​«حرب الأعلام» الفلسطينية تحتدم في فرنسا وعشرات البلديات ترفض أوامر وزير الداخلية ​

انقسامات الداخل الفرنسي تتفاقم والحزب «الاشتراكي» يطالب ماكرون بالتدخل واليمين المتطرف يُندّد

رفع العلم الفلسطيني يوم الاثنين صباحاً على واجهة مبنى بلدية سان دوني الواقعة على مدخل باريس الشمالي (إ.ب.أ)
رفع العلم الفلسطيني يوم الاثنين صباحاً على واجهة مبنى بلدية سان دوني الواقعة على مدخل باريس الشمالي (إ.ب.أ)
TT

​«حرب الأعلام» الفلسطينية تحتدم في فرنسا وعشرات البلديات ترفض أوامر وزير الداخلية ​

رفع العلم الفلسطيني يوم الاثنين صباحاً على واجهة مبنى بلدية سان دوني الواقعة على مدخل باريس الشمالي (إ.ب.أ)
رفع العلم الفلسطيني يوم الاثنين صباحاً على واجهة مبنى بلدية سان دوني الواقعة على مدخل باريس الشمالي (إ.ب.أ)

أثارت مبادرة رفع العلم الفلسطيني على بلديات فرنسا جدلاً واسعاً في الأيام الأخيرة، فالمبادرة أطلقها أوليفييه فور، أمين عام الحزب «الاشتراكي» يوم 14 سبتمبر (أيلول)، حيث دعا إلى رفع العلم الفلسطيني على واجهات مباني البلديات في فرنسا، بالتزامن مع إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون الاعتراف بالدولة الفلسطينية من منبر الأمم المتحدة في نيويورك. ورداً على منتقديه، شدّد فور، بمناسبة رفع العلم الفلسطيني على واجهة بلدية مدينة سان دوني، الواقعة على مدخل باريس الشمالي، على أن هذه البادرة «ليس من شأنها التعبير عن الدعم لـ(حماس)»، مضيفاً أن «هذا العلم ليس علم (حماس)، بل هو علم نساء ورجال لهم الحق، هم أيضاً، في الحرية وتقرير المصير».

رفع العمل الفلسطيني على واجهة بلدية ليون الواقعة جنوب شرقي فرنسا وهي ثاني أكبر مدينة في البلاد (أ.ف.ب)

معارضة وزير الداخلية

لكن برونو روتايو، وزير الداخلية المستقيل، يرفض هذه المقاربة. فقد سارع إلى إرسال برقية إلى المحافظين كافة الذين يمثلون الدولة في مناطقهم، داعياً إياهم إلى التصدي إلى كل مبادرة من هذا النوع، بل واللجوء إلى القضاء الإداري بحجة الحفاظ على «حيادية» البلديات. وذكّر برونو روتايو، يوم السبت، خلال زيارة إلى منطقة نورماندي، بأنّ «واجهة البلدية ليست لوحة إعلانات، وأن العلم الوحيد الذي يحق له أن يُرفَع عليها هو العلم الثلاثي الألوان، رمز ألواننا وقيمنا، لأنه يمثل ما تبقى لنا من بيت مشترك»، مُجدّداً، إصراره على ضرورة التزام «الحياد الجمهوري»، ورافعاً سلاح التوجه إلى القضاء للطعن بقرارات البلديات «المتمردة».

وإزاء مواقف الوزير المعني، فقد طلب فور، الاثنين، من الرئيس ماكرون «التدخل» للسماح برفع العلم الفلسطيني. وجاء في رسالته: «لن يكون ذلك مجرد موقف قوي تجاه جميع من يؤمنون بحلّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بل سيكون أيضاً متّسقاً مع موقف فرنسا الذي ستُعلنه أمام المجتمع الدولي». وبرأيه، فإن الغرض من مبادرته هو «أن نقول للعالم إن فرنسا ليست فقط رئيس الجمهورية، بل إن فرنسا تقف خلف هذه الخطوة، وإننا نريد فعلاً التوصل إلى حل الدولتين» كذلك، عبّر كثير من رؤساء البلديات عن دهشتهم إزاء دعوى روتايو، من جهة، لأنها لا تتوافق مع المبادرة الفرنسية الخاصة بالاعتراف.

