الانتخابات المحلية الليبية في سبيلها لتجاوز «عثرات التأجيل والانقسام السياسي»

السايح يعلن استكمال المرحلة الثالثة ويدعو إلى تذليل العقبات

رئيس مجلس مفوضية الانتخابات الليبية عماد السايح خلال مؤتمر صحافي - 6 أكتوبر (المفوضية العليا)
رئيس مجلس مفوضية الانتخابات الليبية عماد السايح خلال مؤتمر صحافي - 6 أكتوبر (المفوضية العليا)
TT

الانتخابات المحلية الليبية في سبيلها لتجاوز «عثرات التأجيل والانقسام السياسي»

رئيس مجلس مفوضية الانتخابات الليبية عماد السايح خلال مؤتمر صحافي - 6 أكتوبر (المفوضية العليا)
رئيس مجلس مفوضية الانتخابات الليبية عماد السايح خلال مؤتمر صحافي - 6 أكتوبر (المفوضية العليا)

بدا أن المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا ماضية إلى تجاوز «العثرات» التي اعترت استكمال الاستحقاق البلدي في مناطق عدة من بينها شرق وجنوب ووسط ليبيا، لأسباب من بينها تداعيات الانقسام السياسي.

وحدد رئيس المفوضية عماد السايح، الاثنين، في مؤتمر صحافي من طرابلس، الجدول الزمني لإجراء الانتخابات، لافتاً إلى أنها ستُستكمل أولاً يوم 18 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في 16 بلدية ضمن «المرحلة الثانية» التي أُعلنت نتائجها مؤخراً، على أن تبدأ «المرحلة الثالثة» في يوم 20 من الشهر ذاته.

وكانت المفوضية العليا قد أعلنت نتائج المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية في 26 أغسطس (آب) الماضي، باستثناء بعض البلديات التي لم تتمكن من عقدها، نظراً لتعديات على مقار تابعة للمفوضية، أو لاعتراضات تتعلق بالانقسام السياسي.

وأعلن السايح أن الحملات الدعائية للمرشحين في المرحلة الثالثة تبدأ من 6 أكتوبر الحالي، وحتى 16 من الشهر، على أن تُجرى الانتخابات في 12 بلدية من بينها طبرق وبنغازي وقمينس وسلوق وتوكرة، بالإضافة إلى سرت وتاغوراء والأبيار.

ليبية تدلي بصوتها داخل أحد مراكز الاقتراع في طرابلس أغسطس الماضي (أ.ب)

وكان من المقرر أن تُجرى هذه الانتخابات في عدد من البلديات بشرق ليبيا وجنوبها، الخاضعة لسيطرة «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، في أغسطس (آب) الماضي، لكنها تأجلت على خلفية تداعيات الانقسام السياسي.

والبلديات التي ستُستكمل انتخابات «المرحلة الثانية» فيها؛ هي أوجلة وجالو وإجخرة والكفرة وأوباري وبراك الشاطئ والغريفة وغات وخليج السدرة وجردس العبيد والمرج والشرقية والقطرون والقرضة وأدري والجفرة.

وسبق أن رحبت البعثة الأممية، في نهاية سبتمبر (أيلول)، بمراسم أداء اليمين القانونية لـ35 مجلساً بلدياً منتخباً حديثاً، حضرتها نائبة الممثلة الخاصة للأمين العام والمنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، أولريكا ريتشاردسون.

35 مجلساً بلدياً منتخباً يؤدون اليمين القانونية في غرب ليبيا - 26 سبتمبر الماضي (البعثة الأممية)

ولم تعلّق «شرق ليبيا» على إعلان السايح بشأن عقد الانتخابات المحلية في نطاق سيطرتها، لا سيما مع تحفظ سبق أن أبدته حكومة أسامة حماد المكلفة من مجلس النواب، في ظل ما عدته «عدم التزام المفوضية بتنفيذ الأحكام القضائية التي نقضت قرارات لسلطات طرابلس بإلغاء بعض البلديات وإعادة توزيع أخرى».

ويترقب سياسيون ليبيون إجراء المرحلة الثالثة للاستحقاق في ظل انقسام حاد بين حكومتي شرق ليبيا وغربها، وتباينات بشأن عقد هذه الجولة التي تطالب البعثة الأممية وأطراف دولية معنية بالأزمة الليبية بسرعة إنجازها.

