«الترويكا» الأوروبية تفعّل آلية فرض العقوبات الدولية على إيران

طهران تصف القرار الأوروبي بـ«التصعيدي والاستفزازي»

أرشيفية لمنشأة نووية بالقرب من مدينة أصفهان الإيرانية (أ.ب)
أرشيفية لمنشأة نووية بالقرب من مدينة أصفهان الإيرانية (أ.ب)
TT

«الترويكا» الأوروبية تفعّل آلية فرض العقوبات الدولية على إيران

أرشيفية لمنشأة نووية بالقرب من مدينة أصفهان الإيرانية (أ.ب)
أرشيفية لمنشأة نووية بالقرب من مدينة أصفهان الإيرانية (أ.ب)

فعّلت «الترويكا الأوروبية» (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) «آلية سناب باك» لإعادة فرض عقوبات أممية على إيران بشأن ملفها النووي، ما يعيد فرض ست مجموعات من العقوبات الدولية على طهران، تم تعليقها بعد التوقيع على الاتفاق النووي في عام 2015.

وعمدت «الترويكا» إلى توجيه رسالة رسمية لمجلس الأمن، جاء فيها أن الدول الثلاث «ترغب في إبلاغ مجلس الأمن أنه، استناداً إلى أدلة عملية، ترى مجموعة (الترويكا) أن إيران لا تحترم التزاماتها» بموجب اتفاق 2015 حول برنامجها النووي. وفي الرسالة نفسها إلى مجلس الأمن طلبت «الترويكا» تفعيل «آلية سناب باك».

بيد أن إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران لن تكون فورية، إذ إنها تحتاج لشهر كامل قبل أن تصبح فعلية، ويمكن أن تتوصل «الترويكا» مع طهران خلال هذه الفترة إلى اتفاق يزيل الخلافات بينهما، ما يسمح لـ«الترويكا» بتأجيل فرض العقوبات لمدة 6 أشهر إضافية. أما إذا لم يتم مثل هذا الاتفاق فيبدأ تطبيق العقوبات في 18 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وهو موعد توقيع الاتفاق النووي قبل 10 سنوات.

وجاء في البيان المشترك لـ«ترويكا» أيضاً أن «برنامج إيران النووي لا يزال يشكل تهديداً واضحاً للسلم والأمن الدوليين».

النووي الإيراني بيد مجلس الأمن

وقالت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس إن قضية البرنامج النووي الإيراني أصبحت الآن بيد مجلس الأمن الدولي، بعد تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات ضد طهران.
وأضافت كالاس في بيان أنها ستبذل قصارى جهدها بمزيد من الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل تفاوضي للقضية النووية الإيرانية، مطالبة كافة الأطراف المعنية ببذل الجهود اللازمة على وجه السرعة في هذا الصدد.

التمسك بالدبلوماسية

صورة من رسالة بعثت بها الترويكا الأوروبية إلى مجلس الأمن بشأن طلب إعادة تفعيل العقوبات الأممية على إيران

ومنذ مساء الأربعاء، تواترت التسريبات التي أكدت أن «الترويكا» ستعمد إلى تنفيذ تهديداتها بتفعيل الآلية المذكورة، وأنها سوف تحترم المهلة التي أعطتها لإيران حتى نهاية أغسطس (آب) الحالي، قبل الإقدام على ذلك. لكن فشل اجتماع جنيف بين الطرفين الأوروبي والإيراني يوم الثلاثاء الماضي دفع الأوروبيين إلى اختصار الوقت.

فـ«الترويكا» رأت أن طهران لم تتجاوب لا مع المهلة الأصلية التي أعطيت لها ولا مع اقتراح التمديد المشروط للقرار الدولي رقم 2231، الذي وفر الغطاء الدولي للاتفاق النووي وتأجيل تفعيل الآلية المذكورة لستة أشهر، مقابل تعاون طهران في مجالين: الأول، إفساح المجال لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية للعودة إلى إيران وتمكينهم من القيام بعملهم.

بيد أن «الترويكا» الأوروبية التي تعمل بالتنسيق مع واشنطن، لا تريد رمي الديبلوماسية جانباً. فقد جاء في الرسالة المشتركة أن الدول الثلاث سوف تسعى لاستغلال مهلة الثلاثين يوماً التي تفصل عن بدء تطبيق العقوبات من أجل «حل القضايا العالقة» مع إيران التي دعوها للانخراط في دبلوماسية بناءة من أجل «تبديد المخاوف» المرتبطة ببرنامجها النووي.