ومن جهة ثانية، لأن بلديات كثيرة بادرت سابقاً إلى رفع علم أوكرانيا، دون أن يثير ذلك أي اعتراض. أما كريستيان أستروزي، رئيس بلدية مدينة «نيس» المتوسطية، والمعروف بدعمه لإسرائيل، فلم يجد غضاضة بأن يترك علم إسرائيل يرفرف على واجهة بلديته. وأعلن رئيس منطقة بروفانس ألب كوت دازور (جنوب شرق) برونو موزولييه، الذي ينتمي إلى حزب «النهضة» وترأس سابقاً معهد العالم العربي، أنه سيرفع نحو 20 علماً فرنسياً رداً على ما وصفه بـ«حسابات سياسية». ومن جهته، فقد وجد نيكولا ماير - روسينيول، رئيس بلدية «روان» شمال غربي فرنسا، حلاً للمشكلة، إذ عمد إلى رفع العلمين الفلسطيني والإسرائيلي إلى جانب العلم الفرنسي. وفي مارسيليا، ثالث أكبر المدن الفرنسية، عمد منتخبو حزب «فرنسا الأبية» إلى إضاءة واجهة مبنى البلدية بألوان العلم الفلسطيني.

لم تمنع تحذيرات وزير الداخلية الذي يترأس حزبه اليميني التقليدي والطامح للترشح لرئاسة الجمهورية في عام 2027، كثيراً من البلديات من مخالفة تعليماته، وتحدي برقياته وتصريحاته، مثل ليون ثاني أكبر مدن فرنسا.

أوليفييه فور أمين عام الحزب «الاشتراكي» الفرنسي (الأول إلى اليسار) صاحب الدعوة لرفع العلم الفلسطيني على واجهة البلديات (إ.ب.أ)

وقالت وزارة الداخلية، ظهر الاثنين، إن ما لا يقل عن 52 بلدية عمدت إلى رفع العلم الفلسطيني، منها بلديات كبرى، مثل مدينة «رين» و«نانت»، وأخرى متوسطة أو صغيرة. وجزء كبير من هذه المدن يقع في المنطقة الباريسية، مثل سان دوني، ومالاكوف، وبانيو، وإيفري سور سين، وكوربي إيسون... وإضافة إلى ما ستقوم به البلدية الأخيرة، فإن رئيسها أعلن، الاثنين، أنه سيوزع ألف علم فلسطيني للتعبير عن تضامن مدينته مع الفلسطينيين، وتأييد الخطوة الرسمية الفرنسية.

وكتبت عمدة نانت، جوانا رولان المنتمية للحزب «الاشتراكي»، في تغريدة صباحية على منصة «إكس» قائلة: «سيعلن رئيس الجمهورية الليلة، في الأمم المتحدة، الاعتراف بدولة فلسطين. وتدعم نانت هذا القرار التاريخي للجمهورية الفرنسية برفع العلم الفلسطيني طوال هذا اليوم». ورغم أهمية هذه الخطوة رمزياً وسياسياً، فإنها تبقى هامشية قياساً لعدد البلديات الكبير «أقل بقليل من 35 ألف مدينة وقرية».

الرئيس إيمانويل ماكرون نجح في إطلاق دينامية سياسية للاعتراف بالدولة الفلسطينية (أ.ف.ب)

