بين نار الحرب وطوفان المياه: عائلات باكستانية تهجر ديارها

تحت وطأة كارثتين

مخيم مؤقت للنازحين في تشونغ وهو مجتمع يقع على مشارف لاهور بباكستان وليس بعيداً عن الحدود الهندية (نيويورك تايمز)
مخيم مؤقت للنازحين في تشونغ وهو مجتمع يقع على مشارف لاهور بباكستان وليس بعيداً عن الحدود الهندية (نيويورك تايمز)
TT

بين نار الحرب وطوفان المياه: عائلات باكستانية تهجر ديارها

مخيم مؤقت للنازحين في تشونغ وهو مجتمع يقع على مشارف لاهور بباكستان وليس بعيداً عن الحدود الهندية (نيويورك تايمز)
مخيم مؤقت للنازحين في تشونغ وهو مجتمع يقع على مشارف لاهور بباكستان وليس بعيداً عن الحدود الهندية (نيويورك تايمز)

على مقربة من الحدود الهندية - الباكستانية، اضطر آلاف المواطنين، الذين نزحوا سابقاً بسبب الصراع المسلح بين البلدين، إلى مغادرة ديارهم مرة أخرى، ولكن هذه المرة تحت وطأة فيضانات عارمة تجتاح المنطقة.

قرويون باكستانيون على أنقاض منزل مغمور جزئياً بالمياه بالقرب من الحدود يوم السبت (نيويورك تايمز)

عبر أجيال متعاقبة، ألِفَت العائلات المقيمة في شرق باكستان، القريب من الحدود الهندية، التحركَ السريع عند اقتراب أي خطر. إلا أن هذا العام جاءت المصائب متتالية، حيث نزح شريف محمد وعائلته المكونة من سبعة أفراد مرتين: الأولى خلال الربيع إثر حرب قصيرة اندلعت بين البلدين، والثانية الأسبوع الماضي عندما غمرت الفيضانات قريتهم، حسب تقرير لـ«نيويورك تايمز»، الخميس.

يقول محمد، وهو تاجر ماشية: «أضحت تدريبات الإخلاء جزءاً من حياتنا بسبب التوترات الحدودية المستمرة، والآن جاءت الفيضانات لتُرغمنا على حمل أسرّتنا التقليدية وأكياس القمح ونقل الماشية إلى مواقع أكثر أمناً. الحرب والماء كلاهما جلب لنا الدمار».

مخيم تشونغ على نهر رافي المشترك بين باكستان والهند (نيويورك تايمز)

وقد شمل النزوح القسري آلاف العائلات الحدودية، ومن بينها عائلة محمد، التي أُخليت في أبريل (نيسان) الماضي مع تصاعد التوترات بين البلدين بعد هجوم إرهابي في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، مما أدى إلى مواجهة عسكرية استمرت أسبوعاً كاملاً في مايو (أيار).

عادت عائلة محمد إلى ديارها بعد توقف القتال بفترة وجيزة، لكنها نزحت مجدداً الأسبوع الماضي بعدما فاض نهر «سوتليج» وغمر منزلهم.

تعرض عشرات الآلاف من الباكستانيين قرب الحدود لمثل هذه النزوح القسري مرات عديدة عبر السنين: في أثناء الحروب بين الهند وباكستان عامي 1965 و1971، وبعد هجمات مومباي عام 2008، وعندما ارتفعت حدة التوترات، وفي أثناء الفيضانات المدمرة عامي 1955 و1988.

وتتشارك باكستان والهند عدة أنهار رئيسية، من بينها «سوتليج» و«رافي»، ورغم أن هذه الأنهار دعمت سبل العيش لفترة طويلة، فإنها أيضاً غذّت الخلافات بين البلدين.

عمال الإنقاذ في قرية بلاهور التي غمرتها المياه بعدما ارتفع منسوب نهر رافي يوم الجمعة (نيويورك تايمز)

وقال المؤرخ إلياس تشاثا، المقيم في لاهور ومؤلف كتاب «أرض حدود البنجاب»، إن تغيّر مسارات الأنهار وطبيعة الأراضي النهرية عقّدت ترسيم الحدود لعقود. وأوضح أن هذه الأنهار المتقلبة غيّرت الحدود فعلياً، حيث نقلت نحو 18 ألف فدان إلى باكستان ونحو 16 ألف فدان إلى الهند بين عامي 1947 و1957.

