«لافوفو» ابنُ عمّ «لابوبو» ملاحقٌ أمنياً بجُرم التزوير

دمية «لافوفو» المزيّفة تسرق الوهج من «لابوبو» وتنافسها سعراً ومبيعاً (موقع مجلس مدينة هال البريطانية - رويترز)
دمية «لافوفو» المزيّفة تسرق الوهج من «لابوبو» وتنافسها سعراً ومبيعاً (موقع مجلس مدينة هال البريطانية - رويترز)
TT

«لافوفو» ابنُ عمّ «لابوبو» ملاحقٌ أمنياً بجُرم التزوير

دمية «لافوفو» المزيّفة تسرق الوهج من «لابوبو» وتنافسها سعراً ومبيعاً (موقع مجلس مدينة هال البريطانية - رويترز)
دمية «لافوفو» المزيّفة تسرق الوهج من «لابوبو» وتنافسها سعراً ومبيعاً (موقع مجلس مدينة هال البريطانية - رويترز)

لم يخفت وهج «لابوبو» حتى الساعة. في عيدها الـ67 انضمّت مادونا إلى ركب الفنانين العالميين الذين تبنّوا الدمية الصينية، فأطلقت على قالب الحلوى الذي قطعته اسم «مادودو» وهو نسخة عن الدمية باللون الزهري. وفي محال المجوهرات، باتت دمية «لابوبو» متوفرة بالذهب الخالص من عيار 24 قيراطاً. أمّا في السهرات الراقصة، فيمكن مشاهدة أشخاصٍ يتمايلون على الحلبة وهم يضعون قناع «لابوبو» على وجوههم.

هذه الموجة التي تضرب الذوق الشعبي حول العالم منذ أشهر، أسفرت عن أرباحٍ غير مسبوقة لشركة «بوب مارت» المصنّعة. فقد أعلن رئيسها التنفيذي قبل أسبوعين، أنه وبفضل مبيعات «الدمية القبيحة اللطيفة»، حققت الشركة الصينية أرباحاً بقيمة نحو 3 مليارات دولار من المتوقع أن تفوق الـ4 مليارات مع نهاية السنة.

ما زالت دمية «لابوبو» تتربّع على عرش السلع الأكثر مبيعاً حول العالم (أ.ف.ب.)

مَن هو «لافوفو»؟

على ضفاف نهر «لابوبو» المتدفّق، نبتت نسخة أقلّ كلفةً وأوسع انتشاراً وأكثر قبحاً ولطفاً، وفق مَن يتهافتون على شرائها. هؤلاء، وهم كثُر، يغضّون الطرف عن عيوب التصنيع، بل يجدون في «لافوفو» عنصراً جذّاباً ومثيراً للضحك والتسلية.

أمّا اسمُ «لافوفو» فليس شرعياً كما النسخة الأصليّة، إنما هو تعريفٌ تجاريٌّ رائج وحرف الفاء فيه منسوبٌ إلى كلمة fake أي مزيّف باللغة الإنجليزية.

«لافوفو» النسخة المزوّرة من دمية «لابوبو» أو «ابن عمّه التقليد». بدأ تصنيع كميات هائلة منه في الصين، ما إن انتشرت ظاهرة «لابوبو» عالمياً. ركب المزوّرون الموجة على طريقتهم، مستبِقين حاجة السوق إلى تلك الدمية التي يتهافت الملايين حول الكوكب على اقتنائها.

تتوفر دمى «لافوفو» المقلّدة في الأسواق الشعبية وفي متاجر الألعاب (رويترز)

بماذا يختلف «لافوفو» عن «لابوبو»؟

تتعدّد النُّسَخ المقلّدة، فبعض دمى «لافوفو» هي أكثر جودة من غيرها، وهذه تحديداً يصعب تمييزها عن تلك الأصلية. لكن بين المزوّر والأصلي، يمكن تعداد مجموعة من الفوارق التي تسهل معاينتها بالعين المجرّدة. وكلما كانت النسخة أقل جودةً أصبح الأمر أوضح.