انقسامات داخلية

ثمة عنصر جامع بين هذه البلديات، وعنوانه أنها تدار غالبيتها الساحقة من قبل أحزاب يسارية أو بيئوية. وهذا الفرز يستنسخ مقاربة الأحزاب، بشكل عام، من مبادرة ماكرون بالاعتراف، التي أدت إلى شبه انقسام داخل المجتمع الفرنسي. وبشكل عام، فإن اليسار وأحزابه الثلاثة «الاشتراكي والشيوعي وفرنسا المتمردة»، بالإضافة إلى حزب «البيئيين»، وهم جميعهم معارضون لسياسة ماكرون الداخلية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنهم يعبرون عن دعمهم لخطوة الاعتراف التي يرى بعضهم أنها جاءت إما «متأخرة»، وإما «غير كافية». ومن جانبها، فإن أحزاب «الكتلة الوسطية» الداعمة لماكرون «النهضة والحركة الديمقراطية وهورايزون» لم تعبر عن دعم واضح وثابت، إذ ربطته ببعض الشروط، وتساءلت عن جدواه «في المرحلة الراهنة». وقالت رئيسة البرلمان، يائيل براون - بيفيه التي زارت إسرائيل بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول)، ودافعت عن حقها في الرد على «حماس»، «بلا قيود»، فقد دعت، في مقابلة، الاثنين، مع إذاعة «فرنسا إنفو» العمومية «الدول العربية التي أيدت إعلان نيويورك إلى الاعتراف رسمياً بدولة إسرائيل، وهو ما لم تفعله منذ عام 1948». كذلك رفضت براون - بيفيه استخدام مصطلح «الإبادة الجماعية»، بوصفها توصيفاً لما تقوم بها إسرائيل في غزة، بحجة أنه «ليس من شأننا أن نصف ما يحدث من الناحية القانونية»، وأن ذلك «من مهمة المحاكم». ويتماهى موقف اليمين التقليدي «للجمهوريين» إلى حد بعيد مع مواقف «الكتلة الوسطية»، ويتحدث عن مبادرة ماكرون بكثير من «الفتور».

وفي المقابل، فإن اليمين المتطرف، ممثلاً بحزب «التجمع الوطني» الذي تقوده المرشحة الرئاسية السابقة مارين لوبان، فقد تبنى السردية الإسرائيلية، لأسباب انتخابية واضحة، علماً بأنه كان الحزب المتهم بمعاداة السامية. وسبق لمؤسسه جان ماري لوبان، والد مارين لوبان، أن أدين عدة مرات لتصريحاته المعادية لليهود. وكتبت لوبان على منصة «إكس»: «من خلال هذا الاعتراف اليوم، دون أي شروط، فإن إيمانويل ماكرون يعترف بـ«حماس» وليس بـ«فلسطين»، مضيفة أنها «دولة إرهابية سيُكتب ميلادها بدماء ضحايا أكبر مذبحة جماعية منذ الحرب العالمية الثانية». أما ماريون مارشال، النائبة في البرلمان الأوروبي عن اليمين المتطرف وحفيدة لوبان، فقد رأت أن يوم الاثنين، هو «يوم حزين لفرنسا»، مضيفة أن «ماكرون لا يقدم على الاعتراف باسمي». لكنها ذهبت أبعد من ذلك من خلال اتهامه بأنه «لا يمتلك أي شجاعة، وأنه يريد إرضاء جزء من الناخبين الفرنسيين الذين يتعاطفون مع القضية الفلسطينية»، وبنظرها، فإن العلم «الفلسطيني هو علم الإسلاموية - اليسارية اليوم»، ما ينم عن جهل مطبق، إذ إنه تم اعتماده في عام 1964 من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، وأكد هذا الخيار في عام 1988، عند إعلان استقلال الدولة الفلسطينية في الجزائر. وفي عام 2015 سمحت الأمم المتحدة برفعه إلى جانب 193 علماً وطنياً بمقرها في نيويورك.

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أكد أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية انتصار دبلوماسي كبير لبلاده (أ.ف.ب)

إزاء هذه المغالطات، دخل وزير الخارجية جان نويل بارو الذي سافر مع الرئيس ماكرون إلى نيويورك على خط الجدال ليعيد التأكيد على أن «الاعتراف بفلسطين هو رفض قاطع لـ(حماس)»، ورد بارو على حجج رئيس الوزراء نتنياهو، الذي قال الأحد إن «إنشاء دولة فلسطينية سيعرض وجودنا للخطر، وسيشكل مكافأة سخيفة للإرهاب»، بتأكيده أن يوم الاثنين سيكون يوماً عظيماً للسلام، وانتصاراً دبلوماسياً كبيراً لفرنسا. وأوضح بارو، في حديث لقناة «تي إف 1»، أن الاعتراف سيكون «فورياً... لكن تنفيذه، وإقامة العلاقات الدبلوماسية، سيكون تدريجياً ومرهوناً بعوامل على الأرض، لا سيما إطلاق سراح الرهائن».

