زلازل أفغانستان تنذر بأزمة تمتد لأجيال مقبلة في ظل قلة المساعدات

سوَّت بعض القرى بالأرض... ولقي ما لا يقل عن 2200 شخص حتفهم

يجلس عبد الغفار (52 عاماً) في منزله المتضرر جزئياً أثناء حديثه خلال مقابلة مع «رويترز» في أعقاب زلزال مدمر في قرية بامباكوت بمنطقة ديرا نور في ولاية ننكرهار بأفغانستان - 6 سبتمبر 2025 (رويترز)
يجلس عبد الغفار (52 عاماً) في منزله المتضرر جزئياً أثناء حديثه خلال مقابلة مع «رويترز» في أعقاب زلزال مدمر في قرية بامباكوت بمنطقة ديرا نور في ولاية ننكرهار بأفغانستان - 6 سبتمبر 2025 (رويترز)
TT

زلازل أفغانستان تنذر بأزمة تمتد لأجيال مقبلة في ظل قلة المساعدات

يجلس عبد الغفار (52 عاماً) في منزله المتضرر جزئياً أثناء حديثه خلال مقابلة مع «رويترز» في أعقاب زلزال مدمر في قرية بامباكوت بمنطقة ديرا نور في ولاية ننكرهار بأفغانستان - 6 سبتمبر 2025 (رويترز)
يجلس عبد الغفار (52 عاماً) في منزله المتضرر جزئياً أثناء حديثه خلال مقابلة مع «رويترز» في أعقاب زلزال مدمر في قرية بامباكوت بمنطقة ديرا نور في ولاية ننكرهار بأفغانستان - 6 سبتمبر 2025 (رويترز)

دمَّرت الزلازل في شرق أفغانستان، هذا الشهر، المنازل والماشية، وهي الأصول الوحيدة بالنسبة لمعظم الأسر، مما ترك الناجين بلا أي إمكانيات تقريباً لإعادة البناء، في ظل نقص المساعدات، بعد أن سوت الزلازل بعض القرى بالأرض.

ولقي ما لا يقل عن 2200 شخص حتفهم، وتضرر أكثر من نصف مليون آخرين، عندما ضرب زلزال قوي المنطقة ليلاً، في 31 أغسطس (آب)، متبوعاً بسلسلة من الهزات الارتدادية القوية.

عبد الغفار يزيل الحطام من نافذة منزله المتضرر جزئياً في أعقاب زلزال مدمر في قرية بامباكوت بمنطقة ديرا نور في ولاية ننكرهار بأفغانستان، 6 سبتمبر 2025 (رويترز)

وتركت الزلازل عشرات الآلاف من الناس بلا مأوى، ويخشى البعض من حدوث المزيد من الانهيارات الأرضية.

ينظر جبار خان (43 عاماً) إلى الدمار الذي لحق بمنزل جاره في أعقاب زلزال مدمر في قرية بامباكوت في منطقة ديرا نور في ولاية ننكرهار بأفغانستان - 6 سبتمبر 2025 (رويترز)

ويعيش عبد الغفار، البالغ من العمر 52 عاماً، مع عائلته المكونة من 10 أفراد تحت غطاء من القماش المشمع في قرية بامبا كوت، بإقليم ننكرهار شرق أفغانستان، منذ وقوع الزلازل. تصدعت جدران منزله الحجري وانهارت الأسقف وصارت الأنقاض تغطي الأرض، مما أجبر العائلة على النوم في العراء.

وقال عبد الغفار إن العائلة تحتاج إلى «خيمة واحدة فقط»، مشيراً إلى أن المسؤولين رفضوا تسجيل منزله ضمن المباني غير الصالحة للسكن.

يجلس جبار خان (43 عاماً) مع عائلته خارج منزله المتضرر، في أعقاب زلزال مدمر في قرية بامباكوت في منطقة ديرا نور في ولاية ننكرهار بأفغانستان - 6 سبتمبر 2025 (رويترز)

وبالنسبة لكثير من الأسر في المناطق الريفية بأفغانستان، فإن المنازل والأراضي والماشية هي كل ما يمكنهم أن يسموه ملكاً لهم.