وأضاف: «حتى عام 1975، ظل البلدان يكافحان للحفاظ على حدود ثابتة، إذ كانت العلامات تُجرفها الفيضانات أو يتلاعب بها السكان».

عائلة تخوض بمياه الفيضانات بعد ارتفاع منسوب نهر سوتليج عقب إطلاق المياه من السدود المتدفقة في الهند المجاورة بمنطقة كاسور بباكستان 26 أغسطس 2025 (أ.ب)

أما موسم الرياح الموسمية الحالي، فيعد الأسوأ منذ عقود في بعض المناطق، حيث أودى بحياة المئات في كلا البلدين وشرّد مئات الآلاف. وفي إقليم البنجاب الباكستاني، سُجلت 223 حالة وفاة على الأقل و648 إصابة حتى يوم الثلاثاء، مع تحذيرات من ارتفاع الحصيلة بسبب انتشار الأمراض في المناطق المغمورة.

تجمُّع للمسلمين والسيخ قبل إرسال المساعدات إلى المتضررين من الفيضانات في أمريتسار الخميس (أ.ف.ب)

والأسبوع الماضي، اتهم مسؤولون باكستانيون الهند بتفاقم الفيضانات عبر إطلاق المياه من السدود العليا باتجاه باكستان، مما تسبب في ارتفاع منسوب الأنهار بشكل أكبر. وقال المسؤولون إن الهند، رغم إبلاغها باكستان بنيتها إطلاق المياه، لم تحدد التوقيت أو الكمية كما ينصُّ الاتفاق المائي المُبرَم منذ عقود.

في المقابل، قال مسؤولون هنود إن ممثلي بلادهم في إسلام آباد، عاصمة باكستان، أبلغوا بالتحذيرات بشأن الفيضانات المحتملة في «بادرة إنسانية». لكن خلال الأعمال العدائية الأخيرة، علّقت الهند العمل بالمعاهدة الخاصة بتقاسم المياه، واتهمت باكستان جارتها بـ«تسليح المياه».

شارك جنود من الجيش الباكستاني بعمليات الإنقاذ والإغاثة بعد ارتفاع منسوب المياه في نهر سوتليج بمنطقة كاسور بإقليم البنجاب بباكستان الأربعاء (أ.ف.ب)

غير أن خبراء مستقلين شككوا في صحة الادعاءات بأن تصرفات الهند فاقمت الدمار بشكل كبير في باكستان.

وقال دانيش مصطفى، خبير البيئة الباكستاني وأستاذ الجغرافيا في كلية كينغز بلندن: «عندما تتجاوز المياه السعة التخزينية، فلا فرق إن كنت في الهند أو باكستان؛ لا بد من إطلاق المياه لإنقاذ السدود. ولا ننسى أن مئات الآلاف من الناس تضرروا أيضاً من هذه الفيضانات في الهند».

من جانبها، تساءلت صهيبة مقبول، خبيرة القانون الدولي والمحاضِرة في جامعة «لا تروب» في ملبورن بأستراليا، عن جدوى تعليق الهند للمعاهدة، مشيرةً إلى أنها لا تزال ملتزمة بواجبات دولية أخرى لمنع الوفيات وأضرار الممتلكات. لكنها أضافت: «في كل الأحوال، لم يكن شيء ليمنع هذا الطوفان. ماذا يعني تعليقها عملياً؟ لا يمكن السيطرة على المسارات الطبيعية للمجاري المائية».

ويوم الاثنين، حذّر مسؤولون باكستانيون من توقعهم أن ترسل الهند مزيداً من المياه عبر الحدود، مما سيزيد خطر الفيضانات المدمرة والخسائر الفادحة في المحاصيل والماشية. فقد غمرت المياه بالفعل حقولاً لا تُحصى من الأرز والذرة والبطاطا الحلوة.