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسوا ميتران، الرئيس الاشتراكي، كان أول من دعا في فرنسا لقيام الدولة الفلسطينية في خطاب شهير له في الكنيست الإسرائيلي في الرابع من مارس (آذار) عام 1982. وقبل 11 عاماً صوتت الجمعية الوطنية الفرنسية لقرار يحث الحكومة على الاعتراف بالدولة الفلسطينية زمن رئاسة فرنسوا هولاند. وبذلك تكون الخطوة الفرنسية قد تأخرت 43 عاماً «فقط».


مقالات ذات صلة

إجماع دولي في جدة على دعم فلسطين... ورفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية

الخليج صورة جوية لقبة الصخرة والمسجد الأقصى في القدس (رويترز)

إجماع دولي في جدة على دعم فلسطين... ورفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية

أعلنت وفود دولية رفيعة المستوى من جدة، دعمها لفلسطين ورفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية، مؤكدة ضرورة «حل الدولتين»، وإنهاء الاحتلال، وحماية الحقوق الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي أعضاء مجلس الأمن يصوتون على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة لتفويض قوة دولية لحفظ الاستقرار في غزة (د.ب.أ)

خطة ترمب لغزة تنال مباركة أممية واسعة تدفع مسار الدولة الفلسطينية

وفّر مجلس الأمن غطاء دولياً واسعاً لخريطة الطريق الأميركية بشأن غزة، فيما يمثل اختراقاً مهماً يعطي بعداً قانونياً يتجاوز مجرد وقف النار وإطلاق الرهائن.

علي بردى (واشنطن)
العالم رجل يتحدث أثناء تجمع الناس دعماً للفلسطينيين بينما يرفرف العلم الفلسطيني في تورونتو بكندا 17 نوفمبر 2025 (رويترز)

للمرة الأولى... العلم الفلسطيني يرفرف على مبنى بلدية تورونتو الكندية

رُفع العلم الفلسطيني على مبنى بلدية تورونتو، الاثنين، للمرة الأولى منذ اعتراف الحكومة الفيدرالية بدولة فلسطين في سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (تورونتو)
تحليل إخباري جنود إسرائيليون أمام ناشطين إسرائيليين وفلسطينيين تجمعوا في بلدة بيت جالا بالضفة للاحتجاج على هجمات المستوطنين الجمعة (أ.ب) play-circle

تحليل إخباري إقناع الإسرائيليين بدولة فلسطينية ممكن... ولكن بشروط

اليمين الإسرائيلي يهبّ ضد قرار مجلس الأمن المستند إلى خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب؛ لأنه يتضمن مساراً لإحقاق حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي خيام يستخدمها النازحون الفلسطينيون في وسط قطاع غزة الذي يواجه أجواء ممطرة (رويترز) play-circle

مجلس الأمن يصوت على «قوة غزة» غدا... ومواجهة أميركية - روسية في الأفق

يصوت مجلس الأمن بعد ظهر الاثنين على مشروع قرار أميركي بدعم دولي وإسلامي وعربي لتبني خطة الرئيس دونالد ترمب في شأن غزة، فيما ظهر شبح استخدام روسيا «الفيتو».

علي بردى (واشنطن)

تركيا: القبض على عشرات من «داعش» خططوا لهجمات في رأس السنة

عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية أمن إسطنبول خلال مداهمة لمنزل يقيم به عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)
عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية أمن إسطنبول خلال مداهمة لمنزل يقيم به عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)
TT

تركيا: القبض على عشرات من «داعش» خططوا لهجمات في رأس السنة

عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية أمن إسطنبول خلال مداهمة لمنزل يقيم به عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)
عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية أمن إسطنبول خلال مداهمة لمنزل يقيم به عناصر من «داعش» (الداخلية التركية)

ألقت قوات مكافحة الإرهاب في إسطنبول القبض على 137 من عناصر تنظيم «داعش» كانوا يُخططون ‌لشن هجمات خلال ‌احتفالات ‌عيد ⁠الميلاد ​ورأس ‌السنة الجديدة في تركيا.

