بعد قمة ألاسكا شروط بوتين للسلام ما زالت كما هي دون تغيير

المحلل توماس غراهام يقول إن السؤال الآن: هل يمتلك ترمب الصبر والحنكة ليدفع إلى الأمام العملية التي بدأها؟

بعد قمة ألاسكا شروط بوتين للسلام ما زالت كما هي دون تغيير
TT

بعد قمة ألاسكا شروط بوتين للسلام ما زالت كما هي دون تغيير

بعد قمة ألاسكا شروط بوتين للسلام ما زالت كما هي دون تغيير

في حقيقة الأمر، لم تحقق موجة النشاط الدبلوماسي، في أواخر الصيف، الخاصة بالحرب في أوكرانيا، أي تغيير في موقف روسيا بالنسبة لتحقيق السلام بشكل جوهري حتى الآن، على الأقل علانية؛ حيث يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المواقف القصوى التي أعلن عنها منذ أكثر من عام مضي، والتي تتضمن خضوع أوكرانيا لروسيا، إضافةً إلى حيادها ونزع سلاحها واعترافها بسيادة روسيا على الأقاليم الخمسة التي أعلنت روسيا بالفعل ضمها، من بين أشياء أخرى، حسبما يرى المحلل السياسي توماس غراهام.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتصافحان في أنكوريج بألاسكا في 15 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)

ونفت وزارة الخارجية الروسية أن يكون بوتين قد عرض تسوية بشأن الأراضي يزعم الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه قدَّمها، وتتمثل التسوية في وقف لإطلاق النار على طول خط المعركة في مقاطعتي خيرسون وزابوريجيا، مقابل قيام كييف بانسحاب كامل من منطقة دونباس (التي تضم مقاطعتَي دونيتسك ولوهانسك) والاعتراف بأن شبه جزيرة القرم روسية.

وقال غراهام، وهو زميل متميز في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي وأحد كبار مسؤولي إدارة روسيا في مجلس الأمن القومي الأميركي سابقاً، في تقرير نشره المجلس، إنه، بالمثل، رفض الكرملين احتمال عقد اجتماع مبكر بين بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يضغط الرئيس ترمب من أجل عقده. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنه لا يمكن عقد أي اجتماع قبل توفر شروط معينة، وفي الأساس موافقة أوكرانيا على الاستسلام.

فولوديمير زيلينسكي ودونالد ترمب خلال اجتماع ثنائي في البيت الأبيض (إ.ب.أ)

وفيما يتعلق بالضمانات الأمنية لأوكرانيا، لا يعارض بوتين تقديم الولايات المتحدة هذه الضمانات، إضافة إلى قوى أخرى. لكن روسيا تصر على أنها يجب أن تكون من بين الدول الضامنة، وأنه سوف يتعين على كل الضامنين الموافقة على استخدام القوة لحماية أوكرانيا ضد أي معتد. غير أنه من غير المعروف ما إذا كان بوتين قد أظهر مرونة خلف الأبواب المغلقة، ومن السابق لأوانه استنتاج أن موجة النشاط الدبلوماسي الأخيرة قد ذهبت أدراج الرياح.

وأضاف غراهام، كما نقلت أقواله «الوكالة الألمانية للأنباء»، أنه على الأقل، أطلقت هذه الموجة عملية تفاوضية، وجعلت العقول في أوروبا وأوكرانيا تركز على التسويات والحلول الوسط الصعبة التي سيتعين تقديمها لحل النزاع. والسؤال الآن هو: هل يمتلك ترمب الصبر والحنكة ليدفع إلى الأمام العملية التي بدأها؟

كانت العلاقات أمراً حاسماً وراء هذه الموجة الدبلوماسية. وما كان ترمب ليطلق هذه العملية لو لم يكن يعتقد أنه تربطه علاقة خاصة مع بوتين سوف تمكنه من إقناعه بإنهاء الحرب، حتى في الوقت الذي كانت تحقق فيه روسيا تقدماً كبيراً في ساحة القتال.

ويعتقد بوتين أن ترمب واحد من القادة الأميركيين القلائل المهتمين بصدق بتطبيع العلاقات. وقد راهن على أن ترمب سوف يعطي أولوية للعلاقات الثنائية والصفقات التجارية المربحة مع روسيا، وليس مع أوكرانيا، لإنهاء الحرب.

