«لافوفو» ابنُ عمّ «لابوبو» ملاحقٌ أمنياً بجُرم التزوير

دمية «لافوفو» المزيّفة تسرق الوهج من «لابوبو» وتنافسها سعراً ومبيعاً (موقع مجلس مدينة هال البريطانية - رويترز)
دمية «لافوفو» المزيّفة تسرق الوهج من «لابوبو» وتنافسها سعراً ومبيعاً (موقع مجلس مدينة هال البريطانية - رويترز)
TT

«لافوفو» ابنُ عمّ «لابوبو» ملاحقٌ أمنياً بجُرم التزوير

دمية «لافوفو» المزيّفة تسرق الوهج من «لابوبو» وتنافسها سعراً ومبيعاً (موقع مجلس مدينة هال البريطانية - رويترز)
دمية «لافوفو» المزيّفة تسرق الوهج من «لابوبو» وتنافسها سعراً ومبيعاً (موقع مجلس مدينة هال البريطانية - رويترز)

لم يخفت وهج «لابوبو» حتى الساعة. في عيدها الـ67 انضمّت مادونا إلى ركب الفنانين العالميين الذين تبنّوا الدمية الصينية، فأطلقت على قالب الحلوى الذي قطعته اسم «مادودو» وهو نسخة عن الدمية باللون الزهري. وفي محال المجوهرات، باتت دمية «لابوبو» متوفرة بالذهب الخالص من عيار 24 قيراطاً. أمّا في السهرات الراقصة، فيمكن مشاهدة أشخاصٍ يتمايلون على الحلبة وهم يضعون قناع «لابوبو» على وجوههم.

هذه الموجة التي تضرب الذوق الشعبي حول العالم منذ أشهر، أسفرت عن أرباحٍ غير مسبوقة لشركة «بوب مارت» المصنّعة. فقد أعلن رئيسها التنفيذي قبل أسبوعين، أنه وبفضل مبيعات «الدمية القبيحة اللطيفة»، حققت الشركة الصينية أرباحاً بقيمة نحو 3 مليارات دولار من المتوقع أن تفوق الـ4 مليارات مع نهاية السنة.

ما زالت دمية «لابوبو» تتربّع على عرش السلع الأكثر مبيعاً حول العالم (أ.ف.ب.)

مَن هو «لافوفو»؟

على ضفاف نهر «لابوبو» المتدفّق، نبتت نسخة أقلّ كلفةً وأوسع انتشاراً وأكثر قبحاً ولطفاً، وفق مَن يتهافتون على شرائها. هؤلاء، وهم كثُر، يغضّون الطرف عن عيوب التصنيع، بل يجدون في «لافوفو» عنصراً جذّاباً ومثيراً للضحك والتسلية.

أمّا اسمُ «لافوفو» فليس شرعياً كما النسخة الأصليّة، إنما هو تعريفٌ تجاريٌّ رائج وحرف الفاء فيه منسوبٌ إلى كلمة fake أي مزيّف باللغة الإنجليزية.

«لافوفو» النسخة المزوّرة من دمية «لابوبو» أو «ابن عمّه التقليد». بدأ تصنيع كميات هائلة منه في الصين، ما إن انتشرت ظاهرة «لابوبو» عالمياً. ركب المزوّرون الموجة على طريقتهم، مستبِقين حاجة السوق إلى تلك الدمية التي يتهافت الملايين حول الكوكب على اقتنائها.

تتوفر دمى «لافوفو» المقلّدة في الأسواق الشعبية وفي متاجر الألعاب (رويترز)

بماذا يختلف «لافوفو» عن «لابوبو»؟

تتعدّد النُّسَخ المقلّدة، فبعض دمى «لافوفو» هي أكثر جودة من غيرها، وهذه تحديداً يصعب تمييزها عن تلك الأصلية. لكن بين المزوّر والأصلي، يمكن تعداد مجموعة من الفوارق التي تسهل معاينتها بالعين المجرّدة. وكلما كانت النسخة أقل جودةً أصبح الأمر أوضح.