كذلك، لم تتخل الترويكا، رغم تفعيل «سناب باك»، عن محاولة إقناع طهران بقبول تمديد العمل بالقرار الدولي رقم 2231 وهو ما واظبت على رفضه حتى اليوم وساهمت في تحفيز موسكو وبكين على طرح اقتراح منافس لا يفرض عليها شروطاً قاسية.

ما جاء في رسالة «الترويكا» كرره وزراء خارجيتها مع الحرص على تأكيد أن باب الدبلوماسية لم يغلق. وقال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول إن عملية تفعيل «سناب باك» قد تمثل «بداية مرحلة جديدة» في المفاوضات مع إيران التي دعاها إلى «التعاون الكامل» مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والانخراط «بوضوح» في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، وهما الشرطان اللذان تفرضهما «الترويكا» لتمديد العمل بالقرار 2231.

وفي السياق نفسه، كتب وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في تغريدة على منصة «إكس» أن التفعيل «لا يعني انتهاء الدبلوماسية، نحن مصممون على الاستفادة من فترة الثلاثين يوماً التي تفتح الباب للحوار مع إيران». وفسر بارو اللجوء إلى الآلية المذكورة بقوله إنه يعكس الالتزام بـ«عدم حصول إيران على أسلحة نووية، ولا ينبغي المضي قدماً في التصعيد النووي».

الرد الإيراني

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال مشاركته في اجتماع الحكومة الأحد الماضي (الرئاسة الإيرانية)

لم تتأخر ردة الفعل الإيرانية على المبادرة الأوروبية، إذ سارعت وزارة الخارجية إلى عدّ ما قامت به «الترويكا» «باطلاً وليس له أثر قانوني». وأشار بيان الوزارة إلى أن القرار الأوروبي «من شأنه أن يقوّض التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية»، واصفة الإجراء بأنه «تصعيد استفزازي وغير ضروري».

ومن جانب آخر، نقلت صحيفة «طهران تايمز» عن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قوله إن بلاده سوف ترد على الإجراءات «غير القانونية والظالمة» المترتبة على بادرة «الترويكا». ودعا عراقجي الدول الأوروبية الثلاث إلى تصحيح الخطأ الذي ارتكبته بتفعيل آلية «سناب باك».

وسبق للوزير الإيراني أن عدّ أن القوى الأوروبية لا تملك أي صلاحية من الناحية القانونية والسياسية والفنية لتفعيل آلية «سناب باك»، وأنها مستعدة فقط لإجراء مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة بشأن الملف النووي «ومن موقع الندية».

لكن ما نقلته وكالة «رويترز» عن مسؤول إيراني وصفته بـ«الكبير»، يعكس نوعاً من التذبذب في المواقف. فالمصدر المشار إليه يرى أن باب الدبلوماسية لم يغلق، وأن طهران ستواصله وسوف تقرر الإجراءات الإيرانية «المتبادلة». لكن المدهش أنه قال في الوقت ذاته إن الخطوة الأوروبية تعد «ضد الدبلوماسية وليست فرصة لها» وفق ما يدعيه الأوروبيون. وأكد أن بلاده لن تتنازل عن حقوقها تحت الضغوط.

وسبق لعراقجي، أن أعلن مراراً أنه لا يحق لـ«الترويكا» تفعيل آلية «سناب باك» لكونها لم تحترم الاتفاق النووي. ولوح المصدر الإيراني إلى بعض الخيارات المتوافرة لبلاده للرد على البادرة الأوروبية.

أكثر من مرة، هددت إيران بـ«رد قاس» على أوروبا إذا أقدمت على تفعيل «سناب باك». ولم يتأخر كاظم غريب آبادي، نائب وزير الخارجية الذي ترأس وفد بلاده إلى جنيف، في التحذير من التبعات. ففي حديث إلى التلفزيون الإيراني مساء الأربعاء، نبه آبادي إلى أن التفعيل «سيؤثر بالكامل على تفاعلنا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحيث سيتوقف تماماً».

وأضاف: «لقد أبلغنا الدول الأوروبية الثلاث أنه إذا حدث ذلك فإن أوروبا ستكون عملياً قد أخرجت نفسها من الساحة الدبلوماسية والحوار مع إيران»، مشيراً إلى أن طهران ستجري بعد ذلك أي نقاش فقط في إطار مجلس الأمن الدولي.

