع قادها إلى أدوار تحمل ثقلاً مختلفاً، وتضعها أمام تحدّيات جديدة، خصوصاً في الدراما، وهو ما وجدته في فيلم «هجرة»، إذ انتقلت إلى منطقة أكثر كثافة، ودور يعتمد على الحضور الداخلي أكثر من الحوار المباشر.

في «هجرة»، قدَّمت شخصية «ستي»، الجدّة التي تعتزم الذهاب إلى الحج برفقة اثنتين من حفيداتها، وفي أثناء الرحلة تضيع إحداهن، فتتحمّل مسؤولية البحث عنها. وهي شخصية مركّبة، حازمة في ظاهرها، قوية في مواقفها، وتحمل في داخلها ضعفاً إنسانياً واضحاً. وتصف خيرية هذا التركيب بأنه «تحدٍّ حقيقي، لأنّ التوازن بين الصلابة والانكسار يحتاج إلى وعي نفسي دقيق، وقدرة على الإمساك بالتفاصيل الصغيرة».

وتضيف: «كثير من المَشاهد اعتمد على النظرة أكثر من الكلمة، وعلى الصمت أكثر من الحوار»، مؤكدةً أنّ ذلك جاء نتيجة مباشرة للتدريب والتحضير المُسبَق. وتولي خيرية أهمية كبيرة لمرحلة التحضير، مشيرةً إلى أنّ وجود المُخرجة شهد أمين، وحرصها على بناء الشخصية من الداخل إلى الخارج، صنعا فارقاً واضحاً في الفيلم الذي اختارته المملكة لتمثيلها في سباق «الأوسكار» لعام 2026.

ترى خيرية أنّ فيلم «هجرة» يشكّل مرحلة تحوّل في مسيرتها الفنّية (مهرجان البحر الأحمر)

رَمش العين... التحدّي الأكبر

تتوقف خيرية عند تفصيل صغير، وتبتسم وهي ترويه، موضحةً أنّ المخرجة طلبت منها تخفيف الرَّمش، لأن الكاميرا الكبيرة تلتقط كل حركة. في البداية، شعرت بالغرابة، ثم عادت إلى البيت وهي تفكر في وجهها، وفي عادات ملامحها، وفي تفاصيل تؤدّيها تلقائياً. وتضحك وهي تقول إنّ عضلات وجهها اعتادت الابتسامة حتى في لحظات السكون، كأنّ الوجه تعلَّم هذا التعبير مع الزمن.

وتؤكد أن شخصية «ستي» احتاجت إلى وجه جامد، ونظرة ثابتة، وحضور صامت يخلو من أي ليونة. التحكُّم في رمشة العين، كما تقول، تحوّل إلى تمرين يومي ومحاولة واعية للسيطرة على فعل طبيعي، مضيفةً: «هذه التجربة جعلتني أدرك أنّ التحكُّم في النظرة يكشف عن جوهر الممثل أكثر من التحكُّم في الكلام أو الحركة، لأنّ العين تفضح الإحساس قبل أن يُقال».

تحدَّثت خيرية نظمي عن أصعب اللحظات التي واجهتها خلال التصوير (إنستغرام)

طبقات الحزن والفرح

عند الحديث عن التوحُّد مع الشخصية، تتحدَّث خيرية عن علاقتها بالألم الشخصي، وتقول: «كلّ إنسان يحمل في داخله تجارب موجعة». وتستدعي هذه التجارب خلال الأداء، بما يمنح المشهد صدقاً داخلياً ويجعل التعبير أقرب إلى الواقع. كما توضح أنّ هذا الإحساس رافقها بعد انتهاء التصوير، مع استمرار جولات الفيلم في المهرجانات، وردود الفعل التي تلقتها من الجمهور.

وعن المرحلة المقبلة، تتحدَّث بنبرة هادئة وحاسمة، مؤكدةً أنّ خياراتها تتّجه نحو أدوار تحمل عمقاً حقيقياً، وتمنحها فرصة لاكتشاف مساحات جديدة في أدائها، قائلة: «كلّما كان الدور أقوى، ازدادت حماستي له، لأني أرى في التحدّي جوهر التجربة الفنية».

وتتوقّف عند تقييمات المخرجين والمنتجين، التي تعدّها مرآة مهمّة لتطورها، مشيرةً إلى أنّ أحدهم قال لها إنّ من أبرز نقاط قوتها قدرتها على خلق طبقات متعدّدة من الحزن والفرح، بما يمنح المخرج مرونة كبيرة في بناء المشهد، سواء احتاج إلى إحساس هادئ، أو دمعة واحدة، أو انفعال كامل.

