عندما سئُلت اللاعبة الأميركية الدولية نعومي غيرما، عن كيف يمكنها تقديم موسم أفضل من ذلك الموسم الذي فاز فيه فريقها تشيلسي بالثلاثية؟ لم تتردد في الإجابة وقالت: «نشعر بأنه يمكننا الوصول إلى مستوى آخر. الأمر لا يتعلق بكيفية الحفاظ على هذا المستوى، بل بكيفية مواصلة التطور والتحسن والوصول إلى مستويات أفضل. التفكير بهذه الطريقة أفضل دائماً من التركيز على ضمان عدم قدرة المنافسين على ملاحقتنا».
وأضافت: «إذا سألت أياً منا، فسيقول لك إنه كان بإمكاننا اللعب بشكل أفضل خلال العام الماضي، لذا فإن مواصلة التطور والتحسن كفريق هو ما سنعطيه الأولوية».

تشيلسي، الذي يستهلّ موسم 2025-2026 في الدوري الإنجليزي الممتاز للسيدات بمواجهة مانشستر سيتي على ملعب «ستامفورد بريدج» يوم الجمعة، لم يكتفِ بالفوز بالدوري فقط، بل أكمل الموسم المحلي دون هزيمة، وفاز بكأس الاتحاد الإنجليزي وكأس الرابطة أيضاً. صحيح أنه لم يقدم مستويات جيدة في بعض الأحيان، لكنه واصل تحقيق الانتصارات، مدعوماً بعقلية لا تختلف كثيراً عن تلك التي نراها في المنتخب الأميركي للسيدات. تقول غيرما عندما سئلت عن ذلك: «هذا ما كنت سأقوله. فهذه هي طريقتي المفضلة في اللعب، فأنا لا أعرف الاستسلام أبداً وأواصل القتال حتى الرمق الأخير».
وأضافت: «هذه هي العقلية التي نشأت عليها وأحاول غرسها في نفوس لاعبات الفريق. لذلك، عندما تكون مع مجموعة تؤمن بذلك وتحاول تطبيقه في كل مباراة وفي كل حصة تدريبية، فإن ذلك يُبرز أفضل ما فيك وأفضل ما في المجموعة. وهذه إحدى أفضل السمات الموجودة في هذا النادي».

انتقلت غيرما إلى تشيلسي قادمةً من نادي «سان دييغو ويف» في يناير (كانون الثاني) الماضي في صفقة قياسية، وسط توقعات عالية للغاية بشأن ما يمكنها تقديمه مع تشيلسي. انتقلت غيرما لتشيلسي في منتصف الموسم، وكانت آخر مباراة لعبها في الدوري في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، لذا كان من الصعب عليها دائماً أن تبدأ بقوة. تقول اللاعبة الأميركية الدولية عن ذلك: «كان الانتقال إلى نادٍ جديد في مثل هذا التوقيت صعباً. في الواقع، لن يتوقع أحد مني أكثر مما أتوقعه أنا من نفسي. كان الجميع يتوقعون أن أقدم مستويات جيدة، لكنني كنت أريد أن أترك بصمة على أداء فريقي على الفور، وكنت أرغب في إثبات ذاتي أكثر من أي شخص آخر. لقد تعرضت للإصابة، وهذا جزء من كرة القدم، لكنني كنت أنظر إلى الأمور من منظور أوسع، فأنا لم آتِ إلى هنا لكي ألعب لمدة ستة أشهر، ولكن لألعب أربع سنوات. لذا، فعلى الرغم من صعوبة الأمر في الوقت الحالي، فإن هذا هو المكان الذي سألعب فيه لفترة طويلة وأسعى دائماً للتحسن وتقديم أفضل ما لدي».
وأثبت غيرما للجميع أنها اتخذت القرار الصحيح عندما غادرت كاليفورنيا، التي وُلدت ونشأت ودرست ولعبت بها، من أجل تشيلسي. تقول المدافعة البالغ من العمر 25 عاماً: «كان قرار تجربة شيء جديد والرحيل إلى الخارج نابعاً من رغبتي في تحدي نفسي، والخروج من منطقة راحتي. شعرت أن هذا هو الوقت المناسب في مسيرتي الكروية لاتخاذ هذه الخطوة، وشعرت أن فترة ما بعد دورة الألعاب الأولمبية كانت وقتاً مناسباً للانتقال والاستقرار في مكان جديد، وكان تشيلسي تحديداً هو النادي الأفضل بالنسبة لي».
وعلاوة على ذلك، فقد أسهم وجود لاعبتين دوليتين أميركيتين في تشيلسي، وهما ميا فيشيل -التي تلعب الآن في سياتل رين- وكات ماكاريو، في مساعدة غيرما على اتخاذ قرار الانتقال إلى ملعب «ستامفورد بريدج». تقول غيرما: «من الواضح أنني كنت أعرف كثيراً من اللاعبات اللائي يلعبن هنا. كنت أعرف بعضهن معرفة شخصية، وكنت قد لعبت ضد البعض الآخر، كما أن الثقافة والبيئة في لندن مناسبتان تماماً بالنسبة لي، لذا قررت المجيء إلى هنا».

