عبد العاطي: نعمل على رد إيجابي من «حماس»

وزير خارجية مصر يؤكد الحاجة لمزيد من المناقشات بشأن خطة ترمب

وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي ينبّه إلى أن تهجير الفلسطينيين «خط أحمر» بالنسبة لمصر وللأردن (د.ب.أ)
وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي ينبّه إلى أن تهجير الفلسطينيين «خط أحمر» بالنسبة لمصر وللأردن (د.ب.أ)
TT

عبد العاطي: نعمل على رد إيجابي من «حماس»

وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي ينبّه إلى أن تهجير الفلسطينيين «خط أحمر» بالنسبة لمصر وللأردن (د.ب.أ)
وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي ينبّه إلى أن تهجير الفلسطينيين «خط أحمر» بالنسبة لمصر وللأردن (د.ب.أ)

مضبطة اتهامات متكاملة بحق إسرائيل قدّمها بدر عبد العاطي، وزير خارجية مصر، في المحاضرة المكثفة والشاملة التي ألقاها مساء الخميس، في باريس، بدعوة من «المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية»، والتي شهدت حضوراً لافتاً.

الوزير المصري قام بجولة كاملة على أزمات الإقليم، مقدماً صورة للتوجهات الرئيسية للسلطات المصرية التي تتحكم في سياستها الخارجية، من أفريقيا (مع التركيز على الخلاف مع إثيوبيا بخصوص مياه النيل وما تعتبره القاهرة «تهديداً وجودياً») وإيران وحتى سوريا ولبنان، مروراً باليمن والبحر الأحمر والسودان وليبيا. بيد أن كلمته تركزت (والنقاش الذي جرى بعدها) بشكل رئيسي على الملف الفلسطيني بشقَّيه؛ قطاع غزة والضفة الغربية، انطلاقاً من خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، التي طرحها قبل أيام وتعاطي القاهرة معها.

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

بداية، ندد عبد العاطي بما وصفه «ازدواجية المعايير» في التعاطي الدولي مع الأزمات والحروب الناشئة؛ إذ «تُعتبر إسرائيل فوق القانون وتتمتع بالإفلات من العقاب... ما يعني أن إسرائيل تستطيع أن تفعل ما تشاء من دون أي اعتبار للقانون الدولي أو القانون الإنساني الدولي أو ميثاق الأمم المتحدة، وهذا أمر في غاية الخطورة».

وشدد الوزير المصري على أن جوهر الصراع في المنطقة هو الملف الفلسطيني «ومن دون تلبية تطلعات الفلسطينيين، أستطيع أن أؤكد لكم أن لا إسرائيل، ولا المنطقة، ستنعم بالسلام أو الاستقرار». ووصف ما يحصل في غزة والضفة الغربية بأنه «يتجاوز حدود الخيال»، مندداً بـ«الإبادة الجماعية» الجارية في غزة بحسب توصيف الأمم المتحدة، وبـ«المجاعة المصطنعة» التي يتسبب فيها الجيش الإسرائيلي، وبموقف المتفرج من المقتلة المتواصلة، ومنه موقف الاتحاد الأوروبي الذي «يجري نقاشات ومداولات مستمرة، ولكن لا توجد أي خطوات ملموسة». وأكد أنه «من غير إجراءات وتدابير بحق إسرائيل، فإنها ستواصل ما تقوم به».

تهجير الفلسطينيين «خط أحمر»

إزاء هذا الواقع، تنظر القاهرة بإيجابية إلى خطة ترمب من حيث تحقيقها ثلاثة أهداف: إنهاء الحرب «وهو ما نحتاج إليه في الوقت الراهن لوضع حد لدوامة القتل»، ومنع مشروع ضم إسرائيل للضفة الغربية، ومنع تهجير الفلسطينيين إن كان من غزة (إلى مصر) أو من الضفة (إلى الأردن). ونبّه عبد العاطي إلى أن التهجير «يعد بمثابة خط أحمر لمصر والأردن، ولن نسمح بحصوله بأي حال من الأحوال».

ورغم التأييد الذي تبديه مصر لخطة ترمب، فإن لها بعض الملاحظات. وفي هذا الصدد قال وزير خارجيتها: «بالطبع، هناك الكثير من الثغرات، والعديد مما تتضمنه يحتاج إلى استكمال، ونحن بحاجة إلى ملء التفاصيل، وإجراء مزيد من النقاشات حول كيفية تنفيذها، خصوصاً فيما يتعلق بمسألتين مهمتين: الحوكمة (الحكم والإدارة) والإجراءات الأمنية الميدانية». بيد أنه سارع إلى التنبيه إلى ما قد يقدم عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قائلاً: «لقد تابعتم جميعاً تصريحاته بعد لقائه مع الرئيس ترمب، وكان يحاول نسف الخطة بالكامل، ولهذا فنحن نتعامل بحذر شديد».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض يوم 25 سبتمبر (د.ب.أ)

وبينما لم تعطِ «حماس»، حتى اليوم، رداً على الخطة بسبب العديد من التحفظات، أفاد عبد العاطي بأن مصر «تتحدث الآن مع حركة (حماس)، ومع القطريين، ومع الأتراك، من أجل معرفة ردّ فعلهم ولتشجيعهم؛ لأننا نرغب في إنهاء الحرب، وهذا من أجل مصلحة الفلسطينيين». وأضاف عبد العاطي: «نحن نبذل قصارى جهدنا. نلتقي بهم. ننسق مع إخوتنا في قطر، وكذلك مع زملائنا في تركيا، لإقناع (حماس) بالاستجابة إيجابياً لهذه الخطة، وهذا شرط لإنهاء الحرب وإطلاق سراح جميع الرهائن وإعادة الجثث». وأمل الوزير المصري «تمديد هذه الفترة من الوقت (التي منحها ترمب لـ«حماس» للرد على خطته) لنتمكن من تكريس جهودنا العميقة للحصول على رد إيجابي على الأقل، وسنبذل جهوداً جديدة لاغتنام هذه الفرصة لوضع حدّ لهذه الحرب»، مشدداً على أن مصر «تدعم الخطة والرؤية» الصادرة عنها وتريد «التقدم إلى الأمام؛ إذ إننا جميعنا نريد وضع حد لهذه الحرب».