أول ما يلفت النظر في «لافوفو» الرأس الكبير غير المتناسق مع حجم الجسم الصغير، إضافةً إلى الجبهة العريضة بشكلٍ مبالغٍ فيه، ليبدو وكأنه خسر قسماً من شعره الأمامي. أمّا فروة الرأس فغالباً ما تُلصق بطريقة عشوائية، مع العلم بأن الفروة بحدّ ذاتها ليست بالنعومة نفسها التي تميّز «لابوبو» الأصلي.

غالباً ما تكون جبهة «لافوفو» عريضة وحجم الرأس غير متناسق مع الجسم (إنستغرام)

أمّا أكثر العلامات الفارقة للتمييز بين «لابوبو» الأصلي و«لافوفو» المقلّد فهو عدد الأسنان، إذ إنّ من المعروف أنّ لدى «لابوبو» 9 أسنان بارزة، فيما غالباً ما يقتصر عدد أسنان «لافوفو» على 8 أو يرتفع إلى 10.

يفتقد «لافوفو» الرشاقة والنضارة اللتين يتمتّع بهما «لابوبو». طلاء وجهه ليس بالنظافة ذاتها، وغالباً ما تَبهُت ألوانه بسرعة. إلى جانب ذلك فإنّ أطرافه غير متحرّكة، فيما يدا «لابوبو» ورجلاه قابلتان للالتفاف 360 درجة.

من علامات دمية «لافوفو» الفارقة أسنانها الـ8 أو الـ10 بينما لدى «لابوبو» 9 أسنان (إنستغرام)

السرّ في العلبة

الطريقة الأضمن للحصول على لابوبو أصليّ، هو شراؤه مباشرةً من متاجر «بوب مارت» أو لدى الباعة المعتمدين. أما للتأكّد أكثر من أنّ ما وقع بين يدَيك ليس النسخة المقلّدة، فيجب النظر بإمعان إلى العلبة وهنا يكمن السرّ.

على علبة «لابوبو» الأصليّ الواردة من مصانع «بوب مارت»، ملصقٌ واضح المعالم طُبع عليه رمز QR. بمجرّد مسح الرمز بواسط الهاتف، ينتقل المستخدم إلى الموقع الرسمي للشركة حيث يجري التأكّد من أن السلعة أصلية. أما علب «لافوفو»، وإن أظهرت الملصق ورمز الـQR، فهي ليست مربوطة بالموقع الرسمي للشركة. يكفي إذاً مسح الرمز للتأكّد من أن اللعبة أصلية.

دمية «لابوبو» الأصلية في علبتها (موقع شركة بوب مارت المصنّعة)

الناس تتبنّى «لافوفو»... على عيوبه

سببان أساسيان دفعا الناس بدايةً إلى استبدال «لابوبو» بـ«لافوفو»، أوّلهما أن الأخير أقلّ كلفةً من الأصلي، وثانيهما أنه متوفّرٌ بكثرة وفي كل مكان. فقد بدأت أسهم «لافوفو» بالصعود قبل أشهر، وذلك بالتزامن مع فقدان «لابوبو» من الأسواق. وكانت الشركة الصينية المصنّعة آنذاك تتعمّد تشويق المستهلك، عبر إطلاق نسَخٍ محدودة من اللعبة من دون إغراق السوق بها، ما يؤدّي إلى فترات طويلة من الانقطاع.

وفي وقتٍ لا يباع «لابوبو» سوى عبر «بوب مارت» أو وكلائها الحصريين، فإنّ «لافوفو» متوفر في الأسواق الشعبية، ومعظم محال الألعاب العادية، إضافةً إلى المتاجر الإلكترونية المعروفة مثل «شي إن» و«علي بابا» و«علي إكسبرس».

تباع دمية «لابوبو» حصراً في متاجر «بوب مارت» أو وكلائها الحصريين (رويترز)

أما الأسعار فتتراوح بين 5 و10 دولارات، فيما يبدأ بيع «لابوبو» الأصلي مقابل 20 دولاراً ليبلغ أرقاماً خيالية أحياناً. ففي يونيو (حزيران) الماضي، بيعت النسخة الأغلى من «لابوبو» في مزادٍ علني في بكين، مقابل 170 ألف دولار.

