ترمب «مندهش» من استقالة رئيس الوزراء الياباني... من هو شيغيرو إيشيبا؟

وصفه بأنه «رجل لطيف للغاية»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الياباني المستقيل شيغيرو إيشيبا في مناسبة سابقة بالبيت الأبيض (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الياباني المستقيل شيغيرو إيشيبا في مناسبة سابقة بالبيت الأبيض (أ.ف.ب)
TT

ترمب «مندهش» من استقالة رئيس الوزراء الياباني... من هو شيغيرو إيشيبا؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الياباني المستقيل شيغيرو إيشيبا في مناسبة سابقة بالبيت الأبيض (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الياباني المستقيل شيغيرو إيشيبا في مناسبة سابقة بالبيت الأبيض (أ.ف.ب)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس الأحد، إنه «مندهش» من استقالة رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، بعد أقل من عام منذ تولّيه منصبه.

وقال ترمب، للصحافيين، لدى عودته بعد حضور نهائي بطولة أميركا المفتوحة للتنس في مدينة نيويورك: «أنا مندهش، كنت أعرفه، وأُعجبتُ به، وهو الآن يتنحى عن منصبه. في الواقع، وجدته رجلاً لطيفاً للغاية، وتعاملنا معاً بشكل جيد للغاية»، وفق ما نقلته صحيفة «ماينشي» اليابانية.

وأعلن إيشيبا، الأحد، استقالته من رئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي، وبالتالي من رئاسة الحكومة، مدفوعاً إلى ذلك من كبار أعضاء حزبه، الذين دعوا إلى تغيير القيادة بعد الانتكاسة الانتخابية الأخيرة. وقال إيشيبا، خلال مؤتمر صحافي، بعد ظهر الأحد: «قررت الاستقالة من منصبي رئيساً للحزب الليبرالي الديمقراطي».

وتابع: «الآن وقد أُنجِزت المفاوضات حول التعريفات الجمركية الأميركية، أعتقد أن الوقت مناسب، قررت الانسحاب والإفساح للجيل التالي».

وتوصّل إيشيبا، في أواخر يوليو (تموز) الماضي، إلى اتفاق مع الولايات المتحدة أتاح خفض الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب على المنتجات المستوردة من اليابان.

يأتي هذا القرار بعد أقل من عام على تولّي إيشيبا، البالغ 68 عاماً، قيادة الحزب الليبرالي الديمقراطي المهيمن تقليدياً على الحياة السياسية اليابانية، ليصبح رئيساً للحكومة.

وبموجب النظام في اليابان، فإن رئيس البرلمان هو تقليدياً رئيس الحزب الحاكم، مع العلم بأن الحزب الليبرالي الديمقراطي يحكم اليابان بصورةٍ شبه متواصلة منذ عقود.

وذكرت قناة «إن إتش كاي» الرسمية أن البرلمانيين والمسؤولين المحليين في الحزب عبر أنحاء اليابان سيدعون، الاثنين، إلى انتخابات جديدة لرئاسة الحزب.

وأوضحت القناة أن إيشيبا اتخذ قراره لتفادي انقسام داخل صفوف حزبه، في حين ذكرت صحيفة «أساهي شيمبون» أنه لم يعد بإمكانه الصمود بوجه الدعوات المتزايدة لتنحّيه.

مسيرة شيغيرو إيشيبا

وُلد شيغيرو إيشيبا يوم 4 فبراير (شباط) 1957 لعائلة سياسية مرموقة، إذ كان والده جيرو إيشيبا محافظاً لإقليم توتوري بجنوب غربي اليابان، بين عاميْ 1958 و1974، قبل أن تُسند إليه حقيبة وزارة الداخلية.

وإيشيبا من الأقلية المسيحية في اليابان، وقد درس الحقوق في جامعة كييو، إحدى أعرق جامعات اليابان الخاصة، وفيها التقى زوجته المستقبلية يوشيكو ناكامورا، وهما، اليوم، والدان لابنتين.

وبعد التخرّج توظّف في مصرف «ميتسوي»، قبل أن يسير على خُطى والده ويدخل مجال السياسة بتشجيع من صديق والده ورئيس الوزراء الأسبق كاكوي تاناكا.

