تُعدُّ بيريل كار، البالغة 103 أعوام، نموذجاً فريداً للالتزام والعطاء، إذ لا تزال تواصل تخصيص وقتها للعمل التطوعّي في مقهى مستشفى غرب لندن مجاناً، وهو ما جعلها تُصنَّف أكبر متطوّعة سناً في العالم.
ووفق موقع «ماي لندن»، تعمل بيريل في «مقهى الأصدقاء» بمستشفى إيلينغ يوماً واحداً أسبوعياً، إذ تتولّى مَهمّات الصرافة وتحبّ إعداد الشطائر بنفسها. وقد بدأت نشاطها التطوّعي عام 2003، حين كانت في الـ81 من عمرها، وكانت آنذاك نشيطة وحيوية، تُحضِّر الوجبات وتشغِّل ماكينة الدفع. وبعد أكثر من عقدَين من العطاء المستمر، أُدرج اسمها مؤخراً في موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية.
وُلدت بيريل في بلدة آكتون البريطانية عام 1922، ونشأت هناك مع شقيقيها وأختها في منطقة إيلينغ، قبل أن تنتقل لاحقاً مع زوجها إلى كامبريدج شاير. وبعد وفاة زوجها، عادت لتستقر مجدّداً في إيلينغ بالقرب من ابنتها فال، مما دفعها إلى الانخراط في العمل التطوّعي.
وفي حديث سابق لها، قالت بيريل: «انتقلتُ إلى إيلينغ ووجدتُ نفسي وحيدة، ولم أكن أعرف أحداً، فنصحتني ابنتي بتجربة التطوّع. ذهبتُ للمقابلة، وأخبرتهم أنني مستعدّة لفعل أي شيء يحتاجون إليه. ومنذ ذلك الوقت، وأنا مستمرّة في العمل هنا. أنصح الجميع بتجربة التطوّع».
وتحدّثت بيريل عن الأجواء الاجتماعية في المقهى، قائلة: «إنه مكان جميل». وخلال مدّة عملها، كانت تتولّى مَهمّات الصرافة أحياناً، وتساعد في تحضير الشطائر وأداء المَهمّات المختلفة اللازمة. وأضافت: «حضّرتُ عدداً من الشطائر على مرّ السنوات، لكنني حقاً أستمتع بالجانب الاجتماعي للعمل. لا أستطيع تخيُّل شيء أسوأ من الجلوس أمام التلفزيون طوال اليوم».
وأشارت بيريل إلى فوائد التطوّع: «الشيء الرائع في التطوّع هو أنك تساعد الآخرين، ولكن بطريقة ما أنت تساعد نفسك أيضاً. لقد أعطاني حياة جديدة، وأشجِّع الجميع على القيام به بغضّ النظر عن العمر».
بدورها، قالت مديرة مقهى «الأصدقاء»، آن كوزينز: «بيريل رمز في المستشفى. الجميع يعرفها ويحبّ التحدّث معها».
وعن سرّ عمرها الطويل، ردَّت بيريل بابتسامة: «أقوم بكل شيء باعتدال، ولكنني محظوظة أيضاً». وحتى الآن، لا تخطط للتوقف عن عملها التطوّعي، مؤكدة: «السرّ هو الاستمرار في الحركة؛ لأنّ الجلوس طويلاً يجعل الإنسان يتوقّف تماماً. جميع أطرافي لا تزال تتحرّك جيداً».

بيريل التي وُلدت عام 1922 في عهد الملك جورج الخامس، عاشت أحداثاً تاريخية مهمّة مثل نضال مهاتما غاندي ضدّ الحكم البريطاني في الهند، واكتشاف عالم الآثار هوارد كارتر قبر الملك توت عنخ آمون. كما عاصرت الحرب العالمية الثانية، إذ تعرّض منزلها للقصف خلال الغارات الجوّية، وأسهمت في المجهود الحربي بخياطة بالونات الحماية وعملت مراقبةً للحرائق. وعام 1942، التقت زوجها بيل في إحدى الحفلات الراقصة، وبقيا معاً زوجَيْن سعيدَيْن لمدة 60 عاماً حتى وفاته.
وعن ذكرياتها في الحرب، قالت: «قضينا كثيراً من الوقت في ملجأ القنابل بحديقة منزلنا، وفي الليلة التي قرّرنا النوم فيها هناك، وقعت غارة جوّية وأُصيب المنزل. وجدتُ نفسي تحت خزانة مغطاة بالجصّ».
ولأنها عايشت الحرب بنفسها، تجد صعوبةً في رؤية مَشاهد الحروب هذه الأيام: «من المؤلم رؤية كلّ هذه الأخبار عن الحروب عبر التلفزيون اليوم. عندما أراها، أعود بذاكرتي إلى ما مررتُ به في لندن خلال الغارات. كانت أوقاتاً صعبة، والناس ينسون أنّ نظام التقنين استمرّ مدّة طويلة بعد الحرب».


