تحذيرات فرنسية لإسرائيل من ضم الضفة أو أجزاء منها

ماكرون: «لن نقف مكتوفي الأيدي»... وبيان سعودي - فرنسي يعتبر الضم «خطاً أحمر»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات فرنسية لإسرائيل من ضم الضفة أو أجزاء منها

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

صبيحة يوم الاثنين الماضي، سئُل وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو عن التهديدات الإسرائيلية بإغلاق القنصلية الفرنسية في القدس، أو وضع اليد على ممتلكات فرنسية تقليدية، أو التضييق على الدبلوماسيين الفرنسيين في إسرائيل، فكان رده أن الخارجية الفرنسية ترى أن تطوراً كهذا «ليس من مصلحة الإسرائيليين بأي حال من الأحوال».

وتابع الوزير قائلاً: «لم نُبلغ بأي إجراء من هذا النوع من السلطات الإسرائيلية»، وأشار إلى أن القنصلية «تخدم مصالح مواطنينا مزدوجي الجنسية، ومصالح الإسرائيليين أيضاً».

ورغم رغبته الواضحة في تجنب نشوب جدال حام بين باريس وتل أبيب، فإنه أردف بالقول: «إذا تم اتخاذ مثل هذه الإجراءات، فسوف نرد عليها بكل حزم»، معبّراً في الوقت ذاته عن أمله في ألا تصل الأمور إلى هذا الحد من التصعيد.

«لن نقف مكتوفي الأيدي»

يعكس كلام بارو صورة عن الموقف الفرنسي المتأرجح بين الرغبة في تجاوز الأزمة والاستعداد للرد على أي إجراءات إسرائيلية محتملة بحق بلاده «عقاباً لها» على اعترافها بـ«دولة فلسطين»، وعلى دورها المحوري في دفع دول غربية داعمة تقليدياً لتل أبيب، مثل بريطانيا وكندا، للاحتذاء بها.

وقبل التوجه إلى نيويورك، أفاد مصدر كبير في قصر الإليزيه بأن أجندة فرنسا «إيجابية»، مضيفاً: «هي ليست أجندة ردود، وردود مضادة. نحن نبذل جهوداً من أجل السلام»، لكن «ضم الضفة الغربية هو خط أحمر واضح بالنسبة لنا». وأضاف: «هذا سيكون بطبيعة الحال أسوأ انتهاك ممكن لقرارات الأمم المتحدة، والأهم اليوم هو اتخاذ كل الإجراءات الممكنة للحفاظ على حل الدولتين. ضمّ الضفة سيكون إحدى الخطوات التي تهدد ذلك بشدة».

جنود من الجيش الإسرائيلي يتخذون مواقعهم عند مدخل مخيم الأمعري للاجئين في مدينة رام الله بالضفة الغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وبما أن اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فتح الباب أمام دول أخرى لتحذو حذوه، فقد سئل في نيويورك، الثلاثاء، عما يمكن أن تفعله بلاده رداً على أي إجراءات إسرائيلية بحقها، وكان جوابه أن فرنسا «لن تقف مكتوفة الأيدي»، مضيفاً: «نحن مستعدون لأمر كهذا. لقد خططنا لجميع السيناريوهات الممكنة، أي أننا لن نبقى مكتوفي الأيدي أبداً. نحن نخطط للأمور وسندافع دائماً عن مصالح فرنسا في كل مكان تمثَّل فيه».

الإجراءات التصعيدية المحتملة

ثمة نوعان من الإجراءات المتاحة أمام إسرائيل بحق فرنسا والدول الأخرى التي احتذت بها، من أول خفض التمثيل الدبلوماسي وترحيل دبلوماسيين، وصولاً إلى وضع اليد على ممتلكات تاريخية فرنسية تعود لمئات السنين في فلسطين التاريخية، أو حتى الذهاب إلى استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس وإغلاق القنصلية الموجودة في القدس.

ومن التدابير الممكنة خفض التعاون، أو وقفه، بين الأجهزة الأمنية في البلدين في ملف الإرهاب وما شابه.

أما الجانب الآخر فيتمثل في اتخاذ إجراءات بحق الفلسطينيين، يمكن أن تتدرج من تصعيد الاستيطان وما يرافقه من عنف وقضم للأراضي أو ضم المستوطنات الموجودة بوضعها تحت القانون الإسرائيلي، وصولاً إلى الإعلان عن ضم مناطق في الضفة أو ضمها كلياً.

وسبق لإسرائيل أن ضمت القدس الشرقية عقب حرب 1967، وجزءاً من الجولان السوري في 14 ديسمبر (كانون الأول) عام 1981.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحافي بالقدس يوم 15 سبتمبر 2025 (رويترز)

وتتمسك باريس، في ما يخص عملية الضم، بموقف متشدد، إذ إنها تعتبر تطوراً كهذا بمثابة «خط أحمر». بيد أنها لم تكشف عن أوراقها بخصوص الإجراءات المضادة أو التبعات المترتبة على حدوث انتهاك إسرائيلي صارخ للقرارات الدولية وما يعنيه من وأد للدولة الفلسطينية.