وقالت جينيفر بريك مرتازاشفيلي، الأستاذة بجامعة بيتسبرغ المتخصصة في الحوكمة في الدول الهشة: «في أفغانستان، تضع الأسر ثرواتها في المنازل والأراضي والماشية، لذا عندما تدمر الزلازل هذه الأصول، تنهار الميزانيات العمومية بأكملها بين عشية وضحاها».

وقال ستيفن رودريكس، المندوب المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أفغانستان، إن أكثر من 1.3 مليون حيوان تأثر في إقليمي ننكرهار وكونار الأكثر تضرراً؛ حيث دُمرت مخازن الحبوب وأنظمة الري، مما يهدد إمدادات الغذاء وموسم الزراعة المقبل.

وأفاد المجلس النرويجي للاجئين بأن أكثر من 7 آلاف رأس من الماشية نفقت، ودُمرت 7 أنظمة ري، كما تضررت أنظمة أخرى.

وقال إيلان نوي، رئيس قسم اقتصاديات الكوارث وتغير المناخ في جامعة فيكتوريا بولنجتون: «عندما تختفي هذه المدخلات، فإننا نرى إنتاجاً أقل، وأسعاراً أعلى للغذاء، وأضراراً طويلة الأمد للتغذية والصحة، خصوصاً بالنسبة للأسر الأكثر فقراً».

وأضاف: «من دون التمويل، فإن التعافي سيستغرق وقتاً أطول بكثير، وستكون هناك سلسلة طويلة الأمد من التداعيات، التي يمكن أن تستمر لفترة طويلة للغاية، وربما لأجيال».

ووجهت الأمم المتحدة نداء لجمع مساعدات بقيمة 140 مليون دولار، لكن التعهُّدات تأخرت بسبب تركيز المانحين على غزة وأوكرانيا، ومعارضتهم لتمويل سلطات «طالبان»، بسبب القيود التي تفرضها على النساء العاملات في مجال الإغاثة.

* مزيد من الضغوط

تقول سلطات «طالبان» إن الزلازل دمرت أكثر من 6700 منزل. ولا تزال العائلات تعيش في خيام مع استمرار الهزات الارتدادية.

وقال توماس بارفيلد، رئيس المعهد الأميركي للدراسات الأفغانية، إن الشتاء المقبل من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة، وإن عقوداً من الحرب والهجرة تعني أن عدداً أقل من الأقارب متوفر للمساعدة في إعادة إعمار المنطقة.

نساء أفغانيات يرتدين البرقع يسرن على طول طريق في منطقة أرغنداب بولاية قندهار - 10 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

وتضيف الزلازل صعوبات إلى الاقتصاد الذي تضرر بشدة، بسبب العقوبات وتجميد الأصول وخفض المساعدات، منذ سيطرة «طالبان» على السلطة في عام 2021. في حين أدى ترحيل أكثر من مليوني شخص من باكستان وإيران، هذا العام، إلى زيادة الضغط على إمدادات الغذاء والسكن.

وقال إبراهيم بهيص من مجموعة الأزمات الدولية: «كان قطاع البناء مصدر توظيف ضخماً، ثم اختفى بعد سيطرة (طالبان) على السلطة، ويتقلص قطاع المنظمات غير الحكومية مع خفض المساعدات، وحتى القطاع العام يعاني من ضغوط».

وأضاف: «يجلب كل عام الجفاف والفيضانات، والآن الزلازل فوق كل ذلك، مما يؤدي إلى تفاقم المأساة التي يواجهها الأفغان».

وجهت الأمم المتحدة نداء لجمع مساعدات بقيمة 140 مليون دولار، لكن التعهُّدات تأخرت بسبب تركيز المانحين على غزة وأوكرانيا والممانعة في تمويل حركة «طالبان» بسبب القيود التي تفرضها على النساء العاملات في مجال الإغاثة.

وقال المحللون إن بعض المساعدات وصلت ببطء عقب الزلزال، من الخيام إلى الإمدادات الغذائية، ولكنها ليست كافية على الإطلاق.

وقال عبيد الله بهير المحاضر المساعد في الجامعة الأميركية بأفغانستان ومقرها كابل: «المساعدات الطارئة أشبه بمنشفة مبللة في حريق غابة. لن تسد الفجوة». وحذر من أن تدفق المساعدات انخفض بشدة بالفعل في بلد يعتمد عليها منذ عقدين، وأن «التأثير الحقيقي لن يظهر إلا العام المقبل».


