الأزمة الليبية تحضر في اجتماعات «الأمم المتحدة» و«تغيب الحلول»

المنفي وتيتيه يبحثان الملف مع كبار المسؤولين من 10 دول

المنفي وبولس يبحثان الوضع السياسي في ليبيا (المجلس الرئاسي)
المنفي وبولس يبحثان الوضع السياسي في ليبيا (المجلس الرئاسي)
TT

الأزمة الليبية تحضر في اجتماعات «الأمم المتحدة» و«تغيب الحلول»

المنفي وبولس يبحثان الوضع السياسي في ليبيا (المجلس الرئاسي)
المنفي وبولس يبحثان الوضع السياسي في ليبيا (المجلس الرئاسي)

فرضت الأزمة الليبية نفسها على اجتماعات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، فيما لم تثمر «أي حلول» بحسب متابعين، بشأن العملية السياسية التي تراوح مكانها منذ رحيل الرئيس الراحل معمر القذافي، باستثناء «خريطة الطريق»، التي طرحتها المبعوثة الأممية هانا تيتيه.

وتعددت اللقاءات التي تناولت الأزمة الليبية وأبعادها ما بين اجتماعات عقدتها تيتيه، ومباحثات أجراها محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي مع أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أفريقيا والشرق الأوسط.

المنفي مستقبلاً بولس في مقر البعثة الليبية في نيويورك الأربعاء (المجلس الرئاسي)

وأرجع فتحي الشبلي، رئيس حزب «صوت الشعب» الليبي، غياب وجود أي حلول نتجت عن هذه المباحثات؛ إلى عدم استعداد الدول الكبرى في الوقت الراهن للقيام بذلك؛ لكونها مستفيدة من إبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه؛ خاصة روسيا وأميركا وبريطانيا وفرنسا، وقال: «جميعهم مصالحهم محققة؛ فلِم يسعون إلى حلول على الأقل في المدى القريب؟».

وضرب الشبلي، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، مثلاً باجتماع «رفيع المستوى» بشأن أزمة بلاده، عقد في الأمم المتحدة «دون دعوة أي من السياسيين الليبيين... وهذا دليل على إقصاء ليبيا والاستهانة بها». وذهب إلى أن «هناك من يخشى أن تعقد ليبيا انتخابات رئاسية، ويأتي رئيس وطني يعيد ترتيب الأوضاع لصالح بلده؛ ومن ثم تضيع عليهم كل مكتسباتهم التي حققوها من خلال تعاونهم مع الأجسام الحالية والسابقة».

ونقل المكتب الإعلامي للمنفي، مساء الأربعاء، أنه بحث في مقر البعثة الليبية في نيويورك مع أبو الغيط آخر تطورات المشهد السياسي الليبي، و«الجهود المبذولة على الصعيدين الإقليمي والدولي»، مشيراً إلى أنهما «أكدا على أهمية الدور العربي في دعم ليبيا خلال هذه المرحلة المهمة». وتحدّث الشبلي عن «وجود أجسام سياسية مطيعة، تنفذ كل رغبات الأطراف الدولية المتداخلة في الأزمة؛ ولذا ليس هناك مبرر على تفعيل أي حلول للعملية السياسية المتجمدة».

المنفي وأبو الغيط في مقر البعثة الليبية في نيويورك (المجلس الرئاسي)

كما بحث المنفي مع بولس، وكبيرة مسؤولي مكتب شؤون الشرق الأدنى مساعدة وزير الخارجية بالإنابة، مورا نامدار، الوضع السياسي في ليبيا، «وسبل تعزيز التعاون في الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية».

وأوضح مكتب المنفي أن اللقاء تضمن «استعراض التطورات الأخيرة على الساحة الليبية، خاصة ما يتعلق بمسار الاستقرار السياسي والتحضير للانتخابات؛ إضافة إلى مكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة، والتعاون في ملف الطاقة والاستثمار».

وقالت جامعة الدول العربية إن أمينها العام أكد خلال لقائه المنفي «دعمه الكامل للجهود المبذولة لتوحيد المؤسسات الليبية وإجراء انتخابات شاملة وشفافة»، مشيداً بـ«الدور الهام والبنّاء للمجلس الرئاسي خلال المرحلة الانتقالية».

