شهد أسلوب ليفربول المغامر، هذا الموسم، نتائج محفوفة بالمخاطر، إذ فقدَ حامل لقب الدوري الإنجليزي توازنه بشكل صادم، وتراجَع عن صدارة الترتيب، وذلك وفقاً لشبكة «بي بي سي» البريطانية.
ففي المراحل الأولى من حملة الدفاع عن اللقب، خطف فريق آرنه سلوت انتصارات في اللحظات الأخيرة، معتمداً على أهداف متأخرة درامية أخفت تراجع الأداء منذ بداية الموسم.
فقد سقطت أمامه فِرق مثل بورنموث، ونيوكاسل يونايتد، وآرسنال، وبيرنلي، وأتلتيكو مدريد، بفضل أهداف قاتلة في الثواني الأخيرة، غير أن هذا النهج عالي المخاطر لم يكن قابلاً للاستمرار، خصوصاً في ظل ابتعاد الفريق عن مستواه المعهود. والآن، تجرّع ليفربول مرارة الأسلوب نفسه مرتين، خلال أسبوع واحد.
وجاء فوز تشيلسي المستحق 2-1 في «ستامفورد بريدج» عبر هدف إستيفاو ويليان في الدقيقة 95، في حين تلقّى ليفربول أول خسارة له في الدوري، هذا الموسم، أمام كريستال بالاس بهدف إيدي نكيتياه في الدقيقة 97 على ملعب «سيلهورست بارك». وبين هاتين الهزيمتين، خسر ليفربول أيضاً أمام غلاطة سراي 1-0 في أجواء «رامس بارك» المهيبة في إسطنبول، ضمن «دوري أبطال أوروبا»، لتكون المرة الأولى التي يتعرض فيها سلوت لثلاث هزائم متتالية في مسيرته التدريبية.
حاول المدرب الهولندي التماسك، في تصريحاته بعد الخسارة، فبدا متحدياً وهو يؤكد أن «الفوارق البسيطة لم تكن في صالحنا»، مضيفاً، في حديثه، لبرنامج «ماتش أوف ذا داي»: «في المباراتين الأخيرتين، صنعنا فرصاً أكثر من الخصم، سواء بالاس أم تشيلسي، لكن الحقيقة أننا سجلنا هدفاً واحداً فقط وتلقينا هدفين».
ورغم أن الحديث يدور عن «فوارق بسيطة»، فإن الأرقام تكشف عن تقلب دراماتيكي في النتائج؛ إذ سُجلت عشرة أهداف بعد الدقيقة 80 في 11 مباراة خاضها ليفربول، هذا الموسم، وكان لتلك الأهداف تأثير مباشر على نتيجة المباراة في تسعٍ منها.
أهداف ليفربول المتأخرة في الفوز والهزيمة
في الانتصارات يتمثل ذلك في عدة مباريات، ومنها ليفربول 4-2 بورنموث (صلاح 90+4، كييزا 88)، نيوكاسل 2-3 ليفربول (نغوموها 90+10)، ليفربول 1-0 آرسنال (سوبوسلاي 83)، بيرنلي 0-1 ليفربول (صلاح ركلة جزاء 90+3)، ليفربول 3-2 أتلتيكو مدريد (فان دايك 90+2)، ساوثهامبتون 1-2 ليفربول (إكيتكي 85). وفي الهزائم تتمثل في كريستال بالاس 2-1 ليفربول (كييزا 87، نكيتياه 90+7)، تشيلسي 2-1 ليفربول (إستيفاو ويليان 90+5).
ومهما كانت الأهداف المتأخرة، تبقى الحقيقة القاسية أن ليفربول ظهر، هذا الموسم، كظلٍّ باهت للفريق الذي اكتسح الجميع، الموسم الماضي. فمنذ خسارته «درع المجتمع» أمام كريستال بالاس، انقلبت الطاولة عليه، وظهرت عيوبه بوضوح.
يعاني الفريق اختلالاً في التوازن بعد إنفاق نحو 450 مليون جنيه إسترليني على التعاقدات الجديدة، إذ أدت تجربة إشراك فلوريان فيرتس (116 مليوناً) خلف المهاجمين - سواء إكيتكي (70 مليوناً) أو ألكسندر إسحاق (125 مليوناً) - إلى كشف المساحات في عمق الفريق. كما أن التعاقد مع الظهيرين جيريمي فريمبونغ وميلوش كيركيز، ذوي النزعة الهجومية، جعل الدفاع أكثر هشاشة أمام المرتدّات.
أعاد سلوت التوازن في لقاء تشيلسي حين أعاد الثلاثي الفائز باللقب: ريان غرافنبرخ، ودومينيك سوبوسلاي، وأليكس ماك أليستر، مع استبعاد فيرتس. بدا الفريق أكثر تماسكاً بعض الشيء، رغم اضطرار سوبوسلاي لشغل مركز الظهير الأيمن في الشوط الثاني، بعد خروج كونور برادلي، لكن الأداء ظل باهتاً رغم هدف غاكبو الذي عادل به النتيجة مؤقتاً بعد افتتاح مويسيس كايسيدو التسجيل لتشيلسي. قبل أن يحسم ويليان المباراة في الوقت القاتل.
وقال المهاجم السابق واين روني، عبر «ماتش أوف ذا داي»: «أعتقد أن تشيلسي أراد الفوز أكثر. أظهر شراسة ورغبة أكبر. لم يكن هذا هو ليفربول الذي اعتدنا مشاهدته، وتشيلسي استحق النقاط الثلاث». وأضاف: «صحيح أنهم خسروا مرتين في الدوري بسبب أهداف متأخرة، لكن هذه هي كرة القدم. بدأوا الموسم بقوة بأهداف متأخرة لصالحهم، والآن انقلبت الحال عليهم».
أما الجناح السابق لتشيلسي بات نيفين فقال، عبر «بي بي سي 5 لايف سبورت»: «فاز سلوت بالدوري في موسمه الأول، وكان عليه إجراء تغييرات، لكنه يعرف أن الجميع يريدون إسقاط ليفربول، الآن. هذا هو الثمن الذي تدفعه عندما تكون البطل».
ويبدو محمد صلاح، أحد أعظم مَن ارتدى قميص ليفربول، مرآةً لأزمة الفريق. فالنجم المصري، البالغ 33 عاماً، الذي اعتاد لحظات الإبداع منذ قدومه من روما عام 2017، يعيش حالياً فترة تراجع في الثقة، إذ فقَدَ الكرة كثيراً على غير عادته، وأضاع فرصة سهلة بعد تمريرة جميلة من فيرتس، كما كانت تسديداته بعيدة عن الدقة، وظهر عليه الإحباط.
أما إسحاق فبدا بعيداً عن الجاهزية البدنية رغم مساهمته في هدف غاكبو، وأهدر رأسية سهلة قبل خروجه ليحل مكانه إكيتكي. بينما لم يترك فيرتس بصمة مؤثرة رغم لمحات فنية جميلة. وبعد التوقف الدولي، سيكون على ليفربول انتظار مردود أفضل كثيراً من ثنائي الهجوم الجديد البالغ مجموع قيمتهما 241 مليون جنيه. فمن فريق كان يبدو في طريقه لاكتساح الجميع، حتى وهو دون مستواه، تحوّل ليفربول إلى فريق مهتز يعيش أسوأ أسبوع له منذ تولي سلوت المسؤولية خلفاً ليورغن كلوب.
وربما يكون هذا التوقف الدولي، الذي يكرهه كثيرون، فرصة نادرة لليفربول لإعادة ترتيب أوراقه واستعادة توازنه الذهني.