وقال أكرم خاصخيلي، رئيس منظمة مستقلة لحقوق المزارعين: «في باكستان، لا يوجد نظام تأمين للمحاصيل أو الماشية، كما أن استجابة الحكومة المالية لا تغطي جميع الأضرار وغالباً ما تستثني المزارعين الذين لا يملكون أراضي».

وأضاف أن فيضانات عام 2022 قدّمت إنذاراً صارخاً بشأن اقتصاد باكستان وأمنها الغذائي، إذ ارتفعت بعدها أسعار المواد الأساسية لأشهر، وعانى ملايين الأشخاص لإطعام أسرهم.

بينما يلخص الشاب ناصر علي (26 عاماً)، وهو مزارع، المعاناة، بقوله: «النزوح ليس همنا الأكبر، بل همنا الحقيقي هو كيف نسدد ديوننا بعد خسارة محاصيلنا، سواء جاءت الفيضانات من الطبيعة أو من الهند».


مقالات ذات صلة

كاليفورنيا تستعد لعاصفة غير مسبوقة يوم عيد الميلاد

الولايات المتحدة​ ضربت أولى موجات الثلج منطقة جبال ماموث في كاليفورنيا (أ.ب)

كاليفورنيا تستعد لعاصفة غير مسبوقة يوم عيد الميلاد

وقد ضربت أولى موجات الرياح والأمطار الغزيرة المنطقة ليل الثلاثاء، حيث استيقظ سكان لوس أنجليس على أشجار مقتلعة تغلق الشوارع وفيضانات طفيفة وانقطاع في التيار.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليسمير)
شمال افريقيا رجال الإنقاذ والسكان المحليون في أحد شوارع مدينة آسفي الغارقة بالمغرب (أ.ف.ب) play-circle 00:39

ارتفاع حصيلة الفيضانات في آسفي المغربية إلى 37 قتيلاً

توفي 37 شخصاً، الأحد، في مدينة آسفي على ساحل المغرب الأطلسي جراء فيضانات مفاجئة أعقبت هطول أمطار غزيرة أغرقت المنازل والمتاجر.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا سيارة تسير عبر شارع غمرته المياه بعد الفيضانات في منطقة زاكورة بالمغرب في 7 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

فيضانات تودي بحياة 21 شخصاً في آسفي بالمغرب

قضى 21 شخصاً أمس (الأحد) في مدينة آسفي على ساحل المحيط الأطلسي في المغرب، بسبب فيضانات عنيفة أعقبت هطول أمطار مفاجئة، وفق ما أعلنت السلطات المحلية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
آسيا رجل يستعد لأداء صلاة الجمعة أمام مسجد الإحسان الذي دمرت الفيضانات جزءاً منه في آتشيه تاميانغ بإندونيسيا (أ.ف.ب)

المساجد في إندونيسيا لم تسلم من الفيضانات

في جزيرة سومطرة الإندونيسية التي اجتاحتها فيضانات أسفرت عن سقوط نحو ألف قتيل، منعت آلاف الأشجار التي اقتلعتها السيول المصلّين من الوصول إلى المساجد.

«الشرق الأوسط» (آتشيه تاميانغ)
المشرق العربي صورة جوية تُظهر شوارع غارقة بالمياه في مدينة الحلة وسط العراق (أ.ف.ب)

خلَّفت قتلى وأضراراً... أمطار طال انتظارها تُغرق مناطق عراقية عدة (صور)

تسببت موجة أمطار غزيرة مستمرة في العراق منذ يومين في تدفق سيول أوقعت قتلى وخلَّفت أضراراً في بعض مناطق البلاد، لكنها أحيت الأمل بتعزيز المخزون المائي.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

خبيرة أممية تندد بظروف احتجاز زوجة رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان

رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وزوجته بشرى بيبي يصلان للمثول أمام المحكمة العليا في لاهور 15 مايو 2023 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وزوجته بشرى بيبي يصلان للمثول أمام المحكمة العليا في لاهور 15 مايو 2023 (أ.ف.ب)
TT

خبيرة أممية تندد بظروف احتجاز زوجة رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان

رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وزوجته بشرى بيبي يصلان للمثول أمام المحكمة العليا في لاهور 15 مايو 2023 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وزوجته بشرى بيبي يصلان للمثول أمام المحكمة العليا في لاهور 15 مايو 2023 (أ.ف.ب)

حذرت خبيرة أممية، الأربعاء، من أن زوجة رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، محتجزة في ظروف قد تعرض صحتها الجسدية والنفسية لخطر جسيم.