مقالات ذات صلة

شيء مريب يحدث في أعماق بحر مرمرة... إسطنبول مهدَّدة بكارثة

شؤون إقليمية زلزال مرمرة المدمر في 1999 خلّف 17 ألف قتيل بينهم ألف في إسطنبول إلى جانب دمار واسع (أرشيفية - إعلام تركي)

شيء مريب يحدث في أعماق بحر مرمرة... إسطنبول مهدَّدة بكارثة

هناك شيء مريب يحدث في أعماق بحر مرمرة في تركيا. الصدع الموجود تحت هذا الحوض المائي الداخلي يشهد زلازل تتزايد في القوة، تتحرك تدريجياً نحو الشرق.

روبن جورج أندروز
آسيا هيئة الأرصاد الجوية اليابانية تحذر من موجات تسونامي يصل ارتفاعها إلى ثلاثة أمتار (أ.ب)

اليابان: زلزال بقوة 7.6 قبالة الساحل الشمالي للبلاد... يتسبب بموجتي «تسونامي»

ضرب زلزال كبير الساحل الشمالي لليابان الاثنين سجّلت في أعقابه هيئة الأرصاد الجوية الوطنية موجتي تسونامي بلغ ارتفاعهما 40 سنتيمتراً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
علوم يؤكد الباحثون أن الصدوع التي تقع على أعماق سحيقة في باطن الأرض يمكن أن تلتحم من جديد بعد انكسارها نتيجة الهزات الأرضية (بيكسباي)

الأرض «تضمد جروحها» بعد الزلازل القوية

توصل فريق من علماء الجيولوجيا في الولايات المتحدة إلى أن الصدوع الزلزالية العميقة في باطن الأرض يمكن أن تلتئم في غضون ساعات بعد حدوث الهزات الأرضية القوية.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
آسيا جانب من الأضرار جراء زلزال ضرب إندونيسيا عام 2022 (أرشيفية - رويترز)

زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب غرب إندونيسيا

ضرب زلزال بقوة 6.6 درجة جزيرة صغيرة شمال غربي سومطرة في غرب إندونيسيا الخميس.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
آسيا منازل متضررة جراء الزلزال في دكا (رويترز)

زلزال في وسط بنغلاديش يوقع 9 قتلى على الأقل

ضرب زلزال بقوة 5.5 درجة، الجمعة، وسط بنغلاديش، موقعاً تسعة قتلى على الأقل وأكثر من 300 جريح، وفق حصيلة أعلنتها الحكومة.

«الشرق الأوسط» (دكا)

حريق هائل بسوق في كابل يخلف خسائر قدرها 700 ألف دولار

تمرّ السيارات بينما تهدم حركة «طالبان» سينما «أريانا» التاريخية في كابل يوم 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
تمرّ السيارات بينما تهدم حركة «طالبان» سينما «أريانا» التاريخية في كابل يوم 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

حريق هائل بسوق في كابل يخلف خسائر قدرها 700 ألف دولار

تمرّ السيارات بينما تهدم حركة «طالبان» سينما «أريانا» التاريخية في كابل يوم 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
تمرّ السيارات بينما تهدم حركة «طالبان» سينما «أريانا» التاريخية في كابل يوم 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

ذكر مسؤولون أن حريقاً هائلاً اندلع بسوق «مندوي» التاريخية في كابل، فجر الأحد؛ ما أدى إلى تدمير عشرات من المتاجر وتسبب في خسائر تقدر بنحو 700 ألف دولار.

وألقى المسؤولون الضوء على المخاطر المستمرة في المناطق التجارية بالعاصمة، وفق وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء الأحد.

ونشب الحريق في سوق للأحذية داخل منطقة مندوي؛ وهي من أقدم وأنشط مراكز تجارة الجملة في كابل، حيث تباع بضائع مستوردة، مثل الأحذية والملابس والأدوات المنزلية.

وأظهرت صور متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي دخاناً كثيفاً وألسنة لهب متصاعدة تلتهم صفوفاً متراصة من المتاجر.

وقالت وزارة داخلية «طالبان» إن الحريق ناجم عن تماس كهربائي، وهي مشكلة يقول تجار وخبراء إنها شائعة في الأسواق ذات الأسلاك القديمة والرقابة المحدودة على متطلبات السلامة.