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين في أنكوريج بألاسكا 15 أغسطس 2025 (رويترز)

وأخطأ كل رئيس في قراءة الموقف؛ فقد أعرب ترمب أحياناً عن شعوره بالإحباط من تصعيد بوتين لهجماته، متسائلاً عما إذا كان مهتماً بصدق بالسلام، وجدد بين الحين والآخر تهديداته بفرض عقوبات صارمة.

ومن جهة أخرى، وجد بوتين أن الصفقات التجارية المحتملة لم تقنع ترمب بالتخلي عن أوكرانيا. ومع ذلك، لا يبدو أن أياً من الرئيسين مستعد لإعادة تقييم العلاقات.

وخرج ترمب من اجتماع القمة معرباً مجدداً عن اعتقاده بأن بوتين يرغب في إبرام صفقة معه لإنهاء الحرب.

ومؤخراً، وحتى في الوقت الذي هدد فيه بشن «حرب اقتصادية»، إذا لم يتحرك بوتين نحو السلام، أشار ترمب إلى أنه «على علاقة جيدة جداً» مع بوتين. وخلال عدة أسابيع ماضية، قلل الكرملين من شأن الإجراءات الأميركية، التي ربما تبدو من الناحية الظاهرية ضارة بالمصالح الوطنية الروسية. وحرص على عدم تحدي ترمب على نحو مباشر، على أمل أن يتمكن من العمل معه لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية وفقاً لشروط روسيا، وتطبيع العلاقات الأميركية - الروسية.

دونالد ترمب مع القادة الأوروبيين في واشنطن (إ.ب.أ)

وردَّت وزارة الخارجية الروسية بإيجابية على وساطة الولايات المتحدة الأخيرة في اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان. لكنها أكدت بعد ذلك أن السلام الدائم في جنوب القوقاز سوف تحققه حصرياً دول المنطقة نفسها وجيرانها المباشرون (إيران وروسيا وتركيا).

ويختلف الوضع إلى حد ما بشأن مكالمة ترمب الأخيرة مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو. وبالطبع، سوف يراقب الكرملين من كثب أيّ تطور في العلاقات بين واشنطن ومينسك.

ما الحالة المزاجية في روسيا بشأن الحرب؟ هل هناك دعم شعبي مستمر؟ ليس هناك أي شيء يشير إلى أن بوتين يواجه ضغوطاً شعبية لإنهاء الحرب. في الواقع، بذل الكرملين جهوداً ضخمة ليضمن أنه تم تجنيب الروس أهوال الحرب في معظمها، حيث إن المتطوعين هم الذين يخوضون بشكل كبير الحرب، وارتفعت مستويات المعيشة لأن الكرملين يضخ أموالاً في اقتصاد الحرب. وغالباً يشير الزوار إلى أن الحياة طبيعية في موسكو.

والأمر المؤكد هو أن الروس ربما سئموا من الحرب، وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن الأغلبية ترغب في انتهاء الحرب قريباً، ولكن بشروط روسيا فقط. وهناك دليل ضعيف على أن الشعب سيوافق على تنازلات من شأنها أن تحرم روسيا من ثمار النصر.

ويقول غراهام إن هناك حاجة للتعامل مع استطلاع الرأي العام في دولة استبدادية، مثل روسيا، بشكوك. ولكن حتى «مركز ليفادا»، الذي يُنظَر إليه في الغرب على أنه مركز الاستطلاع الأكثر استقلالية وموثوقية في روسيا اليوم، ما زال يجد دعماً واسع النطاق للحرب ونسبة تأييد عالية لبوتين تصل إلى أكثر من 80 في المائة.

