تحذيرات فرنسية لإسرائيل من ضم الضفة أو أجزاء منها

ماكرون: «لن نقف مكتوفي الأيدي»... وبيان سعودي - فرنسي يعتبر الضم «خطاً أحمر»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات فرنسية لإسرائيل من ضم الضفة أو أجزاء منها

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

صبيحة يوم الاثنين الماضي، سئُل وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو عن التهديدات الإسرائيلية بإغلاق القنصلية الفرنسية في القدس، أو وضع اليد على ممتلكات فرنسية تقليدية، أو التضييق على الدبلوماسيين الفرنسيين في إسرائيل، فكان رده أن الخارجية الفرنسية ترى أن تطوراً كهذا «ليس من مصلحة الإسرائيليين بأي حال من الأحوال».

وتابع الوزير قائلاً: «لم نُبلغ بأي إجراء من هذا النوع من السلطات الإسرائيلية»، وأشار إلى أن القنصلية «تخدم مصالح مواطنينا مزدوجي الجنسية، ومصالح الإسرائيليين أيضاً».

ورغم رغبته الواضحة في تجنب نشوب جدال حام بين باريس وتل أبيب، فإنه أردف بالقول: «إذا تم اتخاذ مثل هذه الإجراءات، فسوف نرد عليها بكل حزم»، معبّراً في الوقت ذاته عن أمله في ألا تصل الأمور إلى هذا الحد من التصعيد.

«لن نقف مكتوفي الأيدي»

يعكس كلام بارو صورة عن الموقف الفرنسي المتأرجح بين الرغبة في تجاوز الأزمة والاستعداد للرد على أي إجراءات إسرائيلية محتملة بحق بلاده «عقاباً لها» على اعترافها بـ«دولة فلسطين»، وعلى دورها المحوري في دفع دول غربية داعمة تقليدياً لتل أبيب، مثل بريطانيا وكندا، للاحتذاء بها.

وقبل التوجه إلى نيويورك، أفاد مصدر كبير في قصر الإليزيه بأن أجندة فرنسا «إيجابية»، مضيفاً: «هي ليست أجندة ردود، وردود مضادة. نحن نبذل جهوداً من أجل السلام»، لكن «ضم الضفة الغربية هو خط أحمر واضح بالنسبة لنا». وأضاف: «هذا سيكون بطبيعة الحال أسوأ انتهاك ممكن لقرارات الأمم المتحدة، والأهم اليوم هو اتخاذ كل الإجراءات الممكنة للحفاظ على حل الدولتين. ضمّ الضفة سيكون إحدى الخطوات التي تهدد ذلك بشدة».

جنود من الجيش الإسرائيلي يتخذون مواقعهم عند مدخل مخيم الأمعري للاجئين في مدينة رام الله بالضفة الغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وبما أن اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فتح الباب أمام دول أخرى لتحذو حذوه، فقد سئل في نيويورك، الثلاثاء، عما يمكن أن تفعله بلاده رداً على أي إجراءات إسرائيلية بحقها، وكان جوابه أن فرنسا «لن تقف مكتوفة الأيدي»، مضيفاً: «نحن مستعدون لأمر كهذا. لقد خططنا لجميع السيناريوهات الممكنة، أي أننا لن نبقى مكتوفي الأيدي أبداً. نحن نخطط للأمور وسندافع دائماً عن مصالح فرنسا في كل مكان تمثَّل فيه».

الإجراءات التصعيدية المحتملة

ثمة نوعان من الإجراءات المتاحة أمام إسرائيل بحق فرنسا والدول الأخرى التي احتذت بها، من أول خفض التمثيل الدبلوماسي وترحيل دبلوماسيين، وصولاً إلى وضع اليد على ممتلكات تاريخية فرنسية تعود لمئات السنين في فلسطين التاريخية، أو حتى الذهاب إلى استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس وإغلاق القنصلية الموجودة في القدس.

ومن التدابير الممكنة خفض التعاون، أو وقفه، بين الأجهزة الأمنية في البلدين في ملف الإرهاب وما شابه.

أما الجانب الآخر فيتمثل في اتخاذ إجراءات بحق الفلسطينيين، يمكن أن تتدرج من تصعيد الاستيطان وما يرافقه من عنف وقضم للأراضي أو ضم المستوطنات الموجودة بوضعها تحت القانون الإسرائيلي، وصولاً إلى الإعلان عن ضم مناطق في الضفة أو ضمها كلياً.