ولم ترد تقارير عن حدوث خسائر بشرية.


قبل مذبحة بونداي... لطالما شعر يهود أستراليا بالتهديد

ريبيكا دي فيرولي مع ابنتها كلوي وهما تُجهّزان الشمعدان العائلي في منزلهما في نورث بونداي يوم الأحد (نيوريوك تايمز)
ريبيكا دي فيرولي مع ابنتها كلوي وهما تُجهّزان الشمعدان العائلي في منزلهما في نورث بونداي يوم الأحد (نيوريوك تايمز)
TT

قبل مذبحة بونداي... لطالما شعر يهود أستراليا بالتهديد

ريبيكا دي فيرولي مع ابنتها كلوي وهما تُجهّزان الشمعدان العائلي في منزلهما في نورث بونداي يوم الأحد (نيوريوك تايمز)
ريبيكا دي فيرولي مع ابنتها كلوي وهما تُجهّزان الشمعدان العائلي في منزلهما في نورث بونداي يوم الأحد (نيوريوك تايمز)

أصبحت الحراسة المسلحة والحواجز الخرسانية والتدابير الأمنية السرية جزءاً من الحياة، في خضم ازياد الهجمات المعادية للسامية، وتداخل الغضب تجاه إسرائيل مع مشاعر الكراهية إزاء اليهود.

من جهتها، وعلى مدار الأعوام الثلاثة والثلاثين التي نشأت خلالها، كونها يهودية في أستراليا، لطالما عانت ريبيكا دي فيرولي طويلاً شعوراً دائماً بالهشاشة؛ شعوراً لازمها كما لازمها حضور الشمس والبحر والرمال في تفاصيل حياتها.

كان حراس مدججون بالسلاح يقفون أمام كل كنيس، وكل مركز رعاية أطفال، وحتى دار المسنين اليهودية، التي كانت تزور فيها جدها، في حين تُحاوط جدران عالية مدارس اليهود التي التحقت بها. أما والدها، الذي فرّت عائلته من بولندا في خضم مذبحة ضد اليهود، فكان يمنع الأسرة من حضور التجمعات اليهودية، خصوصاً في الأماكن المفتوحة مثل المتنزهات.

وقالت إنها كانت ترد عليه: «بحقك، نحن في أستراليا، لا تكن سخيفاً».

نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي يوم الجمعة (نيوريوك تايمز)

ومع ذلك، وجدت نفسها مساء الأحد الماضي، على شاطئ بونداي في سيدني، ممددة فوق ابنها البالغ 5 سنوات تحت طاولة طعام، تحاول حماية جسده الصغير بجسدها، في حين تنهال طلقات الرصاص حولهما. وبالقرب منهما، أُصيب حاخام في صدره حين كان يقدم النقانق للضيوف، وكان يلهث محاولاً التقاط أنفاسه.

من وجهة نظر أعضاء المجتمع اليهودي الأسترالي الصغير والمترابط، كان الهجوم الدموي على احتفال الحانوكا بمثابة أسوأ كوابيسهم، وقد تحقق على أرض الواقع. في الواقع، تفاقمت المخاوف التي لطالما سيطرت عليهم، على نحو حاد، منذ هجوم جماعة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وما تلاه من حرب إسرائيل على غزة، التي أطلقت موجة من الخطاب المعادي للسامية وأعمال التخريب، حسب تقرير لـ«نيويورك تايمز»، السبت.

والد ماتيلدا (10 سنوات) إحدى ضحايا حادثة إطلاق النار في بونداي يشعل شمعة خلال مراسم إحياء اليوم الوطني للذكرى على شاطئ بونداي في سيدني الأحد 21 ديسمبر 2025 بعد الحادث الذي وقع في 14 ديسمبر (أ.ب)

وكان الشعور بالهشاشة حاضراً بشكل خاص داخل مجتمع ينحدر كثير من أفراده من نسل ناجين من المحرقة النازية، ونشأوا في عائلات فرّت إلى أقصى بقاع العالم هرباً من الاضطهاد في أوروبا.