ففي عام 1986، انتُخب نائباً عن الحزب الليبرالي الديمقراطي في البرلمان عن دائرة توتوري الموسّعة حتى عام 1996، ثم عن دائرة توتوري الأولى منذ ذلك الحين، وحتى أصبح رئيساً للوزراء.

مواقف اعتراضية

لم تخلُ مسيرة إيشيبا السياسية من الإثارة؛ حيث شهدت مواقف اعتراضية واستقلالية وضعته غير مرة في مسار تصادميّ مع حزبه وحزب والده.

في عام 1993، خرج من صفوف الحزب الليبرالي الديمقراطي ليلتحق بحزب «تجديد اليابان» الذي أسسته قيادات منشقّة عن الحزب بقيادة تسوتومو هاتا (رئيس الوزراء عام 1994)، وإيتشيرو أوزاوا (وزير داخلية سابق) حتى عام 1994، ثم انتقل إلى حزب «الحدود الجديدة» الذي أُسس نتيجة اندماج «تجديد اليابان» مع قوى أخرى، وفيه مكث بين 1994 و1996، وبعدها ظل نائباً مستقلاً إلى أن عاد إلى صفوف الحزب الليبرالي الديمقراطي.

وفي أعقاب العودة عام 1997، تبوّأ إيشيبا عدداً من المسؤوليات، بدأت بمنصب المدير العام لوكالة الدفاع، ثم منصب وزير الدفاع بين عاميْ 2007 و2008 في حكومتيْ جونيتشيرو كويزومي وياسوو فوكودا، ثم عُيّن وزيراً للزراعة والغابات والثروة السمكية في حكومة تارو آسو بين 2008 و2009، وتولّى أيضاً منصب الأمين العام للحزب الليبرالي الديمقراطي بين 2012 و2014.

ومع الأخذ في الحسبان هذه الخلفية، كان طبيعياً أن يدفع طموح إيشيبا الشخصي هذا السياسي الجريء إلى التوق لخوض التنافس على زعامة الحزب، وبالتالي، رئاسة الحكومة.

رئيس الوزراء الياباني المستقيل شيغيرو إيشيبا (أ.ف.ب)

وجرّب شيغيرو إيشيبا حظه في الزعامة مرّات عدة. وكانت المرة الأولى التي يرشح نفسه فيها عام 2008، إلا أنه في تلك المنافسة احتل المرتبة الخامسة بين المتنافسين. وبعدها رشح نفسه عاميْ 2012 و2018، وفي المرتين كان غريمه رئيس الوزراء الأسبق الراحل شينزو آبي، الزعيم الذي شغل منصب رئاسة الحكومة لأطول فترة في تاريخ المنصب.

ثم في أعقاب استقالة آبي (الذي اغتيل عام 2022) لأسباب صحية عام 2020، رشّح إيشيبا نفسه، إلا أنه خسر هذه المرة وجاء ثالثاً، وذهبت الزعامة ورئاسة الحكومة ليوشيهيدي سوغا.

وفي العام التالي، بعدما أحجم إيشيبا عن خوض المنافسة، فاز الزعيم ورئيس الحكومة السابق السابق فوميو كيشيدا. بَيْد أن الأخير قرّر، في أغسطس (آب) الماضي، أنه لن يسعى إلى التجديد في الموعد المقرر في سبتمبر (أيلول).

وهكذا بات لا بد من الدعوة إلى إجراء انتخابات الزعامة التي فاز بها إيشيبا، متغلباً بفارق بسيط وفي الدورة الثانية على منافِسته الوزيرة اليمينية المتشدّدة ساناي تاكايشي، التي كانت تصدرت دورة التصويت الأولى.

وهكذا صار زعيماً للحزب الليبرالي الديمقراطي ومرشحه لرئاسة الحكومة الرسمي، وعلى الأثر، اختاره مجلس النواب رئيساً للوزراء في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكان إيشيبا يواجه انتقادات داخل الحزب الليبرالي الديمقراطي، بعد تكبد الحزب أسوأ نكسة منذ 15 عاماً في الانتخابات الأخيرة.

ففي 20 يوليو الماضي، خسر الائتلاف، بقيادة الحزب الليبرالي الديمقراطي، انتخابات مجلس المستشارين الذي يُعد بمثابة مجلس الشيوخ في اليابان، بعد أشهر قليلة من اضطراره إلى تشكيل حكومة أقلية، على أثر هزيمته في انتخابات مجلس النواب.

