«ماشطات» نموذج يُحتذى في صناعة السينما العربية ويبرز دور المرأة في المجتمع

تانيا الخوري لـ«الشرق الأوسط»: الفيلم تحية متبادلة بين لبنان وتونس

مشهد من فيلم «ماشطات» التونسي (تانيا الخوري)
مشهد من فيلم «ماشطات» التونسي (تانيا الخوري)
TT

«ماشطات» نموذج يُحتذى في صناعة السينما العربية ويبرز دور المرأة في المجتمع

مشهد من فيلم «ماشطات» التونسي (تانيا الخوري)
مشهد من فيلم «ماشطات» التونسي (تانيا الخوري)

كنسمة من تونس الخضراء، يترك فيلم «ماشطات» للتونسية سونيا بن سلامة أثره في النفس. قصته وتصويره وأبطاله يشكلون نموذجاً للسينما العربية الأصيلة. بعيداً عن فذلكات هوليوود وبرودة السينما الأوروبية، ينجح «ماشطات» في حجز مكانة مميزة بين أفلام الواقع، وقد حصد جائزة أفضل فيلم عربي في مسابقة الأفلام الوثائقية بمهرجان «الجونة»، تقديراً للغة الإبداعية التي يقدّمها.

المنتجة اللبنانية تانيا الخوري كان لها دور أساسي في صناعة هذا الفيلم، إذ مدّت يد العون للمخرجة بن سلامة وتولت تمويل القسم الأكبر من إنتاجه.

وبعدما كان مشروعاً صغيراً، كانت المخرجة التونسية تفكر في تنفيذه شريطاً تلفزيونياً، جاءت تانيا الخوري وحوّلته إلى شريط وثائقي متكامل من حيث النص والصورة والإنتاج. وتوضح تانيا في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «عندما قرأت القصة تحمست كثيراً للمشروع، ووجدت فيه نموذجاً يُحتذى في صناعة السينما العربية. لكوني لبنانية، تلقفت بسرعة الرسالة التي يحملها، وأبرزت دور المرأة في مجتمعنا العربي، وكذلك المسؤولية التي تتحملها رغم المصاعب الكثيرة».

يشارك فيلم «ماشطات» في مهرجان «شاشات الواقع»، ومن ثم تعرضه شركة «إم سي» للتوزيع السينمائي تجارياً في سينما «متروبوليس».

أعجبت بقصة الفيلم فشاركت في إنتاجه (تانيا الخوري)

يحكي الفيلم قصة فاطمة وابنتيها نجاح ووفاء، وهما موسيقيتان تحييان حفلات الزفاف في مدينة المهدية التونسية. تتبع الشقيقتان دروباً متعاكسة؛ فالابنة المطلقة نجاح تحاول إيجاد عريس جديد هرباً من سطوة إخوتها، في حين تبحث وفاء عن وسيلة للانفصال عن زوجها العنيف. تقف الأم فاطمة في الوسط باحثة عن حلول دون جدوى، وتكافح مع أفراد مجموعتها الزمن لضمان قوت يومهن عبر العمل الموسيقي.

أما فكرة الفيلم فقد استقتها المخرجة من حفل زفاف قريبة لها كانت تصورها، فلفتها عمل «الماشطات»، ورغبت في إيصال صوتهن وموسيقاهن إلى العالم.

تحضر تانيا الخوري العرض الأول للفيلم في بيروت، تحل مكان مخرجته التي ستغيب لأسباب اضطرارية. وتعلق: «أراها مسؤولية كبيرة تقع على عاتقي، لا سيما أن (ماشطات) هو العمل الثاني الذي أنتجته بعد (النهر) لغسان سلهب، وأتمنى أن أُنجز واجبي على أفضل مستوى. الفيلم يحمل قضية آمنت بها، ولذلك أعدّه من أعمالي الإنتاجية العزيزة على قلبي».

توضح تانيا بدايات التعاون مع المخرجة تقول: «التقيت بالمخرجة سونيا بن سلامة صدفة في مدينة تولوز الفرنسية، وأخبرتني عن مشروعها والمصاعب التي تواجهها. وبعد قراءة قصة الفيلم والتعرف إلى أسلوب سونيا في العمل عن قرب، قررت مساعدتها، ولأنني لبنانية تلقفت بسرعة موضوع الفيلم وأهميته، وهو ما لم تجده سونيا عند المنتجة الفرنسية المهتمة بالفيلم. ومن ثمّ حظيت بالمساحة الكبرى من إنتاجه، وصورناه في تونس، أما عملية الصوت والميكس فتمّت في بيروت، فكانت خلطة لبنانية - تونسية رائعة».