وحضت أليس جيل إدواردز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالتعذيب وغيره من أنواع المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، السلطات الباكستانية على اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الوضع.

عمران خان وزوجته بشرى بيبي (أرشيفية-أ.ف.ب)

ودين خان وزوجته بشرى بيبي بتهم فساد في يناير (كانون الثاني)، وحكم عليهما بالسجن 14 عاماً وسبعة أعوام توالياً.

والسبت، قضت محكمة باكستانية بسجنهما 17 عاماً أخرى بتهمة متعلقة بهدايا تلقياها أثناء تولي خان منصبه.

وحكم على خان وبيبي بالسجن 10 أعوام بتهمة سوء الأمانة وسبعة أعوام بتهم فساد في قضية تزعم تسعيرهما بشكل منخفض هدايا حكومية.

موظفو أمن يرافقون عمران خان إلى قاعة المحكمة في 12 مايو 2023 (رويترز)

وقالت إدواردز في بيان أنه «يقع على عاتق الدولة واجب حماية صحة السيدة خان وضمان ظروف احتجاز تتوافق مع كرامة الإنسان».

ونقلت إدواردز عن تقارير بأن بيبي محتجزة في زنزانة صغيرة وقذرة وغالباً ما تكون مظلمة بسبب انقطاع التيار الكهربائي.

واعتبرت إدواردز أن «هذه الظروف أدنى بكثير من الحد الأدنى للمعايير الدولية».

وأضافت «لا ينبغي تعريض أي محتجز للحرارة الشديدة أو الطعام أو الماء الملوثين أو الظروف التي تفاقم حالة صحية يعاني منها».

وتشير التقارير أيضاً إلى أنها غالبا ما تُحتجز في عزلة شبه تامة لأكثر من 22 ساعة يومياً.

ودعت إدواردز السلطات إلى «ضمان إمكانية تواصل السيدة خان مع محاميها واستقبال زيارات من أفراد أسرتها والتواصل الإنساني الفعال طوال فترة احتجازها».

وكانت المقررة الأممية قد أثارت وضع بيبي بشكل رسمي مع الحكومة في إسلام آباد.

متظاهرون خارج سجن أديالا حيث يُحتجز رئيس الوزراء السابق عمران خان يحتجون على منع أفراد عائلته ومحاموه من زيارته (إ.ب.أ)

ومقررو الأمم المتحدة مستقلون ولا يمثلون المنظمة الأممية، ويتم تكليفهم من قبل مجلس حقوق الإنسان.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت إدواردز أيضاً أن خان محتجز في ظروف قد ترقى إلى التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وحضت السلطات على ضمان أن تتماشى ظروف احتجاز الرجل البالغ 73 عاماً مع المعايير الدولية.

وكان خان الذي قاد باكستان للفوز بكأس العالم للكريكيت عام 1992، قد أحدث تغييراً جذرياً في المشهد السياسي الباكستاني بفوزه في الانتخابات وتوليه منصب رئيس الوزراء عام 2018.

وأُطيح به عام 2022 في تصويت على حجب الثقة بعد أن فقد تأييد الجيش.

ويُحتجز نجم الكريكيت السابق منذ أغسطس (آب) عام 2023 بتهم في عشرات القضايا التي يقول أنها ذات دوافع سياسية.


زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار صواريخ بعيدة المدى

 كيم جونغ أون يزور موقع بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية قادرة على إطلاق صواريخ أرض - جو (رويترز)
كيم جونغ أون يزور موقع بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية قادرة على إطلاق صواريخ أرض - جو (رويترز)
TT

زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار صواريخ بعيدة المدى

 كيم جونغ أون يزور موقع بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية قادرة على إطلاق صواريخ أرض - جو (رويترز)
كيم جونغ أون يزور موقع بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية قادرة على إطلاق صواريخ أرض - جو (رويترز)

ذكرت وكالة الأنباء المركزية بكوريا الشمالية، اليوم، أن زعيم البلاد كيم ​جونغ أون، أشرف على اختبار صواريخ سطح-جو بعيدة المدى في موقع إطلاق قرب الساحل الشرقي.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في موقع اختبار صاروخ أرض-جو بعيد المدى بالقرب من البحر الشرقي (رويترز)

وذكرت الوكالة أن التجربة، التي تهدف إلى تقييم التقنيات الاستراتيجية المسلحة نووياً من أجل تطوير نوع جديد من الصواريخ عالية الارتفاع، ‌نجحت في تدمير ‌أهداف جوية على ‌مسافة ⁠200 ​كيلومتر.

وقالت ‌الوكالة إن كيم تفقد أيضاً أعمال بناء غواصة يبلغ وزنها 8700 طن تعمل بالطاقة النووية قادرة على إطلاق صواريخ سطح-جو، دون تحديد موقع الزيارة أو توقيتها، مشيرة إلى أن مشروع الغواصة ⁠يندرج ضمن جهود الحزب الحاكم في كوريا الشمالية ‌لتحديث القوات البحرية، فيما ‍تمثل واحدة من السياسات ‍الخمس الرئيسية التي يتبناها الحزب ‍لتطوير القدرات الدفاعية.

صورة نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية لكيم جونغ أون في موقع بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية وتزن 8700 طن (رويترز)

ونُقل عن كيم القول إن التطوير الشامل للقدرات النووية وتحديث سلاح البحرية أمران ضروريان وحتميان بالنظر إلى كون «العالم ​الحالي لا يميل للسلام بأي حال».

وقال كيم إن خطة كوريا الجنوبية لتطوير ⁠غواصة نووية، وفقاً لما تتفاوض عليه مع واشنطن، ستزيد من حدة التوترات في شبه الجزيرة الكورية وتشكل خطراً على الأمن القومي يستدعي منه اتخاذ إجراء.

وفي بيان منفصل، انتقدت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية دخول غواصة أميركية تعمل بالطاقة النووية في الآونة الأخيرة إلى ميناء كوري جنوبي، ووصفت الأمر بأنه «تصعيد للتوتر العسكري» في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة.


خوف وقلق بين أفغان الولايات المتحدة بعد هجوم واشنطن وتشديد سياسات الهجرة

سعى مئات آلاف الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة إلى مغادرة البلاد (إ.ب.أ)
سعى مئات آلاف الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة إلى مغادرة البلاد (إ.ب.أ)
TT

خوف وقلق بين أفغان الولايات المتحدة بعد هجوم واشنطن وتشديد سياسات الهجرة

سعى مئات آلاف الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة إلى مغادرة البلاد (إ.ب.أ)
سعى مئات آلاف الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة إلى مغادرة البلاد (إ.ب.أ)

بعدما عملوا لسنوات إلى جانب القوات الأميركية في أفغانستان، وجد آلاف الأفغان الذين أعادت الولايات المتحدة توطينهم في أراضيها، أنفسهم فجأة موضع شك، إثر هجوم نفّذه شخص من أصل أفغاني في واشنطن، قلب حياتهم رأساً على عقب بعدما شددت إدارة الرئيس دونالد ترمب سياستها حيال الهجرة.

وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، هاجم شخص عسكريين أميركيين من الحرس الوطني في قلب العاصمة واشنطن. وأثار الكشف عن أنّه من أصل أفغاني حالة توتر وقلق في أوساط الأفغان المقيمين في الولايات المتحدة.

يقول أفغاني، يبلغ 31 عاماً ويحمل بطاقة إقامة دائمة، المعروفة بـ«الغرين كارد»، إن «الجميع خائف».