وسبق لمسؤولين إيرانيين كبار أن أكدوا أن طهران سوف تطرد المفتشين الدوليين من غير تردد، ولوحوا بإمكانية الانسحاب من معاهدة حظر انتشار السلاح النووي التي وقعتها إيران أواخر خمسينات القرن الماضي، زمن حكم الشاه.

ولوح آخرون بإمكانية أن تعمد بلادهم إلى «تغيير» عقيدتها النووية التي تحرم تطوير أسلحة نووية بحيث تتحول إلى قوة نووية. وما يثير قلق الغرب أن إيران تمتلك ما لا يقل عن 400 كيلوغرام من اليورانيوم العالي التخصيب بنسبة 60 في المائة، وهي قادرة على الارتقاء به إلى نسبة نقاء تمكنها من استخدامه لتصنيع ما بين 4 و6 قنابل نووية. بيد أن هذا لا يعني أنها ستتحول إلى قوة نووية، إذ ستحتاج، وفق الخبراء، إلى نحو عامين لبلوغ هذا الهدف.

6 مجموعات عقابية

جلسة لمجلس الأمن عقدت لبحث الضربات الأميركية على إيران يوم 22 يونيو (رويترز)

يمثل القرار 1696 الصادر في عام 2006، نقطة الانطلاق لسلسلة القرارات اللاحقة التي تضمنت المجموعات العقابية. وأهميته أنه يطلب من إيران وقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم، وأنه يضع العقوبات تحت الفصل السابع ما يعني إلزامية تنفيذها.

وأقر القرار الثاني رقم 1737 للعام نفسه، منع نقل التكنولوجيا العسكرية إلى إيران وتجميد أصول الكيانات الضالعة في البرنامج النووي وإيجاد «لجنة العقوبات» في مجلس الأمن، ليتبعه القرار 1747 في بداية عام 2007، الذي يوسع مروحة تجميد الأصول ويمنع الضالعين في البرنامج النووي من السفر، فضلاً عن حرمان طهران من استيراد أو تصدير السلاح.

وبعد مضي عام كامل، صدر القرار 1803 الذي يفرض رقابة مشددة على المؤسسات المالية الإيرانية، خصوصاً على السفن الداخلة إلى المواني الإيرانية أو الخارجة منها، فضلاً عن حرمان العديد من الأشخاص من التأشيرات التي تتيح لهم السفر إلى الخارج. وفي سبتمبر (أيلول) 2008، صدر القرار رقم 1835 الذي يشدد العقوبات المتضمنة في القرار السابق، ويتضمن إدانة إيران بسبب مواصلة تخصيب اليورانيوم ويمنعها من تطوير الأسلحة الباليستية.

وآخر قرار، رقم 1929، صدر في يونيو (حزيران) 2010 ونص مجدداً على منع تصدير السلاح إلى إيران وتشديد الرقابة المالية ومعها الرقابة المفروضة على السفن وتوسيع لائحة الأشخاص والكيانات المفروضة عليها العقوبات.

وجميع هذه العقوبات «جمدت» بفضل القرار 2231 الصادر في 20 يوليو (تموز ) 2015، الذي نص على ثلاثة أمور رئيسية: المصادقة على الاتفاق النووي، والرفع التدريجي للعقوبات في حال احترمت إيران تعهداتها، وأخيراً إدخال آلية «سناب باك» في حال انتهكت إيران الاتفاق بشكل جلي.

تراجع العملة الإيرانية

الريال الإيراني تدهورت قيمته أمام العملات الأجنبية (أ.ب)

 

يتضح مما سبق أن إعادة العمل بهذه العقوبات ستكون شديدة الوطأة على الاقتصاد الإيراني، خصوصاً أنها ستضعها في حالة من العزلة وستمنعها من تسويق نفطها رسمياً، وهو المصدر الأول لعائداتها المالية. وتشتري الصين، وحدها، من إيران نحو 1.5 مليون برميل يومياً.

وهذا هو مصدر القلق الإيراني الأساسي من هذه الآلية التي تعيدها عشر سنوات إلى الوراء. وصدرت عن «مركز صوفان» ومقره في نيويورك، يوم الخميس، دراسة جاء فيها ما يلي: «ترى الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون في تفعيل آلية العودة التلقائية وسيلة لإبقاء إيران ضعيفة استراتيجياً وغير قادرة على إعادة بناء برنامجها النووي الذي تضرر من الضربات الأميركية والإسرائيلية» في يونيو الماضي.

و«يعدّ القادة الإيرانيون إعادة فرض العقوبات محاولة غربية لإضعاف الاقتصاد الإيراني إلى أجل غير مسمى، وربما لإثارة اضطرابات شعبية كافية للإطاحة بالنظام الإيراني».