وسبق أن استنكر المجلس الأعلى للدولة «منع إجراء الانتخابات في عدد من البلديات في شرق ليبيا وجنوبها»، وعدّ ذلك «انتهاكاً واضحاً للحقوق السياسية للمواطنين وعرقلة لبناء الدولة»، مشدداً على أن «حق الانتخاب مكفول دستورياً ولا تجوز مصادرته تحت أي ذريعة».

ووجه رئيس المفوضية إدارتها العامة إلى ضرورة وضع الخطط المعتمدة لكل مرحلة من مراحل التنفيذ، وتذليل العقبات واتخاذ الإجراءات اللازمة فيما يتعلق بالتجهيز والتوظيف والتغطية المالية لمكاتب الإدارات الانتخابية، «كل حسب حجم العملية الانتخابية المكلف بها».

وكانت مفوضية الانتخابات الليبية قد أتمت المرحلة الأولى من انتخابات المجالس البلدية في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، على مستوى 58 بلدية من إجمالي 143 بلدية.

وفي شأن ذي صلة، تبادل السايح مع السفير البريطاني لدى ليبيا مارتن لونغدن، «وجهات النظر بشأن الجهود المبذولة لاستكمال الاستحقاقات الانتخابية بما يعزز مسار الديمقراطية في ليبيا».

السايح مستقبلاً السفير البريطاني لدى ليبيا مارتن لونغدن في طرابلس - 6 أكتوبر (مفوضية الانتخابات)

وقالت المفوضية إن السايح استقبل لونغدن، الاثنين، «في لقاء ودي» عُقد بمقر المفوضية في طرابلس، بمناسبة قرب انتهاء مهام عمل السفير في ليبيا نهاية شهر أكتوبر الحالي.

وأوضحت المفوضية أن اللقاء يأتي في إطار «حرصها على تعزيز التواصل مع الشركاء الدوليين الداعمين للمسار الانتخابي في ليبيا، وتبادل وجهات النظر حول الجهود المبذولة لاستكمال الاستحقاقات الانتخابية بما يعزز مسار الديمقراطية في ليبيا».

وأعرب رئيس المفوضية عن شكره وتقديره للسفير البريطاني على «جهوده ومساهماته القيّمة في دعم المفوضية».


مقالات ذات صلة

تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

شمال افريقيا شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)

تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

أُقيمت في العاصمة الليبية طرابلس، السبت، مراسم تأبين رسمية وعسكرية مهيبة لرئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» (المؤقتة)، محمد الحداد، ومرافقيه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا سجن معيتيقة في طرابلس (المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان)

«تكدس مراكز الاحتجاز» في ليبيا يعيد ملف السجناء للواجهة

دفعت الشكاوى المتصاعدة بشأن «تكدس مراكز الاحتجاز» وتردّي أوضاع السجناء، حكومتي شرق وغرب ليبيا إلى إعادة فتح ملف السجون.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا الحداد خلال حفل تخرج سابق لفوج جديد من الضباط في ثكنة الخمس العسكرية (رويترز)

ما هي تداعيات وفاة رئيس الأركان الليبي وتأثيرها على المؤسسة العسكرية؟

عدَّ المحلل السياسي، فرج فركاش، أن غياب رئيس الأركان الليبي، الفريق أول محمد الحداد، بهذا الشكل المفاجئ «يشكل ضربة قوية للمؤسسة العسكرية في غرب البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا لجنة التحقيق في حادثة سقوط الطائرة التي كانت تقل الحداد ورفاقه (وزارة الداخلية بطرابلس)

نقل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي إلى ألمانيا للتحقيق

توقع مصدر ليبي مقرب من المجلس الرئاسي وصول جثامين ضحايا الطائرة المنكوبة إلى البلاد، السبت، وذلك عقب انتهاء مراسم تأبينهم بقاعدة مرتد العسكرية في أنقرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا شكّل التراجع النسبي لنفوذ «جهاز الردع» محطةً مفصليةً في هذا التحول عززت سيطرة «الوحدة» على العاصمة (الشرق الأوسط)

سقوط قادة ميليشيات يُعيد رسم خريطة النفوذ الأمني في العاصمة الليبية

يرى مراقبون ليبيون أن التحول الأبرز في المشهد المسلح بغرب ليبيا تمثل في مقتل عبد الغني الككلي، رئيس جهاز «دعم الاستقرار»، قبل سبعة أشهر، ثم التخلص من الدباشي.