وقال جمال رشدي، المتحدث باسم الأمين العام، إنه شدّد على أن الجامعة العربية «متمسكة بثوابتها المستمدة من قرارات مجلس الجامعة على مختلف مستوياته، وفي مقدمتها الالتزام بوحدة ليبيا واحترام سيادتها واستقلالها، ورفض جميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونها». مضيفاً أن الحل في ليبيا «لا يمكن أن يكون إلا حلاً سياسياً جامعاً بملكية وقيادة ليبية، ينطلق من إرادة الليبيين أنفسهم، وبتيسير من الأمم المتحدة، بما يلبي تطلعاتهم»، ومؤكداً «دعم الجامعة لولاية بعثة الأمم المتحدة الممنوحة لها بموجب قرارات مجلس الأمن».

وأوضح رشدي أن الجانبين «استعرضا آخر التطورات السياسية في ليبيا والجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار والوحدة الوطنية، بما يخدم مصالح الشعب الليبي الشقيق، ويحافظ على سيادة البلاد وسلامة أراضيها».

ونقلت الجامعة العربية عن المنفي «تقديره للدور المحوري الذي تضطلع به في دعم الجهود الرامية إلى حل الأزمة الليبية، مؤكداً أهمية التنسيق المستمر مع الجامعة العربية والمجتمع الدولي».

وانتهى اللقاء، بحسب رشدي، بتشديد الجانبين على «ضرورة مواصلة التشاور والتنسيق بين الجامعة العربية والمجلس الرئاسي الليبي، بما يخدم المصالح العربية المشتركة، ويحقق تطلعات الشعوب العربية في الأمن والاستقرار والتنمية».

وقالت تيتيه إنه على هامش الأسبوع رفيع المستوى للدورة الثمانين للجمعية العامة، أطلعت «كبار المسؤولين من الولايات المتحدة ومصر والسعودية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، وقطر وتركيا والإمارات والمملكة المتحدة على آخر التطورات السياسية والأمنية في ليبيا». وقالت البعثة الأممية إن تيتيه «استعرضت مع المجموعة الجهود المبذولة للدفع بـ(خريطة الطريق) السياسية، وتيسير حوار جاد بين الأطراف الليبية بهدف الوصول بالبلاد إلى الانتخابات وتوحيد المؤسسات». ونقلت عن كبار المسؤولين «دعمهم لـ(الخريطة)؛ وجهود الوساطة التي تبذلها الممثلة الخاصة»، وتأكيدهم على «الحاجة الماسة لتعزيز وحدة المؤسسات، وتعزيز الأمن والازدهار؛ كما سلطوا الضوء على أهمية تعزيز المؤسسات الاقتصادية الرئيسية، والحاجة إلى تكامل أمني أكبر بين شرق ليبيا وغربها».

ومنذ إعلان تيتيه عن «خريطة الطريق» في 21 أغسطس الماضي أمام مجلس الأمن لحل الأزمة الليبية، والأمور تراوح مكانها باستثناء مشورات، ومساعٍ تجريها المبعوثة الأممية خارجياً لتفعيل هذه «الخريطة».

وعرضت تيتيه على «مجلس الأمن» والليبيين ملامح «خريطة طريق»، ترتكز على 3 محاور. هي: توفير إطار انتخابي سليم فنياً، وقابل للتطبيق سياسياً، يفضي إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وتوحيد المؤسسات من خلال حكومة جديدة موحدة، بالإضافة إلى تنظيم حوار بمشاركة واسعة من جميع الليبيين لمعالجة القضايا الحيوية، التي يتعين التعامل معها من أجل إيجاد بيئة مواتية للانتخابات.

البعثة الأممية مجتمعة مع أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة عن غرب ليبيا (البعثة)

في شأن مختلف، كشفت البعثة الأممية، الخميس، عن لقاء جمع فريقاً من البعثة وأعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) عن الغرب الليبي. وقالت البعثة إن النقاشات ركزت على «تثبيت واستدامة اتفاق وقف إطلاق النار، وتفعيل الأنشطة المتعلقة بإزالة الألغام ومخلفات الحروب».