هذا التعاون بين سونيا وتانيا سيؤدي إلى إنتاج عمل آخر يُحضّر حالياً، وستشارك فيه إحدى بطلات «ماشطات»، التي تجسد دور الابنة نجاح.

مخرجة «ماشطات» التونسية سونيا بن سلامة (تانيا الخوري)

إيمان تانيا بقصة الفيلم دفعها لتشجيع المخرجة على تنفيذه، خصوصاً أنه أول فيلم وثائقي لسونيا بعد إخراجها فيلماً روائياً. تقول تانيا: «لقد وسّعنا الحكاية وصنعناها بأسلوب تصويري سينمائي، وعندما نفد المال وضعت أجري الشخصي في تصرفها، فكنت الخيط الذي جمع بين سونيا والمنتجة الفرنسية والفيلم».

يكشف «ماشطات» عن تفاصيل الحياة التونسية وعاداتها في حفلات الزفاف، ويُبرز سطوة المجتمع الذكوري وتحكمه بأفراد العائلة، تتبع سونيا بن سلامة السردية الواقعية والعفوية، ليشعر المشاهد وكأنه أحد أبطال الفيلم. وبين مشاهد مؤثرة وأخرى فكاهية، يعكس الفيلم مناظر وأزياء وعادات تونس، ليقدم للمشاهد تجربة سينمائية فريدة تستحق الوقوف عندها.

وتعلق تانيا: «ينقل الفيلم ثقافتنا العربية ويعرّفنا عليها من كثب من أبواب عدّة. وهو ما نحتاج إليه اليوم لتكوين صلة وطيدة بين شعوبنا العربية، بعد أن ألفنا مشاهدة أفلام غربية تنقل لنا عادات الأجانب. من الضروري أن ننتقل إلى ضفة سينمائية جديدة تعرفنا على أوطاننا وثقافاتها».

منذ تأسيس شركتها الإنتاجية، ركزت تانيا على السينما العربية لتعزيز التواصل بين العرب، وهي اليوم تنتج أعمالاً تدور في فلسطين وسوريا ولبنان، مع خطط مستقبلية للتوسع في دول عربية أخرى.


مقالات ذات صلة

وفاة الأسطورة الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاماً

يوميات الشرق النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)

وفاة الأسطورة الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاماً

أعلنت مؤسسة بريجيت باردو، اليوم (الأحد)، عن وفاة أسطورة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن عمر ناهز 91 عامًا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق المخرج المصري داوود عبد السيد (وزارة الثقافة)

داوود عبد السيد... «فيلسوف السينما» صاحب «العلامات» الفريدة

منذ حضوره الأول اللافت بفيلم «الصعاليك» عام 1985، أعلن المخرج المصري داوود عبد السيد، الذي غيّبه الموت اليوم (السبت)، عن مدرسة إخراجية جديدة.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق محمد نزار (مهرجان البحر الأحمر)

محمد نزار: «غرق» يطرح أسئلةً صعبةً عن الحب والإنكار العائلي

في فيلم «غرق»، يقدّم الممثل الأردني محمد نزار أداءً مركباً في أولى تجاربه بالبطولة المطلقة، مجسداً شخصية «باسل»، المراهق العبقري المنعزل اجتماعياً.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة من فيلم «هي» (المركز القومي للسينما)

«هي»... وثائقي مصري يستدعي سيرة «امرأة ملهمة»

لم يكن العرض الخاص للفيلم الوثائقي «هي» مثل كل العروض السينمائية المعتادة، إذ بدا عرضاً استثنائياً لحضور بطلته الحقيقية.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق من «هجرة» لشهد أمين (بيت أمين برودكشنز)

حصاد أفلام عام 2025

السينما في 2025 كانت أكثر جرأة من الأعوام الأخيرة الماضية وعلى أكثر من وجه.