أسعار «لافوفو» التنافسيّة ووفرته في الأسواق جعلتا منه بديلاً منطقياً لـ«لابوبو»، ورمزاً للعدالة الاجتماعية. وكأنه أتى ليقول إنه يحقّ للجميع أن يقتنوا «لابوبو» ويركبوا موجته، حتى وإن لم تكن ميزانيّتهم تسمح بذلك.

مُصادرة نسخ مزوّرة من «لابوبو» في بريطانيا (موقع مجلس مدينة موراي)

«لافوفو» يكشّر عن أنيابه والشرطة بالمرصاد

إلا أن تلك الإيجابيات لا تُخفي سلبياتٍ كثيرة تشوب النسخة المقلّدة من «لابوبو». أول ما يحذّر منه الخبراء هي أطرافها القابلة للتفكّك بسهولة، ما يهدّد بخطر ابتلاعها والاختناق بها من قبل الأطفال. هذا إضافةً إلى احتمال احتواء «لافوفو» على موادّ سامّة مثل الأصبغة المضرّة والرصاص ومليّنات بلاستيكية محظورة عالمياً.

انطلاقاً من محاربتها سوق التزوير واستدراكاً لتلك المخاطر، تسارع السلطات الرسمية في الصين وحول العالم لمكافحة تفشّي «لافوفو».

فالبلد المعروف بكَونه المركز العالمي لتصنيع السلع والعلامات التجارية المقلّدة، حريصٌ جداً على «لابوبو»، فخر صناعته المحلّيّة. السلطات الأمنية الصينية في سباقٍ مع دمى «لافوفو» وقد صادرت الآلاف منها حتى اليوم. وكذلك الأمر في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، حيث تُقاضى بعض المتاجر لبيعها نُسَخاً مقلّدة من اللعبة.


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

يوميات الشرق مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)

للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

أصبح نحل الأمازون غير اللاسع أول الحشرات في العالم التي تُمنح حقوقاً قانونية تشمل الحق في الوجود والازدهار والحماية من الأذى.

«الشرق الأوسط» (ليما)
يوميات الشرق صبري الشريف بجانبه فيروز وسيدات «مهرجانات بعلبك» 1956 (أرشيف الشريف)

شراكة «الإشعاع»: فيروز والأخوان رحباني مع صبري الشريف

فيروز والأخوان رحباني وصبري الشريف، الأضلاع الثلاثة لمؤسسة فنية أرست لأغنية جديدة سيكون لها ما بعدها، ليس فقط في لبنان، بل في الوطن العربي كله.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق نجم «هوليوود» جورج ​كلوني وزوجته محامية حقوق الإنسان أمل كلوني في لندن (أرشيفية - رويترز)

جورج كلوني وزوجته أمل وطفلاهما يحصلون على الجنسية الفرنسية

أظهرت وثائق رسمية فرنسية أن نجم «هوليوود» جورج ​كلوني وزوجته محامية حقوق الإنسان أمل كلوني حصلا، إلى جانب طفليهما، على الجنسية الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (باريس )
يوميات الشرق التنبؤات حول العام الجديد حظيت باهتمام في «السوشيال ميديا» (فيسبوك)

«هوس التنبؤات» يتصدر الاهتمام مع اقتراب العام الجديد

مع قرب حلول العام الجديد يزداد «الهوس بالتنبؤات» وتتصدَّر أخبار من يقدمونه «الترند» ومواقع التواصل الاجتماعي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الطبيعة تشكل العنوان العريض للوحات زنتوت (راوية زنتوت)

«ما وراء اللوحة» لراوية زنتوت... حكايات ملونة بطبقات التجارب

لوحات راوية زنتوت تنسج الألوان والحركة لتوصيل الأمل والمشاعر العميقة للمشاهد.

فيفيان حداد (بيروت)

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة، بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة بادوفا الإيطالية، الثلاثاء، اكتشاف عدد من الورش الصناعية التي ترجع إلى العصر المتأخر وبدايات العصر البطلمي، إلى جانب الكشف عن جزء من جبانة رومانية تضم أنماطاً متنوعة من الدفن، أثناء أعمالها بموقعي كوم الأحمر وكوم وسيط بمحافظة البحيرة (غرب الدلتا).