تناقض مع استطلاعات الرأي

لكن الاستقالة تأتي في سياق متناقض، إذ كان إيشيبا يسجل مؤخراً تقدّماً في استطلاعات الرأي، ولا سيما بعد توصله إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة.

وسجلت حكومته ارتفاعاً مفاجئاً في نسبة شعبيتها وصل، في نهاية أغسطس الماضي، إلى 39 في المائة من الآراء المؤيدة، ما يمثل زيادة قياسية بـ17 نقطة عن يوليو، وفق استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة «يوميوري».

وأظهر التحقيق أن عدداً متزايداً من اليابانيين وصل إلى 50 في المائة يريدون بقاء إيشيبا في السلطة، مقابل 42 في المائة يريدون استقالته.

ووفق استطلاع للرأي أجرته صحيفة «ماينشي»، فإن 33 في المائة من اليابانيين يدعمونه، وهي أول مرة يتخطى التأييد له نسبة 30 في المائة منذ فبراير الماضي.

وعَزَت صحيفة «يوميوري» هذا الارتفاع في الشعبية بصورة خاصة إلى الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة، الذي أُبرم بعد يومين من الانتخابات اليابانية، وخفض الرسوم الجمركية الأميركية على المنتجات اليابانية من 25 في المائة إلى 15 في المائة.

كما أشارت الصحيفة إلى جهود الحكومة لوقف الارتفاع الأخير بأسعار الأرز، الذي شكّل عاملاً أساسياً في معدلات التضخم المرتفعة.

ويتوقع بعض المراقبين أن تخلفه منافِسته الأولى ساناي تاكايشي، القومية المتشددة التي حلّت في المرتبة الثانية في الانتخابات الأخيرة لقيادة الحزب عام 2024. وقد أعلنت، منذ الآن، أنها تعتزم الترشح.


مقالات ذات صلة

الكرملين: بوتين بعث رسالة تهنئة إلى ترمب بمناسبة عيد الميلاد

أوروبا الرئيس ⁠الروسي ​فلاديمير بوتين (رويترز)

الكرملين: بوتين بعث رسالة تهنئة إلى ترمب بمناسبة عيد الميلاد

الرئيس ⁠الروسي ​فلاديمير بوتين ‌بعث رسالة تهنئة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب ⁠بمناسبة عيد الميلاد، ‌وعبَّر ‍له عن أطيب الأمنيات.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
خاص السودان يتصدر قائمة مراقبة الأزمات الإنسانية العالمية للعام الثالث في ظل الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف (رويترز)

خاص عام في السودان... حرب شرعيات ومصالح وخطوط نفوذ

فتحت مبادرة للمملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة نافذة جديدة تراهن على كسر الجمود في السودان الرازح تحت وطأة مجازر وموجات نزوح واسعة.

أحمد يونس (كمبالا)
الاقتصاد دونالد ترمب وجيروم باول خلال جولة في مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن 24 يوليو الماضي (رويترز)

خفايا المواجهة: كيف صمد «الفيدرالي» في مواجهة ترمب؟

بينما كانت منصات التواصل الاجتماعي تمتلئ بتهديدات البيت الأبيض ضد استقلال البنك المركزي، كانت تجري خلف الأبواب المغلقة في فيلادلفيا معركة مختلفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشارك في مكالمات هاتفية لتتبع بابا نويل عشية عيد الميلاد من منتجع مارالاغو في بالم بيتش بفلوريدا (رويترز)

ترمب يتحدث مع أطفال ليلة عيد الميلاد: نتأكد من عدم تسلل «بابا نويل سيئ» إلى أميركا

تابع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس (الأربعاء)، ليلة عيد الميلاد، أخبار بابا نويل من غرفة معيشته في بالم بيتش بولاية فلوريدا، وفقاً لشبكة «سي إن إن».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يبكي على نعش قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي خلال تشييع عسكريين كبار قتلوا في الضربات الإسرائيلية في طهران يوم 28 يونيو الماضي (أرشيفية- أ.ف.ب)

خاص «مطرقة الليل» في 2025... ترمب ينهي «أنصاف الحلول» في إيران

مع عودة دونالد ترمب إلى المكتب البيضاوي في مطلع 2025، لم تحتج استراتيجيته المحدثة لـ«الضغوط القصوى» سوى أقل من عام كي تفرض إيقاعها الكامل على إيران.