ووجد اليهود الذين فرّوا من المجر، قرب شاطئ بونداي الخلاب، ملاذاً لهم، إذ كانت المعيشة بالقرب من الشاطئ ميسورة التكلفة نسبياً بعد الحرب العالمية الثانية. وعلى مر السنوات، اعتادت عائلاتهم الاجتماع على رمال الشاطئ لإقامة احتفالات دينية ومجموعات صلاة، فضلاً عن الاحتفال السنوي بعيد الحانوكا، الذي تخللته إقامة حديقة حيوانات صغيرة، وطلاء وجوه الأطفال بألوان زاهية.

أما المسلحان اللذان فتحا النار خلال احتفال هذا العام، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً، فكانا يستلهمان أفكارهما من تنظيم «داعش»، وفقاً لما أفادت به السلطات.

وجاءت المذبحة في أعقاب سلسلة من الهجمات المعادية للسامية في أستراليا خلال العامين الماضيين، شملت إحراق معابد يهودية وإضرام النار في منشآت تجارية يملكها يهود. وردت الحكومة الفيدرالية برفع مستوى الحماية الشرطية، وتشديد قوانين جرائم الكراهية، وتخصيص ملايين الدولارات لتعزيز التدابير الأمنية.

وبعد هجوم الأحد، اشتكى كثير من اليهود من أن حكومة رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي، لم تتحرك بالسرعة الكافية، حتى بعد أن قدمت مبعوثة الحكومة لمكافحة معاداة السامية، جيليان سيغال، قائمة طويلة بالإجراءات المقترحة في يوليو (تموز).

أصبحت الحراسة المسلحة والحواجز والاحتياطات السرية جزءاً من الحياة وسط الهجمات المعادية للسامية والخطوط غير الواضحة بين الغضب من إسرائيل وكراهية اليهود (نيوريوك تايمز)

وقال واين ميلر (50 عاماً)، الذي انتقل من جنوب أفريقيا عام 2008 بعد تعرضه للعنف هناك: «لم نعد نشعر بالأمان في أستراليا». وكان ميلر من بين المشاركين في الاحتفال الذي استُهدف يوم الأحد، برفقة ابنتيه البالغتين 3 و4 سنوات. وأضاف: «نشعر بأن حكومتنا خذلتنا».

كما تعرض طفلا دي فيرولي، كلوي (7 سنوات) ولوي (5 سنوات)، لمشاعر معاداة للسامية في وقت سابق من هذا العام، عقب تخريب جدران مدرستهما برسومات بذيئة معادية لليهود. وعلى أثر ذلك، أغلقت المدرسة أبوابها ليوم كامل، واستمر وجود ضباط شرطة بزيّ رسميّ داخلها لأسابيع، إلى جانب الحراس المسلحين المعتادين.

وعندما سألها طفلاها لماذا استهدفت مدرستهما، عجزت عن تفسير الأمر، واكتفت بالقول إن هناك «أناساً سيئين في هذا العالم».

وفي صباح اليوم التالي لإطلاق النار، كان لدى لوي سيلٌ من الأسئلة من جديد، فشعرت والدته بعجز أكبر عن تفسير السبب وراء تحولهم إلى أهداف للكراهية لمجرد أنهم يهود.

واكتفت بالقول: «الأمر صعب. نحن أنفسنا لا نملك إجابات».

وفي سياق متصل، قال كثير من اليهود الأستراليين إن شعورهم بالانتماء إلى البلاد اهتز بقوة بعد يومين فقط من هجمات السابع من أكتوبر، عندما تجمّع متظاهرون مؤيدون لفلسطين على درجات دار أوبرا سيدني، وأطلق بعضهم شعارات معادية للسامية.

ومع استمرار الحرب في غزة، وجد كثيرون أنفسهم ممزقين بين الرغبة في التعبير بحرية عن هويتهم اليهودية، والخوف من أن يجعلهم ذلك هدفاً لأعمال عنف. وفي منتدى مجتمعي على موقع «ذا جويش إندبندنت»، كتب أحدهم أنه يشعر «وكأنك تمشي على جسر حبال هش».

من ناحيتها، قالت إيرين فيهرر، اختصاصية نفسية تنظم جلسات دعم جماعية وفردية بعد الهجوم، إن بعض مرضاها اليهود لجأوا إليها بعد شعورهم بأن معالجيهم السابقين يعارضون حرب إسرائيل في غزة، الأمر الذي كان يختلط أحياناً بمشاعر كراهية لليهود.