في الواقع، كانت هناك إيجابيات وسلبيات للوصول في يناير (كانون الثاني) عندما كان الموسم في منتصفه. تقول غيرما: «الانتقال إلى مكان جديد دائماً ما يكون صعباً. ستكون هذه دائماً خطوةً خارج منطقة راحتك، لكن مع قدومك في يناير فإنك تشارك في المباريات على الفور ويتعين عليك أن تثبت نفسك سريعاً، وبالتالي لا يكون هناك وقت للتفكير في الأمر كثيراً».
وتضيف: «تكون هناك مباريات على الفور ويتعين عليك أن تكون مستعداً لذلك. والآن، كان من الرائع حقاً أن أتمكن من المشاركة في فترة الاستعداد للموسم الجديد. أعرف الجهاز الفني واللاعبين جيداً قبل بدء فترة الاستعداد للموسم الجديد، وأشعر كأنني في الفريق منذ فترة طويلة، وهذه ميزة كبرى».
وبعيداً عن الملعب، كان البرد هو أصعب شيء واجهته اللاعبة القادمة من كاليفورنيا، التي تحب القراءة وتخطط لتجربة الرسم. تقول غيرما: «الأمر ليس مختلفاً كثيراً لأن الناس هنا يتحدثون الإنجليزية أيضاً، ولكن عندما وصلت إلى هنا لأول مرة في يناير (كانون الثاني) كنت أشعر بالبرد الشديد، لذا كان الأمر بمثابة صدمة بالنسبة لي، وهو أمر كنت أتوقعه. يأتي أخي لزيارتي من وقت لآخر، وتكون هذه فرصة رائعة للأصدقاء والعائلة للالتقاء».
كانت آخر مقابلة مهمة أجرتها صحيفة «الغارديان» مع غيرما في يناير (كانون الثاني) 2024، عندما تحدثت اللاعبة الأميركية بشغف عن قرارها العمل مع منظمة «الهدف المشترك» في منتجع للصحة النفسية للاعبين. تقول غيرما عن ذلك: «إنه بالتأكيد أحد أكثر الأشياء التي أفتخر بها على الإطلاق. لا أحد يعرف أبداً كيف ستسير الأمور أو كيف سيتفاعل الناس معها. في الحقيقة، كان رد الفعل على المشاركة في هذه الحدث مذهلاً، وكان اللاعبون متحمسين للغاية لذلك».

والآن، تسعى هذه المنظمة للعمل في كأس العالم للرجال 2026 في أميركا الشمالية. تقول غيرما عن ذلك: «لدينا عديد من اللاعبين الذين شاركوا في البرنامج بالفعل ويرغبون في الاستمرار فيه. إنه لأمر رائع أن أفعل ذلك، ولكن كلما زاد عدد اللاعبين لدينا كان ذلك أفضل، لذا نأمل أن نعمل مع مزيد من اللاعبين خلال نهائيات كأس العالم بالولايات المتحدة الأميركية».
وبالعودة إلى تشيلسي، لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تأقلمت غيرما تماماً مع فريقها الجديد. وتقول: «لقد شعرت بالراحة بسرعة كبيرة معهم. أشعر بأن كل شيء أصبح طبيعياً تماماً منذ نهاية الموسم الماضي، وهو ما يعكس حقيقة أن النادي يتواصل مع اللاعبات بشكل رائع ويساعدهن على التأقلم سريعاً».
وعلاوة على ذلك، فقد استفادت غيرما كثيراً من اللعب تحت قيادة المدير الفنية سونيا بومباستور، التي كانت تلعب مدافعةً أيضاً. تقول غيرما: «أردت حقاً أن أتطور كلاعبة في المكان الذي انتقلت إليه. وجود مديرة فنية كانت تلعب في خط الدفاع يُساعد دائماً على العمل على أبسط الأمور وتعديل بعض الأشياء التي تُحسّن أداءنا ولو بنسبة ضئيلة». في النهاية، يتعين على كل أندية الدوري الإنجليزي الممتاز للسيدات، بل الأندية الأوروبية ككل، أن تحذر مما سيقدمه تشيلسي بقيادة نجمتها الأميركية الرائعة نعومي غيرما.
* (الغارديان)