جاكلين زاهر (القاهرة)

استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
TT

استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)

يعوّل الصومال على دعم عربي وإسلامي لمواجهة اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» دولةً مستقلةً، وقد استجابت جامعة الدول العربية لطلبه بعقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين، اليوم.

وأكَّد السفير الصومالي في القاهرة والمندوب الدائم لدى الجامعة، علي عبدي أواري، لـ«الشرق الأوسط» أنَّ «بلاده تتحرَّك على المستويين العربي والإسلامي، لرفض ما أعلنت عنه تل أبيب، والدفاع عن السيادة الصومالية»، وقال: «من بين التحركات طلب اجتماع للجامعة العربية بشكل عاجل». وأشار إلى أنَّ «بلاده تدعو لاجتماع قمة عربية إسلامية قريباً، ضمن تحركاتها الدبلوماسية».

وحرّك الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم الانفصالي «أرض الصومال»، تحذيراتٍ من السلطة الفلسطينية و«حماس» ومقديشو، من أنَّه يحمل احتمالاً لأن يكون هذا الإقليم موطناً جديداً لاستقبال الفلسطينيين ضمن مخطط تهجير سعت إليه إسرائيلُ منذ بداية الحرب قبل نحو عامين.

وأشار خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إلى مخاوفَ من أنَّ الخطوة الإسرائيلية ستُعيد ملف التهجير للواجهة بقوة، وستعمل تل أبيب على زيادة الضغوط على الضفة وغزة لدفعهم قسراً لذلك، وسط غياب خطط تنفيذية للإعمار والاستقرار.

وسط طوفان ردود فعل على الخطوة الإسرائيلية، وبخلاف الرفض العربي، جاء موقف لافت من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ طغى عليه «السخرية من ذلك الإقليم». فقد أعلن ترمب عن رفضه الاعترافَ باستقلال «أرض الصومال»، متسائلاً: «هل يعرف أحدٌ ما هي أرض الصومال، حقّاً؟».


بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

دخلت بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وذلك للمرة الأولى منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، بعد حصار طويل استمرَّ لأكثر من عام، خلّف أوضاعاً إنسانية كارثية.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنَّ بعثة تقييم وصلت إلى مدينة الفاشر، عادّاً هذه الخطوة «مؤشراً على انفراجة محدودة» في ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة، مضيفاً أنَّ البعثة تضمُّ وفداً من «برنامج الأغذية العالمي»، وفريقاً من منظمة الصحة العالمية.

من جهته، رحَّب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بوصول بعثة التقييم إلى الفاشر، وقال في تغريدة على منصة «إكس»، إن هذا الوصول جاء عبر مسار يسَّرتْه الولايات المتحدة.


بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
TT

بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)

كشفت الأمم المتحدة عن وصول بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في أول دخول إنساني للمدينة منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، بعد حصار طويل استمرَّ لأكثر من عام، خلّف أوضاعاً إنسانية كارثية. في غضون ذلك دانت قيادة الجيش التشادي، السبت، هجوماً شنَّته «قوات الدعم السريع» السودانية على بلدة حدودية داخل الأراضي التشادية؛ ما أسفر عن مقتل جنديَّين تشاديَّين وإصابة ثالث، ووصفت الهجوم بأنه «عدوان غير مُبرَّر» على سيادة تشاد.

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أحكمت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، بعد حصار استمرَّ لأكثر من 18 شهراً، تخللته معارك عنيفة، وسط تقارير وأدلة على وقوع عمليات قتل جماعي، واختطاف، واغتصاب بحق المدنيين.

وفي هذا السياق، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن بعثة تقييم أممية وصلت إلى مدينة الفاشر بعد مفاوضات إنسانية مطولة، عادّاً هذه الخطوة «مؤشراً على انفراجة محدودة» في ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة التي عانت حصاراً خانقاً. وأوضح المكتب أن البعثة ضمَّت وفداً من «برنامج الأغذية العالمي»؛ لتقييم الاحتياجات الغذائية العاجلة، وفريقاً من منظمة الصحة العالمية؛ لتقييم الأضرار التي لحقت بالمرافق الصحية واحتياجاتها الطارئة، إضافة إلى فريق من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مختص بتقييم أوضاع الأطفال، والاحتياجات الإنسانية الملحّة.