وأضافت أن ابنتها -التي تدرس في مدرسة يهودية يحمل شعارها رمزاً عبرياً- بدأت تخاف من ارتداء الزي المدرسي علناً، بعد أن تعرضت مع صديقاتها للسباب ورمي الأغراض عليهن في مركز تجاري.

وعلّقت إيرين فيهرر على ذلك بقولها: «تشعر بأن كل تفصيلة صغيرة في حياتك يمكن أن تكون مصدر خطر».

(صورة من الأعلى) مشيعون يحضرون مراسم تأبين ضحايا حادث إطلاق النار على شاطئ بونداي في سيدني 21 ديسمبر 2025 يُتهم أب وابنه بإطلاق النار على حشد محتفل بعيد الحانوكا في 14 ديسمبر بتأثرهما بـ«فكر تنظيم داعش» (أ.ف.ب)

وفي سياق متصل، أوضحت سارة شوارتز، المحامية المعنية بمجال حقوق الإنسان في سيدني، التي شاركت في تأسيس مجلس اليهود في أستراليا بعد بدء الحرب، أنها فعلت ذلك لمواجهة الخطابات اليمينية من مؤسسات يهودية تدعم إسرائيل بشكل مطلق.

وأضافت أن اليهود سيدفعون الثمن إذا جرى تحميل الهجوم على شاطئ بونداي لحركة التضامن مع فلسطين أو للهجرة، بدلاً من تحميله لآيديولوجية «داعش».

وقالت: «إذا انتصرت هذه الرسائل المثيرة للانقسام، فلن تؤدي إلا إلى تأجيج الكراهية والمعاداة للسامية تجاه اليهود».

ومثل دي فيرولي، قضت جيسيكا تشابنيك كاهن الأيامَ التالية للهجوم في التفكير بما يجب أن تقوله لأطفالها، وبأي قدر من التفصيل.

في أثناء الهجوم، ألقت جيسيكا بنفسها فوق ابنتها البالغة 5 سنوات على الأرض الخرسانية في منطقة النزهات، في حين حاول آباء آخرون مذعورون إبقاء أطفالهم ساكنين وصامتين حتى لا يجذبوا انتباه المسلحين. وقالت إن ابنتها، شيمي، كانت ساكنة إلى حد أنها خشيت أن تكون قد خنقتها بالخطأ.

أما ابنها البالغ 9 سنوات، فقد ركض حافي القدمين مع والده باتجاه مكان إطلاق النار بحثاً عنها وعن أخته، وسأل في تلك الليلة: لماذا قد يفعل أحدهم شيئاً مثل هذا في احتفال حانوكا؟

واستطردت قائلة إنه: «عندما تسمع طفلاً يحاول فهم الأمر، يبدو الأمر أشد عبثاً».

وأضافت أن أطفالها مدركون لهويتهم اليهودية، لكنها وزوجها تعمّدا إبعادهم حتى الآن عن معرفة أي شيء عن معاداة السامية، أو الحرب العالمية الثانية، أو هتلر.

وقالت إنها ردّت على ابنها بأكبر قدر من الصدق الممكن: «هناك أناس في هذا العالم يتخذون قرارات سيئة للغاية. يتركون الكراهية تُسيطر عليهم، ويعتقدون، بشكل خاطئ، أن إيذاء الآخرين سيجعلهم سعداء».


ولاية أسترالية تعتزم تشديد القوانين ضد رفع رايات متطرفة بعد هجوم بونداي

وصل رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية كريس مينز إلى شاطئ بونداي قبل مراسم إحياء «اليوم الوطني للتأمل» في ذكرى الضحايا والناجين من حادثة إطلاق النار في بونداي يوم الأحد 21 ديسمبر 2025 في أعقاب الحادثة التي وقعت يوم 14 ديسمبر (أ.ب)
وصل رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية كريس مينز إلى شاطئ بونداي قبل مراسم إحياء «اليوم الوطني للتأمل» في ذكرى الضحايا والناجين من حادثة إطلاق النار في بونداي يوم الأحد 21 ديسمبر 2025 في أعقاب الحادثة التي وقعت يوم 14 ديسمبر (أ.ب)
TT

