انتهت قمة الدوري الإنجليزي الممتاز بين آرسنال ومانشستر سيتي بالتعادل 1 - 1على ملعب الإمارات، لكن النقطة التي خرج بها كل فريق لم تكن هي العنوان الأبرز في الصحف البريطانية، بل ما كشفته المواجهة من رسائل تكتيكية، وردود فعل متباينة، وتساؤلات عن هوية كل فريق.
صحيفة «الغارديان» خصصت عدة مواد للحديث عن اللقاء، حيث وصفت النتيجة بأنها تجسيد لصدام فلسفتين، آرسنال الذي فرض استحواذاً طويلاً وضغطاً عالياً، وسيتي الذي اضطر إلى التراجع والدفاع بشكل غير معتاد على فريق بيب غوارديولا. وأشارت الصحيفة إلى أن نسبة استحواذ سيتي لم تتجاوز 33 في المائة، وهو رقم غير مسبوق في مسيرة المدرب الإسباني في الدوريات الكبرى، لتصف ما جرى بأنه «تراجع اضطراري» كشف عن مرونة من جهة، وهشاشة غير مألوفة من جهة أخرى.

وفي تقرير آخر، رصدت «الغارديان» تفاصيل المباراة لحظة بلحظة، مبرزة أن التبديلات التي أجراها ميكيل أرتيتا في الشوط الثاني كانت نقطة التحول، خصوصاً دخول إيبيريشي إيزي الذي مرر الكرة الحاسمة، ثم مارتينيلي الذي سجل هدف التعادل في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع. وكتبت الصحيفة أن «آرسنال امتلك كل شيء باستثناء اللمسة الأخيرة»، وأن المدرب الإسباني نفسه أقرّ بعد اللقاء بأن فريقه افتقد إلى «الخدمة المناسبة» للمهاجمين في الثلث الأخير. وفي مادة تحليلية ثالثة، ركزت الصحيفة على تصريحات غوارديولا الذي قال صراحة إنه «يعاني» حين يضطر فريقه إلى الدفاع، مؤكداً أن الأمر فرضته الظروف البدنية وضغط المباريات، وأن الأهم بالنسبة له كان استعادة الروح والقتالية بعد فترة من التراجع.

أما هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» فذهبت إلى أن آرسنال ضيّع فرصة ذهبية للاقتراب من ليفربول المتصدر، معتبرة أن السيطرة المطلقة لم تُترجم إلى فرص كافية، وأن الاكتفاء بالتعادل رغم التفوق في الأداء يطرح علامات استفهام حول قدرة الفريق على حسم المباريات الكبيرة. ورأت أن سيتي أظهر صلابة دفاعية، لكنها حذرت من أن مثل هذا الأداء «ليس ما اعتاده النادي وجماهيره» وأن غياب الشراسة الهجومية قد يصبح مؤشراً على أزمة أعمق. وفي «ديلي تلغراف» كان النقد أكثر وضوحاً، إذ وصفت أداء آرسنال بـ«السيطرة الناعمة» التي منحتهم الاستحواذ لكنها افتقدت إلى القسوة في الثلث الأخير، معتبرة أن أرتيتا بدأ المباراة بتشكيلة أقل جرأة مما يجب في مواجهة خصم بهذا الحجم. وفي المقابل، لم تُعفِ الصحيفة مانشستر سيتي من النقد، مؤكدة أن فريق غوارديولا بدا كأنه «تخلى عن هيبته» حين تراجع بشكل كامل وترك زمام المبادرة للخصم، ما اعتبرته تراجعاً ذهنياً قبل أن يكون خياراً تكتيكياً.

صحيفة «التايمز» اختارت التركيز على البعد النفسي، إذ اعتبرت أن هدف مارتينيلي في الوقت بدل الضائع قدّم دفعة معنوية كبيرة لآرسنال، وأثبت صحة إيمان المدرب بلاعبيه، لكنه في الوقت نفسه كشف عن خطورة الاعتماد على اللحظات الأخيرة لإنقاذ الموقف. وكتبت أن أرتيتا عزز سجله المميز أمام غوارديولا بعدما أصبح أول مدرب يخرج بخمس مباريات متتالية في الدوري دون خسارة أمامه، لكنها شددت على أن الأرقام وحدها لا تكفي إذا لم تتحول السيطرة إلى انتصارات حاسمة. وبالنسبة لسيتي، رأت «التايمز» أن المدرب الإسباني يواجه تحدياً جديداً يتمثل في التوفيق بين متطلبات الفوز وبين إرث أسلوبه الهجومي، إذ لا يمكن لجماهير الاتحاد أن تتقبل طويلاً صورة فريق يدافع أكثر مما يهاجم.
وتقاطعت التغطيات لتقدم صورة متكاملة، آرسنال يحصد إشادات على شخصيته الجديدة وروحه القتالية، لكنه يواجه انتقادات بسبب عجزه عن الحسم المبكر، ومانشستر سيتي يُشكر على صلابته لكنه يتعرض للتساؤل حول هويته الكروية. وبين هذا وذاك، بدا التعادل أكثر من مجرد نتيجة على جدول الترتيب، بل محطة كشفت عن حدود كل فريق في لحظة حساسة من الموسم، وأطلقت نقاشاً واسعاً في الإعلام البريطاني حول ما إذا كان هذا التعادل نقطة قوة، أم دليل ضعف، في مسيرة العملاقين.
