«تحية لبازوليني»... معرض للفرنسي إرنست بينيون رائد فنّ الشارع الذي سبق بانكسي

لوحات تستحضر المخرج المقتول وتروي مسيرة فنان حوَّل الجدران متحفاً مفتوحاً

بازوليني حاملاً جثمانه (من المعرض)
بازوليني حاملاً جثمانه (من المعرض)
TT

«تحية لبازوليني»... معرض للفرنسي إرنست بينيون رائد فنّ الشارع الذي سبق بانكسي

بازوليني حاملاً جثمانه (من المعرض)
بازوليني حاملاً جثمانه (من المعرض)

هذا معرض يذهب إليه الزائر ليتعرَّف إلى رائد من رواد ما يُسمى «فنّ الشارع»، فيقع على رسوم لبيير باولو بازوليني، المخرج السينمائي الإيطالي الذي تحوّل إلى لغز بعد مقتله في حادثة مأساوية. وهو أيضاً معرض صغير في بلدة فرنسية صغيرة وسط البلاد، لا يزيد عدد الأعمال المعروضة فيه على 25 لوحة. تكون مارّاً بالسيارة في طريقك من باريس إلى مدينة في جنوبها، فيصادفك هذا الحدث الفنّي اللطيف في المكتبة العامة لبلدة غيريه الزراعية التي تقطنها 14 ألف نسمة.

والرائد شبه المجهول هو إرنست بينيون، رسام تشكيلي مولود في نيس، يبلغ 83 عاماً، اتّخذ من جدران الشوارع مساحة لعرض رسومه، غير مكترث بصالات العرض المُغلقة. إنّ التخطيطات مستقاة من الذاكرة ووجوه المشاهير والأحداث الجارية في العالم أو حتى من الأساطير. وهو مواظب على عادته منذ عام 1966، مما يجعله بحق رائداً في فرنسا لهذه الممارسة في تقديم «فن آنيّ وزائل» تتبدَّد خطوطه بفعل عوامل المناخ. ومن أبرز ما رسم بينيون لوحة للشاعر رامبو وأخرى للمخرج بازوليني، وهما العملان اللذان لفتا إليه أنظار المهتمّين بهذا النوع من الفنّ.

أبوه كان جزاراً في مسلخ، وأمه مصفِّفة شعر، وهو كان يتمنّى أن يحقّق شهرة في كرة القدم. لكن تعرّفه إلى رسوم بيكاسو وهو في الثانية عشرة، أدار مساره نحو وجهة مختلفة. راح يبحث عن مجلات الفنّ ويقرأ عن حياة الرسامين ويثقّف نفسه بلا مُعلّم. ولما كبُر قليلاً، سنحت له الفرصة للعمل في مكتب هندسي، فانتهزها لتطوير هوايته في الرسم وللعيش من دون الاعتماد على والده. اختلط بأوساط الفنانين والشعراء الشباب في نيس، وكان نهماً للمعرفة وبالغ الحيوية في تحرّكاته وطموحاته. ومن نشاطاته أنه رسم الديكور لمسرحية «نهاية اللعبة» لبيكيت عند تقديمها في نيس.

النقلة المؤثّرة في حياة الفنان الشاب كانت استدعاءه للخدمة العسكرية في الجزائر. بدأ يرسم الأجواء المختلفة وملامح السكان المحلّيين، وعايش مرحلة الحرب مثلما شهد استقلال البلد عن فرنسا. وحتى بعد انتهاء خدمته بقيت الجزائر حاضرةً في رسومه. وقد عاد من هناك بحصيلة من اللوحات، أبرزها رأس ثور نقله بطريقته من لوحة لبيكاسو ونفَّذه بقشر الجوز على ورق جريدة.

وخلال مسيرته الطويلة، ترك بينيون رسوماته في شوارع عدّة من العالم. وكان ذلك قبل انتشار شهرة الرسام البريطاني بانكسي. وهو لا يستخدم العبوات البخّاخة، بل يعتمد أسلوباً في اللصق مع خطوط بالكربون، يندّد فيه بالظلم المستشري في العالم وتفشّي اللاعدالة، ويعيد تذكير المارّة بالوقائع المنسيّة.