مقالات ذات صلة

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

شمال افريقيا صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

تنتظر المفوضية العليا للانتخابات الليبية أحكام المحاكم المختصة في 7 طعون بالبلديات التي أجريت بها عملية الاقتراع السبت الماضي؛ لإعلان النتائج الأولية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

دعا أسامة حمّاد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب «أبناء الوطن كافة إلى الالتحاق بركب التنمية بعيداً عن أي تدخلات أو إملاءات خارجية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

اتفق وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق في إطار الآلية الثلاثية» بما يسهم في دعم الشعب الليبي لتحقيق تطلعاته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال افتتاح «المتحف الوطني» في طرابلس الذي أثار انتقادات عدد كبير من الليبيين (رويترز)

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

هيمنت أزمة نقص السيولة على المشهد الليبي؛ في ظل اصطفاف المواطنين أمام المصارف لساعات طويلة، إلى جانب نقاشات موسعة مع خبراء ومسؤولين حول سبل المعالجة.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا افتتاح «الحوار المهيكل» في ليبيا (أرشيفية - البعثة الأممية)

مصراتة تنتفض لـ«حل الأجسام المسيطرة» على المشهد الليبي

دافعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، مجدداً، عن «الحوار المهيكل» الذي ترعاه في العاصمة طرابلس، رغم الجدل المثار حول إمكانية نجاحه.

خالد محمود (القاهرة )

مصرع سائحة إيطالية بحادث تصادم بين مركبين سياحيين في جنوب مصر

الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
TT

مصرع سائحة إيطالية بحادث تصادم بين مركبين سياحيين في جنوب مصر

الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل

قضت سائحة إيطالية، الأحد، إثر حادث تصادم بين مركبين سياحيين في محافظة الأقصر بجنوب مصر، وفقاً لوزارة النقل المصرية ووسائل إعلام إيطالية.

وأكدت وزارة النقل المصرية في بيان تصادم فندقين عائمين بنهر النيل في محافظة الأقصر بجنوب مصر أثناء إبحارهما بين مدينتي الأقصر وأسوان السياحيتين و«وفاة إحدى النزيلات».

وأشار البيان إلى «تهشم 3 كبائن» في أحد الفندقين العائمين وتضرر الآخر، بينما تمت إحالة الواقعة إلى النيابة.

https://www.facebook.com/MinistryTransportation/posts/في المائةD8في المائةA8في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة86-في المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةB9في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة85في المائةD9في المائة86-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة87في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA6في المائةD8في المائةA9-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةB9في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA9-في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة82في المائةD9في المائة84-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة87في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةB9في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD8في المائةAA-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة87في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA6في المائةD8في المائةA9-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةB9في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA9-في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة82في المائةD9في المائة84-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة87في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة81في المائةD9في المائة8A-في المائةD8في المائةA8في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7/1174605321503189/?locale=ar_AR

وأفادت وكالة «أنسا» الإيطالية للأنباء بمقتل سائحة إيطالية تبلغ 47 عاماً بعد نقلها للمستشفى عقب إصابتها في الحادث.

وتعتبر محافظتا الأقصر وأسوان (أكثر من 600 كيلومتر جنوب القاهرة) وجهتين سياحيتين بارزتين، بينما تحاول الحكومة المصرية تنشيط قطاع السياحة الذي عانى من الأزمات الاقتصادية والجائحة العالمية في السنوات الأخيرة.

وتساهم السياحة بـ10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المصري ويعمل في هذا القطاع نحو مليوني شخص، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلنت الحكومة المصرية الشهر الماضي نمو نشاط الفنادق بنسبة 13 في المائة مقارنة بالعام السابق، بالتزامن مع افتتاح المتحف المصري الكبير في بداية نوفمبر (تشرين الثاني).

وأعلن وزير السياحة المصري شريف فتحي الأسبوع الماضي ارتفاع أعداد السائحين إلى نحو 19 مليون، مقارنة بنحو 15 مليون عام 2024.


توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

بينما أكدت تقارير في جوبا حدوث توتر بين «قوات الدعم السريع» وقوات دفاع جنوب السودان، في منطقة هجليج النفطية بولاية جنوب كردفان، نفت «الدعم السريع» وقوع أي اشتباكات مسلحة بين الجانبين.

وأفادت صحيفة «جوبا بوست» بأن توتراً حادّاً حدث ليل السبت - الأحد بين القوات الجنوبية الموكَلة إليها حماية حقول النفط في هجليج - باتفاق ثلاثي بين جوبا وبورتسودان ونيالا - و«قوات الدعم السريع» التي سيطرت على المنطقة، بعد انسحاب الجيش السوداني منها إلى الدولة الجارة.

لكن الباشا طبيق، مستشار قائد «الدعم السريع»، قال في تغريدة على «فيسبوك» إن ما تناولته صحفٌ ووسائل إعلام سودانية موالية للجيش بشأن وقوع «اشتباكات في هجليج لا أساس له من الصحة». من جهة أخرى، تواصلت عمليات إجلاء العاملين في المنظمات الإنسانية والأممية من كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» بالاشتراك مع حليفتها «قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان - تيار عبد العزيز الحلو».


تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
TT

تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)

جدد مجلس الأمن الدولي ولايةَ «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر (كانون الأول) 2026، وسط مسار سلام يراوح في مكانه رغم تعدد الاتفاقات، مع عودة العنف مجدداً إلى صدارة المشهد.

هذه الخطوة الدولية، التي تضمنت دعوات إلى انسحاب حركة «23 مارس (إم 23)» المتمردة من مناطق احتلتها، يراها خبير في الشؤون الأفريقية، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، دفعةً لجهود السلام في شرق الكونغو الذي يعاني صراعات على مدى عقود عدة، موضحاً أن «غيابها يعني مزيداً من الفوضى؛ لكن مع التمديد يمكن تقديم دعم إضافي لمسار السلام المتعثر حالياً، على الرغم من الاتفاقات؛ لأسباب مرتبطة بعدم وجود تفاهمات حقيقية على الأرض».

وتتصدر أزمة شرق الكونغو، الممتدة منذ 3 عقود، الاهتمامات الأفريقية. وبحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الرواندي، أوليفييه أندوهونجيريهي، في لقاء بالقاهرة، سبلَ إرساء الاستقرار والسلم والأمن في منطقة شرق الكونغو، مؤكداً دعمَ مصر الكامل الجهودَ كافة الرامية إلى تثبيت الأمن والاستقرار، وفق بيان من «الخارجية المصرية» الأحد.

وجاء اللقاء عقب قرار مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر 2026، مع الحفاظ على سقف القوات المصرح به عند 11 ألفاً و500 فرد عسكري، و600 مراقب عسكري وضابط أركان، و443 فرد شرطة، و1270 فرداً من وحدات الشرطة المشكّلة، ومطالبة رواندا بوقف دعمها حركة «إم 23» المتمردة.

ويرى المحلل السياسي التشادي الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، أن تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» يمكن أن يشكل دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو، «إذا اقترن بتغييرات عملية في أسلوب عملها، وتعاون حقيقي مع السلطات المحلية والمجتمعات المتضررة... فالوجود الأممي يوفر غطاء دولياً لحماية المدنيين، ودعماً لوجيستياً ومؤسساتياً للجيش والشرطة، كما يساهم في مراقبة حقوق الإنسان، وتهيئة بيئة أفضل أمناً للعمل الإنساني والحوار السياسي. لكن نجاح التجديد لا يعتمد على الاستمرار الشكلي، إنما على معالجة أسباب الصراع المزمنة، مثل ضعف الدولة، وتعدد الجماعات المسلحة، والتنافس على الموارد، وانعدام الثقة بين السكان والبعثة»، وفق عيسى.