وبدا أول المؤشرات مع انخفاض قيمة الريال الإيراني إزاء العملات الأجنبية، حيث بلغت قيمة الدولار الأميركي الواحد ما يزيد على مليون ريال إيراني.

واقترب الريال الإيراني من أدنى مستوياته على الإطلاق، يوم الخميس، في ظل تزايد المخاوف من عواقب إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، مما سيضغط بصورة أكبر على الاقتصاد المتعثر أصلاً. ويذكر أنه في أثناء التوصل لاتفاق 2015 النووي بلغت قيمة الريال 32 ألفاً أمام الدولار، مما يظهر الانهيار الحاد للعملة منذ ذلك الحين. ويشار إلى أن قيمة الريال بلغت أدنى مستوياتها في أبريل (نيسان) الماضي عندما سجل مليوناً و43 ألفاً أمام الدولار الأميركي.


مقالات ذات صلة

«الأركان الإيرانية»: جاهزون لكل السيناريوهات

شؤون إقليمية المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي خلال حوار ويبدو خلفه ملصق لأجهزة الطرد المركزي (دفاع برس)

«الأركان الإيرانية»: جاهزون لكل السيناريوهات

قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لمواجهة أي سيناريو يفرضه العدو».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية أثناء تصديها للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب في يونيو الماضي (أ.ب) play-circle

مسؤولون إسرائيليون: التسريبات الإعلامية حول إيران قد تشعل حرباً جديدة

حذر مسؤولون إسرائيليون من أن التسريبات والإحاطات الإعلامية الصادرة من إسرائيل في الأيام الأخيرة بشأن تجدد الاشتباك مع إيران قد تؤدي لحرب جديدة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صواريخ باليستية إيرانية تُرى خلال عرض عسكري في طهران (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:12

إيران: برنامجنا الصاروخي دفاعيّ وليس قابلاً للتفاوض

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، اليوم الاثنين، إن البرنامج الصاروخي الإيراني دفاعيّ وليس قابلاً للتفاوض.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب يوم 22 يونيو الماضي (أ.ف.ب)

إسرائيل تعيد رفع منسوب التحذير من «تهديد وجودي» إيراني

عادت القيادات السياسية والعسكرية تتحدث عن قلق شديد وشعور بالخطر الوجودي من النشاط الإيراني المتجدد لشراء وإنتاج الصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية عراقجي يتحدث إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف الأربعاء الماضي (الخارجية الإيرانية)

إيران لا تستبعد هجوماً جديداً وتتمسك بالتخصيب

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن طهران «لا تستبعد» احتمال تعرضها لهجوم جديد، لكنها «مستعدة بالكامل، وأكثر من السابق».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

«الأركان الإيرانية»: جاهزون لكل السيناريوهات

المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي خلال حوار ويبدو خلفه ملصق لأجهزة الطرد المركزي (دفاع برس)
المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي خلال حوار ويبدو خلفه ملصق لأجهزة الطرد المركزي (دفاع برس)
TT

«الأركان الإيرانية»: جاهزون لكل السيناريوهات

المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي خلال حوار ويبدو خلفه ملصق لأجهزة الطرد المركزي (دفاع برس)
المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي خلال حوار ويبدو خلفه ملصق لأجهزة الطرد المركزي (دفاع برس)

قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لمواجهة أي سيناريو يفرضه العدو»، مشدداً على أن جزءاً كبيراً من هذه القدرات «لم يستخدم بعد»، في رسالة تحذير مباشرة لإسرائيل وسط تصاعد التوتر الإقليمي عقب حرب يونيو (حزيران) الماضي.

وحذر شكارجي من أن «الرد سيكون قاطعاً» إذا فُرضت مواجهة على إيران، مؤكداً في الوقت نفسه أن أي تحرك هجومي من جانب طهران «سيكون بهدف معاقبة المعتدي»، وليس بدء حرب جديدة.

ونقلت وكالة «دانشجو» التابعة لـ«الباسيج الطلابي» عنه قوله إن إيران «لم تكن يوماً البادئة بالحرب»، لكنها «ستقف بحزم أمام أي عدوان»، مشدداً على أن العقيدة الدفاعية الإيرانية تقوم على الردع والاستعداد المستمر.