وقالت مصادر أمنية، الخميس، إنه جرى القبض على عناصر «داعش» بموجب مذكرة صادرة من مكتب المدعي العام لإسطنبول، بناءً على معلومات حصلت عليها مديرية الأمن تُفيد ⁠بأن أعضاء تنظيم «داعش» الإرهابي ‍خططوا ‍لشن هجمات لاستهداف غير المسلمين، على وجه الخصوص، خلال احتفالات عيد الميلاد ورأس ​السنة الجديدة.

وفي وقت سابق، ذكر مكتب المدعي العام في إسطنبول، عبر «إكس»، أن قوات الأمن داهمت 124 ⁠موقعاً في المدينة، وألقت القبض على 115 من أصل 137 مشتبهاً بهم، وأنه جرى ضبط عدد من الأسلحة والذخيرة والعديد من الوثائق التنظيمية.

وجاء في البيان أنه في إطار التحقيقات التي أجرتها مديرية مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية شرطة إسطنبول، بتوجيه من مكتب التحقيقات في جرائم الإرهاب التابع للنيابة العامة، وردت معلومات تُفيد بأن تنظيم «داعش» الإرهابي كان يُخطط لشن هجمات تستهدف بلدنا، خصوصاً غير المسلمين، خلال احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية المقبلة.

حملات مكثفة

وأضاف أنه تبين أن هؤلاء الأفراد كانوا على اتصال بمناطق النزاع (في سوريا والعراق) في إطار أنشطة التنظيم الإرهابي، وصدرت بحق بعضهم أوامر اعتقال على المستويين الوطني والدولي بتهم تتعلق بالإرهاب.

وتواصل أجهزة الأمن التركية حملاتها على التنظيم وخلاياه، بشكل منتظم، منذ الهجوم الإرهابي الذي نفذه الداعشي الأوزبكي، عبد القادر مشاريبوف، المُكنى «أبو محمد الخراساني»، في نادي «رينا» الليلي بمنطقة أورتاكوي في إسطنبول خلال احتفالات رأس السنة عام 2017، ما أسفر عن مقتل 39 شخصاً وإصابة 79 آخرين، غالبيتهم أجانب.

عناصر من قوات الدرك التركية تقتاد أعضاء في «داعش» للتحقيق معهم بعد القبض عليهم (الداخلية التركية)

ورحّلت السلطات التركية، أو منعت من الدخول، الآلاف من عناصر «داعش»، منذ ذلك الوقت، وتقوم بحملات مكثفة على عناصر التنظيم قبل احتفالات رأس السنة كل عام.

ونتيجةً لهذه الجهود والحملات المكثفة ضد التنظيم، الذي أدرجته تركيا على لائحة المنظمات الإرهابية لديها عام 2013، بعد أن أعلن مسؤوليته عن عمليات إرهابية نُفِّذت على أراضيها بين عامي 2015 و2017، وأسفرت عن مقتل أكثر من 300 شخص وإصابة العشرات، توقّف نشاط التنظيم منذ آخر عملياته في رأس السنة عام 2017.

عودة النشاط

وعاود «داعش» نشاطه الإرهابي، بعد 7 سنوات، بالهجوم على كنيسة «سانتا ماريا» في إسطنبول، مطلع فبراير (شباط) 2024، ما أسفر عن مقتل المواطن التركي تونجر جيهان (52 عاماً).

وعقب الهجوم، جرى القبض على 17 من عناصر «ولاية خراسان» بعد تحديد هويتهم بواسطة المخابرات التركية وشعبة مكافحة الإرهاب في مديرية أمن إسطنبول، وجرى التأكد من صلتهم بالهجوم المسلَّح على الكنيسة والتخطيط لإقامة كيان لتدريب ونشر مسلَّحي «داعش» في دول الشرق الأوسط.