ويساهم هذا الكشف في تعميق فهم طبيعة الحياة والنشاط البشري في مناطق غرب دلتا النيل والمناطق الداخلية المحيطة بمدينة الإسكندرية، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد، موضحاً في بيان للوزارة، الثلاثاء، أن «هذه الاكتشافات تمثل إضافة علمية مهمة لدراسة أنماط الاستيطان والممارسات الجنائزية والأنشطة الصناعية في غرب الدلتا، كما تسهم في تقديم رؤى جديدة حول شبكات التواصل الإقليمي منذ العصر المتأخر وحتى العصرين الروماني والإسلامي المبكر».

وتتكون الورش الصناعية المكتشفة من مبنى كبير مقسّم إلى ما لا يقل عن ست غرف، خُصصت اثنتان منها لمعالجة الأسماك، حسب تصريحات رئيس قطاع الآثار المصرية، محمد عبد البديع، حيث عثرت البعثة على نحو 9700 عظمة سمك، بما يشير إلى وجود نشاط واسع لصناعة السمك المملح في تلك الفترة.

الكشف عن جبانة رومانية بمصر (وزارة السياحة والآثار)

ويرجح تخصيص الغرف الأخرى لإنتاج الأدوات المعدنية والصخرية، وتمائم الفيانس، إذ عُثر على عدد من التماثيل الجيرية غير المكتملة، إلى جانب قطع أخرى في مراحل تصنيع مختلفة.

وأسفر الكشف أيضاً عن العثور على جرار أمفورا مستوردة وقطع من الفخار اليوناني، الأمر الذي يؤرخ نشاط هذه الورش إلى القرن الخامس قبل الميلاد.

وأسفرت أعمال الحفائر كذلك عن اكتشاف جزء من جبانة رومانية تضم عدة دفنات بثلاثة أنماط رئيسية، شملت الدفن المباشر في الأرض، والدفن داخل توابيت فخارية، بالإضافة إلى دفنات أطفال داخل أمفورات كبيرة، وفق بيان الوزارة.

فيما أوضحت رئيسة البعثة من جامعة بادوفا الإيطالية، الدكتورة كريستينا موندين، أن فريق العمل يجري حالياً عدداً من الدراسات البيو - أثرية على الهياكل العظمية المكتشفة، بهدف تحديد النظام الغذائي، والعمر، والجنس، والحالة الصحية للمدفونين بالموقع، والبالغ عددهم 23 شخصاً من الذكور والإناث والأطفال والمراهقين والبالغين.

وأشارت إلى أن النتائج الأولية لهذه الدراسات تشير إلى أن هؤلاء الأفراد عاشوا في ظروف معيشية جيدة نسبياً، دون وجود دلائل واضحة على إصابتهم بأمراض خطيرة أو تعرضهم لأعمال عنف.

وعدّ عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، هذه الاكتشافات، تمثل إضافة نوعية لفهم تاريخ غرب الدلتا خلال العصر الروماني، إذ تكشف بوضوح عن تداخل الحياة الاقتصادية مع الممارسات الاجتماعية والدينية في تلك المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ورش تجهيز السمك المملح تعكس نشاطاً صناعياً منظماً يعتمد على استغلال الموارد الطبيعية، ما يدل على أهمية غرب الدلتا بوصفها مركزَ إنتاجٍ غذائي وتجاري مرتبط بشبكات أوسع داخل مصر وخارجها».

من القطع المكتشفة في الجبانة (وزارة السياحة والآثار)

كما رأى عبد البصير أن «الكشف عن الجبانة الرومانية يقدّم مادة علمية ثرية لدراسة المعتقدات الجنائزية والبنية الاجتماعية للسكان، من خلال تنوع طقوس الدفن واللقى المصاحبة».

ونجحت البعثة في الكشف عن عشرات الأمفورات الكاملة (جرار خزفية)، بالإضافة إلى زوج من الأقراط الذهبية يعود لفتاة شابة، وقد نُقلت هذه القطع الأثرية إلى المتحف المصري في القاهرة، تمهيداً لإجراء أعمال الدراسة والترميم اللازمة لها، وفق بيان الوزارة.