وتطرق شكارجي إلى الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي، واصفاً إياها بأنها «حرب مركّبة شاملة»، حشد فيها الخصوم «كل قدراتهم أملاً في توجيه ضربة قاضية»، لكنه قال إنهم «فشلوا في تحقيق أهدافهم». وأضاف أن القدرات الإيرانية «لم تُستنزف» خلال تلك المواجهة، وأن ما لم يستخدم بعد «يشكل جزءاً أساسياً من معادلة الردع»، مشيراً إلى أن الضغوط والتهديدات «لن تغيّر مسار إيران، بل ستعزز تماسكها».

وشنّت إسرائيل في 13 يونيو، هجوماً واسعاً على منشآت استراتيجية داخل إيران، أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري» ومسؤولين وعلماء مرتبطين بالبرنامج النووي، مما أشعل حرباً استمرت 12 يوماً بين الجانبين. وانضمت الولايات المتحدة لاحقاً إلى المواجهة عبر قصف ثلاثة مواقع نووية إيرانية.

وفي إشارة ضمنية إلى تقارير غربية وإسرائيلية تحدثت عن مساعٍ إيرانية لإعادة بناء وتعزيز القدرات الصاروخية، قال شكارجي إن طهران «لم تتوقف عن العمل حتى في ذروة التوتر»، موضحاً أن الحرب التي استمرت 12 يوماً «شهدت تعزيزاً للقدرات وتحقيق نتائج ملموسة». وأضاف أن الصاروخ الإيراني «فتاح» تمكن من اختراق منظومات دفاعية «تقدَّر تكلفتها بملايين الدولارات»، في إشارةٍ إلى فاعلية القدرات الصاروخية الإيرانية في مواجهة أنظمة دفاع متطورة.

لوحة إعلانية تحمل صوراً لقادة في «الحرس الثوري» قُتلوا خلال القصف الإسرائيلي معلَّقة على جسر على طريق سريع في طهران 14 يونيو الماضي (إ.ب.أ)

وفي جانب آخر من تصريحاته، ركز شكارجي على ما وصفها بـ«الحرب الناعمة»، معتبراً أنها «ميدان الصراع الأشد خطورة»، لأن «الخسائر الحقيقية تقع فيها». وقال إن مسار المواجهة «تحول جزئياً نحو الحرب الناعمة والإعلامية بهدف ضرب معنويات المجتمع»، مشيراً إلى أن الخصوم راهنوا على أدوات إعلامية ونفسية لتقويض المعنويات الداخلية. وأضاف أن «تماسك الجبهة الداخلية» والتنسيق بين الإعلام والقوات المسلحة والمجتمع «أفشل هذا الرهان وقلب المعادلة».

وعلى الصعيد الأمني الداخلي، كشف شكارجي عن تفكيك شبكة واسعة من الجواسيس والعناصر المرتبطة بـ«العدو»، موضحاً أنه جرى اعتقال نحو 2000 شخص خلال الفترة الممتدة من أشهر قبل اندلاع الحرب حتى نهايتها. وقال إن هذه الشبكة «أُنشئت على مدى سنوات»، وصُرفت «أموال طائلة لتدريبها وتنظيمها»، لافتاً إلى أن الجاهزية المسبقة للأجهزة المعنية أسهمت في إحباط نشاطها، مؤكداً أن «إعادة بناء مثل هذه الشبكات ليست سهلة».

تأتي تصريحات شكارجي في وقت تتصاعد فيه التحذيرات الأميركية والإسرائيلية من عودة طهران إلى إعادة بناء قدراتها الصاروخية والنووية بعد الحرب التي اندلعت بين الجانبين في يونيو (حزيران) الماضي، وسط مخاوف متزايدة من سوء تقدير قد يقود إلى مواجهة جديدة غير مقصودة.

في هذا السياق، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، إن إسرائيل «على علم» بأن إيران تُجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة، مضيفاً أن الأنشطة النووية الإيرانية ستُبحث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة مرتقبة في وقت لاحق من هذا الشهر. ولم يقدم نتنياهو تفاصيل إضافية عن طبيعة هذه التدريبات، لكنه حذّر من أن أي تحرك إيراني سيقابَل برد «قاسٍ للغاية».

وتعكس تصريحات نتنياهو قلقاً متزايداً في تل أبيب من أن التحركات الصاروخية الإيرانية الجديدة قد لا تكون مجرد تدريبات اعتيادية، بل جزء من جهود أوسع لإعادة ترميم الترسانة الباليستية التي تضررت خلال الحرب الأخيرة.