محمد رُضا (بالم سبرينغز (كاليفورنيا))

وفاة الأسطورة الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاماً

النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)
النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)
TT

وفاة الأسطورة الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاماً

النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)
النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)

أعلنت مؤسسة بريجيت باردو، اليوم (الأحد)، عن وفاة أسطورة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن عمر ناهز 91 عاماً، فيما نعاها الرئيس إيمانويل ماكرون معتبرا أنها "أسطورة" كانت "تجسّد حياة الحرية".

بريجيت باردو في قصر الإليزيه عام 2007 (أ.ف.ب)

وجاء في بيان أرسلته المؤسسة إلى وكالة الصحافة الفرنسية: «تعلن مؤسسة بريجيت باردو ببالغ الحزن والأسى وفاة مؤسستها ورئيستها، السيدة بريجيت باردو، الممثلة والمغنية العالمية الشهيرة، التي اختارت التخلي عن مسيرتها الفنية المرموقة لتكريس حياتها وجهودها لرعاية الحيوان ودعم مؤسستها».

ولم يحدد البيان وقت أو مكان الوفاة.

بريجيت باردو تقف في 11 مايو 1993 في باريس بجوار تمثالين نصفيين لماريان، رمز الجمهورية الفرنسية، والتي كانت باردو عارضةً لهما (أ.ف.ب)

وسطع نجم باردو عالميًا بعد ظهورها في فيلم «...وخلق الله المرأة» عام 1956، وشاركت في نحو 50 فيلماً آخر قبل أن تعتزل التمثيل لتتفرغ للدفاع عن حقوق الحيوان.

حضرت الممثلة الفرنسية والناشطة في مجال حقوق الحيوان، بريجيت باردو، نقاشًا ضد صيد الفقمة في المجلس الأوروبي بمدينة ستراسبورغ، شرق فرنسا، في 23 يناير 1978 (أ.ف.ب)

وقررت باردو أن تعتزل التمثيل في أوائل السبعينات بعد مسيرة حافلة بالنجاحات شاركت خلالها في نحو خمسين فيلما.

واستقرت باردو نهائيا بالقرب من مدينة سان تروبيه الساحلية على الريفييرا الفرنسية، حيث كرست نفسها للدفاع عن حقوق الحيوانات.

الممثلة الفرنسية والناشطة في مجال حقوق الحيوان، بريجيت باردو، تلهو مع كلب لدى وصولها إلى ملاجئ الكلاب في كابري (جنوب فرنسا) في 17 يناير 1989 (أ.ف.ب)

ونعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باردو، معتبرا أنها «أسطورة» كانت «تجسّد حياة الحرية». وكتب ماكرون على منصة إكس «أفلامها، صوتها، شهرتها الباهرة، أحرف اسمها الأولى، أحزانها، شغفها السخي بالدفاع عن الحيوانات، ووجهها الذي أصبح ماريان (شعار الجمهورية الفرنسية)، بريجيت باردو جسّدت حياة الحرية. وجود فرنسي وحضور عالمي. لقد لامستنا. نحن ننعى أسطورة من هذا القرن».

ونادرا ما شوهدت باردو في الأماكن العامة خلال الأشهر الأخيرة، لكنها نُقلت إلى المستشفى في أكتوبر (تشرين الأول)، وفي الشهر التالي أصدرت بيانا تنفي فيه شائعات وفاتها.


حكم قضائي يعاقب مها الصغير بالحبس لـ«انتهاك حقوق الملكية الفكرية»

الإعلامية مها الصغير (حسابها على موقع فيسبوك)
الإعلامية مها الصغير (حسابها على موقع فيسبوك)
TT

حكم قضائي يعاقب مها الصغير بالحبس لـ«انتهاك حقوق الملكية الفكرية»

الإعلامية مها الصغير (حسابها على موقع فيسبوك)
الإعلامية مها الصغير (حسابها على موقع فيسبوك)

أصدرت محكمة القاهرة الاقتصادية، السبت، حكمها على الإعلامية المصرية مها الصغير بالحبس لمدة شهر وغرامة مالية قدرها 10 آلاف جنيه (الدولار يساوي نحو 47 جنيهاً مصرياً)، بعد اتهامها بانتهاك حقوق الملكية الفكرية في قضية «اللوحات» الفنية الشهيرة، التي ثبت ملكيتها لعدد من الفنانين العالميين، وأثيرت في مصر قبل عدة أشهر، الأمر الذي أثار انتقادات واسعة حينها.