ولاية أسترالية تعتزم تشديد القوانين ضد رفع رايات متطرفة بعد هجوم بونداي

وصل رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية كريس مينز إلى شاطئ بونداي قبل مراسم إحياء «اليوم الوطني للتأمل» في ذكرى الضحايا والناجين من حادثة إطلاق النار في بونداي يوم الأحد 21 ديسمبر 2025 في أعقاب الحادثة التي وقعت يوم 14 ديسمبر (أ.ب)
وصل رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية كريس مينز إلى شاطئ بونداي قبل مراسم إحياء «اليوم الوطني للتأمل» في ذكرى الضحايا والناجين من حادثة إطلاق النار في بونداي يوم الأحد 21 ديسمبر 2025 في أعقاب الحادثة التي وقعت يوم 14 ديسمبر (أ.ب)

تعتزم ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية فرض قوانين أشد صرامة لحظر عرض رايات تنظيم «داعش» أو الرموز المتطرفة في الأماكن العامة، عقب حادث إطلاق النار الأخير بدافع معاداة السامية، الذي أسفر عن مقتل 15 شخصاً على شاطئ بونداي بمدينة سيدني.

تحدث رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية كريس مينز خلال حفل أقيم بمناسبة «اليوم الوطني للتأمل» في الضحايا والناجين من حادث إطلاق النار في بونداي بمدينة سيدني يوم الأحد 21 ديسمبر 2025 في أعقاب الحادث الذي وقع يوم 14 ديسمبر (أ.ب)

وبموجب مسودات قوانين ستُبحث في برلمان الولاية، فسيُعدّ استعراض راية «داعش» أو رموز جماعات متطرفة أخرى في الأماكن العامة، جريمةً يعاقَب عليها بالسجن لمدة تصل إلى عامين، إضافة إلى غرامات مالية، وفق تقرير من «أسوشييتد برس» الأحد.

وقال رئيس حكومة الولاية، كريس مينز، إن هتافات مثل «عولمة الانتفاضة» ستُحظَر أيضاً، كما ستُمنح الشرطة صلاحيات أوسع لمطالبة المتظاهرين بإزالة أغطية الوجه خلال المظاهرات. وأضاف مينز، السبت، أن «خطاب الكراهية أو التحريض عليها لا مكان له في مجتمعنا».

وتُترجم كلمة «انتفاضة» العربية عادة إلى «تمرد» أو «انتفاض». وفيما يقول متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين إن الشعار يعبّر عن الاحتجاجات العالمية على الحرب في غزة، يرى قادة يهود أنه يؤجج التوتر ويشجع على استهداف اليهود.

وقال مينز للصحافيين: «الأحداث المروعة الأخيرة أظهرت أن شعار (عولمة الانتفاضة) يشكل خطاب كراهية ويشجع على العنف داخل مجتمعنا. إنكم تخاطرون كثيراً إذا فكرتم في استخدام هذه العبارة».

ومن المتوقع أن يناقش برلمان نيو ساوث ويلز هذه التعديلات، الاثنين، بعد أن دعا رئيس الحكومة إلى عقد جلسة استثنائية.

والدة ماتيلدا البالغة من العمر 10 سنوات صغرى ضحايا حادث إطلاق النار الجماعي المميت الذي وقع خلال احتفالات «عيد الأنوار - حانوكا» اليهودي على شاطئ بونداي يوم 14 ديسمبر 2025 تحضر وقفة «النور فوق الظلام» لتكريم الضحايا والناجين في سيدني بأستراليا يوم 21 ديسمبر (رويترز)

من جهتها، أعلنت الشرطة أن الهجوم الذي استهدف احتفالاً بعيد «حانوكا» على أشهر شواطئ أستراليا، كان «هجوماً إرهابياً مستوحى من تنظيم (داعش)». وأضافت أنها عثرت على رايتين محليتي الصنع للتنظيم داخل المركبة التي استخدمها المشتبه فيهما.

من جانبه، تعهد رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيزي، بطرح مقترحات إجراءات للحد من التطرف والكراهية، من بينها توسيع تعريف جرائم خطاب الكراهية، ليشمل الدعاة الدينيين والقادة الذين يروّجون للعنف، وتشديد العقوبات على مثل هذه الجرائم. كما تتضمن المقترحات تصنيف بعض الجماعات «جماعات كراهية»، والسماح للقضاة بِعَدّ دافع الكراهية ظرفاً مشدداً للعقوبة في قضايا التهديدات والمضايقات عبر الإنترنت.