عادل السالمي (لندن)

رئيس باكستان ورئيس الوزراء يشيدان بقوات الأمن

تظهر الصورة للرئيس الباكستاني آصف علي زرداري بالقصر الرئاسي في إسلام آباد (د.ب.أ)
تظهر الصورة للرئيس الباكستاني آصف علي زرداري بالقصر الرئاسي في إسلام آباد (د.ب.أ)
TT

رئيس باكستان ورئيس الوزراء يشيدان بقوات الأمن

تظهر الصورة للرئيس الباكستاني آصف علي زرداري بالقصر الرئاسي في إسلام آباد (د.ب.أ)
تظهر الصورة للرئيس الباكستاني آصف علي زرداري بالقصر الرئاسي في إسلام آباد (د.ب.أ)

أشاد الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، ورئيس الوزراء محمد شهباز شريف، الخميس، بقوات الأمن الباكستانية لنجاحها في تنفيذ عملية استخباراتية ضد مسلحي جماعة «فتنة الهندوستان» المدعومة من جانب الهند.

يقف رجال الشرطة حراسةً خارج كنيسة بينما يحضر أفراد من الأقلية المسيحية قداس عيد الميلاد في مدينة كويتا، باكستان، يوم 25 ديسمبر كانون الأول 2025. يحتفل مليارات الأشخاص حول العالم بعيد الميلاد سنوياً في 25 ديسمبر كانون الأول لإحياء ذكرى ميلاد السيد المسيح (أ.ب.أ )

وأفادت وكالة أنباء «أسوشييتد برس أوف باكستان» الباكستانية بأن العملية وقعت في منطقة كالات بإقليم بلوشستان، وبأن زرداري وشريف وصفاها بأنها «رسالة قوية لأعداء السلام والاستقرار». وفي بيان صادر عن الرئاسة، قال الرئيس الباكستاني إن «القضاء على الإرهابيين المدعومين من الهند يظهر عزم المؤسسات الأمنية الباكستانية على حماية البلاد وشعبها». وفي بيان منفصل صادر عن مكتب رئيس الوزراء، أشاد شريف أيضاً بقوات الأمن لنجاحها في العملية ضد إرهابيي «فتنة الهندوستان». وتأتي هذه العملية في ظل تزايد ملحوظ في الهجمات الإرهابية، خاصة في إقليمي خيبر بختونخوا وبلوشستان، منذ أن عادت طالبان أفغانستان للسلطة في أفغانستان عام 2021.


بـ«قائمة شرف خاصة»... أستراليا بصدد تكريم مَن واجهوا هجوم سيدني

رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (يسار) ونظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي (يمين) يحضران غداءً بمناسبة عيد الميلاد استضافته مؤسسة القس بيل كروز بسيدني الخميس (إ.ب.أ)
رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (يسار) ونظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي (يمين) يحضران غداءً بمناسبة عيد الميلاد استضافته مؤسسة القس بيل كروز بسيدني الخميس (إ.ب.أ)
TT

بـ«قائمة شرف خاصة»... أستراليا بصدد تكريم مَن واجهوا هجوم سيدني

رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (يسار) ونظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي (يمين) يحضران غداءً بمناسبة عيد الميلاد استضافته مؤسسة القس بيل كروز بسيدني الخميس (إ.ب.أ)
رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (يسار) ونظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي (يمين) يحضران غداءً بمناسبة عيد الميلاد استضافته مؤسسة القس بيل كروز بسيدني الخميس (إ.ب.أ)

أعلن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، الخميس، خططاً لإطلاق وسام وطني للشجاعة و«قائمة شرف» خاصة؛ لتكريم المدنيين وأفراد الاستجابة الأولى الذين واجهوا «أسوأ مظاهر الشر» خلال هجوم إرهابي أسفر عن مقتل 15 شخصاً، وألقى بظلال ثقيلة على موسم الأعياد في البلاد.