وسبق لإسرائيل أن ضمت القدس الشرقية عقب حرب 1967، وجزءاً من الجولان السوري في 14 ديسمبر (كانون الأول) عام 1981.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحافي بالقدس يوم 15 سبتمبر 2025 (رويترز)

وتتمسك باريس، في ما يخص عملية الضم، بموقف متشدد، إذ إنها تعتبر تطوراً كهذا بمثابة «خط أحمر». بيد أنها لم تكشف عن أوراقها بخصوص الإجراءات المضادة أو التبعات المترتبة على حدوث انتهاك إسرائيلي صارخ للقرارات الدولية وما يعنيه من وأد للدولة الفلسطينية.

وفي بيان مشترك صدر مساء الاثنين بتوقيت نيويورك عقب اجتماع الوفدين الفرنسي والسعودي، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وردت فقرة جاء فيها: «ندعو القيادة الإسرائيلية إلى اغتنام هذه الفرصة لتحقيق السلام، والإعلان بشكل علني عن التزامها بحل الدولتين، وإنهاء العنف والتحريض ضد الفلسطينيين على الفور، ووقف الأنشطة الاستيطانية ومصادرة الأراضي وأعمال الضم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووضع حد لعنف المستوطنين».

كما جاء في البيان: «ندعو كخطوة أولى إلى إلغاء خطة E1، والإعلان بشكل صريح عن رفض أي مشاريع للضم. ونؤكد أن أي شكل من أشكال الضم يُعدّ خطاً أحمر للمجتمع الدولي، وله عواقب وخيمة، ويشكل تهديداً مباشراً للاتفاقيات السلمية القائمة والمستقبلية».

«الغموض البناء»

إزاء هذا الاحتمال، تحذر فرنسا من انعكاسات الضم الجزئي أو الكلي على «اتفاقيات إبراهيم» التي أبرمت برعاية أميركية.

وقال مصدر فرنسي بارز إن دولة الإمارات العربية المتحدة أبلغت إسرائيل أن أمراً كهذا «سينعكس سلباً على الاتفاقية المشتركة مع إسرائيل، ويمكن أن يفضي إلى تجميدها أو الانسحاب منها».

وأضاف المصدر أن مصر حذرت أيضاً إسرائيل من تبعات تصرفاتها على معاهدة السلام المبرمة بين الطرفين.

ما صدر عن باريس ترددت أصداؤه في لندن وبرلين، التي لم تعترف حكومتها بدولة فلسطين، وفي عواصم أوروبية وغربية أخرى، ولدى غالبية الدول التي وقعت على «إعلان نيويورك» الخاص بـ«حل الدولتين».

لكن التحذيرات الدولية الاستباقية بقيت عامة، دون توضيح محتواها. وقد يكون ذلك لسببين: إما انتظار ما سيصدر فعلياً عن الجانب الإسرائيلي، أو اعتماد سياسة «الغموض البناء».

حتى اليوم، لم تصدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مباشرة تصريحات تكشف طبيعة الإجراءات التي سيتخذها بحق الدول التي اعترفت مؤخراً بـ«دولة فلسطين»، ولا بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية أو غزة. لكن ما قاله، الأحد الماضي، من أن «دولة فلسطينية لن ترى النور»، وقوله ما معناه أن الضفة «أرض إسرائيلية تاريخية»، كاف للتعرف على نواياه.

فلسطينيون يبكون شاباً قُتل برصاص مستوطنين بالضفة الغربية، خلال جنازته يوم الأربعاء (إ.ب.أ)

وهناك وزيران على الأقل بالحكومة الإسرائيلية، هما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير، حثاه على الإقدام على عملية الضم؛ علماً بأن الكنيست الإسرائيلي تبنى في يونيو (حزيران) الماضي قراراً يدعوه فيه إلى ضم الضفة.

وقرار إسرائيل، كما قال نتنياهو، لن يصدر قبل عودته من واشنطن حيث سيقابل الرئيس الأميركي ترمب يوم 29 من الشهر الحالي.

ونسبت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» في عددها، يوم الأربعاء، إلى «مسؤول إسرائيلي كبير» قوله إن إدارة ترمب حذرت إسرائيل سراً من ضم الضفة الغربية رداً على قرارات الاعتراف بدولة فلسطين. ونقلت عن المسؤول أن رسالة واشنطن لا تعني «نهاية للنقاش»، وأن نتنياهو يخطط لمناقشة المسألة مع ترمب.