وأثيرت الواقعة بعدما ظهرت المذيعة مها الصغير في برنامج «معكم منى الشاذلي»؛ إذ أفادت بأنها رسمت اللوحات التي عرضت خلال الحلقة، بينما تبين لاحقاً أنها ليست ملكها، وهو ما اعترفت به على حسابها على «فيسبوك»، مؤكدة أن اللوحات تعود ملكيتها لفنانة دنماركية.

وحذف برنامج «معكم منى الشاذلي»، حديث الصغير من حساباته الرسمية على «السوشيال ميديا»، بينما استدعى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مسؤولي القناة لمعرفة تفاصيل الواقعة.

وبدورها، نشرت الفنانة التشكيلية الدنماركية ليزا اللوحة على حسابها على موقع «إنستغرام»، وأوضحت تفاصيل ادعاء مها الصغير بملكية اللوحة، بينما علقت الإعلامية منى الشاذلي على الحلقة، وأكدت تواصل فريق عمل برنامجها مع الرسامين أصحاب اللوحات، وتوجيه الدعوة لهم ليكونوا ضيوفاً على إحدى الحلقات، في خطوة اعتبرها البعض تداركاً للخطأ الذي وقعوا فيه لعدم تحري الدقة.

وكان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، قد تلقى شكاوى من مؤسسات فنية أوروبية خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، أفادت باستخدام مها الصغير أعمالاً تخص عدداً من الفنانين دون الحصول على إذن منهم، حيث عرض البرنامج لوحات محمية بحقوق «الملكية الفكرية»، دون الرجوع إلى أصحابها أو الجهات المالكة لها، وهو ما اعتبرته النيابة تعدياً.

وأصدر المجلس حينها قراراً بمنع مها الصغير من الظهور إعلامياً لمدة 6 أشهر، لمخالفة المعايير والأكواد الصادرة عنه، إلى جانب إحالة الشكاوى إلى النيابة العامة للتحقيق، والتي قررت إحالة الصغير إلى المحاكمة، كما قام المجلس بلفت نظر فريق عمل برنامج «معكم منى الشاذلي»؛ لعدم تحرِي الدقة.

من جانبه، أكد المحامي المصري، صبرة القاسمي، أن الحكم يمكن الاستئناف عليه وتخفيفه، موضحاً أن «هناك 3 سيناريوهات متوقعة أمام محكمة الجنح المستأنفة، إما الاستئناف ووقف التنفيذ، وإما تخفيف الحكم، وإما إلغاؤه، و​قد تقرر المحكمة الاكتفاء بالعقوبة المالية (الغرامة) وإلغاء عقوبة الحبس تماماً، خصوصاً إذا قدم الدفاع ما يثبت عدم القصد الجنائي، أو إذا تم الصلح أو التسوية مع أصحاب الحقوق الأصليين، على الرغم من أن الحق الأدبي يظل قائماً»، وفق قوله.

​وأشار القاسمي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «في حالات الملكية الفكرية، غالباً ما تميل المحاكم للتخفيف إذا ثبت أن الغرض لم يكن بهدف التربح التجاري».

الإعلامية مها الصغير هي ابنة مصفف الشعر محمد الصغير، وعملت بالتقديم التلفزيوني منذ سنوات عبر برنامج «الستات ميعرفوش يكذبوا»، وقبل ذلك عملت في برنامج «It’s Show time»، وكان من المفترض أن تقدم أحد البرامج الحوارية أخيراً، لكن القناة التي أعلنت عنه أوقفته عقب إثارة أزمة اللوحات.


مصر: انتقادات تدفع مسؤولين للتراجع عن منع جلوس السيدات بجوار سائقي «الميكروباص»

قرار منع السيدات من الجلوس بجوار السائقين تم إلغاؤه (صفحة إدارة المواقف العامة بمحافظة البحيرة)
قرار منع السيدات من الجلوس بجوار السائقين تم إلغاؤه (صفحة إدارة المواقف العامة بمحافظة البحيرة)
TT

مصر: انتقادات تدفع مسؤولين للتراجع عن منع جلوس السيدات بجوار سائقي «الميكروباص»

قرار منع السيدات من الجلوس بجوار السائقين تم إلغاؤه (صفحة إدارة المواقف العامة بمحافظة البحيرة)
قرار منع السيدات من الجلوس بجوار السائقين تم إلغاؤه (صفحة إدارة المواقف العامة بمحافظة البحيرة)

تسبب القرار الذي صدر بمنع السيدات من الجلوس بجوار سائقي الأجرة بمحافظة البحيرة (شمال مصر) في انتقادات، ما استدعى محافظة البحيرة للتدخل وإلغاء القرار والتأكيد على احترام وتقدير المرأة وتعظيم دورها في المجتمع.