وقال ألبانيزي إنه يعتزم إنشاء نظام تكريم خاص لأولئك الذين عرَّضوا أنفسهم للخطر؛ للمساعدة خلال الهجوم الذي استهدف احتفالاً بعيد «الحانوكا» على شاطئ البحر، ومن بينهم أحمد الأحمد، وهو مسلم سوري-أسترالي تمكَّن من تجريد أحد المهاجمين من سلاحه قبل أن يصاب هو نفسه.

ضباط شرطة ينفذون دورية بالقرب من رواد شاطئ بونداي في سيدني يوم عيد الميلاد الخميس (أ.ف.ب)

ويحْيي اليهود عيد «الحانوكا» إحياءً لذكرى انتصار المكابيين (عائلة يهودية) على الإمبراطورية السلوقية عام 165 قبل الميلاد.

وتصدّر اسم المواطن السوري أحمد الأحمد عناوين الصحف الأسترالية، بعد تدخله بشجاعة لوقف الهجوم وانتزاعه سلاح أحد المهاجمين، مما أسهم في الحد من حجم الكارثة.

وتتهم السلطات ساجد أكرم، الذي قُتل برصاص الشرطة خلال الهجوم الذي وقع في 14 ديسمبر (كانون الأول)، وابنه نافيد أكرم، 24 عاماً، بتنفيذ أسوأ مجزرة تشهدها أستراليا منذ عام 1996.

وفي مؤتمر صحافي أعقب غداء يوم عيد الميلاد في مؤسسة خيرية بمدينة سيدني، وصف ألبانيزي عيد الميلاد هذا العام بأنه محكوم بتباين حاد بين العنف المتطرف و«أفضل ما في الإنسانية».

وقال: «عيد الميلاد هذا مختلف بسبب الهجوم الإرهابي والدوافع المرتبطة بتنظيم (داعش) ومعاداة السامية. لكن في الوقت نفسه، وبينما شهدنا أسوأ ما في الإنسانية، رأينا أيضاً الشجاعة واللطف والتعاطف من أولئك الذين اندفعوا نحو الخطر». وأوضح أن الأوسمة المقترحة ستكرم الأشخاص الذين يجري ترشيحهم والتوصية بمنحهم أوسمة الشجاعة أو الاستحقاق ضمن نظام الأوسمة والجوائز الأسترالية القائم، تقديراً لأفعالهم في أثناء الهجوم وبعده.

وشهد شاطئ بونداي في سيدني، الخميس، احتفالات محدودة بعيد الميلاد في أعقاب هجوم إرهابي قُتل فيه ​15 شخصاً قبل أكثر من أسبوع، إذ يواجه المجتمع تبعات أكثر حوادث إطلاق النار الجماعي دمويةً في البلاد منذ نحو ثلاثة عقود.

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (في الوسط) وزوجته جودي هايدون يستقبلان الضيوف خلال غداء عيد الميلاد الذي استضافته مؤسسة القس بيل كروز بسيدني الخميس (إ.ب.أ)

وقامت الشرطة بدوريات على الشاطئ، الذي يعد وجهة تقليدية لاحتفالات عيد الميلاد في المدينة، ‌حيث تجمع ‌مئات الأشخاص. وقال السائح ‌البريطاني ⁠مارك ​كونروي لـ«رويترز»: «‌أعتقد أن الأمر مأساوي، وأن الجميع يحترمون ما حدث ويشعرون بالحزن الشديد لما حدث، وأن الناس هنا على الشاطئ لأن الأمر أشبه بالاحتفال، لكن الجميع يحتفظون به في ذاكرتهم والجميع يحترمون ما ⁠حدث».

ودفع الهجوم المسلح الذي وقع في 14 ‌ديسمبر في احتفال بعيد ‍الأنوار اليهودي (الحانوكا) ‍إلى إطلاق دعوات لتشديد قوانين حمل ‍السلاح واتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد معاداة السامية، في حين جرى تشديد قواعد التجمعات العامة في سيدني بموجب قوانين جديدة أُقرت.

وشوهد مرتادو ​الشاطئ وهم يلتقطون الصور بجوار شجرة عيد الميلاد، فيما التقط البعض صوراً ⁠مع رجال الإنقاذ، لكن الطقس العاصف قلل من عدد المحتفلين على ما يبدو.