الرئيسان ترمب وبوتين خلال قمة ألاسكا يوم 15 أغسطس (أ.ف.ب)

ورغم أن الكرملين يولي اهتماماً شديداً بالرأي العام، فمن المهم أن تذكر أن الرأي الشعبي يلعب دوراً أكثر محدودية في النظام الروسي القائم على النخبة مما في الغرب الديمقراطي. ويمكن أن تكون للتغيرات في رأي النخبة تأثير دراماتيكي على سياسة بوتين. واختتم غراهام تقريره بالقول إن هناك دليلاً على استياء النخبة، وبصفة خاصة داخل مجتمع الأعمال، وبين أولئك الأشخاص الذين يتم تكليفهم إدارة الاقتصاد، ولكن لا يوجد قادة واضحون في الوقت الحالي يمكنهم حشد ذلك السخط لإرغام بوتين على إعادة النظر في أهدافه القصوى.


مقالات ذات صلة

تساؤلات حول مبادرة ماكرون باستئناف الحوار مع بوتين

تحليل إخباري الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)

تساؤلات حول مبادرة ماكرون باستئناف الحوار مع بوتين

أثارت مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون بالعودة إلى الحوار مع الرئيس بوتين الكثير من علامات الاستفهام في أوكرانيا والاتحاد الأوروبي.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)

الملجأ المضاد للإشعاعات بمحطّة تشيرنوبيل النووية قد ينهار بضربة روسية

قد تؤدّي ضربة روسية إلى انهيار الملجأ المضاد للإشعاعات داخل محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا رجال إطفاء يعملون على إخماد حريق جراء قصف روسي على مرفأ في منطقة أوديسا الأوكرانية الثلاثاء (إ.ب.أ)

حرب أوكرانيا... مفاوضات على حافة الاختبار

تقف حرب أوكرانيا عند مفترق حساس: مفاوضات مكثفة لكنها غير حاسمة، واقتصاد روسي يواجه ضغوطاً غير مسبوقة، وتحذيرات أميركية من الوقوع في وهم «السلام السريع».

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا صورة للواء الآلي الرابع والعشرين التابع للقوات المسلحة الأوكرانية في 22 ديسمبر 2025 تُظهر الدمار الذي لحق بمدينة كوستيانتينيفكا في منطقة دونيتسك أوكرانيا (إ.ب.أ)

الجيش الأوكراني ينسحب من مدينة سيفرسك في شرق البلاد

أعلن الجيش الأوكراني انسحابه من بلدة سيفرسك، شرق البلاد، بعدما كانت القوات الروسية أعلنت في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي السيطرة عليها.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

زيلينسكي: المفاوضات الجارية يمكن أن تغير الوضع جذرياً

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، إن المفاوضات الجارية حالياً بشأن الحرب الروسية - الأوكرانية يمكن أن تُحدِث تغييراً جذرياً في الوضع.

«الشرق الأوسط» (كييف)

تساؤلات حول مبادرة ماكرون باستئناف الحوار مع بوتين

الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)
الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)
TT

تساؤلات حول مبادرة ماكرون باستئناف الحوار مع بوتين

الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)
الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)

يعود آخر اتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي ونظيره الروسي بمبادرة من الأول إلى يوم الثلاثاء في 1 يوليو (تموز) الماضي. وقتها، أفاد قصر الإليزيه بأن الاتصال دام أكثر من ساعتين، وتركز بشكل خاص على الملف النووي الإيراني، وذلك بعد أيام قليلة على الضربات الإسرائيلية والأميركية التي استهدفت المنشآت النووية والخبراء وأعضاء في القيادات العسكرية الإيرانية.

لكن الاتصال تطرق أيضاً للحرب في أوكرانيا. ووفق الإليزيه، فقد كان أشبه بـ«حوار طرشان» للتمايز العميق في مقاربة الطرفين. ورغم ذلك، أفاد بيان الإليزيه بأن ماكرون وبوتين «قررا استكمال التواصل بينهما حول هذه النقطة».

كان ماكرون الوحيد بين القادة الغربيين، باستثناء الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الذي كسر قاعدة فرض العزلة الدبلوماسية على بوتين رغم أنه، في العامين الأخيرين، سعى لتزعم الجناح المتشدد في التعاطي مع روسيا، إن لجهة فرض العقوبات المالية والاقتصادية عليها، أو في دعم أوكرانيا مالياً وعسكرياً، أو في الدعوة إلى إنشاء «تحالف الراغبين» في إرسال وحدات عسكرية ترابط على الأراضي الأوكرانية لـ«ردع» روسيا عن مهاجمة جارتها أوكرانيا بعد التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية.