وقال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، أحمد عامر، إن «هذا الاكتشاف الأثري في غرب الدلتا يفتح آفاقاً جديدة لفهم فترة حكم العصور المتأخرة وما تلاها من حقب تعاقبت على الحضارة المصرية القديمة، بل وتعيد قراءة التاريخ المصري القديم من منظور جديد».

من القطع الأثرية المكتشفة (وزارة السياحة والآثار)

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الكشف سوف يضيف لنا علمياً كثيراً عن تلك الحقبة، كما أنه معروف أن الأمفورات كانت تستخدم في عمليات التجارة الخارجية، وكان يوضع بها النبيذ، وأحياناً في نقل السمك المملح، وهذه ليست المرة الأولى في العثور على الأمفورات، حيث كانت متداولة في التجارة الخارجية للدولة المصرية مع اليونان في فترات كثيرة».


للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
TT

للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)

يواجه أحد أقدم أنواع النحل على كوكب الأرض، والمُلقِّح الأساس في غابات الأمازون، تهديدات متزايدة نتيجة إزالة الغابات، والتغيرات المناخية، وتلوث المبيدات، والمنافسة من نحل العسل الأوروبي العدواني.

في خطوة تاريخية، أصبح نحل الأمازون غير اللاسع، أي الذي لا يلسع على عكس نحل العسل الأوروبي «النحل العدواني»، أول الحشرات في العالم التي تُمنح حقوقاً قانونية، تشمل الحق في الوجود، والازدهار، والحماية القانونية في حال التعرض للأذى.

وقد أُقرّت هذه القوانين في بلديتين في بيرو هما: ساتيبو وناوتا، بعد سنوات من البحث وجهود الضغط التي قادتها روزا فاسكيز إسبينوزا، مؤسسة منظمة «أمازون ريسيرتش إنترناشيونال».

يُربي السكان الأصليون هذا النوع من النحل منذ عصور ما قبل كولومبوس، ويُعد مُلقحاً رئيسياً يساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي وصحة النظم البيئية، إذ يلقح أكثر من 80 في المائة من النباتات، بما في ذلك محاصيل الكاكاو، والقهوة، والأفوكادو. وأظهرت أبحاث إسبينوزا، التي بدأت عام 2020، أن عسل هذا النحل يحتوي على مئات المركبات الطبية المضادة للالتهاب والفيروسات والبكتيريا، كما وثقت المعرفة التقليدية في تربيته وجني عسله.

أفاد السكان الأصليون بتراجع أعداد النحل وصعوبة العثور على الأعشاش، كما كشف التحليل الكيميائي للعسل عن آثار المبيدات حتى في المناطق النائية. وأظهرت الدراسات صلة بين إزالة الغابات وتراجع أعداد النحل، بالإضافة إلى المنافسة المتزايدة من نحل العسل الأفريقي المهجن، الذي بدأ في إزاحة النحل غير اللاسع من موائله الطبيعية منذ القرن الـ20.

وفقاً لكونستانزا برييتو، مديرة قسم شؤون أميركا اللاتينية في «مركز قانون الأرض»، تمثل هذه القوانين نقطة تحوُّل في علاقة البشر بالطبيعة، إذ تعترف بالنحل غير اللاسع بوصفه من الكائنات الحاملة للحقوق وتؤكد أهميته البيئية.

وأوضح زعيم السكان الأصليين آبو سيزار راموس أن القانون يحتفي بالمعرفة التقليدية ويعترف بالدور الحيوي للنحل غير اللاسع في دعم نُظم الأمازون البيئية وثقافات الشعوب الأصلية.

تتطلب هذه القوانين، حسبما ذكرت «الغارديان» البريطانية، استعادة المَواطن البيئية، وتنظيم استخدام المبيدات، واتخاذ تدابير للحد من آثار تغيُّر المناخ، وقد اجتذبت عريضة عالمية مئات الآلاف من التوقيعات، في حين أبدت دول أخرى اهتماماً بتطبيق نموذج بيرو لحماية المُلقِّحات المحلية.