وفي بيان مشترك صدر مساء الاثنين بتوقيت نيويورك عقب اجتماع الوفدين الفرنسي والسعودي، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وردت فقرة جاء فيها: «ندعو القيادة الإسرائيلية إلى اغتنام هذه الفرصة لتحقيق السلام، والإعلان بشكل علني عن التزامها بحل الدولتين، وإنهاء العنف والتحريض ضد الفلسطينيين على الفور، ووقف الأنشطة الاستيطانية ومصادرة الأراضي وأعمال الضم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووضع حد لعنف المستوطنين».

كما جاء في البيان: «ندعو كخطوة أولى إلى إلغاء خطة E1، والإعلان بشكل صريح عن رفض أي مشاريع للضم. ونؤكد أن أي شكل من أشكال الضم يُعدّ خطاً أحمر للمجتمع الدولي، وله عواقب وخيمة، ويشكل تهديداً مباشراً للاتفاقيات السلمية القائمة والمستقبلية».

«الغموض البناء»

إزاء هذا الاحتمال، تحذر فرنسا من انعكاسات الضم الجزئي أو الكلي على «اتفاقيات إبراهيم» التي أبرمت برعاية أميركية.

وقال مصدر فرنسي بارز إن دولة الإمارات العربية المتحدة أبلغت إسرائيل أن أمراً كهذا «سينعكس سلباً على الاتفاقية المشتركة مع إسرائيل، ويمكن أن يفضي إلى تجميدها أو الانسحاب منها».

وأضاف المصدر أن مصر حذرت أيضاً إسرائيل من تبعات تصرفاتها على معاهدة السلام المبرمة بين الطرفين.

ما صدر عن باريس ترددت أصداؤه في لندن وبرلين، التي لم تعترف حكومتها بدولة فلسطين، وفي عواصم أوروبية وغربية أخرى، ولدى غالبية الدول التي وقعت على «إعلان نيويورك» الخاص بـ«حل الدولتين».

لكن التحذيرات الدولية الاستباقية بقيت عامة، دون توضيح محتواها. وقد يكون ذلك لسببين: إما انتظار ما سيصدر فعلياً عن الجانب الإسرائيلي، أو اعتماد سياسة «الغموض البناء».

حتى اليوم، لم تصدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مباشرة تصريحات تكشف طبيعة الإجراءات التي سيتخذها بحق الدول التي اعترفت مؤخراً بـ«دولة فلسطين»، ولا بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية أو غزة. لكن ما قاله، الأحد الماضي، من أن «دولة فلسطينية لن ترى النور»، وقوله ما معناه أن الضفة «أرض إسرائيلية تاريخية»، كاف للتعرف على نواياه.

فلسطينيون يبكون شاباً قُتل برصاص مستوطنين بالضفة الغربية، خلال جنازته يوم الأربعاء (إ.ب.أ)

وهناك وزيران على الأقل بالحكومة الإسرائيلية، هما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير، حثاه على الإقدام على عملية الضم؛ علماً بأن الكنيست الإسرائيلي تبنى في يونيو (حزيران) الماضي قراراً يدعوه فيه إلى ضم الضفة.

وقرار إسرائيل، كما قال نتنياهو، لن يصدر قبل عودته من واشنطن حيث سيقابل الرئيس الأميركي ترمب يوم 29 من الشهر الحالي.

ونسبت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» في عددها، يوم الأربعاء، إلى «مسؤول إسرائيلي كبير» قوله إن إدارة ترمب حذرت إسرائيل سراً من ضم الضفة الغربية رداً على قرارات الاعتراف بدولة فلسطين. ونقلت عن المسؤول أن رسالة واشنطن لا تعني «نهاية للنقاش»، وأن نتنياهو يخطط لمناقشة المسألة مع ترمب.