مقالات ذات صلة

إصابة 3 فلسطينيين برصاص إسرائيلي واعتقال العشرات في الضفة

المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال دورية في رام الله (أ.ف.ب)

إصابة 3 فلسطينيين برصاص إسرائيلي واعتقال العشرات في الضفة

أصيب 3 مواطنين فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية بمدينة نابلس، فجر الثلاثاء، فيما شهدت مناطق متفرقة من الضفة الغربية حملة اعتقالات واسعة طالت عشرات الفلسطينيين

«الشرق الأوسط» (رام الله )
شؤون إقليمية من داخل بيت ريان محمد أبو معلا (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: نحقق في مقتل فتى فلسطيني بالضفة الغربية

قال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في واقعة مقتل فتى فلسطيني (16 عاماً) بالضفة الغربية برصاص جنود قالوا إنه ألقى ​حجراً عليهم.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي والدة أحمد زيود خلال تشييع جثمانه خلال جنازته قرب جنين في الضفة الغربية اليوم (أ.ب)

مقتل 3 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على شرق مدينة غزة

قُتل ثلاثة فلسطينيين، صباح اليوم الأحد، في قصف إسرائيلي استهدف حي الشجاعية شرق مدينة غزة، فيما قتل فتى وشاب برصاص الجيش الإسرائيلي في واقعتين منفصلتين بالضفة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

ملعب يعدّ متنفساً لأطفال مخيم بالضفة الغربية يهدده قرار هدم إسرائيلي

في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة، كان أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم غير مكترثين بالإسمنت الشاهق.

«الشرق الأوسط» (مخيم عايدة)
المشرق العربي فلسطينيون يجمعون ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها من قبل الجيش الإسرائيلي في مخيم نور شمس للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

سكان مخيم نور شمس جمعوا صوراً وألعاباً وأثاثاً قبل هدم إسرائيل منازلهم

عاد العشرات من سكان مخيم نور شمس للاجئين في الضفة الغربية المحتلة بعد تهجيرهم منه قسراً، لاستعادة متعلّقاتهم الشخصية الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

مساعد سابق لنتنياهو: رئيس الوزراء كلّفني وضع خطة للتهرّب من مسؤولية «7 أكتوبر»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

مساعد سابق لنتنياهو: رئيس الوزراء كلّفني وضع خطة للتهرّب من مسؤولية «7 أكتوبر»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال مساعد مقرب سابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه في أعقاب هجوم حركة «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي أدى لاندلاع حرب استمرت عامين في غزة، كلَّفه نتنياهو وضع خطة للتهرب من مسؤولية الخرق الأمني.

وأدلى إيلي فيلدشتاين، المتحدث السابق باسم نتنياهو، الذي يمثُل للمحاكمة لاتهامه بتسريب معلومات سرية للصحافة، بهذا الاتهام خلال حوار مع قناة «كان» الإخبارية الإسرائيلية، مساء الاثنين.

واتهم المنتقدون مراراً وتكراراً نتنياهو برفض تحمل المسؤولية عن أكثر الهجمات دموية في تاريخ إسرائيل. ولكن لا يعرف الكثير من سلوك نتنياهو في الأيام التي أعقبت الهجوم، في حين قاوم رئيس الوزراء الإسرائيلي باستمرار إجراء تحقيق حكومي مستقل.

وقال فيلدشتاين في الحوار إن «أول مهمة» كلفه بها نتنياهو بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023 كانت كبح دعوات المحاسبة. وأضاف: «لقد سألني، ما الذي يتحدثون بشأنه في الأخبار؟ هل ما زالوا يتحدثون عن المسؤولية؟». وأوضح: «لقد أراد أن أفكر في أمر يمكن قوله من شأنه ردع العاصفة الإعلامية المتعلقة بما إذا كان رئيس الوزراء تحمل المسؤولية أم لا».

وأوضح أن نتنياهو بدا «مذعوراً» وهو يطلب منه هذا الطلب. وأشار فيلدشتاين إلى أن أشخاصاً من دائرة نتنياهو المقربة طالبو لاحقاً بحذف كلمة «مسؤولية» من جميع البيانات.

وذكرت وسائل الإعلام العبرية أن مكتب نتنياهو وصف الحوار بـ«سلسلة طويلة من الادعاءات الكاذبة والمكررة التي يدلي بها رجل لديه مصالح شخصية واضحة يحاول أن ينأى بنفسه عن المسؤولية».