أول ما يلفت النظر في «لافوفو» الرأس الكبير غير المتناسق مع حجم الجسم الصغير، إضافةً إلى الجبهة العريضة بشكلٍ مبالغٍ فيه، ليبدو وكأنه خسر قسماً من شعره الأمامي. أمّا فروة الرأس فغالباً ما تُلصق بطريقة عشوائية، مع العلم بأن الفروة بحدّ ذاتها ليست بالنعومة نفسها التي تميّز «لابوبو» الأصلي.

غالباً ما تكون جبهة «لافوفو» عريضة وحجم الرأس غير متناسق مع الجسم (إنستغرام)

أمّا أكثر العلامات الفارقة للتمييز بين «لابوبو» الأصلي و«لافوفو» المقلّد فهو عدد الأسنان، إذ إنّ من المعروف أنّ لدى «لابوبو» 9 أسنان بارزة، فيما غالباً ما يقتصر عدد أسنان «لافوفو» على 8 أو يرتفع إلى 10.

يفتقد «لافوفو» الرشاقة والنضارة اللتين يتمتّع بهما «لابوبو». طلاء وجهه ليس بالنظافة ذاتها، وغالباً ما تَبهُت ألوانه بسرعة. إلى جانب ذلك فإنّ أطرافه غير متحرّكة، فيما يدا «لابوبو» ورجلاه قابلتان للالتفاف 360 درجة.

من علامات دمية «لافوفو» الفارقة أسنانها الـ8 أو الـ10 بينما لدى «لابوبو» 9 أسنان (إنستغرام)

السرّ في العلبة

الطريقة الأضمن للحصول على لابوبو أصليّ، هو شراؤه مباشرةً من متاجر «بوب مارت» أو لدى الباعة المعتمدين. أما للتأكّد أكثر من أنّ ما وقع بين يدَيك ليس النسخة المقلّدة، فيجب النظر بإمعان إلى العلبة وهنا يكمن السرّ.

على علبة «لابوبو» الأصليّ الواردة من مصانع «بوب مارت»، ملصقٌ واضح المعالم طُبع عليه رمز QR. بمجرّد مسح الرمز بواسط الهاتف، ينتقل المستخدم إلى الموقع الرسمي للشركة حيث يجري التأكّد من أن السلعة أصلية. أما علب «لافوفو»، وإن أظهرت الملصق ورمز الـQR، فهي ليست مربوطة بالموقع الرسمي للشركة. يكفي إذاً مسح الرمز للتأكّد من أن اللعبة أصلية.

دمية «لابوبو» الأصلية في علبتها (موقع شركة بوب مارت المصنّعة)

الناس تتبنّى «لافوفو»... على عيوبه

سببان أساسيان دفعا الناس بدايةً إلى استبدال «لابوبو» بـ«لافوفو»، أوّلهما أن الأخير أقلّ كلفةً من الأصلي، وثانيهما أنه متوفّرٌ بكثرة وفي كل مكان. فقد بدأت أسهم «لافوفو» بالصعود قبل أشهر، وذلك بالتزامن مع فقدان «لابوبو» من الأسواق. وكانت الشركة الصينية المصنّعة آنذاك تتعمّد تشويق المستهلك، عبر إطلاق نسَخٍ محدودة من اللعبة من دون إغراق السوق بها، ما يؤدّي إلى فترات طويلة من الانقطاع.

وفي وقتٍ لا يباع «لابوبو» سوى عبر «بوب مارت» أو وكلائها الحصريين، فإنّ «لافوفو» متوفر في الأسواق الشعبية، ومعظم محال الألعاب العادية، إضافةً إلى المتاجر الإلكترونية المعروفة مثل «شي إن» و«علي بابا» و«علي إكسبرس».

