صناديق متفجرة ومركبات ملغمة... أساليب ترهيب جديدة في مدينة غزة

أكبر عدد لضحايا التجويع في أغسطس منذ أشهر

فتى فلسطيني يبكي بجوار جثمان قُتل صاحبه في ضربات بمدينة غزة فجر الثلاثاء (أ.ف.ب)
فتى فلسطيني يبكي بجوار جثمان قُتل صاحبه في ضربات بمدينة غزة فجر الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

صناديق متفجرة ومركبات ملغمة... أساليب ترهيب جديدة في مدينة غزة

فتى فلسطيني يبكي بجوار جثمان قُتل صاحبه في ضربات بمدينة غزة فجر الثلاثاء (أ.ف.ب)
فتى فلسطيني يبكي بجوار جثمان قُتل صاحبه في ضربات بمدينة غزة فجر الثلاثاء (أ.ف.ب)

باتت القوات الإسرائيلية، التي أعلنت مراراً عزمها على احتلال مدينة غزة بكاملها، تلجأ في الأيام الأخيرة لأساليب تفجير جديدة أشد عنفاً وضراوة في هجماتها المكثفة على أطراف المدينة في إطار مساعيها لإجبار السكان على النزوح جنوباً.

فلأول مرة، تستخدم القوات الإسرائيلية الصناديق المتفجرة، التي تحمل عدة كيلوغرامات من المواد شديدة الانفجار والمعروفة باسم «C4»، والتي تحملها طائرات «كواد كابتر» المسيّرة، وتلقيها على أسطح المنازل فتفجّرها.

وذكرت مصادر ميدانية أن إسرائيل لم تكن تستخدم هذه الصناديق من قبل، فيما كانت الطائرات نفسها تلقي قنابل صغيرة.

وأوضحت المصادر في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الصناديق تُلقى بشكل أساسي على أسطح المنازل بهدف تدمير «مقومات الحياة» من ألواح للطاقة الشمسية أو براميل وخزانات مياه أو غير ذلك، لإجبار السكان على الخروج من منازلهم.

الدخان يتصاعد بعد تفجير بقطاع غزة في لقطة مأخوذة من جنوب إسرائيل يوم الثلاثاء (أ.ب)

بعض هذه الصناديق المتفجرة أوقعت ضحايا ممن يقطنون الطوابق الأخيرة، وبعضها اخترق أسطح المنازل وسقط لعمق طابقين ما تسبب بوقوع عدد من القتلى والجرحى. وحدث هذا تحديداً في بلدتي جباليا البلد والنزلة، وأطراف منطقة أبو إسكندر بحي الشيخ رضوان في شمال مدينة غزة.

ولأنها تحمل مواد حارقة، أشعلت بعض الصناديق حرائق في أسطح المنازل ومحيطها.

روبوتات مفخخة ورافعات

يتزامن هذا مع توسيع إسرائيل استخدامها العربات العسكرية المفخخة، أو التي يسميها الغزيون «الروبوتات»، وهي عبارة عن عربات عسكرية قديمة تضع فيها القوات الإسرائيلية ما بين 4 و12 طناً من المواد شديدة الانفجار، ويجري تسييرها عن بُعد أو قيادتها إلى أماكن معينة تحت حماية الجرافات والدبابات الإسرائيلية التي تتقدم معها لأماكن أهدافها.

وعقب انسحاب تلك الآليات، يتم التفجير عن بعدُ، فتحدث انفجارات بالغة القوة تتسبب بتدمير كلي للمنازل في محيط 150 إلى 200 متر حسب كمية المتفجرات، ويتردد صداها في مناطق واسعة تصل أحياناً من مدينة غزة إلى وسطها أو جنوبها على بُعد 40 كيلومتراً.

دبابات إسرائيلية تقف إلى جانب الحدود مع غزة يوم الاثنين (رويترز)

من جهة أخرى، لفتت المصادر الميدانية إلى أن الجيش الإسرائيلي بات يستخدم الرافعات بكثافة، إذ ينصبها في أماكن انتشار قواته، ويضع عليها رشاشات وأسلحة قناصة، ويتحكم فيها عن بُعد جنود على الأرض من خلال جهاز إلكتروني، مع وضع كاميرات ترصد مناطق في حدود 1.5 كيلومتر، وتطلق النيران في هذا المحيط لتأمين القوات البرية، واستهداف أي جسم متحرك.

وقالت المصادر إن هذه الرافعات نُصبت بالقرب من حي الشيخ رضوان، وتسببت بمقتل عدد من المواطنين في الأيام القليلة الماضية، مشيرةً إلى استخدامها سابقاً في حي الشجاعية، وكذلك في خان يونس ورفح جنوب القطاع.

