مونزا بإيطاليا... لحظة لم تكن عادية في مسيرة لويس هاميلتون التي تجاوزت الألف انطلاقة. عند خروجه لأول مرة بسيارة «فيراري» من حارة الصيانة أمام جماهير «التيفوزي» في المدرجات الرئيسية بمونزا، شعر البريطاني الأسطوري أنه يعيش فصلاً جديداً كلياً من قصته مع «الفورمولا 1». الأعلام الحمراء رفرفت، والهتافات دوّت أعلى حتى من تلك الموجهة لزميله شارل لوكلير، في حين تزيّن المكان بلون الفريق الإيطالي العريق.
وبحسب شبكة «The Athletic»، ومنذ إعلان انتقاله المفاجئ إلى «فيراري» في فبراير (شباط) 2024، يعيش هاميلتون علاقة خاصة مع جماهير «التيفوزي». مئات المشجعين اصطفوا عند بوابات المصنع في مارانيللو عند قدومه لأول مرة، لكنه أدرك سريعاً أن مونزا مختلفة؛ فالمكان يتحول إلى بحر أحمر من الحماس، أشبه بمعبد للفريق. هاميلتون نفسه اجتهد للاندماج: تعلّم الإيطالية، وجلس مع جميع العاملين في المصنع، وأقام قرب مضمار فيورانو ليكون جزءاً من روح الفريق. وكما قال: «عندما أرى شعار (فيراري)، ما زلت أقرص نفسي لأتأكد أنني لا أحلم».
توقع بطل العالم سبع مرات أن يكون موسمه الأول مع «فيراري» بداية حلم اللقب الثامن، لكن الواقع كان أصعب. بعد انتصار في سباق قصير بالصين مطلع الموسم، واجه إخفاقات موجعة: استبعاد مزدوج في شنغهاي، وتصفيات مخيبة في المجر، وحادث مؤلم في زاندفورت. خمسة عشر سباقاً مرّت دون أي منصة تتويج، في أطول جفاف له منذ بداياته عام 2007. قال هاميلتون: «لم أتوقع أن تكون الرحلة بهذه القسوة عاطفياً، لكنها جزء من الحياة. أشعر أننا بدأنا نخرج من النفق».
مونزا هو العرس الأكبر لـ«فيراري»، والضغط فيه مضاعف. لوكلير، بطل الجماهير منذ 2019، نصح زميله: «الأسبوع مرهق جداً، لكنك لا تشعر بالتعب إلا بعد أن ينتهي كل شيء». وبالفعل، استقبلت الجماهير هاميلتون بحرارة في ميلانو خلال الفعاليات الاحتفالية قبل السباق، مما منحه دفعة معنوية كبرى.
رغم منحه عقوبة تراجع خمسة مراكز بسبب مخالفته الأعلام الصفراء المزدوجة في زاندفورت، دخل هاميلتون عطلة نهاية الأسبوع بعزيمة مضاعفة. في التجارب الحرة الأولى قاد ثنائية «فيراري» متصدراً التوقيت، لتنفجر المدرجات بالتصفيق والهتاف. مشهد مبكر، لكنه عكس توق الفريق بأكمله.
قد لا يكون «فيراري» الأقوى هذا الموسم أمام سرعة «ماكلارين»، لكن الحافز مختلف في مونزا. هاميلتون، بطل 105 سباقات و40 عاماً من الخبرة، وجد نفسه يعيش تجربة جديدة تماماً؛ يتذوق للمرة الأولى حب «التيفوزي» من موقع السائق الذي يقود السيارة الحمراء. يقول: «أريد أن أقدّم لهم كل شيء. الشغف والدعم الذي أراه هنا لم أره في أي مكان آخر».
في موسمه التاسع عشر، وبين إخفاقات غير مألوفة وطموحات لم تتحقق بعد، يصل لويس هاميلتون إلى قمة عاطفية جديدة. مونزا ليست مجرد سباق، بل امتحان لعلاقته مع «فيراري»، ولحلمه المستمر باللقب الثامن. هذه المرة، حتى لو لم يصعد إلى المنصة، سيبقى ما شعر به بين جدران الحلبة الحمراء علامة فارقة في مسيرته.