ضباط الشرطة ينفذون دوريات بالقرب من رواد شاطئ بونداي بسيدني يوم عيد الميلاد الخميس (أ.ف.ب )

ونُكِّست الأعلام خارج مبنى بونداي بافيليون المُدْرَج على قائمة التراث بالقرب من موقع الهجوم، الذي تقول الشرطة إن مرتكبيه أب وابنه استلهما فكر تنظيم داعش.

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقعت هجمات على كُنس ‌يهودية ومبانٍ وسيارات مملوكة ليهود في أستراليا. وتُظهر صور من مكان الجريمة في المدينة -التي تعيش فيها أكبر جالية يهودية في أستراليا- لافتة «عيد حانوكا سعيد» على سقف السيارة التي اشتعلت فيها النيران. وكانت السيارة متوقفة في ممر أمام منزل الحاخام بحي سانت «كيلدا إيست» في المدينة الساحلية التي يعيش بها الكثير من اليهود. وذكرت وسائل إعلام أسترالية أنه تم نقل الحاخام وأسرته إلى مكان آمن. ولم يُصَب أحد بأذى، ونقلت وسائل إعلام أسترالية عن الشرطة القول إنها حددت هوية شخص من الممكن أن يساعد في التحقيقات، دون أن تعلن إلقاء القبض على أحد. ولم تتطرق السلطات، بصورة فورية، إلى الدوافع وراء الجريمة.

وعلى صعيد متصل، أفاد المبعوث الأسترالي الخاص لمكافحة معاداة السامية، بارتفاع حوادث معاداة السامية بشكل كبير منذ الهجوم الذي شنته حركة «حماس» على إسرائيل في أكتوبر 2023، وما تلاه من اندلاع حرب غزة.

وعلى الصعيد المحلي، تم الإبلاغ عن أكثر من 2000 حالة معاداة للسامية خلال الاثني عشر شهراً التي تلت الهجوم، وقد شملت تهديدات وترهيباً واعتداءات عنيفة وتخريباً للممتلكات.

وفي ديسمبر 2024، تصدرت حادثة إحراق متعمدة لكنيس يهودي في ملبورن بدوافع معادية للسامية، عناوين الأخبار، حيث اتهمت السلطات الأمنية الأسترالية إيران بالوقوف خلفها. وبعد أقل من أسبوعين من الهجوم الإرهابي الذي استهدف شاطئ بونداي الشهير في مدينة سيدني الأسترالية، والذي أسفر عن مقتل 15 شخصاً، معظمهم من اليهود الذين كانوا يحتفلون بعيد «حانوكا» (عيد الأنوار اليهودي)، اشتعلت النيران في سيارة حاخام بمدينة ملبورن، الخميس، في هجوم يُشتبه بأن له علاقة بمعاداة السامية.

في غضون ذلك، قال توني بيرك وزير الشؤون الداخلية في أستراليا، والمعنيّ أيضاً بملف الهجرة، الأربعاء، إن بلاده ألغت تأشيرة بريطاني ​بعد اتهامه بعرض رمز نازيّ محظور، في وقت تكثف فيه أستراليا حملة لمكافحة معاداة السامية عقب إطلاق نار جماعي على شاطئ بونداي.

وقالت الشرطة الاتحادية الأسترالية إن الحكومة ألغت تأشيرة دخول رجل يبلغ من العمر 43 عاماً بعد أن وجهت إليه السلطات في الثامن من ديسمبر اتهامات بعرض ‌رمز نازيّ، والدعوة إلى ‌العنف ⁠ضد اليهود ​عبر منصة ‌«إكس» للتواصل الاجتماعي. وقال بيرك لهيئة الإذاعة الأسترالية: «إذا أتيت إلى أستراليا بتأشيرة دخول، فأنت ضيف هنا... إذا جاء أحدهم إلى هنا لأغراض الكراهية فعليه المغادرة»، في إشارة إلى البريطاني المعنيّ بالأمر.

