لم يعد من المفاجئ أن تتحول مواجهات ميكيل أرتيتا مع معلمه السابق بيب غوارديولا إلى مباريات باهتة، مليئة بالحذر المفرط والحرص الدفاعي. الجمهور لم يعد ينتظر «كلاسيكو تكتيكياً» مليئاً بالإبداع، بل مباراة تُشبه حرب مواقع، تُقيّد المواهب وتُفرغها من المتعة.
وبحسب شبكة «The Athletic»، فإن التاريخ الحديث بين آرسنال ومانشستر سيتي شهد بالفعل مشاهد غريبة: مباراة لعب فيها الفريقان بثمانية مدافعين صرحاء في آنٍ واحد، وأخرى بالكاد حاول أي طرف فيها التسجيل قبل أن يحسمها غابرييل مارتينيلي بتسديدة ارتطمت بمدافع وغيرت اتجاهها. هذه المواجهة الأخيرة لم تكن استثناءً.
سيتي تقدّم مبكراً عبر إيرلينغ هالاند بهجمة مرتدة نموذجية، وبعدها تراجع لحماية الهدف. آرسنال، من جهته، دخل بثلاثي وسط مكوّن من ديكلان رايس وميكيل ميرينو ومارتن زوبيميندي. ورغم دفاع أرتيتا عن لاعبيه باعتبارهم قادرين على المساهمة هجومياً، فإن الحقيقة أن الثلاثي افتقد القدرة على الربط بين الوسط والهجوم أو صناعة التمريرات الحاسمة خلف الدفاع.
الأكثر إثارة للدهشة كان قرار غوارديولا بإجبار فيل فودين، المبدع هجومياً، على أدوار دفاعية بحتة لمراقبة ريكاردو كالافيوري، ما جعله عملياً مدافعاً خامساً. وعندما شعر أن فودين يقوم بدور لا يليق بقدراته، قرر استبدال مدافع حقيقي به، ناثان آكي، قبل أن يُخرج هالاند ويدفع بنيكو غونزاليس، ليصبح الفريق عبارة عن خمسة مدافعين وأربعة لاعبي وسط دفاعيين، مع جيريمي دوكو في دور المهاجم!
أرتيتا من جانبه اعترف ضمنياً أنه لم يبدأ بالتشكيلة المناسبة، فزجّ ببوكايو ساكا وإيبيريتشي إيزي بين الشوطين بدلاً من نوني مادويكي وميرينو. ومع دخول إيزي، تغيّر شكل آرسنال تماماً، إذ قدّم تمريرات عمودية ولمسات مبتكرة افتقدها الفريق في الشوط الأول، وكان وراء الهدف الجميل الذي سجله مارتينيلي.
الغريب أن المباراة التي افتقدت الإبداع شهدت هدفين رائعين: الأول بلمسة قناص من هالاند، والثاني بصناعة إيزي وحسم مارتينيلي. ومع ذلك، ظل الانطباع العام أنها مواجهة فقيرة هجومياً، تعكس فلسفة المدربين اللذين يردّ كل منهما على أي محاولة هجومية من الآخر بخطوة دفاعية أكثر تحفظاً.
بينما يصر أرتيتا وغوارديولا على الحذر، يقدّم أرني سلوت مع ليفربول صورة مناقضة تماماً: فريق يحرّر محمد صلاح هجومياً، ويوظّف لاعباً تقنياً مثل ريان غرافنبرخ في قلب الوسط، ويُعزّز تشكيلته بأظهرة هجوميين ولاعب وسط عبقري ومهاجمين سريعين. النتيجة: ليفربول يملك عدد انتصارات يوازي ما جمعه آرسنال وسيتي معاً، متفوقاً بالجرأة والطموح قبل الإمكانات.