وفي ختام حديثها، تعود خيرية إلى فكرة السلام الداخلي، مؤكدةً أنها تعيش حالة رضا وتصالح مع الذات، وترى أنّ هذا الشعور انعكس على أدائها، ومنحها حضوراً أكثر هدوءاً وثباتاً أمام الكاميرا. هذا السلام، في رأيها، يرتبط بمرحلة نضج إنساني يصل إليها الإنسان بعد رحلة طويلة من التجربة، وفي هذه المرحلة يصبح التعبير أكثر صدقاً، ويصبح الصمت أبلغ، وتصل الأدوار في توقيتها الصحيح.


مهندسة ألمانية تصبح أول مستخدم لكرسي متحرك يقوم برحلة إلى الفضاء

ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)
ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)
TT

مهندسة ألمانية تصبح أول مستخدم لكرسي متحرك يقوم برحلة إلى الفضاء

ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)
ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)

أصبحت مهندسة ألمانية، أول مستخدم لكرسي متحرك يخرج إلى الفضاء، بعد قيامها برحلة قصيرة على متن مركبة تابعة لشركة «بلو أوريجين».

وأطلقت الشركة المملوكة للملياردير الأميركي جيف بيزوس، صاروخها «نيو شيبرد» في مهمة جديدة شبه مدارية في تمام الساعة 8,15 صباحاً (14,15 بتوقيت غرينتش) من قاعدتها في تكساس.

بنتهاوس تتحدث إلى هانز كونيغسمان المدير التنفيذي المتقاعد من شركة «سبيس إكس» الذي ساعد في تنظيم رحلتها ورعايتها (ا.ب)

واجتازت ميشيلا بنتهاوس، مهندسة الطيران والفضاء والميكاترونيكس في وكالة الفضاء الأوروبية، مع خمسة سياح فضائيين آخرين خط كارمان الذي يشكل الحد الفاصل بين الغلاف الجوي والفضاء في الرحلة التي استغرقت نحو 10 دقائق.

المهندسة الألمانية ميشيلا بنتهاوس داخل نموذج أولي لكبسولة فضائية يوم الاثنين 15 ديسمبر (ا.ب)

وتستخدم ميشيلا بنتهاوس الكرسي المتحرك نتيجة تعرضها لإصابة في النخاع الشوكي إثر حادث دراجة هوائية جبلية.

وقالت في مقطع فيديو نشرته شركة «بلو أوريجين»: «بعد الحادث الذي تعرضت له، أدركت بحق كم أن عالمنا لا يزال مغلقاً أمام الأشخاص من ذوي الإعاقة».

وأضافت: «إذا أردنا أن نكون مجتمعاً شاملاً، علينا أن نكون شاملين في كل جانب، وليس فقط في الجوانب التي نرغب أن نكون فيها كذلك».

وأقلع الصاروخ الذي يعمل بشكل آلي بالكامل نحو الفضاء، ثم انفصلت عنه الكبسولة التي تحمل السياح الفضائيين قبل أن تهبط برفق في صحراء تكساس.

وهذه هي الرحلة المأهولة الـ16 لشركة «بلو أوريجين» التي تقدم منذ سنوات برنامج رحلات سياحية فضائية بواسطة صاروخها «نيو شيبرد»، دون الاعلان عن كلفتها.

وبعث رئيس وكالة «ناسا» الجديد، جاريد ايزاكمان، بتهنئة إلى ميشيلا في منشور على منصة إكس، قائلاً: رلقد ألهمت الملايين للنظر إلى السماء وتخيل ما هو ممكن».

وسافر عشرات الأشخاص إلى الفضاء مع «بلو أوريجين»، بمن فيهم المغنية كايتي بيري، والممثل ويليام شاتنر الذي جسد شخصية الكابتن كيرك في مسلسل «ستار تريك».

ميشيلا بنتهاوس بعد هبوط كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» (ا.ب)

وتسعى شركات الفضاء الخاصة التي تقدم رحلات فضائية إلى الترويج لخدماتها عبر الشخصيات المشهورة والبارزة، من أجل الحفاظ على تفوقها مع احتدام المنافسة.

وتقدم «فيرجن غالاكتيك» تجربة طيران فضائي مماثلة.

ولدى «بلو أوريجين» أيضاً طموحات لمنافسة شركة «سبايس إكس» التابعة لإيلون ماسك في سوق الرحلات الفضائية المدارية.

وهذا العام نجحت شركة بيزوس في تنفيذ رحلتين مداريتين بدون طاقم باستخدام صاروخها الضخم نيو غلين الأكثر تطوراً من «نيو شيبرد».