في الوقت ذاته تكثّف القوات غاراتها في مناطق غرب مدينة غزة، تزامناً مع استمرار عمليات القصف الجوي والمدفعي العنيف، وتفجير عربات عسكرية مفخخة في بلدتي جباليا البلد والنزلة، وأطراف حي الشيخ رضوان بشمال المدينة، وفي حيي الصبرة والزيتون بجنوبها، مع تقدم بطيء للقوات البرية على الأرض.

يأتي هذا في إطار الاستعداد للعملية العسكرية «مركبات جدعون 2» التي يُتوقع أن تبدأ في الأيام المقبلة مع بدء توافد جنود من قوات الاحتياط على القواعد العسكرية منذ صباح الثلاثاء.

تساقط القتلى

ومع كثافة القصف والتفجير، سقط منذ فجر الثلاثاء وحتى ساعات ما بعد الظهيرة 95 قتيلاً، منهم 51 في مدينة غزة وحدها، في عدد مرشح للزيادة. ومن بين القتلى أكثر من 20 من منتظري المساعدات عند نقاط التوزيع الأميركية في وسط وجنوب القطاع، ونقاط دخول المساعدات في منطقة السودانية شمال غربي مدينة غزة.

فلسطينيون يحملون جثامين ذويهم بعد ضربات إسرائيلية في مدينة غزة فجر الثلاثاء (د.ب.أ)

وبحسب وزارة الصحة بغزة، وصل إلى مستشفيات القطاع خلال 24 ساعة، من ظهيرة الاثنين حتى الثلاثاء، 76 قتيلاً و281 مصاباً، فيما ارتفع إجمالي عدد القتلى إلى 63633 قتيلاً و160914 مصاباً منذ شنت إسرائيل حربها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ومن بين هذا العدد سقط 11502 قتيل، و48900 مصاب منذ فجر 18 مارس (آذار) الماضي، بعد أن استأنفت إسرائيل حربها على القطاع بعد شهرين من وقف إطلاق نار مؤقت.

ومن بين ضحايا المساعدات، وصل إلى المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية 12 قتيلاً و90 مصاباً، ليرتفع إجمالي العدد إلى 2306 قتلى وأكثر من 16929 مصاباً منذ نهاية مايو (أيار) الماضي، بعد فتح مراكز توزيع المساعدات الأميركية.

فيما سجلت مستشفيات قطاع غزة، خلال ذات الفترة، 13 حالة وفاة جديدة من بينهم 3 أطفال نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 361 حالة وفاة، من ضمنهم 130 طفلاً.

وسجلت الوزارة 185 حالة وفاة بسبب سوء التغذية خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، وهو العدد الأكبر منذ أشهر، مشيرة إلى تسجيل 70 حالة وفاة، منهم 12 طفلاً، منذ إعلان «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي» أن قطاع غزة منطقة مجاعة.

تزاحم للحصول على طعام من تكية خيرية في مدينة غزة يوم 28 أغسطس 2025 (رويترز)

وبيَّنت أن ️43 ألف طفل دون سن 5 سنوات يُعانون سوء التغذية، وكذلك أكثر من 55 ألف سيدة حامل ومرضع، وأن 67 في المائة من الحوامل يعانين فقر الدم، وهي النسبة الأخطر منذ سنوات.

وحذّرت الوزارة من خطورة المؤشرات الراهنة، ومحدودية الاستجابة الطارئة مع نقص الإمدادات الغذائية والطبية.


مقالات ذات صلة

احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

العالم العربي احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم الأربعاء، مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد في المدينة الواقعة في الضفة الغربية المحتلّة بعد عامين خيّمت عليهما حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيت لحم)
خاص فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب) play-circle

خاص التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

رغم اتفاق القاهرة وواشنطن على ضرورة تفعيل خطة لإعادة إعمار غزة، فإن النهج الذي ستتبعه هذه الخطة ما زال غامضاً، فضلاً عن عدم تحديد موعد لعقد مؤتمر في هذا الشأن.

محمد محمود (القاهرة)
العالم العربي «حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (قطاع غزة)
شؤون إقليمية نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)

الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المشاركة في تصويت البرلمان المبدئي على تشكيل «لجنة تحقيق ناعمة» في هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية زامير: الجيش الإسرائيلي «يدرس بشجاعة» إخفاقات 7 أكتوبر play-circle

زامير: الجيش الإسرائيلي «يدرس بشجاعة» إخفاقات 7 أكتوبر

قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إن الجيش "يستفيد من تحقيقاته في إخفاقاته" المتعلقة بهجوم "حماس" على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف عنصر بـ«حزب الله» في جنوب لبنان

جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار حطام سيارة استُهدفت في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار حطام سيارة استُهدفت في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف عنصر بـ«حزب الله» في جنوب لبنان

جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار حطام سيارة استُهدفت في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار حطام سيارة استُهدفت في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، مساء الأربعاء، إن الجيش استهدف عنصراً من جماعة «حزب الله» في منطقة «جناتا» بجنوب لبنان.