مراسم تأبين مواطن تركي قتل في هجوم نفذه عناصر من تنظيم «ولاية خراسان» التابع لـ«داعش» على كنيسة في إسطنبول خلال فبراير 2024 (إعلام تركي)

وفي إطار ملاحقتها عناصر تنظيم «ولاية خراسان»، التابع لـ«داعش»، نجحت المخابرات التركية بالتنسيق مع نظيرتها الباكستانية، في القبض على التركي محمد غوران، الذي يحمل الاسم الحركي «يحيى»، يوم الاثنين الماضي على الحدود الأفغانية-الباكستانية.

وأفادت معلومات بأن غوران كان يُخطط لتنفيذ عملية انتحارية ضد مدنيين في كل من أفغانستان وباكستان وتركيا وأوروبا، بتكليف من «داعش»، وتبيّن أنه عمل سابقاً مع أوزغور ألطون المُكنى بـ«أبو ياسر التركي»، الذي كان يُعد أرفع مسؤول تركي في تنظيم «ولاية خراسان»، والذي لعب دوراً فعالاً في نقل عناصر من «داعش» من تركيا إلى منطقة الحدود الأفغانية-الباكستانية، وأُلقي القبض عليه في عملية مشتركة مع السلطات الباكستانية على الحدود مع أفغانستان حين كان يستعد لدخول باكستان، وجرى جلبه إلى تركيا مطلع يونيو (حزيران) الماضي.

تفكيك الشبكة المالية

وصعّدت أجهزة الأمن التركية، خلال الأشهر الأخيرة، من وتيرة عملياتها التي تستهدف كوادر التمويل والدعاية والترويج في «داعش»، ضمن حملاتها المستمرة ضد التنظيم، والتي أسفرت عن ضبط عدد من كوادره القيادية، ومسؤولي التسليح والتمويل والتجنيد.

أحد عناصر قوات مكافحة الإرهاب التركية يؤمن محيط عملية استهدفت «داعش» في إسطنبول (الداخلية التركية)

وألقت قوات الأمن التركية، خلال هذه العمليات، القبض على مئات من عناصر تنظيم «داعش» ممن نشطوا سابقاً في صفوفه بالعراق وسوريا، وقاموا بأنشطة للتمويل، داخل تركيا، في حملات شملت عدداً من الولايات في أنحاء البلاد.

وكانت آخر العمليات في هذا الإطار قد نفذت الأسبوع الماضي، وجرى خلالها القبض على 170 من عناصر التنظيم في عمليات متزامنة في 32 ولاية من ولايات تركيا الـ81.

وتبين أن هذه العناصر التي أُلقي القبض عليها سبق لها العمل ضمن تنظيم «داعش» الإرهابي، وتقديم الدعم المالي له، وبعضهم قام بتحويل أموال من سوريا إلى نساء من عائلات عناصر «داعش» قدمن إلى تركيا، ويقمن في إسطنبول حالياً.


كاتس: إسرائيل ستقيم شريطاً أمنياً في قطاع غزة لحماية مستوطناتها

جنود إسرائيليون في مستوطنة سنور الإسرائيلية التي تم إخلاؤها بالقرب من مدينة جنين في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون في مستوطنة سنور الإسرائيلية التي تم إخلاؤها بالقرب من مدينة جنين في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

كاتس: إسرائيل ستقيم شريطاً أمنياً في قطاع غزة لحماية مستوطناتها

جنود إسرائيليون في مستوطنة سنور الإسرائيلية التي تم إخلاؤها بالقرب من مدينة جنين في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون في مستوطنة سنور الإسرائيلية التي تم إخلاؤها بالقرب من مدينة جنين في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

قال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، اليوم (الخميس)، خلال حديثه عن حرب غزة: «لقد انتصرنا في غزة». وفيما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار مع حركة «حماس»، أشار كاتس إلى أن بلاده «لن تغادر غزة أبداً».

أفاد موقع «واي نت» الإسرائيلي، نقلاً عن كاتس قوله إن إسرائيل ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات.

وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي مجدداً أن «حماس» يجب أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها».