وأعلن ألبانيزي أيضاً خططاً لتشديد قوانين حيازة السلاح؛ الصارمة أصلاً.

وقال رئيس الوزراء، الذي زار، الجمعة، أفراد الجالية اليهودية في «كنيس سيدني الكبير»، إن «روح الجالية اليهودية الأسترالية غير قابلة للكسر». وأضاف: «لن تسمح أستراليا لهؤلاء الإرهابيين المعادين للسامية بتقسيمنا. مهما اشتدت الظلمات، سيظل النور منتصراً».

وفي سياق متصل، أعلنت السلطات أن البلاد ستُحيي «يوماً وطنياً للتأمل» في ذكرى الضحايا والناجين، الأحد، وهو اليوم الأخير من عيد «حانوكا»، تكريماً للضحايا. وستُنكس الأعلام على جميع المباني الرسمية، كما سيشارك ألبانيزي وآخرون بدقيقة صمت في بونداي عند الساعة الـ6:47 مساءً، وهو التوقيت الذي تلقت فيه الشرطة أول بلاغات إطلاق النار.

وقالت الشرطة إن أحد المشتبه فيهما، وهو ساجد أكرم، قُتل بالرصاص يومها، فيما لا يزال ابنه، نويد أكرم (24 عاماً)، قيد الاحتجاز في مستشفى بولاية نيو ساوث ويلز. وقد وُجهت إليه 59 تهمة، بينها القتل وارتكاب عمل إرهابي، فيما تواصل الشرطة مراجعة الأدلة ضده.

حضر المشيعون مراسم تأبين ضحايا حادث إطلاق النار على شاطئ بونداي في سيدني يوم 21 ديسمبر 2025... ويُتهم أب وابنه بإطلاق النار عشوائياً على حشد من العائلات المحتفلة بـ«عيد الأنوار - حانوكا» على أشهر شواطئ سيدني يوم 14 ديسمبر بزعم تأثرهما بفكر تنظيم «داعش» (أ.ف.ب)

وأثار الهجوم تساؤلات بشأن ما إذا كان اليهود في أستراليا يحظون بحماية كافية في ظل تصاعد مشاعر معاداة السامية.

يذكر أن عدد سكان أستراليا يبلغ نحو 28 مليون نسمة، بينهم نحو 117 ألف يهودي. وقد تضاعفت حوادث معاداة السامية - بما فيها الاعتداءات والتخريب والتهديدات والترهيب - أكثر من 3 مرات خلال العام الذي تلا هجوم «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وما أعقبه من حرب إسرائيلية على غزة، وفق ما أفادت به المبعوثة الحكومية الخاصة لمكافحة معاداة السامية، جيليان سيغال، في يوليو (تموز) الماضي.

وقد تلقت شبكات التلفزيون والإذاعة طلباً بوقف البث لدقيقة صمت عند الساعة الـ6:47 مساءً.

وقال الحاخام إيلي فيلدمان إن المجتمع الأسترالي الأوسع دُعي إلى الانضمام لليهود في بونداي لإحياء اليوم الكامل الأخير من «حانوكا»، الذي ينتهي عند غروب شمس الاثنين. وأضاف في تصريح لـ«هيئة الإذاعة الأسترالية»: «الجالية اليهودية، إلى جانب جميع أصدقائنا الأستراليين، مدعوون لإضاءة الشمعة الثامنة هنا، لإظهار أن النور سيتغلب دائماً على الظلام».

بدوره، قال أليكس ريفتشين، الرئيس التنفيذي المشارك لـ«المجلس التنفيذي ليهود أستراليا»، إن عائلات الضحايا تشعر بأنها «خُذلت بشكل مأساوي لا يُغتفر» بسبب إخفاقات الحكومة في التصدي لتنامي معاداة السامية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و«حماس» عام 2023.

وأضاف: «أمضيت وقتاً مع عائلات الضحايا... إنهم في حالة ذهول وصدمة، ولا يعرفون كيف يتصرفون، ناهيك بالتفكير في المضي قدماً والتعافي». وتابع: «هناك قدر كبير من الغضب داخل المجتمع أيضاً. نشعر بأننا نمر بمراحل مختلفة من المشاعر، وهناك إحساس حقيقي بالخذلان والخيانة. المجتمع يريد إجابات، ونريد أن نلمس تغييراً حقيقياً».