في المعرض الذي نحن بصدده، تستوقف الزوار لوحة بعنوان «بازوليني مقتولاً». ويُخبرنا دليل المعرض أنّ المخرج والشاعر الإيطالي حضر مبكراً في أعمال الرسام الفرنسي الذي جعل منه ما يشبه الأيقونة. كان يسعى إلى الإضاءة على المصير المحزن للمخرج الذي وُجد مقتولاً في طريق خارجي بضواحي روما وهو في سن الـ53. لقد مضى على الحادثة نصف قرن، لكن تفاصيلها بقيت مُبهمة في النسخة الرسمية التي لطالما تعرَّضت للتشكيك. وظهرت روايات موازية أكدت أنّ للجريمة طابعاً سياسياً لأنّ القتيل كان عدواً صريحاً للفاشية.

قبل 10 سنوات، وفي الذكرى الـ40 لاغتيال المخرج، رسم إرنست بينيون بازوليني وهو يحمل جثمانه بنفسه، على غرار لوحة «عذراء الشفقة» لمايكل أنجلو. وقد عُرض الرسم في عدد من مدن إيطاليا ومدنها التي أقام فيها الشاعر، ومنها شاطئ أوستيا الذي لقي فيه مصرعه، وبلدة ماتريا التي صوّر فيها فيلمه «الإنجيل حسب القديس متّى». وفي النهاية استقرَّت نسخة منه على جدار مكتبة عامة في بلدة فرنسية. ويشرح الفنان أن رؤية بازوليني متقدّماً وهو يحمل جسده توحي بأنه يسأل: ماذا فعلتم بموتي؟

يستمرّ المعرض حتى 20 من الشهر الحالي، بحضور الرسام شخصياً.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)

زوجان بريطانيان يفوزان بجائزة يانصيب بمليون إسترليني للمرة الثانية

حقق زوجان محظوظان فوزاً غير مسبوق بجائزة مليون جنيه إسترليني في اليانصيب في بريطانيا - للمرة الثانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الخبز أكثر من طعام... لغة انتماء (أ.ب)

وَصْف الخبز المكسيكي بـ«القبيح» يُفجّر جدلاً على وسائل التواصل

أثار انتقاد صريح وجَّهه خباز بريطاني للخبز المكسيكي موجة واسعة من الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي، انتهت باعتذار علني.

«الشرق الأوسط» (مكسيكو سيتي)
يوميات الشرق صدفة تُغيّر المصير (إنستغرام)

ألماسة نادرة تُبدّل حياة صديقَيْن في الهند

في صباح شتوي حديث بمنطقة بانا، إحدى مناطق تعدين الألماس وسط الهند، حقَّق صديقان منذ الطفولة اكتشافاً يعتقدان أنه قد يُغيّر حياتهما إلى الأبد...

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق «جوراسيك بارك» يعود بصيغة علمية (جامعة فلوريدا)

بعوض فلوريدا يستعيد مشهداً من «جوراسيك بارك» لكن بلا ديناصورات

اليوم، يقول باحثون في ولاية فلوريدا إنهم أنجزوا أمراً مُشابهاً لما حدث في فيلم «حديقة الديناصورات» (جوراسيك بارك) الشهير الذي عُرض عام 1993...

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)

انتحار الممثل الأميركي جيمس رانسون

أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)
أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)
TT

انتحار الممثل الأميركي جيمس رانسون

أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)
أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)

توفي الممثل الأميركي جيمس رانسون، الذي جسد شخصية «زيجي سوبوتكا» في مسلسل قناة «إتش بي أو» الشهير «ذا واير» وظهر في العديد من المسلسلات التلفزيونية والأفلام الأخرى، عن 46 عاماً.

وذكر مكتب الطب الشرعي في مقاطعة لوس أنجليس في سجلاته المنشورة على الإنترنت أن رانسون توفي منتحراً يوم الجمعة.

وتشمل الأعمال السينمائية لرانسون أفلاما مثل «إت: الفصل الثاني»، و«الهاتف الأسود»، و«الهاتف الأسود 2»، كما ظهر في مسلسلات تلفزيونية من بينها دراما الشرطة «بوش» ومسلسل «بوكر فيس».


اعتقال موظف بقصر الإليزيه لاتهامه بسرقة أدوات مائدة قيّمة

أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
TT

اعتقال موظف بقصر الإليزيه لاتهامه بسرقة أدوات مائدة قيّمة

أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)

أعلنت النيابة العامة في باريس أن 3 رجال سيمثلون أمام المحكمة، العام المقبل، بعد أن تمَّ اعتقال موظف فضيات يعمل في المقر الرسمي للرئيس الفرنسي، هذا الأسبوع، بتهمة سرقة أدوات فضية وأواني مائدة تقدر قيمتها بآلاف اليوروات.