الجيش اللبناني يؤكد أن جندياً من بين قتلى غارة إسرائيلية على الجنوب

السيارة التي استهدفها الجيش الإسرائيلي في صيدا بجنوب لبنان (د.ب.ا)
السيارة التي استهدفها الجيش الإسرائيلي في صيدا بجنوب لبنان (د.ب.ا)
TT

الجيش اللبناني يؤكد أن جندياً من بين قتلى غارة إسرائيلية على الجنوب

السيارة التي استهدفها الجيش الإسرائيلي في صيدا بجنوب لبنان (د.ب.ا)
السيارة التي استهدفها الجيش الإسرائيلي في صيدا بجنوب لبنان (د.ب.ا)

أعلن الجيش اللبناني، اليوم الثلاثاء، أن أحد جنوده كان من بين ثلاثة قتلى سقطوا جراء غارة إسرائيلية على سيارة في جنوب البلاد، قالت الدولة العبرية إنها استهدفت عناصر في «حزب الله».

وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، قد أفاد بأن «الجيش الإسرائيلي هاجم أمس وقضى على ثلاثة عناصر إرهابية من (حزب الله) دفعوا بمخططات إرهابية ضد قوات جيش الدفاع وكانوا يهمون بمحاولات اعادة اعمار بنى تحتية عسكرية في منطقة صيدا بجنوب لبنان».

وأضاف في منشور عبر «إكس»: «من التحقيق الاولي يتبين ان الغارة أسفرت عن القضاء على مخرب في حزب الله كان يخدم بالتوازي في وحدة الاستخبارات التابعة للجيش اللبناني».

وتابع: «كما أسفرت الغارة عن القضاء على مخرب أخر عمل في وحدة الدفاع الجوي في قطاع صيدا بحزب الله».

وزعم المتحدث وجود «علاقات تعاون» بين الجيش اللبناني و«حزب الله»، مؤكداً مواصلة العمل لإزالة «أي تهديد على مواطني دولة إسرائيل».

وأكد أن «جيش الدفاع يعمل ضد عناصر (حزب الله) العاملين في محاولة لاعادة اعمار بنى تحتية إرهابية في انتهاك خطير للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان».

ونفى مصدر عسكري لبناني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، اتهام الجيش الإسرائيلي للجندي القتيل بأنه كان عنصرا في الحزب.

ونعى الجيش اللبناني الرقيب أول علي عبد الله، موضحا أنه قتل أمس «جرّاء غارة إسرائيلية استهدفت سيارة كان بداخلها على طريق» قرب مدينة صيدا.

وكانت وزارة الصحة اللبنانية أفادت أمس بأن الغارة التي نفذتها طائرة مسيّرة، أسفرت عن سقوط ثلاثة قتلى.

وتواصل الدولة العبرية تنفيذ غارات جوية على مناطق مختلفة في لبنان تقول إنها تهدف إلى منع «حزب الله» من إعادة بناء قدراته بعد تكبده خسائر كبيرة في الحرب الدامية بين الطرفين التي استغرقت أكثر من عام قبل التوصل الى وقف لإطلاق النار دخل حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

وبموجب الاتفاق، يفترض أن ينتشر الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية، بينما يعمل بالتوازي على نزع سلاح «حزب الله» بموجب خطة أقرتها الحكومة اللبنانية.

ويفترض أن ينهي الجيش المرحلة الأولى من الخطة، والتي تشمل منطقة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كلم من الحدود)، بحلول نهاية العام الجاري.

ويواجه لبنان ضغوطا متصاعدة من الولايات المتحدة واسرائيل لتسريع نزع سلاح الحزب. وعلى وقع الضغوط، سمّت السلطات اللبنانية مطلع الشهر الحالي السفير السابق سيمون كرم كممثل مدني في اجتماعات لجنة مراقبة وقف إطلاق النار التي تضمّ الولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة واسرائيل.

وأكدت السلطات اللبنانية على الطابع التقني للتفاوض مع إسرائيل، بهدف وقف هجماتها وسحب قواتها من مناطق تقدمت إليها خلال الحرب الأخيرة، وبقيت فيها على رغم اتفاق وقف إطلاق النار.


مسؤولون إسرائيليون يحذرون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)
أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)
TT

مسؤولون إسرائيليون يحذرون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)
أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب)

حذر مسؤولون عسكريون واستخباراتيون إسرائيليون من أن التسريبات والإحاطات الإعلامية الصادرة من إسرائيل في الأيام الأخيرة، بشأن احتمالية تجدد الاشتباك مع إيران، قد تؤدي بالفعل إلى رد فعل غير مدروس من طهران، وتتسبب في اندلاع حرب أوسع.