وفي واشنطن، قال السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي إن إيران «لم تستوعب الرسالة كاملة» بعد القصف الأميركي لمنشأة فوردو النووية خلال الحرب، مشيراً إلى تقارير عن محاولات لإعادة بناء الموقع وتعزيز تحصيناته. وأضاف أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب شدد مراراً على أن إيران «لن تخصب اليورانيوم ولن تمتلك سلاحاً نووياً».

وفي الإطار نفسه، أعلن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، خلال زيارة لإسرائيل، تأييده توجيه ضربات إلى إيران، محذراً من أن إعادة بناء القدرات الصاروخية الباليستية باتت تشكل تهديداً لا يقل خطورة عن البرنامج النووي، وداعياً إلى استهداف هذه القدرات في أي ضربة محتملة.

في المقابل، شددت إيران على أن برنامجها الصاروخي «دفاعي بحت» وخارج أي مسار تفاوضي. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، إن القدرات العسكرية الإيرانية طُورت لأغراض الردع، محذراً من الرد على أي اعتداء يستهدف البلاد.

رجل يمر أمام لافتة بمكتب صرافة مع تراجع قيمة الريال الإيراني في طهران (رويترز)

وعلى الصعيد الداخلي، شهدت الساحة الإيرانية تبايناً في الروايات بشأن مناورات صاروخية محتملة، بعدما تحدثت وسائل إعلام قريبة من «الحرس الثوري» عن اختبارات في عدة محافظات، قبل أن ينفي التلفزيون الرسمي إجراء أي مناورات أو تجارب صاروخية.

وحذر مسؤولون إسرائيليون وأميركيون من أن هذا التضارب في المعطيات، إلى جانب ارتفاع منسوب الخطاب العسكري، قد يزيد من مخاطر الانزلاق إلى مواجهة أوسع في المنطقة، في ظل غياب قنوات تواصل واضحة قادرة على ضبط إيقاع التصعيد.

ومع ذلك، تحدث مسؤول أميركي عن مقاربة واشنطن الحالية تجاه إيران، مؤكداً أن إدارة الرئيس دونالد ترمب ترى سلوك طهران «مزعزعاً للاستقرار»، لكنها تعتمد في هذه المرحلة أدوات دبلوماسية واقتصادية وليست عسكرية.

وقال المسؤول، وفق ما نقلت «جيروزاليم بوست» عن موقع «والا»، إن الولايات المتحدة أعادت تفعيل استراتيجية «الضغط الأقصى» بهدف إنهاء التهديد النووي الإيراني، وكبح برنامج الصواريخ الباليستية، ومنع دعم طهران لما تصفها واشنطن بـ«المنظمات الإرهابية».

وأضاف أن هذه المقاربة تقوم على تضييق الخناق على إيران عبر العقوبات والعزلة الدولية والضغط الدبلوماسي، بدلاً من فتح جبهة عسكرية جديدة قد تقود إلى تصعيد واسع في المنطقة، لافتاً إلى أن الإدارة الأميركية تفضّل إدارة التهديد الإيراني تدريجياً، مع إبقاء جميع الخيارات مطروحة، من دون التسرع في اللجوء إلى القوة.


ما تكاليف رحلات نتنياهو الخارجية في 2025؟

نتنياهو يصعد إلى الطائرة التي أقلته إلى الولايات المتحدة فبراير 2025 (د.ب.أ)
نتنياهو يصعد إلى الطائرة التي أقلته إلى الولايات المتحدة فبراير 2025 (د.ب.أ)
TT

ما تكاليف رحلات نتنياهو الخارجية في 2025؟

نتنياهو يصعد إلى الطائرة التي أقلته إلى الولايات المتحدة فبراير 2025 (د.ب.أ)
نتنياهو يصعد إلى الطائرة التي أقلته إلى الولايات المتحدة فبراير 2025 (د.ب.أ)

بينما يتجهز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى زيارة جديدة للولايات المتحدة نهاية الشهر الحالي، للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كُشف النقاب عن تكاليف الرحلات الجوية التي قام بها خلال عام 2025، والتي وصل عددها 4 مرات، وذلك على الرغم من صدور مذكرة اعتقال بحقه من قِبل «المحكمة الجنائية الدولية» التي تتهمه بارتكاب جرائم حرب في غزة.

وكشفت «حركة حرية المعلومات» الإسرائيلية، عن تكاليف السفر كاملة، بما فيها ما يتعلق بحجز أجنحة للمبيت، وتكلفة غرفة كل فرد من حاشيته، وتكلفة رحلة الطائرة الخاصة المسماة «جناح صهيون» الخاصة برئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي غادر على متنها نتنياهو إلى واشنطن في فبراير (شباط) الماضي.