وأفاد كبير موظفي الفضيات في قصر الإليزيه باختفاء هذه الأدوات، حيث قُدِّرت الخسائر بما بين 15 ألفاً و40 ألف يورو، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وقد تمكَّن «مصنع سيفر»، الذي زوَّد القصر بمعظم الأثاث، من التعرُّف على عدد من القطع المفقودة بعد ظهورها على مواقع المزادات الإلكترونية. وأدت التحقيقات مع موظفي الإليزيه إلى الاشتباه بأحد موظفي الفضيات، إذ أظهرت سجلات الجرد الخاصة به أنه كان يخطط لعمليات سرقة مستقبلية.

قصر الإليزيه في باريس بفرنسا (رويترز)

وكشفت التحقيقات عن أن الرجل كان على علاقة بمديرة شركة متخصصة في بيع الأدوات المنزلية عبر الإنترنت، خصوصاً أدوات المائدة.

يأتي ذلك بعدما تمكَّن لصوص من الاستيلاء على 8 قطع مجوهرات «لا تُقدَّر بثمن» كانت مملوكة سابقاً لملكات وإمبراطورات فرنسيات، من بينها تيجان مرصعة بالأحجار الكريمة، وقلائد، وأقراط، وبروشات، قبل أن يضطروا إلى الفرار بعد تدخل موظفي المتحف.


«نوابغ العرب» تختار البروفسور اللبناني بادي هاني لجائزة «الاقتصاد»

حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
TT

«نوابغ العرب» تختار البروفسور اللبناني بادي هاني لجائزة «الاقتصاد»

حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)

اختارت مبادرة «نوابغ العرب» البروفسور اللبناني بادي هاني للفوز بالجائزة عن فئة الاقتصاد، تقديراً لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية.

وهنّأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، البروفسور هاني، مؤكداً أن استدامة النمو الاقتصادي المرن والمتوازن تُعد ركناً أساسياً لتقدم المجتمعات وازدهار الحضارة الإنسانية. وقال في منشور على منصة «إكس» إن هاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة سيراكيوز، قدّم «إسهامات استثنائية» في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية، لافتاً إلى أنه نشر أكثر من 200 بحث علمي، وأن كتابه في تحليل نماذج البيانات الاقتصادية بات مرجعاً للباحثين حول العالم.

وأشار الشيخ محمد بن راشد إلى حاجة المجتمعات العربية إلى اقتصاديين محترفين، مؤكداً أن السياسات الفاعلة تُبنى على علم راسخ وبيانات دقيقة، وأن «اقتصاد الأمة يُصنع بعقولها»، معبّراً عن تطلعه إلى «فصل عربي جديد» في مسيرة استئناف الحضارة العربية.

وجاء منح جائزة الاقتصاد هذا العام للبروفسور بادي هاني تقديراً لإسهاماته في تطوير أدوات التحليل الاقتصادي، خصوصاً في مجال «تحليل لوحة البيانات الاقتصادية»، الذي يعزز دقة دراسة البيانات عبر دمج معلومات من فترات زمنية ومصادر متعددة. وأسهمت ابتكاراته، بحسب المبادرة، في تحسين تقييم آثار السياسات الاقتصادية على المدى البعيد وعبر مناطق مختلفة، ما دفع حكومات ومؤسسات إلى تبنّي أساليبه في قياس كفاءة السياسات والإنفاق العام والأطر التنظيمية.

كما قدّم هاني دورات تدريبية لمختصين اقتصاديين ضمن مؤسسات دولية، بينها البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وبنوك مركزية عدة. ونشر أكثر من 200 بحث علمي، وله مؤلفات أكاديمية مؤثرة، أبرزها كتاب «تحليل نماذج البيانات الاقتصادية» المرجعي. وهو يحمل درجة البكالوريوس في الإحصاء من الجامعة الأميركية في بيروت، والماجستير من جامعة كارنيجي ميلون، والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بنسلفانيا.

وفي إطار الإعلان عن الجائزة، أجرى محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، اتصالاً مرئياً بالبروفسور بادي هاني أبلغه خلاله بفوزه بجائزة «نوابغ العرب 2025» عن فئة الاقتصاد، مشيراً إلى أهمية الأبحاث والنظريات والأدوات التي طورها على مدى عقود، والتي أصبحت ركيزة أساسية في التحليل الاقتصادي الاستراتيجي القائم على المعطيات والبيانات الدقيقة لاستشراف مستقبل التنمية وتعظيم فرصها.

واعتبر القرقاوي أن فوز هاني يمنح «دافعاً قوياً» لجيل جديد من الباحثين والمحللين والاقتصاديين العرب للإسهام في رسم المرحلة المقبلة من التنمية الشاملة في المنطقة.