كذلك، سعى ماكرون ليكون «مرجعاً» للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي دعاه إلى باريس ثلاث مرات في الآونة الأخيرة ووقَّع معه «مذكرة تفاهم» لتزويد أوكرانيا بمائة طائرة مقاتلة من طراز «رافال» من الجيل الرابع.

الرئيس الأركاني فولوديمير زيلينسكي محاطاً في برلين بقادة أوروبيين وبأمين عام الحلف الأطلسي والمفاوضين الأميركيين في ملف الحرب الأوكرانية 15 ديسمبر (إ.ب.أ)

يغرّد خارج السرب الأوروبي

مرة أخرى، يغرّد ماكرون خارج السرب الأوروبي. ففي المؤتمر الصحافي، الذي عقده عقب انتهاء القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل التي أقرَّت قرضاً لأوكرانيا قيمته 90 مليار يورو، فاجأ ماكرون جميع الحاضرين بدعوته إلى معاودة الحوار المباشر مع بوتين. وبرر دعوته بقوله: «أرى أن هناك أشخاصاً يتحدثون إلى فلاديمير بوتين؛ لذا أعتقد أنه من مصلحتنا نحن الأوروبيين والأوكرانيين إيجاد إطار لإعادة فتح هذه المناقشة بشكل رسمي وإلا سنظل نناقش الأمور فيما بيننا، بينما يتفاوض المفاوضون وحدهم مع الروس. وهذا ليس مثالياً».

وكان ماكرون يشير إلى الرئيس الأميركي الذي لا يجد غضاضة في الاجتماع مع بوتين وجهاً لوجه كما حصل في ألاسكا، أو التواصل معه هاتفياً أكثر من مرة. وجاء الرد من الرئيس الروسي سريعاً؛ إذ قال يوم الأحد، بمناسبة مؤتمره الصحافي السنوي، إنه «مستعد للحوار» مع ماكرون. لذا؛ سارعت مصادر الرئاسة الفرنسية إلى القول إنه «من المرحّب به أن يمنح الكرملين موافقته العلنية على هذه المبادرة. سننظر خلال الأيام المقبلة في أفضل طريقة للمضي قدماً».

ولأن مبادرة ماكرون جاءت مفاجئة، فإن مصادر الإليزيه حرصت على الرد سلفاً على أي انتقادات بتأكيدها أن «أي نقاش مع موسكو سيتم بكل شفافية» مع زيلينسكي ومع الأوروبيين، وأن هدفها يظل التوصل إلى «سلام متين ودائم» للأوكرانيين. وفي معرض تبريره غياب الحوار مع ورسيا، قال قصر الإليزيه: «إن غزو أوكرانيا وإصرار الرئيس بوتين على الحرب وضعا حداً لأي إمكانية للحوار خلال السنوات الثلاث الماضية». أما توقيت استئنافه، فإنه سيحصل بمجرد أن تتضح ملامح وقفٍ لإطلاق النار و(انطلاق) مفاوضات سلام، (عندها) يصبح من المفيد مجدداً التحدث إلى بوتين».

الرئيس الأوكراني وجهاً لوجه مع الرئيسين الأميركي والفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني في البيت الأبيض 18 أغسطس (أ.ب)

