يبلغ التجديد في عالم المطاعم في لبنان ذروته في الفترة الأخيرة. ومؤخراً يطال أحد أهم الأطباق الفرنسية المشهورة في سلسلة مطاعم «لانتروكوت». ويعود تاريخ هذا الطبق إلى عام 1962. يومها استوحى الفرنسي هنري جينيست دي سور فكرته من مطعم لوالده (ريليه دي فينيزيا)، فافتتح مطعماً في مدينة تولوز يعد نسخة طبق الأصل عنه. وبعدها تطوّر هذا المطعم ليطال أكثر من مدينة فرنسية وبينها مونبولييه ونانت وليون وغيرها. وحرص على تقديم طبق واحد في المطعم. ويتألّف من قطعة لحم فوفيليه (170 غراماً) مقسّمة إلى أجزاء رفيعة. وتقدّم مع الصلصة والبطاطا المقلية، وأرفقه بطبق سلطة الخس بالجوز. وتميزت فكرة المطعم بعدم تأمين حجوزات مسبقة للزبائن.
مطعم «لانتروكوت» وصل لبنان فشكّل واحداً من فروعه المعروفة في الشرق الأوسًط. ولكن الفكرة تم تحديثها ليصبح هذا الطبق بمتناول الجميع من خلال وضعه في خبز الـ«باغيت» الفرنسي. وفي رحلة امتدت من باريس ودبي وصولاً إلى لبنان، حيث استقر «لا باغيت دي لانتروكوت» في الجميزة.

ويقول صاحبه في لبنان إيهاب ذبيان في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن مطعمه هو بمثابة «فرانشيز» أخذ حقوقها من المطعم الأم في فرنسا. ومنها ولّد محطة له في دولة الإمارات العربية دبي، ومن ثم نقله في نسخة جديدة إلى مدينة البترون. ومن هناك قرر أن يفتتح فرعا لها في شارع الجميزة. فهذا الشارع العريق المكتظ بغاليرهات ومقاهي ومطاعم مختلفة، يستقطب السياح الأجانب والعرب. وكذلك أهالي بيروت ومختلف المناطق اللبنانية لتنوعه الفني والثقافي.
ويتابع إيهاب: «المحاولة نجحت أيضاً في شهر أغسطس (آب) من العام الماضي عندما فتحنا نفس المطعم في بلدة فاريا. فتقديم هذا الطبق الشهير في قطعة خبز فرنسية أثار فضول كثيرين. وعندما تذوقوه أثنوا على حداثة الفكرة والتي تختصر الوقت وتحافظ على هوية الطبق في آن».

الـ«ساندويتش» بشكل عام ينتشر يوماً بعد يوم بشكل لافت في العالم. وكونه من الأكلات السريعة والأقل تكلفة على الجيب، باتت المطاعم التي تقدّمه تتفنن في تحضيره.
يجمع إيهاب في «باغيت دي لانتروكوت» جميع مكونات الطبق الأصيلة. ويوضح في سياق حديثه: «قطعة اللحم البقري (ستايك) إضافة إلى البطاطا المقلية يتم غمرها بالصلصة المشهور بها الطبق. ونضيف إليه قطع السلطة الخضراء. فيكون نسخة طبق الأصل من الطبق العالمي. والأهم هو أنه لا يفقد أي نكهة من نكهاته. والمختلف في مكوناته هو كمية اللحم والبطاطا المقلية المحشوة فيه. فتكون مناسبة لحجم خبز الباغيت الفرنسي. فيتذوق الزبون طعاماً لذيذاً وطازجاً في الوقت عينه».
ويؤكد إيهاب أن جميع المكونات التي يستخدمها تطابق الشروط الرئيسية لهذا الطبق. «استورد غالبية المكونات من الخارج، ولا سيما الصلصة السرية. فلا أحد حتى اليوم يعرف أن يفكك رموزها. وكذلك الأمر بالنسبة لقطعة اللحم، وحدها قطعة خبز الـ«باغيت» هي صناعة محلية. وتعود إلى واحد من أهم المخابز لها في لبنان «برونيل». فلقد آثرنا تزويد النكهة جميع العناصر الشهية المطلوبة».

وكي يسهّل الموضوع بشكل أكبر على زبائنه اعتمد إيهاب فكرة مستحدثة أيضاً، لتقديم الطبق بشكل جديد. «في إمكان من يحب هذا الطبق ولا يريد أن يتناوله مع الخبز، الحصول عليه في صندوق الكرتون (شايكر). فيتم وضع جميع مكونات الطبق فيه ويتم خلطها معاً. وبذلك يستطيع حملها معه إلى المنزل أو مكتب العمل. ويتاح له تناول الطبق بالشوكة فيكون من نوع الـ(لايت) المطلوب بكثرة في الفترة الأخيرة من قبل متبعي برنامج غذائي خفيف».
ولمحبي تناول الـ«باغيت دو لانتروكوت»، فإن المطعم ابتكر مساحة أمامه ليلبي رغبتهم، فيجلسون على طاولات تتوزع هنا وهناك كي يتلذذوا بطعمه براحة.
ومع كل هذه الخدمات تغيب واحدة وهي «الدليفيري». ويعلّق إيهاب لـ«الشرق الأوسط»: «لن أدخل هذه الخدمة إلى مطعمي لأنه من الضروري أن يتم تناول هذا الطعام طازجاً وساخناً فور تحضيره. فلا قطعة اللحم ولا البطاطس المقلية والسلطة تستطيع الانتظار حتى وصولها إلى العنوان المطلوب».

مكان المطعم هو شارع الجميزة. هندسته المعمارية تشبه «كُشكاً» من الخشب الأسود مطعّم بعبارات كتبت بالأحمر، ونوافذه صغيرة مطلة على شارع الجميزة تحيط بها يمينا ويساراً إضاءة مستوحاة من الريف الفرنسي. أما المطبخ فمفتوح على قاعة داخلية يمكن للزبون أن يجلس فيها لتناول طعامه. وبالرغم من مساحة ضيقة يتأّلف منها المطعم، فإنه يجذب انتباه المارة من بعيد. ويتابع إيهاب: «أردنا أن يتماشى مع فكرة الـ(ساندويتش) ككل، ولكنه لا يندرج على قائمة محلات الأكشاك بل مطعم عادي».
وعن طبيعة الزبائن الذين يرتادون المطعم، يرد إيهاب ذبيان: «يتألفون من شرائح اجتماعية وأعمار مختلفة. فالشباب تجذبهم الفكرة وكذلك أجيال أخرى تحب هذا الطبق». ويشير إلى أن متطلبات الزبون يمكن اختصارها بعنصرين أساسيين وهما: الجودة والخدمة.