وأشارت الشرطة الاتحادية إلى أن البريطاني عرض الصليب النازيّ المعقوف وتبنى «آيديولوجية ⁠تؤيد الفكر النازي بكراهية بشكل خاص لليهود» عبر حسابين على ‌«إكس» خلال شهرَي أكتوبر ونوفمبر (تشرين الثاني). وذكرت تقارير ‍إعلامية أن البريطاني الذي كان يقيم في ‍ولاية كوينزلاند نُقل إلى مركز احتجاز للمهاجرين بعد إلغاء تأشيرته، وسيتم ترحيله ما لم يغادر البلاد طوعاً أولاً.

Your Premium trial has ended


سينما عتيقة في كابل تسقط أخيراً تحت جرافات «طالبان»

مشاهدة فيلم بوليوودي في سينما أريانا بكابل عام 2012 (رويترز)
مشاهدة فيلم بوليوودي في سينما أريانا بكابل عام 2012 (رويترز)
TT

سينما عتيقة في كابل تسقط أخيراً تحت جرافات «طالبان»

مشاهدة فيلم بوليوودي في سينما أريانا بكابل عام 2012 (رويترز)
مشاهدة فيلم بوليوودي في سينما أريانا بكابل عام 2012 (رويترز)

سقطت دار عرض سينمائي شهدت فصولاً من التاريخ الحديث لأفغانستان، من حيوية ستينات القرن الماضي المنفتحة على العالم، إلى فترات الصمت والقمع التي أعقبت استيلاء «طالبان» على السلطة مرتين، تحت جرافات «طالبان»، لتُهدم وتُقام مكانها سوق تجارية.

خارج سينما أريانا عام 2010 في العاصمة كابل قبل الهدم (متداولة)

وكانت «سينما أريانا» في كابل، عاصمة البلاد، مغلقة منذ عام 2021، حين عادت «طالبان» إلى الحكم، باستثناء عروض متفرقة لأفلام دعائية. ومع ذلك، ظلت قائمة بوصفها معلماً في قلب المدينة، وتذكاراً للفن والثقافة والمتعة في ذاكرة كثير من الأفغان.

وفي الأسبوع الماضي، بدأت جرافة في تفكيك المبنى. ومن المقرر أن يرتفع في موقعه لاحقاً مركز تسوق بتكلفة 3.5 مليون دولار، يضم أكثر من 300 متجر، إلى جانب مطاعم وفندق ومسجد، موزعة على ثمانية طوابق، وفق ما قاله نعمت الله بركزاي، المتحدث باسم بلدية كابل.

أولويات «طالبان»

ويعكس تدمير السينما أولويات الإدارة التابعة لـ«طالبان» على الصعيدين الآيديولوجي والاقتصادي، في وقت تسعى فيه الحركة بشدة إلى إيجاد مصادر تمويل جديدة، في ظل العقوبات الغربية وتوقف المساعدات الأجنبية، حسب تقرير لـ«نيويورك تايمز» الخميس.

وبحسب البنك الدولي، نما اقتصاد أفغانستان بنسبة 4.3 في المائة هذا العام، غير أن نصيب الفرد من هذا النمو يتراجع بسبب عودة أعداد كبيرة من اللاجئين، ما أدى إلى تضخم عدد السكان. في المقابل، أسهم الوافدون الجدد في تغذية طفرة في قطاع البناء، تحاول «طالبان» استغلالها عبر بيع الأراضي لمشاريع مدرة للإيرادات.

وقال بركزاي إن معدات السينما وأرشيفها سيُحفظان في مكان آمن، وقد يُعاد استخدامهما مستقبلاً، وأضاف: «وبما أن دور السينما غير نشطة حالياً في البلاد، فلا يمكننا ترك هذا المبنى من دون استخدام».

غير أن سلسلة القيود التي فرضتها «طالبان» في السنوات الأخيرة تشير إلى أن إحياء هذا النشاط الثقافي يبدو مستبعداً ما دامت الحركة تحكم البلاد.

حظر المسلسلات الأجنبية

فقد حظرت «طالبان» على القنوات التلفزيونية الوطنية بث المسلسلات الأجنبية، ثم منعتها مؤخراً من عرض أي صور لكائنات حية، في تفسير صارم للشريعة الإسلامية بحظر تصوير البشر والحيوانات. كما أمرت السلطات الأفغان بالتوقف عن تحميل مقاطع الفيديو على منصات مثل «يوتيوب». ولا تزال دور السينما الأخرى في المدينة مغلقة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، احتجز عناصر من «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» التابعة لـ«طالبان» أربعة شبان في مدينة هرات غرب البلاد، بعدما تنكروا بملابس شخصيات من المسلسل البريطاني الشهير «بيكي بلايندرز». واتهمتهم السلطات بالترويج لقيم غربية من خلال مظهرهم.