شروط مصر للقوة الدولية

ولكن هل مصر راغبة في الانضمام إلى «قوة الاستقرار الدولية» التي تتضمنها الخطة؟ يجيب عبد العاطي: «نحن منفتحون على ذلك، وليست لدينا أية مشكلة مع فكرة نشر قوات دولية في غزة، ولكننا ننتظر المزيد من التفاصيل، خاصة فيما يتعلق بطبيعة التفويض المعطى لها، وهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلينا، ونحن نرى أنه يجب أن نحصل على تفويض واضح من مجلس الأمن الذي يوفر لها الشرعية». واستطرد عبد العاطي قائلاً: «إذا كان تفويض هذه القوة هو قمع الفلسطينيين بناءً على طلب إسرائيل، فهذا لن ينجح. أما إذا كانت مهمتها مساعدتهم... إذ يجب أن يدير الفلسطينيون حياتهم اليومية بأنفسهم. ونرى أن مسألة فرض النظام العام والقانون يجب أن تكون بيد الفلسطينيين أنفسهم. ولذا، فإن الترتيبات الواردة في الخطة يتعين أن تكون انتقالية، إلى حين أن يتم تمكين السلطة الفلسطينية ونشرها؛ لأن السلطة الفلسطينية يجب أن تكون مؤهلة، ويجب أن تكون في غزة لضمان الوحدة بين غزة والضفة الغربية». ونبّه عبد العاطي إلى أن القاهرة «لا تريد ترتيباً خاصاً لغزة مختلفاً عن الضفة الغربية بحيث يتم فصلهما، فنحن لا نقبل ذلك ولن نسمح بحصوله»، وأنها ترى في تهجير السكان «تصفية للقضية الفلسطينية؛ لأن تذكرة السفر التي ستعطى لهم ستكون ذهاباً بلا إياب».

وخلاصته «الانفتاح» على خطة نشر قوة دولية بشرط «تحديد تفويضها بدقة بحيث يشمل: تأمين الحدود، وضمان أمن الفلسطينيين، ومساعدة السلطة الفلسطينية في إدارة الحياة اليومية للمواطنين، بما في ذلك الأمور الأمنية».

مؤتمر لإعمار غزة

بيد أن أمراً كهذا يفترض المرور بمجلس الأمن، وبالتالي إقناع روسيا والصين به. وبهذا الخصوص، أفاد عبد العاطي بأنه على تواصل مع الأعضاء الخمسة في مجلس الأمن ومع الأعضاء الآخرين. ورأيه أن الحصول على تفويض أممي «أمر ممكن، لكننا بحاجة إلى مزيد من الوضوح، مزيد من التفاصيل، ولكن على الأقل هناك إجماع داخل المجتمع الدولي على أنه قد حان الوقت لإنهاء هذه الحرب الظالمة ضد المدنيين في غزة. كذلك، الرأي العام في كل الدول، دون استثناء، يطالب بذلك، وعلى الحكومات أن تستجيب وتُصغي جيداً إلى نداءات شعوبها».

وخلاصته أنه «في حال توافر الإرادة السياسية، يمكن التوصل إلى إجماع وتوافق داخل مجلس الأمن» على هذه الخطة.

معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر من الجانب المصري (أرشيفية - رويترز)

يبقى أن مسؤول الدبلوماسية المصرية حرص على التذكير بأن لبلاده خطة للأمن في غزة؛ فمصر تقترح إعادة تأهيل 5 آلاف شرطي فلسطيني، وترى أن هناك 18 ألف شرطي داخل غزة، يمكن اختيار 5 آلاف آخرين منهم بحيث يشكل الـ10 آلاف «قلب القوة التي عليها تولي الأمن والحفاظ على النظام». وذكّر بأن القاهرة اختارت «لجنة إدارية فلسطينية» من 15 عضواً للمرحلة الانتقالية، وهم من التكنوقراطيين الذين لا ينتمون لأية فئة. وفي رأيه أن هذه اللجنة تستطيع العمل مع مهمة البعثة الدولية.

كذلك ذكّر عبد العاطي بأن القاهرة تخطط لمؤتمر في مصر بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، مخصص للبحث في إعادة إعمار القطاع المدمر، إلى جانب تناول المسألة الأمنية والحوكمة... مضيفاً أن هناك «أجوبة لكافة التساؤلات».


مقالات ذات صلة

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

أوروبا مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وارد.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
المشرق العربي المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

قالت عائلة معتقل فلسطيني مسن من قياديي حركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، إنها تخشى على حياته بعد اعتقاله مجدداً قبل أيام عدة وتحويله للاعتقال الإداري.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب) play-circle

«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات إضافية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات حول التنفيذ.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي ياسر أبو شباب في صورة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية (أرشيفية)

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

أكدت «القوات الشعبية» التي كان يتزعمها ياسر أبو شباب، مقتله خلال محاولته فض نزاع عائلي، مشددةً على أنه لم يكن لحركة «حماس» أي علاقة بظروف مقتله.

«الشرق الأوسط» (غزة)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.