قد يبدو الأمر ساخراً أن بعض جماهير إيفرتون حسبت عدد الكعكات الزرقاء التي يجب بيعها لتمويل شراء عقد جاك غريليش بشكل دائم من مانشستر سيتي – أكثر من 769 ألف قطعة بسعر 6.5 جنيه إسترليني للواحدة! – لكن خلف الدعابة تختبئ حقيقة أوضح: النجم الإنجليزي أعاد الأمل إلى النادي وجماهيره بعد سنوات من المعاناة.
وبحسب شبكة «The Athletic»، فقد انتقل غريليش (30 عاماً) إلى إيفرتون هذا الصيف على سبيل الإعارة، مع خيار شراء يبلغ نحو 50 مليون جنيه إسترليني. وهو رقم يثير التساؤلات بالنظر إلى عمر اللاعب واقتراب عقده مع السيتي من نهايته. لكن بداية غريليش مع «التوفيز» كانت مذهلة: 4 تمريرات حاسمة جعلته يتصدر الدوري الإنجليزي في أغسطس (آب)، ترشيح لجائزة لاعب الشهر في «البريميرليغ».
تأثير فوري على معنويات الجماهير واللاعبين على حد سواء.
منذ ظهوره الأول، خطف غريليش قلوب جماهير إيفرتون. مشهد الجماهير التي غمرت النجم الإنجليزي في مدرجات «مولينيو» بعد الفوز 3 - 2 على ولفرهامبتون أعاد ذكريات نجوم مثل دنكان فيرغسون وواين روني في بداياته.
حتى على الصعيد التجاري، كان حضوره مغيّراً: قميص «غريليش 18» أصبح الأكثر مبيعاً في المتاجر، والشركاء التجاريون الجدد للنادي، من «بيبسي» إلى «كاستور»، وجدوا في اسمه واجهة مثالية للترويج.
غريليش نفسه اعترف بأنه بدأ يفقد شغفه باللعبة خلال آخر أيامه مع السيتي، لكن محادثات صريحة مع المدرب ديفيد مويس أقنعته بالقدوم إلى إيفرتون بحثاً عن بداية جديدة. منذ ذلك الحين، أظهر التزاماً لافتاً: أول مَن يحضر وآخر من يغادر التدريبات، والتزام بالجلسات العلاجية، وأحواض الثلج، والتأهيل المستمر، ولعب ثلاث مباريات في أسبوع واحد وأثبت جاهزيته البدنية. زملاؤه لاحظوا التغيير: كيرنان ديوسبري - هول وصفه بأنه «من أوائل الحاضرين وآخر المغادرين»، بينما أشاد كارلوس ألكاراز بروحه القتالية في التدريبات.
غريليش لم يكتفِ باستعادة بريقه، بل صنع شراكات واعدة: أسهم في هدف إليمان نداي الأول في الملعب الجديد للنادي أمام برايتون، ولبّى طلب زميله بيتو بهدف سريع أمام ولفرهامبتون، وأعاد الانسجام مع الحارس جوردان بيكفورد وزاد أجواء المرح داخل غرفة الملابس. لكن قيمته الحقيقية ظهرت في أسلوب لعبه: ليس الجناح الطائر الذي يتخطى المدافعين بسرعة، بل اللاعب الذي يحافظ على الكرة، ويجذب الخصوم، ويفتح المساحات لزملائه. بهذا، يمنح الدفاع وقتاً لإعادة التمركز ويقلل من خطورة الهجمات المرتدة.
حلم واقعي أم وهم قصير الأمد؟
صحيح أن عينة الأداء صغيرة – 4 مباريات فقط – لكن الأثر النفسي والفني لغريليش واضح. في نادٍ افتقد الأسماء اللامعة لسنوات، يرمز وجوده إلى الطموح، ويمنح الجماهير شعوراً طال انتظاره بأن إيفرتون قادر على المنافسة مجدداً.
ومع ذلك، يبقى التحدي الحقيقي في الحفاظ على هذا الزخم طوال الموسم. فكما يذكّر مويس لاعبيه، لا مجال للاندفاع خلف النشوة: 92 في المائة من الدوري ما زال أمامهم.
في النهاية، قد لا تبيع جماهير إيفرتون 769 ألف كعكة زرقاء لشراء عقد غريليش، لكن الأهم أنها استعادت الحلم. ووجود جاك غريليش على أرض الملعب يكفي لإقناعها بأن الحلم قد يصبح حقيقة.