خارج سينما أريانا عام 2010 (نيويورك تايمز)

افتُتحت «سينما أريانا» في أوائل ستينات القرن الماضي، وأصبحت وجهة مفضلة للأفغان الراغبين في مشاهدة أفلام «بوليوود» الهندية أو السينما الإيرانية. وكان يُطلق على كابل آنذاك لقب «باريس آسيا الوسطى»، إذ جذبت مختلف الزوار، من الهيبيز (أو الخنافس) إلى السياح القادمين من دول الجوار. وكانت نخبة حضرية ميسورة في

كابل ترتاد فندق «إنتركونتننتال»، الذي افتُتح عام 1969 على تلة مطلة على المدينة، واشتهر بالمأكولات الراقية والحفلات الباذخة.

وخلال الحرب الأهلية في تسعينات القرن الماضي، تعرضت السينما لأضرار جسيمة. وفي فترة حكم «طالبان» الأولى، بين عامي 1996 و2001، أُغلقت أبوابها.

فني عرض أفلام في سينما أريانا عام 2021 (أ.ب)

لكن السينما رُممت في عام 2004، وسرعان ما استعادت دورها بوصفها ملتقى اجتماعياً.

ويقول محمد نعيم جبرخيل، الذي كان يمتلك مخبزاً قريباً من الموقع، إن حتى أعطالها التقنية - مثل الانقطاعات المتكررة التي كانت تجبر رواد السينما على العودة في يوم آخر لمشاهدة نهاية الفيلم - أصبحت جزءاً من سحرها. وأضاف أنه كان يحاول الذهاب مرة واحدة في الأسبوع.

وقال جبرخيل (38 عاماً): «في ذلك الوقت، كان ثمن تذكرة السينما يعادل سعر ست أو ثماني قطع من الخبز الجاف، وكان من المفترض ألا أنفق هذا المبلغ على مشاهدة الأفلام. لكن الشغف والرغبة في الذهاب إلى السينما كانا يسكنان قلبي».

من جانبه، قال بصير مجاهد، وهو ممثل ومخرج أفغاني معروف، إن «سينما أريانا» جسدت واحدة من آخر العلامات المتبقية لتلك المرحلة المفعمة بالأمل في كابل. وأضاف أنه خلال وقف إطلاق النار الذي جرى الاتفاق عليه بين «طالبان» والحكومة المدعومة من الولايات المتحدة خلال عطلة عيد الفطر عام 2018، حضر كثير من مقاتلي «طالبان» إلى السينما وهم يحملون أعلام الحركة وأسلحتهم، لمشاهدة أحد أفلامه.

يعرض ملصق خارج موقع سينما أريانا خططاً لمركز تسوق جديد (غيتي)

وقال مجاهد: «كنا سعداء جداً، واعتقدنا أنهم ربما سيُقدّرون الفن والثقافة، لكن للأسف لم يكن الأمر كذلك». ومع عودة «طالبان» إلى السلطة، أُغلقت السينما مجدداً.

وأضاف: «إن تدمير سينما أريانا ليس مجرد عملية بناء، بل هو نهاية حقبة كاملة في الحياة الثقافية للعاصمة الأفغانية».

وبينما يرى محبو «أريانا» فيها رمزاً للتاريخ الثقافي الحديث لأفغانستان، يجادل بركزاي، المتحدث باسم بلدية كابل، بأن المبنى لا يمكن اعتباره ذا أهمية تاريخية لأنه كان مشروعاً تجارياً.

وقال: «حتى عندما كانت تعمل كدار سينما، كانت مكاناً تجارياً، إذ كانت تُباع التذاكر فيها». وأوضح أنه بموجب عقد مدته 12 عاماً، ستمتلك المدينة 45 في المائة من أسهم المشروع الجديد، بينما تعود النسبة المتبقية إلى شركة خاصة، متوقعاً أن يستغرق إنجاز أعمال البناء نحو عام كامل.