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، عن كاتس، تأكيده مجدداً في «المؤتمر الوطني للتربية» الذي نظمته منظمة «بني عكيفا التعليمية الدينية» و«مركز أولبانوت» وصحيفة «ماكور ريشون»، على أنه إذا لم تتخلَّ حماس عن سلاحها في إطار خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب: «فسنقوم نحن بذلك».

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أنه رغم أن الاتفاق ينص على انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، التي سيتم تسلم لاحقاً إلى الفلسطينيين، وأضاف وزير الدفاع الإسرائيلي: «سيكون هناك شريط أمني محيط بقطاع غزة لحماية المستوطنات».

تجدر الإشارة إلى أن الدول الغربية لا تزال تتحدث عما يعرف بحل الدولتين رغم أن البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) كان صوَّت رسمياً، في يونيو (حزيران) 2024 لصالح قرار يرفض إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن.

ووصف القرار إقامة دولة فلسطينية، في أعقاب أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول)، بأنها «مكافأة للإرهاب»، معتبراً أن «مثل هذه المكافأة لن تؤدي إلا إلى تشجيع حركة (حماس)، التي ستستخدم دولة فلسطين بعد ذلك لشن هجمات على إسرائيل».

كما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعدد من وزرائه من اليمين الديني المتطرف، صرحوا مراراً بأنه لن تكون هناك دولة فلسطينية.


السلطات الإسرائيلية توقف شخصاً بشبهة التجسس لصالح إيران

صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)
صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)
TT

السلطات الإسرائيلية توقف شخصاً بشبهة التجسس لصالح إيران

صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)
صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)

أعلنت السلطات الإسرائيلية، اليوم (الخميس)، توقيف مواطن إسرائيلي بشبهة ارتكاب مخالفات أمنية بتوجيه من عناصر استخبارات إيرانيين، وذلك بعد أيام من إعدام طهران مواطناً إيرانياً متهماً بالتجسس لصالح الدولة العبرية.

تعد الخطوة الأخيرة ضمن سلسلة قضايا وجّهت الدولة العبرية في إطارها اتهامات إلى مواطنين بالتجسس لصالح إيران منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وذكرت السلطات أن فاديم كوبريانوف، وهو في الأربعينات من عمره ومن سكان مدينة ريشون لتسيون، اعتُقل هذا الشهر في عملية مشتركة نفّذتها الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن العام (الشاباك).

وقال بيان مشترك للشرطة و«الشاباك»: «تبيّن أن المشتبه به التقط صوراً في محيط منزل رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف البيان: «في إطار تواصله مع مشغّلين إيرانيين، طُلب منه شراء كاميرا للسيارة (داش كام) من أجل تنفيذ المهمة».

وأوضح البيان أن كوبريانوف نقل صوراً التقطها في المدينة التي يقيم بها وتقع وسط البلاد إلى جانب مواقع أخرى، مقابل مبالغ مالية متفاوتة.

وفي مايو (أيار)، أعلنت إسرائيل اعتقال شاب إسرائيلي يبلغ من العمر (18 عاماً) بشبهة التجسس على بينيت. ولطالما تبادلت إيران وإسرائيل الاتهامات بالتجسس.

وأعلنت إيران الأسبوع الماضي إعدام مواطن إيراني أُدين بالتجسس لصالح إسرائيل.

وفي 13 يونيو (حزيران)، شنّت إسرائيل هجوماً غير مسبوق على إيران، استهدف مواقع عسكرية ونووية إضافةً إلى مناطق سكنية.

وأشعل الهجوم حرباً استمرت 12 يوماً، ردّت خلالها إيران بهجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ على إسرائيل، قبل أن تنضمّ الولايات المتحدة لاحقاً إلى إسرائيل في استهداف منشآت نووية إيرانية. ودخل وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل حيّز التنفيذ في 24 يونيو (حزيران).

وخلال الحرب، اعتقلت السلطات الإسرائيلية مواطنَين اثنين يُشتبه بعملهما لصالح أجهزة الاستخبارات الإيرانية. وتتهم إيران، التي لا تعترف بإسرائيل، الأخيرة منذ زمن طويل بتنفيذ عمليات تخريب ضد منشآتها النووية واغتيال علمائها.