وكانت أولى رحلات نتنياهو إلى واشنطن في الفترة من 2 إلى 9 فبراير، والتقى خلالها ترمب في البيت الأبيض، حيث رافقه خلال الرحلة 40 فرداً من حاشيته، بالإضافة إلى حراس أمن، لم يُكشف عن عددهم لأسباب تتعلق بالأمن القومي.

وبلغت تكلفة الغرفة الفندقية الواحدة 415 دولاراً، بينما أقام نتنياهو في فندق ويلارد إنتركونتيننتال واشنطن في جناح بلغت تكلفته 5000 دولار لليلة الواحدة، أي ما مجموعه 25000 دولار، أما تكلفة الرحلة على متن طائرة «جناح صهيون» فبلغت 434 ألف دولار، وهي الرحلة الوحيدة التي تم الكشف عن تكلفتها، بينما رد مكتب نتنياهو بأنه ما زالت تجري عمليات مراجعة بشأن التكاليف المتعلقة بالرحلات الأخرى على الطائرة نفسها.

وفي الثالث من أبريل (نيسان) الماضي، انطلق نتنياهو في رحلة استغرقت أربعة أيام إلى المجر، ورافقه 36 شخصاً من حاشيته، وبلغت تكلفة الغرفة الواحدة 417 دولاراً لليلة الواحدة، بينما أقام نتنياهو وزوجته في جناح بفندق فور سيزونز غريشام بالاس، بتكلفة 4632 دولاراً أميركياً لليلة الواحدة، أي ما يعادل 18528 دولاراً للجناح طوال فترة الزيارة.

طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مدرج مطار بودابست في المجر أبريل الماضي (أ.ف.ب)

ومن المجر، توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلى واشنطن، حيث أقام من 6 إلى 9 أبريل (نيسان)، بصحبة 36 شخصاً من حاشيته، وبلغت تكلفة الغرفة في فندق ويلارد إنتركونتيننتال واشنطن 520 دولاراً، بينما أقام نتنياهو وزوجته في مركز ضيافة بلير هاوس (مقر ضيافة الرئيس الأميركي)، وكانت الإقامة في الجناح ونحو 14 غرفة على نفقة المضيفين، وفقاً لما ذكره مكتب نتنياهو.

في السادس من يوليو (تموز) الماضي، انطلق نتنياهو في زيارة أخرى إلى واشنطن للقاء ترمب، واستمرت الزيارة خمسة أيام، ورافقه خلالها 41 شخصاً من حاشيته، حيث بلغت تكلفة الغرفة الفندقية العادية 375 دولاراً.

ووفقاً لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، فقد تكفل المضيفون تكاليف الجناح ونحو 14 غرفة أخرى في ضيافة بلير هاوس طوال فترة الزيارة.

«إخفاء ممنهج للتكلفة»

وكانت الرحلة الأخيرة إلى نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث زار نتنياهو نيويورك بين 23 و30 سبتمبر (أيلول) الماضي، برفقة 38 عضواً من وفده، وبلغ سعر الغرفة العادية في فندق لويز ريجنسي 1199 دولاراً أميركياً لليلة الواحدة، بينما بلغ سعر الجناح 5999 دولاراً لليلة الواحدة، بمجمل تكلفة 41993 دولاراً طوال الزيارة. وأكد مكتب نتنياهو أن «تكلفة الغرف مرتفعة للغاية نظراً لتزامن الحجز مع موعد الانعقاد السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة؛ إذ يتم حجز الغرف مسبقاً».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلقي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك سبتمبر الماضي (رويترز)

ومن المقرر أن يغادر رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأسبوع المقبل في زيارة أخرى إلى الولايات المتحدة، ولم يفصح عن تكاليف الرحلة إلى فلوريدا، حسبما أفادت «حركة حرية المعلومات».

واتهمت المحامية هايدي نيغيف، الرئيسة التنفيذية لـ«حركة حرية المعلومات»، مكتب نتنياهو بأنه «يخفي بشكل ممنهج تكاليف السفر إلى الخارج، ولا سيما حين يستخدم طائرة (جناح صهيون)»، مشيرةً إلى أن «المعلومات التي وصلت إليها الحركة بعد تقديم التماس أمام المحكمة المختصة، مليئة بالثغرات التي تثير الحيرة».

وأكدت الحركة أنها ستواصل «نضالها القانوني لاسترداد جميع الأموال العامة التي تم إنفاقها».