مبررات مبادرة ماكرون

تقول مصادر ديبلوماسية أوروبية في باريس إن مبادرة ماكرون تعكس، وإن جاءت متأخرة، قلقاً فرنسياً - أوروبياً مما هو جارٍ على صعيد الوساطة التي تتفرد الولايات المتحدة بين روسيا وأوكرانيا. ورغم نجاح الأوروبيين في حجز مقعد لهم في الأسابيع الأخيرة، فإنهم يستشعرون رغبة أميركية في استبعادهم عنها. ثم جاء كلام ترمب لموقع «أطلنتيكو» الأسبوع الماضي صادماً؛ إذ قال فيه إن الأوروبيين «يتحدثون كثيراً ولا يفعلون شيئاً، والدليل أن الحرب ما زالت قائمة...». كذلك، نددت تولسي غابارد، مديرة المخابرات الوطنية الأميركية بالأوروبيين وذلك في تغريدة على منصة «إكس» الأسبوع الماضي أيضاً؛ إذ اتهمتهم واتهمت الحلف الأطلسي بـ«تصعيد الحرب وسعيهم لاجتذاب الولايات المتحدة في نزاع مباشر مع روسيا». وإضافة إلى ما سبق، تتساءل المصادر المشار إليها: «لماذا لا يحق للأوروبيين أن يتناقشوا مع بوتين، خصوصاً أنهم هم من يتحمل عبء الحرب من خلال دعم كييف بينما قطعت واشنطن عنها المساعدات عنها» لتضيف أن مصير الحرب يمس أمن وسلامة دول الاتحاد الأوروبي والقارة القديمة بشكل عام؛ ولذا من الضروري والمهم أن يكون هناك حوار مباشر وليس بالواسطة مع بوتين.

لم تنزل مبادرة ماكرون برداً وسلاماً على شركائه في الاتحاد الأوروبي، لا على زيلينسكي ولا على المستشار الألماني الذي يريد أن يلعب دور الزعيم الأوروبي في مواجهة روسيا. واكتفى شتيفن ماير، نائب الناطق باسم الحكومة الألمانية، بالقول إن الحكومة «أٌحيطت علماً» بمبادرة ماكرون، مضيفاً أنه «لا توجد مخاوف من تصدع الوحدة الأوروبية بسبب هذا الملف».

ماكرون ونابليون بونابرت

يؤخذ على ماكرون أمران أساسيان: الأول، تغير نهجه من السعي لممارسة أقصى الضغوط على روسيا وبوتين إلى الانتقال إلى الحوار معه مع وجود كثير من التحفظات حول ما يمكن أن يحصل عليه ولم يحصل عليه المفاوض الأميركي؛ والآخر، أن ماكرون كسر الجدار الأوروبي والعزلة الدبلوماسية المُحكمة التي أقيمت حول بوتين؛ فهو بمبادرته يوفر له الفرصة للعب على الانقسامات الداخلية الأوروبية وعلى افتراق الرؤى مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي ببروكسل عقب انتهاء القمة الأوروبية حيث أعلن انفتاحه على محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)

وكتبت صحيفة «لو موند» في عددها ليوم الاثنين، أن زيلينسكي اعترف بأن ماكرون ناقش معه مبادرته، وأنه أبدى تحفظات بشأنها. كذلك نقلت عن دبلوماسي أوروبي قوله: «الجميع في أوروبا يدرك أنه سيتعيّن في يومٍ ما التحدث إلى بوتين، ولا سيما إذا ما فشلت الوساطة الأميركية. أما ما سيكون معقداً، فهو مسألة الإطار الأنسب لإجراء هذه المناقشات، هل يكون ذلك ضمن صيغة (الترويكا الأوروبية) أم في إطار أوسع». وتضم «الترويكا» فرنسا وألمانيا وبريطانيا. ويعني هذا التساؤل ما إذا كان ماكرون سيتحدث باسم فرنسا أم أنه سينال تفويضاً من زيلينسكي ومن نظرائه الأوروبيين للتحدث باسمهم؟

لا شك أن هناك تنافساً بين قادة «الترويكا» الثلاثة وإن بقي مضمراً. وفي أي حال، يبدو من المبكر التكهن بما قد يحصل في الأيام والأسابيع المقبلة، وما ستكون عليه الصيغة التي يريدها بوتين الذي لم يتردد، في مؤتمره الصحافي الأخير عن وصف القادة الأوروبيين بـ«صغار الخنازير». أما الصحافة الروسية، فإنها لا تتردد بتذكير ماكرون بالهزيمة التي ألحقتها روسيا القيصرية بالإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت الذي غزا روسيا عام 1812، حيث خسر جيشه الجرار وكانت تلك المغامرة بداية سقوطه.