وإذا ركزت «مونوسكو» على «دعم حلول سياسية محلية، وتعزيز المصالحة، وبناء قدرات مؤسسات الدولة، والاستجابة لمطالب السكان بشأن الحماية والشفافية، فقد ينعكس التجديد إيجاباً على الاستقرار»؛ يضيف عيسى، موضحاً: «أما إذا استمر الشعور بعدم الفاعلية أو غياب التنسيق، فقد يحد ذلك من أثرها... لذلك؛ يكون التجديد فرصة حقيقية للسلام عندما يُستثمر لإصلاح الأداء وتوجيه الجهود نحو جذور الأزمة».

ويسلط القرار الدولي الضوء على «الأزمة الأمنية والإنسانية المتدهورة بسرعة» في شرق الكونغو الديمقراطية بسبب هجوم حركة «23 مارس» في شمال وجنوب كيفو «بدعم وبمشاركة مباشرة من قوات الدفاع الرواندية»، وفق بيان «المجلس».

وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، جنيفر لوسيتا، مساء الجمعة، إن «المفاوضات التي تقودها تعطلت مرة أخرى بسبب تقدم حركة (23 مارس) المدعومة من قوات الدفاع الرواندية».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود، وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتَين في الإقليم. وشنّت «23 مارس»، بدعم من رواندا، هجوماً جديداً في بداية ديسمبر الحالي بإقليم جنوب كيفو شرق البلاد على طول الحدود مع بوروندي، وأحكمت سيطرتها على بلدة أوفيرا الاستراتيجية في 11 ديسمبر الحالي.

وجاء التقدم الأخير للحركة في شرق الكونغو الغني بالمعادن بعد أسبوع من لقاء الرئيسَين؛ الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي والرواندي بول كاغامي الرئيسَ الأميركي دونالد ترمب في واشنطن خلال وقت سابق من هذا الشهر، وأكدا التزامهما اتفاق سلام توسطت فيه الولايات المتحدة.

ووسط أنباء عن انسحاب الحركة من المنطقة المحتلة حديثاً، قال مسؤولون في «الصليب الأحمر»، الخميس الماضي، إن «شهر ديسمبر هو الأعلى حدة في النزاع».

ويعدّ الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية بواشنطن في مطلع ديسمبر الحالي هو الأحدث ضمن سلسلة «تفاهماتٍ بإطار» أُبرمت خلال يونيو (حزيران) الماضي في واشنطن، إضافة إلى «إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة»، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاقٍ يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن المطالب الدولية بانسحاب «23 مارس» من المناطق التي سيطرت عليها في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعبر عن ضغط سياسي ودبلوماسي متصاعد، «لكنها لا تعني بالضرورة أن الانسحاب يمكن تحقيقه قريباً». وأوضح أن «الحركة» ما زالت «تمتلك قوة عسكرية على الأرض، وتستفيد من تعقيدات المشهد الإقليمي، وضعف سلطة الدولة في بعض المناطق؛ مما يجعل استجابتها للضغوط وحدها أمراً غير مضمون».

وأضاف: «كما أن تجارب سابقة أظهرت أن بيانات الإدانة والمطالب الدولية لا تتحول سريعاً إلى واقع ميداني ما لم تُدعم بآليات تنفيذ واضحة، مثل عقوبات فعالة، أو ضغط إقليمي من الدول المؤثرة، أو تقدم حقيقي في المسارات التفاوضية».

في المقابل؛ قد يصبح الانسحاب ممكناً، وفق صالح إسحاق عيسى، «إذا ترافقت هذه المطالب مع تحرك منسق من (الاتحاد الأفريقي)، ومع ضمانات أمنية وسياسية تعالج دوافع الحركة، إضافة إلى تعزيز قدرات الدولة الكونغولية على بسط سيطرتها بعد أي انسحاب؛ لتفادي فراغ أمني». لذلك؛ «يبقى تحقيق الانسحاب القريب مرتبطاً بمدى جدية المجتمعَين الدولي والإقليمي في الانتقال من المطالبة إلى الفعل، وبإيجاد تسوية أوسع تعالج جذور الصراع»؛ وفق ما خلص إليه عيسى، وسط تفاقم الأزمة بشرق الكونغو.