تباع دمية «لابوبو» حصراً في متاجر «بوب مارت» أو وكلائها الحصريين (رويترز)

أما الأسعار فتتراوح بين 5 و10 دولارات، فيما يبدأ بيع «لابوبو» الأصلي مقابل 20 دولاراً ليبلغ أرقاماً خيالية أحياناً. ففي يونيو (حزيران) الماضي، بيعت النسخة الأغلى من «لابوبو» في مزادٍ علني في بكين، مقابل 170 ألف دولار.

أسعار «لافوفو» التنافسيّة ووفرته في الأسواق جعلتا منه بديلاً منطقياً لـ«لابوبو»، ورمزاً للعدالة الاجتماعية. وكأنه أتى ليقول إنه يحقّ للجميع أن يقتنوا «لابوبو» ويركبوا موجته، حتى وإن لم تكن ميزانيّتهم تسمح بذلك.

مُصادرة نسخ مزوّرة من «لابوبو» في بريطانيا (موقع مجلس مدينة موراي)

«لافوفو» يكشّر عن أنيابه والشرطة بالمرصاد

إلا أن تلك الإيجابيات لا تُخفي سلبياتٍ كثيرة تشوب النسخة المقلّدة من «لابوبو». أول ما يحذّر منه الخبراء هي أطرافها القابلة للتفكّك بسهولة، ما يهدّد بخطر ابتلاعها والاختناق بها من قبل الأطفال. هذا إضافةً إلى احتمال احتواء «لافوفو» على موادّ سامّة مثل الأصبغة المضرّة والرصاص ومليّنات بلاستيكية محظورة عالمياً.

انطلاقاً من محاربتها سوق التزوير واستدراكاً لتلك المخاطر، تسارع السلطات الرسمية في الصين وحول العالم لمكافحة تفشّي «لافوفو».

فالبلد المعروف بكَونه المركز العالمي لتصنيع السلع والعلامات التجارية المقلّدة، حريصٌ جداً على «لابوبو»، فخر صناعته المحلّيّة. السلطات الأمنية الصينية في سباقٍ مع دمى «لافوفو» وقد صادرت الآلاف منها حتى اليوم. وكذلك الأمر في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، حيث تُقاضى بعض المتاجر لبيعها نُسَخاً مقلّدة من اللعبة.


مقالات ذات صلة

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

يوميات الشرق رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

لا يشكّل معرض «ديفا» (رحلة في بريق المجوهرات الإيطالية) قصة عادية لفنانين مصمّمين، بل يروي حكاية شيّقة عن تاريخ هذا الفنّ اليدوي في إيطاليا.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)

أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

قال فنان متخصّص في الأعمال الميكروسكوبية إنه حطَّم رقمه القياسي العالمي السابق بعد ابتكار أصغر تمثال مصنوع يدوياً في التاريخ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تدور موضوعات لوحات بو فرح بين الخيال والواقع (الشرق الأوسط)

معرض «آي كلاود» لجولي بو فرح ريشة مغمسة بالحدس والعفوية

تستعير الفنانة التشكيلية جولي بو فرح في معرضها «آي كلاود» من الغيوم صورة شاعرية لأعمالها، فترسمها بريشة تتأرجح بين الواقع والخيال.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق روائح تحكُم قرارات الحياة والموت في عالم الحشرات (غيتي)

النمل يطلب موته بإرادته... اكتشاف رائحة «تعالوا واقتلوني» داخل المستعمرة

أكد علماء أنّ النمل الصغير المريض يُطلق رائحة معيّنة تستدعي النمل العامل للقضاء عليه من أجل حماية المستعمرة من العدوى...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق هناك بعض الخطوات الفعالة التي قد تساعدك في الحفاظ على يقظتك وتركيزك خلال الاجتماعات (أرشيفية - رويترز)

هل تجد صعوبة في البقاء يقظاً خلال اجتماعات؟ إليك الحل

هناك بعض الخطوات الفعالة التي قد تساعدك في الحفاظ على يقظتك وتركيزك، حتى في أطول الاجتماعات وأكثرها مللاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.