مقالات ذات صلة

مقتل إسرائيليين طعناً ودهساً على يد فلسطيني

المشرق العربي رجال شرطة يتفقدون المكان الذي قام فيه الفلسطيني بدهس وقتل إسرائيلية في عفولة الجمعة (أ.ب)

مقتل إسرائيليين طعناً ودهساً على يد فلسطيني

قُتل إسرائيليان، وأصيب آخران، الجمعة، إثر هجوم مزدوج نفّذه فلسطيني من سكان جنين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

قال الجيش الإسرائيلي إن أحد جنود ​الاحتياط دهس بسيارته فلسطينيا بينما كان يصلي على جانب طريق بالضفة الغربية المحتلة، أمس الخميس، بعد أن أطلق النار، في وقت سابق

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مركبات للشرطة الإسرائيلية تعمل أثناء مداهمة في الضفة الغربية... 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

الشرطة الإسرائيلية: مقتل شخصين في هجوم شنه فلسطيني 

قالت السلطات الإسرائيلية ​اليوم الجمعة إن شخصين قتلا في هجوم نفذه فلسطيني بالطعن والدهس في ‌شمال ‌إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية آلية عسكرية إسرائيلية في مستوطَنة سنور قرب مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (إ.ب.أ) play-circle

واشنطن تؤنب إسرائيل: تصريحاتكم الاستفزازية تُبعد الدول العربية

أعربت أوساط أمريكية رفيعة عن امتعاضها من التصريحات الإسرائيلية المتلاحقة حول الاستيطان في قطاع غزة والضفة الغربية، وعدّتها «استفزازية».

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز) play-circle

إسرائيل تعتبر إدانة قرارها إنشاء مستوطنات جديدة في الضفة «خطأ أخلاقياً»

رفضت إسرائيل إدانة صادرة عن 14 دولة لقرارها إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ووصفت الانتقادات بأنها تنطوي على «تمييز ضد اليهود».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
TT

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)

أصبحت إسرائيل، أمس، أولَ دولة تعترف رسمياً بـ«جمهورية أرض الصومال» (صومالي لاند) المعلنة من جانب واحد «دولة مستقلة ذات سيادة»، وهو قرار من شأنه أن يعيدَ تشكيل الديناميكيات الإقليمية ويختبر معارضة ​الصومال الطويلة الأمد للانفصال، ويعطي تل أبيب موطئَ قدم في منطقة القرن الأفريقي الحساسة، في بلد يملك أطولَ حدود بحرية في قارة أفريقيا.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنَّ إسرائيل ستسعى إلى تعاون فوري مع «أرض الصومال» - التي كانت تُعرف باسم «الصومال البريطاني» سابقاً - وفي بيان له، هنأ نتنياهو رئيس «أرض الصومال» عبد الرحمن محمد عبد الله، وأشادَ بقيادته ودعاه إلى زيارة إسرائيل. وقال نتنياهو إنَّ الإعلان «يتماشى مع روح اتفاقيات إبراهيم، التي وقعت بمبادرة من الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب».

وأعلنت مصرُ أنَّ وزير خارجيتها، بدر عبد العاطي، تحدَّث هاتفياً مع نظرائه من الصومال وتركيا وجيبوتي لمناقشة ما وصفوه بالتطورات الخطيرة في القرن الأفريقي عقب الإعلان الإسرائيلي.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنَّ الوزراء ندَّدوا بالاعتراف الإسرائيلي وأكَّدوا دعمَهم الكامل لوحدة الصومال ‌وسلامة أراضيه.

وتتمتَّع منطقة «أرض الصومال» بحكم ذاتي فعلي، وسلام واستقرار نسبيين، منذ عام 1991 حين انزلق الصومال إلى حرب أهلية، إلا أنَّ هذه المنطقة الانفصالية لم تحظَ باعتراف أي دولة أخرى.


إيران تتطلَّع إلى حكومة عراقية «تراعي مصالحها»

السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
TT

إيران تتطلَّع إلى حكومة عراقية «تراعي مصالحها»

السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

قالَ السفير الإيراني لدى العراق، كاظم آل صادق، إنَّ طهران تتطلَّع إلى تشكيل حكومة عراقية مقبلة تراعي مصالح بلدها وإيران معاً، مؤكّداً أنَّ الفصائل العراقية قرَّرت بنفسها طرحَ مبادرة حصر السلاح بيد الدولة، ولديها مخاوفُ من تداعيات الخطوة.

ونفى آل صادق، أمس (الجمعة)، أن تكون تلك الفصائل «وكيلة» لإيران، عادّاً هذا الوصف إهانة لها، ومشدداً على أنَّها باتت تتخذ قراراتها بصورة مستقلة، على حدّ تعبيره.

ولا تزال إيران تمتلك مستحقاتٍ مالية في مصارفَ عراقية لا تستطيع سحبَها بالكامل بسبب قيود العقوبات الأميركية، وفق كلام السفير الذي أكَّد أنَّ طهران تمكَّنت خلال حكومة محمد شياع السوداني من الحصول على «أكبر كمية» من أموالها مقارنة بالحكومات السابقة.

وانتقد آل صادق الدور الأميركي في العراق، مؤكّداً دعمَ بلاده لاستقرار العراق وتعزيز علاقاته الإقليمية.


تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
TT

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إعطاء أولوية لمراجعة قضية احتجاز رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو. كما قرّرت عقد جلسة الاستماع بشأن طلب رجل الأعمال البارز، عثمان كافالا، المسجون منذ 8 سنوات، للإفراج عنه.