ترحيب أميركي

من جهته، رحَّب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بوصول بعثة التقييم إلى الفاشر، عادّاً ذلك دليلاً على إسهام الدبلوماسية الأميركية في «إنقاذ الأرواح». وقال بولس، في تغريدة على منصة «إكس»، إن هذا الوصول الحاسم جاء بعد أشهر من المفاوضات عبر مسار يسَّرته الولايات المتحدة، وبجهود مشتركة مع «أوتشا»، وشركاء إنسانيين على الأرض.

مسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

ودعا بولس، الذي يشارك في جهود الوساطة الرامية إلى وقف الحرب في السودان، إلى إعلان هدنة إنسانية شاملة، مطالباً طرفَي النزاع بقبولها وتنفيذها فوراً «دون شروط»، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع مناطق السودان، كما حثّ المجتمع الدولي على زيادة التمويل لدعم استجابة «أوتشا». ويُعد وصول البعثة التقييمية الأممية إلى الفاشر أول دخول إنساني إلى المدينة منذ مايو (أيار) 2024.

وفي المقابل، أعلنت قوات «حكومة تأسيس» الموالية لـ«قوات الدعم السريع»، والتي تسيطر على إقليم دارفور، في بيان صدر أمس (السبت)، استعدادها الكامل لتأمين وتسهيل العمل الإنساني في إقليمَي دارفور وكردفان. وأفادت بأن زيارة وفد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) ودائرة الأمم المتحدة للسلامة والأمن (UNDSS) شملت مراكز النزوح، والمقار الأممية، وعدداً من المرافق الحيوية داخل مدينة الفاشر.

ووفقاً لبيان «تأسيس»، أكملت البعثة الأممية زيارتها للفاشر، ووصلت بسلام إلى محلية طويلة، دون صدور أي تعليق رسمي من الجيش السوداني بشأن دخول البعثة.

آلاف اللاجئين من دارفور يعيشون حالياً بمخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

يُذكر أن الجيش السوداني ظل يرفض، لفترات طويلة، السماح بدخول المنظمات الإنسانية والمساعدات، عبر معبر إدري الحدودي مع تشاد، ما فاقم من الأزمة الإنسانية داخل المدينة، حيث واجه السكان نقصاً حاداً في الغذاء والدواء والخدمات الصحية. وكانت صحيفة «الشرق الأوسط» قد نقلت في وقت سابق عن مدير «برنامج الأغذية العالمي» أن الأمم المتحدة اضطرت إلى تقييد عمليات الإغاثة عبر تشاد باتجاه دارفور.

تهديد تشادي

في سياق ثانٍ، نفَّذت طائرة مسيّرة تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، التي تخوض حرباً مفتوحة مع الجيش السوداني منذ أبريل (نيسان) 2023، هجوماً استهدف بلدة الطينة الواقعة على الحدود التشادية. وقال ضابط رفيع في الجيش التشادي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، إن هذه الحادثة تمثل المرة الأولى التي يتكبَّد فيها الجيش التشادي خسائر بشرية مباشرة منذ اندلاع الحرب في السودان.

وعدّت هيئة الأركان العامة التشادية الهجوم «متعمَداً ومقصوداً»، ويمثل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، محذّرة جميع أطراف النزاع السوداني من أي تجاوز أو مساس بسيادة الأراضي التشادية. وأكد الجيش التشادي، في بيان رسمي، احتفاظه بـ«حق الرد بجميع الوسائل القانونية»، وبممارسة حق الدفاع المشروع عن النفس في حال تكرار أي اعتداء، استناداً إلى المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» على معظم مناطق شمال وغرب إقليم دارفور، باستثناء جيوب محدودة تخضع لسيطرة جماعات قبلية محايدة. وكانت القوات قد أعلنت، الأربعاء الماضي، سيطرتها على بلدتَي أبو قمرة وأم برو في شمال دارفور، وهما منطقتان تقعان على الطريق المؤدي إلى بلدة الطينة التشادية.