رئيس وزراء غرينلاند: مصير الإقليم يُحسم على أراضيه

رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)
رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)
TT

رئيس وزراء غرينلاند: مصير الإقليم يُحسم على أراضيه

رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)
رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)

أكد رئيس وزراء غرينلاند، الثلاثاء، أن القرارات المتعلقة بمستقبل الجزيرة تُتَّخذ على أراضيها، وذلك ردّاً على محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتكررة لضمّ هذا الإقليم الدنماركي المتمتع بحكم ذاتي.

وكتب ينس فريدريك نيلسن، عبر «فيسبوك»: «غرينلاند بلدنا. قراراتنا تُتَّخذ هنا». وأعرب عن «حزن» بعد سماعه ترمب يُكرر رغبته في السيطرة على غرينلاند.

وكان ترمب كرّر، الاثنين، أنّ بلاده «بحاجة» إلى غرينلاند؛ لضمان أمنها في مواجهة الصين وروسيا. وسبق له أن أدلى بهذا التصريح بعد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة.

وقال نيلسن: «هذه الكلمات تختزل بلدنا في مسألة أمن وسلطة. هذه ليست نظرتنا إلى أنفسنا، ولا يمكن ولا يجوز أن تُوصف حالتنا في غرينلاند بهذه الطريقة».

وشكر شعب غرينلاند على ردّ فعله «الهادئ والراقي». وأعرب عن امتنانه لدعم عدد كبير من الدول، مضيفاً: «هذا الدعم يؤكد أننا لسنا وحدنا هنا على أرضنا».

في غضون ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن غرينلاند «ملك لشعبها» وأن «الدنمارك هي ضامنتها». وكتب عبر منصة «إكس»: «أضمّ صوتي إلى أصوات الأوروبيين لأعرب عن تضامننا الكامل».


الملجأ المضاد للإشعاعات بمحطّة تشيرنوبيل النووية قد ينهار بضربة روسية

محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)
محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)
TT

الملجأ المضاد للإشعاعات بمحطّة تشيرنوبيل النووية قد ينهار بضربة روسية

محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)
محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)

قد تؤدّي ضربة روسية إلى انهيار الملجأ المضاد للإشعاعات داخل محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا، بحسب ما قال مدير المنشأة سيرغي تاراكانوف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وصرّح تاراكانوف خلال مقابلة أجرتها معه «وكالة الصحافة الفرنسية» الأسبوع الماضي: «في حال أصابه صاروخ أو مسيّرة مباشرة أو حتّى سقط في محيطه مثلاً صاروخ من نوع (إسكندر)، لا قدّر الله، فقد يُحدث ذلك زلزالاً صغيراً في المنطقة».

وأكّد أن «لا أحد في وسعه أن يضمن أن الملجأ سيبقى قائماً بعد ذلك. وهذا هو أكبر تهديد».

والمحطّة النووية مدّعمة بهيكل من الفولاذ والإسمنت من الداخل أقيم على عجالة بعد الكارثة النووية سنة 1986 وهي مغلّفة أيضاً بغلاف خارجي حديث وعالي التطوّر يطلق عليه اسم «عازل الأمان الجديد» (NSC).

وقد تعرّض الغلاف الخارجي لأضرار كبيرة إثر ضربة بمسيّرة روسية في فبراير (شباط) تسبّبت في حريق ضخم في التكسية الخارجية للهيكل الفولاذي.

وأشار تاراكانوف إلى أن «عازلنا خسر الكثير من مهامه الرئيسية. ونحن بحاجة إلى ثلاث أو أربع سنوات لإعادة هذه الخصائص».

وما زال مستوى الإشعاعات في الموقع «مستقرّاً وبحدود العادة»، وفق المدير.

وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مطلع الشهر أن بعثة تفتيش لاحظت أن الملجأ «فقد مهامه الأمنية الأساسية، لا سيّما قدراته العازلة، لكن ما من أضرار دائمة في الهيكليات الداعمة أو أنظمة المراقبة».

وتمّت تغطية الفجوة التي خلّفتها الغارة الروسية بستار حامٍ، بحسب تاراكانوف، لكن لا بدّ من سدّ 300 ثغرة صغيرة أحدثها عناصر الإطفاء لمكافحة النيران.

وكان الجيش الروسي قد استولى على المحطّة في بداية الحرب سنة 2022 قبل أن ينسحب منها بعد بضعة أسابيع.