بدورها، ذكرت وسائل إعلام لبنانية أن طائرة مسيرة إسرائيلية استهدفت سيارة في بلدة «جناتا». ولم ترد أنباء فورية عن سقوط ضحايا.

وشن الطيران الحربي الإسرائيلي، في وقت سابق اليوم، سلسلة غارات استهدفت واديي النميرية وحومين في جنوب لبنان، وفق الوكالة اللبنانية الرسمية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه هاجم «مواقع إطلاق» تابعة لـ«حزب الله».

ولم تلتزم إسرائيل ببنود اتفاق وقف الأعمال العدائية بينها وبين لبنان، الذي بدأ تنفيذه في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، ولا تزال قواتها تقوم بعمليات تجريف وتفجير، وتشن غارات في جنوب لبنان. كما لا تزال قواتها موجودة في عدد من النقاط هناك.


سوريا تعتقل الداعشي «والي دمشق» بالتعاون مع التحالف الدولي

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
TT

سوريا تعتقل الداعشي «والي دمشق» بالتعاون مع التحالف الدولي

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

أعلنت السلطات السورية ليل الأربعاء أنها ألقت القبض على قيادي بارز في تنظيم «داعش» بدمشق بالتنسيق مع التحالف الدولي في عملية «أمنية محكمة».

وقال قائد الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق العميد أحمد الدالاتي وفق بيان نشرته وزارة الداخلية «نفذت وحداتنا المختصة بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة وقوات التحالف الدولي، عملية أمنية محكمة»، أسفرت عن إلقاء القبض على على من يُسمى «والي دمشق» في التنظيم.

وشنت الولايات المتحدة هذا الأسبوع سلسلة غارات جوية في سوريا على مواقع يُعتقد أنها تابعة لتنظيم داعش، تنفيذاً لتعهُّد الرئيس دونالد ترمب بالثأر لمقتل جنديين من الجيش الأميركي في كمين الأسبوع الماضي.

وأعلنت سوريا الشهر الماضي الانضمام رسمياً إلى «التحالف الدولي ضد داعش»، وتعهد الرئيس أحمد الشرع بالتعاون مع الولايات المتحدة في جهود القضاء على بقايا التنظيم.

استهداف مجموعة من خلية تابعة لما تسمى «سرايا الجواد»

في سياق متصل،كشف قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية بشمال غربي سوريا، عبد العزيز هلال الأحمد، عن أن قوات المهام الخاصة التابعة للقيادة نفذت، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب ووحدة من الجيش، عملية أمنية نوعية، صباح الأربعاء، في ريف جبلة، استهدفت مجموعة من خلية تابعة لما تسمى «سرايا الجواد».

وأضاف، في بيان، أن الخلية التابعة للمسؤول البارز في النظام السابق سهيل الحسن، «متورطة في تنفيذ عمليات اغتيال وتصفيات ميدانية وتفجير عبوات ناسفة، إضافة إلى استهداف نقاط تابعة للأمن الداخلي والجيش، كما كانت تعمل على التحضير لاستهداف احتفالات رأس السنة الجديدة».

وتابع قائلاً إن اشتباكاً اندلع واستمر قرابة ساعة، وأسفر عن «إلقاء القبض على أحد أفراد الخلية، وتحييد ثلاثة آخرين».

وذكر البيان أن أربعة من عناصر قوات الأمن أصيبوا بإصابات خفيفة، وأنه «لا يزال العمل مستمراً حتى القضاء على الخلية بشكل كامل».


غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
TT

غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)

شنّ الجيش الأردني، مساء الأربعاء، غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.

وقالت قناة «الإخبارية» الرسمية على تطبيق «تلغرام» إن الجيش الأردني استهدف بغارات «شبكات لتهريب المخدرات ومزارع تخزينها في ريف السويداء الجنوبي والشرقي».

وقال مراسل «الإخبارية» إن الجيش الأردني أطلق قنابل مضيئة على الحدود مع سوريا من جهة محافظة السويداء، بعد تنفيذه عدة غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات ومزارع التخزين.

بدوره، أعلن الجيش الأردني، في بيان، أنه «حيّد عدداً» من تجار الأسلحة والمخدرات الذين ينظمون عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات على الواجهة الحدودية الشمالية للأردن.

وأوضح أن «القوات المسلحة استهدفت عدداً من المصانع والمعامل التي تتخذها هذه الجماعات أوكاراً لانطلاق عملياتهم تجاه الأراضي الأردنية»، مشيراً إلى أنه «تم تدمير المواقع المحددة بناءً على معلومات استخبارية دقيقة، وبالتنسيق مع الشركاء الإقليميين».