ويضيف: «نخشى أن يحاكمنا الناس على جريمة ارتكبها شخص واحد فقط لأنه من أفغانستان»، رافضاً الكشف عن اسمه خشية تعرّضه للتعقب من قِبَل سلطات الهجرة.

وعقب الهجوم في العاصمة الأميركية، الذي أسفر عن مقتل مجندة في الحرس الوطني، شدّد ترمب سياسته المتعلقة بالهجرة، معلناً تعليق جميع طلبات الهجرة لرعايا 19 دولة، من بينها أفغانستان.

وتعهّد بـ«طرد كل شخص لا يشكّل قيمة مضافة للولايات المتحدة»، و«سحب الجنسية من المهاجرين الذين يضرّون بالسلم الوطني، وترحيل أي أجنبي يشكّل عبئاً عاماً أو خطراً أمنياً أو لا ينسجم مع الحضارة الغربية».

كما أعلنت الحكومة أنّ أي بطاقة إقامة دائمة مُنحت لمواطنين من هذه الدول الـ19 ستخضع لـ«مراجعة»، فيما جُمّدت الطلبات الجديدة.

تقول مريم، وهي أفغانية في السابعة والعشرين من عمرها، استخدمت اسماً مستعاراً: «اتخذت أميركا وطناً لي. إذا اضطررت إلى مغادرتها، فأين يمكنني أن أذهب؟».

«كانت لديّ أحلام»

شاركت مريم في مشاريع تربوية مع السفارة الأميركية في كابول، وساهمت في إعداد وثائق مهمة عن «طالبان».

تقول من منزلها في إحدى ضواحي لوس أنجليس: «كانت لديّ أحلام كبيرة لبلدي ولنفسي».

لكن في أغسطس (آب) 2021، انسحبت آخر القوات الأميركية من أفغانستان في ظروف فوضوية، فيما سيطرت «طالبان» على البلاد وأطاحت بالحكومة المدعومة من واشنطن.

وسعى مئات آلاف الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة إلى مغادرة البلاد، خوفاً من عودة «طالبان» وإمكانية التعرّض لعمليات انتقامية.

يتذكّر خان، الذي عمل في أفغانستان لصالح جامعة ومصرف حكومي، أن «الوصول إلى المطار كان بالغ الصعوبة»، مشيراً إلى أنه طبع عشرات الوثائق، بينها ما يثبت أنّ زوجته مواطنة أميركية تعيش في كاليفورنيا.

وأضاف أنه «لم يكن هناك ماء ولا طعام ولا شيء. بقينا هناك أربعة أيام». في نهاية المطاف، تمكّن من ركوب طائرة إلى قطر، ثم إلى ألمانيا، قبل أن يصل إلى الولايات المتحدة.

وقال: «نشكر الولايات المتحدة بصدق. لقد ساعدونا فعلاً على المجيء إلى هنا، وعلى إعادة بناء حياتنا».

«مخلصون لأميركا»

يؤكد خان أنّه عمل ليلاً ونهاراً في كاليفورنيا، متنقلاً بين وظائف عدة لتأمين المال. وهو اليوم يملك وكالة لبيع السيارات، واشترى شقة من ثلاث غرف يؤجّر جزءاً منها، وحصل على الإقامة الدائمة.

ويقول بأسف: «كنت أنوي التقدّم بطلب للحصول على الجنسية الأميركية قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول)، لكن للأسف بعد حادثة واشنطن، عُلّق كل شيء».

ويضيف أن «الجميع خائف. سواء مَن يحمل بطاقة إقامة دائمة، أو مَن لديه وضع parole (إذن إقامة مؤقت)، أو مَن تقدّم بطلب لجوء، أو أيّاً كان وضعه».

أما مريم، التي تعمل في منظمة غير حكومية في كاليفورنيا، فلا تطلب سوى أن يُنظر في طلبها للحصول على الإقامة الدائمة، وأن يُعامل مواطنو أفغانستان باحترام.

تقول عن المشتبه به في الهجوم على واشنطن، إن «ما فعله هذا الشخص لا يمثّلنا. نحن جميعاً مخلصون لأميركا. لسنا خونة، نحن ناجون».