«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

يشكل إعلان الحكومة المصرية على لسان وزير قطاع الأعمال العام المصري المهندس محمد شيمي، عن سعيها للاستحواذ على مبنى قصر القطن في مدينة الإسكندرية المجاور للنصب التذكاري للجندي المجهول طاقة نور لإخراج المبنى من حالة الجمود واستغلاله سياحياً بعد تحويله إلى فندق.

ويعود المبنى لفترة الثمانينات، وأقيم مكان قصر القطن التاريخي زمن السادات، ويعدُّ أكبر منشأة في منطقة المنشية تطل على البحر مباشرة وسط مدينة الإسكندرية، ويتميز «قصر القطن» بطرازه المعماري ما جعله فريداً بين المنشآت والبنايات الموجودة في المنطقة من حيث الارتفاع والضخامة والعناصر الهندسية والمعمارية.

وقال الفنان فتحي بركات، رئيس جمعية الفنانين والكتاب «أتيليه الإسكندرية»، إن مبنى «قصر القطن» كان في البداية مملوكاً لشركة الأقطان الشرقية بالإسكندرية، وكانت هناك محاولة لأن يكون أعلى مبنى في المدينة ليتشكل من 45 طابقاً، لكن لم يتم الموافقة على مخطط بنائه، واقتصر على 22 طابقاً فقط، ومنذ إنشائه زمن السادات في موقع قصر القطن التاريخي لم يُستغل بشكل مثالي. «والآن تشغل جزءاً منه جامعة سنجور الفرنسية، بالإضافة إلى طابقين حكوميين، لكن تظل باقي الأدوار بلا أي نوع من الإشغال، وفق كلام بركات الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المبنى محاط بمنطقة مزدحمة بالبائعين، منطقة المنشية، ويجاور النصب التذكاري للجندي المجهول وإعادة الحياة له ربما يعيد الهدوء مرة أخرى للمكان، ويضفي طابعاً مختلفاً لها يعيدها للزمن الجميل، وهو يمتلك إمكانات تؤهله للاستغلال الفندقي، حيث يتضمن جراجاً في الدور الأرضي، بالإضافة لإجراء الكثير من التغييرات الداخلية لاستغلال مكوناته، أما عن شكله الخارجي فلا توجد هناك مساحة لأي تغييرات، لأن واجهته زجاجية، ولا يمكن تغييرها».

المبنى المراد تحويله إلى فندق (تصوير: عبد الفتاح فرج)

كان المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، قال خلال لقائه عدداً من الصحافيين بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة، الثلاثاء، إن الحكومة المصرية تعمل حالياً على خطة تهدف إلى إعادة إحياء الأصول التاريخية وتعظيم الاستفادة منها، من بينها أحد القصور الأثرية المميزة بمدينة الإسكندرية، وهو «قصر القطن» الواقع بجوار النصب التذكاري، مشيراً إلى أنه من المستهدف تطوير القصر وإعادة تشغيله فندقاً سياحياً متميزاً.

وأضاف شيمي أن المشروع المقترح يتضمن إنشاء فندق بارتفاع 22 طابقاً، يسهم في دعم الطاقة الفندقية بالإسكندرية وتعزيز المنتج السياحي، والحفاظ على الطابع التراثي وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة، ولتحقيق ذلك أجرت الوزارة دراسة استغلال المبنى بوضع تصور شامل لتحقيق الاستغلال الأمثل له، وتحويله إلى مركز استثماري متعدد الاستخدامات الفندقية والإدارية والتجارية، وتسهم في تعظيم العائد منه، وتنشيط ودعم الحركة السياحية والتجارية في الإسكندرية وتوفير فرص عمل إضافية.

من جهته قال الباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان إن «اتجاه مصر لتطوير واستغلال قصر القطن وتحويله إلى فندق سياحي، سيُعيد صياغة المكان، عبر إزالة الكثير من الساحات التي تشوه المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة صارت مزدحمة جداً، فضلاً عن عشوائيتها، لذا سيكون مشروع الفندق بمثابة رئة تعيد ساحة النصب التذكاري ومنطقة المنشية لسماتها السياحية والتراثية التي فقدتها منذ سنين».