وقال محمد بهلون، محامي إمام أوغلو: «تلقينا إخطاراً رسمياً بأن طلبنا المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الاحتجاز غير المبرر لموكلنا، أكرم إمام أوغلو، سيُنظر فيه على وجه السرعة».

وأضاف بهلون عبر حسابه في «إكس»، الجمعة: «يُعد قرار المحكمة الأوروبية بإعطاء الأولوية للنظر في الطلب، المتعلق بإمام أوغلو، أمراً نادراً في الطلبات المقدمة من تركيا حتى الآن».

«حالة نادرة»

واعتُقل إمام أوغلو، الذي ينظر إليه على أنه أقوى منافس للرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الرئاسة والمرشح عن حزب «الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة، في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028، في 19 مارس (آذار) الماضي لاتهامات تتعلق بشبهات فساد في بلدية إسطنبول.

وأودع إمام أوغلو، الذي فجّر اعتقاله احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، إلى سجن سيليفري منذ 23 مارس، في إطار تحقيقات تتعلق بشبهات الفساد والرشوة والمخالفات في المناقصات.

اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على اعتقال أكرم إمام أوغلو في إسطنبول في مارس الماضي (رويترز)

ويشمل التحقيق، الذي بدأ مع اعتقاله في 19 مارس، التي تصفها المعارضة بأنها عملية سياسية تستهدف منع إمام أوغلو من منافسة إردوغان، 122 مشتبهاً به. كما تضُمّ لائحة الاتهام، التي صدرت بعد 237 يوماً من الاعتقالات في 3900 صفحة، 402 شخص كمشتبه بهم، وشملت العديد من التهم المالية، بالإضافة إلى 17 تهمة بينها «التلوث البيئي المتعمد».

ويطالب الادعاء العام بسجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لمدة تتراوح بين 828 و2352 عاماً، بوصفه «مؤسس وزعيم منظمة إمام أوغلو الإجرامية». وستبدأ المحاكمة نظر القضية في 9 مارس المقبل، أمام الدائرة الـ40 لمحكمة إسطنبول الجنائية العليا.

قضية عثمان كافالا

بالتوازي، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن جلسة الاستماع بشأن الطلب الثاني لرجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، المسجون منذ عام 2017، ستُعقد في 25 مارس المقبل.

وأحالت المحكمة طلب كافالا، المتعلق باحتجازه والسجن المؤبد المشدد، إلى الدائرة الكبرى في 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ودعت الدائرة الأطراف إلى تقديم آرائهم الخطية بحلول 26 يناير (كانون الثاني) المقبل.

متظاهر يرفع صورة للناشط عثمان كافالا خلال مسيرة في إسطنبول في الذكرى الثامنة لاعتقاله (أ.ف.ب)

ولكي تتمكن حكومة تركيا أو أي أطراف ثالثة من المشاركة في جلسة الاستماع، يجب عليها تقديم طلب للحصول على إذن بحلول 29 يناير. وفي حال الموافقة على هذا الإذن، يجب تقديم الآراء الخطية إلى المحكمة في موعد أقصاه 12 فبراير (شباط).

وتنظر الدائرة الكبرى في الطلبات التي تتضمن مسائل جوهرية تتعلق بتطبيق وتفسير الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

ويتعلق الطلب الثاني، المُقدم في 18 يناير 2024، باستمرار احتجاز عثمان كافالا رغم قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوقوع انتهاك لحقوقه، والمحاكمة التي أسفرت عن الحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد.

وذكرت المحكمة الأوروبية في قرارها الصادر في 10 ديسمبر 2019 أن اعتقال كافالا واحتجازه كانا يهدفان إلى إسكاته وتثبيط عزيمة المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان.

إجراءات ضد تركيا

دعت المفوضية الأوروبية الحكومة التركية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للإفراج الفوري عن كافالا، وباشرت في عام 2021 إجراءات قانونية ضد أنقرة لعدم تنفيذها قرار الإفراج عنه.

الشرطة التركية تفرق متظاهرين خلال احتجاجات «غيزي بارك» في عام 2013 بخراطيم المياه (أرشيفية)

واحتجز كافالا في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وتم توقيفه في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، بتهمة تنظيم أو تمويل احتجاجات حديقة «غيزي بارك» في إسطنبول عام 2013، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016.

ومنذ ذلك الحين، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكاماً تنص على أن احتجازه يُعد انتهاكاً لحقوقه، وأنه يجب الإفراج عنه فوراً. وفي أبريل (نيسان) 2022، حُكم على كافالا بالسجن المؤبد المشدد بتهمة «محاولة قلب نظام الحكم» في قضية «غيزي بارك»، وأيّدت محكمة النقض الحكم في سبتمبر (أيلول) 2023.