وكان القرار الذي نشرته صفحة بعنوان «مشروع مجمع مواقف البحيرة» بتخصيص الكرسي المجاور للسائق للرجال قد أثار جدلاً وانتقادات وشكاوى، وصلت إلى ديوان محافظة البحيرة، وأصدرت المحافظة بياناً، السبت، يلغي هذا القرار، مؤكدة أنها تكنّ كل التقدير والاحترام لجميع المواطنين على حد سواء، «خصوصاً المرأة البحراوية التي نسعى للحفاظ على كل حقوقها وتعزيز تلك الحقوق، وتعظيم دورها في المجتمع»، وفق ما ورد بالبيان.

مع التأكيد أنه تم إلغاء ما صدر في هذا الشأن، وأن الهدف الأساسي الذي نسعى إليه هو تحقيق بيئة آمنة ومناسبة للجميع مع التركيز والتأكيد على حقوق كل أفراد المجتمع، وتحقيق الصالح العام. وأشار البيان إلى أن «ما تم تداوله على صفحة مشروع مجمع المواقف عقب ورود عدد من الشكاوى، لا يعكس السمة الأساسية للغالبية العظمي من سائقي البحيرة من الشهامة والكفاءة».

وحقوقياً، أبدت مبادرة المحاميات المصريات لحقوق المرأة، وهي مؤسسة نسوية معنية بالدفاع عن حقوق النساء والفتيات وتعزيز مبادئ المساواة وعدم التمييز، عن بالغ قلقها إزاء ما تم تداوله بشأن صدور توجيهات إدارية بمنع السيدات والفتيات من الجلوس بجوار سائقي الميكروباصات ووسائل النقل الجماعي بمحافظة البحيرة، حتى وإن جرى التراجع عنها لاحقاً.

وتؤكد المؤسسة، في بيان، السبت، أن «مثل هذه القرارات، سواء طُبّقت أو لم تُطبّق، تمثل انتهاكاً صريحاً لأحكام الدستور المصري، وتعكس منطقاً تمييزياً خطيراً في إدارة المرافق والخدمات العامة».

وعدّت رئيسة مؤسسة «مبادرة المحاميات المصريات لحقوق المرأة»، هبة عادل، «التذرع بمفهوم الآداب العامة لتبرير مثل هذه القرارات يمثل توسعاً خطيراً في تقييد الحقوق»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن التراجع السريع عن القرار يُعد خطوة صحيحة، فإنه يكشف عن خلل في آليات اتخاذ القرار وغياب المراجعة الدستورية المسبقة، وهو ما يستدعي إصلاحاً مؤسسياً وتشريعياً حقيقياً».

وأكدت ضرورة «إقرار القانون الموحد لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، بوصفه الإطار التشريعي القادر على منع مثل هذه الانتهاكات»، على حد تعبيرها.

وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي تعليقات متنوعة على هذا القرار، رغم التراجع عنه، وهو ما عدّه المتخصص في علم النفس الدكتور جمال فرويز، قراراً تم اتخاذه نتيجة موقف فردي من سائق تجاه سيدة بجواره، ومثل العادة تم التعميم، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تم التراجع عن القرار مثل الكثير من القرارات الانفعالية التي تصدر من دون دراسة علمية».

وتوالت التعليقات التي أخذت القرار على محمل قد يتسبب في «وصم غير مفهوم لسيدات وسائقين»، وفق الخبير السوشيالي، معتز نادي، الذي رصد انتشار هذا القرار بشكل واسع، وأرجع ذلك لـ«كونه تصرفاً مثيراً للجدل ويفتح باباً للسخرية والتندر، ويثير علامة تعجب حول اتخاذه والتراجع عنه بسرعة»، وفق تصريحاته لـ«الشرق الأوسط».