هل تشعل التسريبات الإسرائيلية حرباً حقيقية؟

ونقل موقع «واي نت»، التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، عن المسؤولين، قولهم إنه «إلى جانب صرف الانتباه عن قضايا رئيسية أخرى في إسرائيل - بما في ذلك التحقيق الحكومي في هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والتأخير في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مع (حماس) - فإن هذه التسريبات والإحاطات الإعلامية، التي تُنسب غالباً إلى (مسؤول دبلوماسي رفيع المستوى)، أو (مصادر استخباراتية غربية)، تُنذر بخطر إشعال حرب حقيقية».

وحذر المسؤولون من أن سوء التواصل مع إيران «قد يُشعل فتيل صراع مُنهك آخر لا ينوي أي من الطرفين خوضه حالياً».

وقد حذر ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي مراراً وتكراراً هذا العام، لا سيما بعد الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وإيران في يونيو (حزيران) الماضي، من أن سوء التعامل مع الملف الإيراني قد يكون الشرارة الرئيسية لتجدد الأعمال العدائية بين البلدين.

تحذير من هجوم إيراني استباقي

وفي الوقت الراهن، تعتمد تقييمات إيران للتهديدات بشكل كبير على التقارير الإعلامية الإسرائيلية، إذ يواجه عملاء المخابرات الإيرانية صعوبة متزايدة في العمل على الأرض داخل إسرائيل. ومنذ بداية الحرب، تم إحباط 34 محاولة تجسس إيرانية داخل إسرائيل.

وحذّر مسؤولون أمنيون إسرائيليون كبار قائلين: «إذا شعر الإيرانيون بأن رياح الحرب تهب من هنا مجدداً، فقد يفكرون في شنّ هجوم استباقي».

وأضافوا: «إذا كان الهدف هو استئناف الهجمات هناك أو الحفاظ على وقف إطلاق النار الحالي، فمن الأفضل التزام الصمت بدلاً من إغراق وسائل الإعلام بمثل هذه الضجة. وقد يكون النشاط غير المعتاد الذي رصدته وكالات الاستخبارات الغربية في إيران نابعاً جزئياً من شائعات لا أساس لها من الصحة انتشرت على قنوات (تلغرام) الإسرائيلية حول الاستعداد للتصعيد».

وقال المسؤولون إن تعافي إيران يمضي قدماً دون عوائق. ولفتوا إلى أنه «في ظل غياب آلية إنفاذ دولية أو أي ترتيب دبلوماسي للحد من نفوذ طهران، شرعت القوات الإيرانية في إعادة بناء قدراتها الصاروخية فور انتهاء المواجهة التاريخية مع إسرائيل هذا الصيف. واستمر تدفق الخبرات المتقدمة في إنتاج الصواريخ والتمويل الكبير بشكل مطرد خلال الأشهر الأخيرة إلى وكلاء إيران الإقليميين، من اليمن إلى لبنان».

وقد خلص مسؤولون في الجيش الإسرائيلي إلى أنه في حال استمرار هذا التوجه، فمن المرجح اندلاع جولة أخرى من الأعمال العدائية مع إيران. ومع ذلك، فقد أوصوا إسرائيل بعدم شن أي هجوم إلا في حال تجاوز طهران لشروط بعينها.

الجيش يشكك في تصريحات القيادة السياسية

وفي الوقت الراهن، يعتقد المسؤولون العسكريون أن إيران لم تتجاوز هذه الشروط بعد. وقد أعربت مصادر في الجيش الإسرائيلي، الاثنين، عن تشككها إزاء موجة التصريحات العلنية الأخيرة الصادرة عن القيادة السياسية؛ فعلى سبيل المثال، قالوا إن المناورات العسكرية الإيرانية التي أُجريت هذا الشهر، لا تشير بالضرورة إلى استعداد لشن هجوم وشيك على إسرائيل.

ويرى مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن إيران لا تزال تفتقر إلى مصلحة استراتيجية في الرد على إسرائيل في هذه المرحلة، وهم يعتقدون أن طهران «تُركز على تحسين قدراتها العسكرية، مستفيدةً من إخفاقاتها خلال الصيف، وتعزيز قدراتها الاستخباراتية، وزيادة تسليح (حزب الله) والحوثيين»، مشيرين إلى أن دافع الحفاظ على الذات لدى النظام الإيراني يطغى حالياً على أي رغبة في الانتقام.