وكثيراً ما تعمل «حركة حرية المعلومات» على تقديم التماسات للكشف عن مصاريف نتنياهو وعائلته ونفقة منازله وسفره، وكثيراً ما كُشف عن نفقات عالية رغم أنه في فترات لم يستخدم تلك المنازل كما جرى خلال الحرب.


أوجلان يطالب «قسد» بالتخلص من عناصرها الأجنبية

عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
TT

أوجلان يطالب «قسد» بالتخلص من عناصرها الأجنبية

عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

بعث زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين في تركيا عبد الله أوجلان، برسالة إلى قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، طالبه فيها بإنهاء وجود العناصر الأجنبية ضمن صفوفها.

وحسبما ذكرت صحيفة «تركيا» القريبة من الحكومة، الثلاثاء، ناقشت السلطات التركية مع أوجلان مسألة «طرد العناصر الأجنبية من (قسد)»، وهو شرط تتمسك به أنقرة وتعده «غير قابل للتفاوض»، ضمن تنفيذ اتفاقية اندماج «قسد» في الجيش السوري، الموقَّعة بين عبدي والرئيس أحمد الشرع في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، والتي كان يُنتظر الانتهاء من تنفيذها بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع.

وكرر وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في تصريحات، الأسبوع الماضي، مطالبة أنقرة بترحيل العناصر غير السورية في «قسد»، وإزالة جميع العناصر المنتشرة بطريقة تتعارض مع مصالح تركيا وأمنها، محذراً من أن صبر تركيا والأطراف المعنية باتفاق 10 مارس بدأ ينفد.

خطوة مهمة

ووفقاً للصحيفة، فإن تركيا ستعد طرد العناصر الأجنبية في «قسد»، خطوة مهمة تدفع إلى اتخاذ إجراءات قانونية من أجل تنفيذ مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب»، التي يسميها أوجلان والجانب الكردي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي»، وسيكون بإمكان المواطنين الأتراك المنتمين إلى «هذه المنظمة» (قسد)، العودة إلى تركيا إذا رغبوا في ذلك، وأن هذه المجموعة قد تستفيد أيضاً من اللوائح القانونية المزمع سنّها في إطار عملية حل حزب العمال الكردستاني والمجموعات المرتبطة به، وبينها وحدات حماية الشعب الكردية، التي تقود «قسد»، ونزع أسلحتها.

أوجلان وجه نداءً لحل حزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي تؤكد أنقرة أنه يشمل «قسد» (إ.ب.أ)

وتتمسك أنقرة بأن نداء «دعوة إلى السلام والمجتمع الديمقراطي»، الذي وجهه أوجلان إلى حزب العمال الكردستاني في 27 فبراير (شباط) الماضي، يشمل جميع المجموعات المرتبطة بالحزب، بما في ذلك «وحدات حماية الشعب» الكردية، لكن عبدي صرح بأن النداء لا يعنيهم، ثم عاد وقال في تصريحات، قبل أسبوعين، إن هناك ضرورة لإجراء محادثات مباشرة مع أوجلان بشأن العملية الجديدة، لافتاً إلى أنه قد يزور تركيا أيضاً «إذا كان هذا الوضع سيسهم إيجاباً في الحل».

قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)

ولفت عبدي إلى أنهم تبادلوا وجهات النظر مع أوجلان عبر الرسائل، وهناك حديث عن وجود مسلحين من حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، مشدداً على «أن هذه القضايا لن تُحل إلا مع أوجلان، ونريد أن نكون طرفاً داعماً وليس عائقاً».

وسبق أن طالب أوجلان تركيا بالتعامل بحساسية أكبر مع سوريا كونها دولة مستقلة، وبعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وإجراء حوار مباشر مع «قسد».

رسائل سابقة

وفي رسالة سابقة، مؤرخة في 28 يوليو (تموز)، بعث بها أوجلان إلى زعماء ووجهاء العشائر العربية في الجزيرة ودير الزور والرقة والطبقة، قُرئت عليهم في اجتماعات معهم في سبتمبر (أيلول) الماضي، دعا إلى تعزيز روابط الأخوّة مع الأكراد ودعم «قسد» في مواجهة التحديات.

وذكر أوجلان أن «العلاقة التاريخية بين العرب والأكراد تشكل الضمانة الأساسية لوحدة سوريا واستقرارها»، مشدداً على مشروع «الأمة الديمقراطية» كإطار جامع لبناء «دولة آمنة وديمقراطية».

الرئيس السوري أحمد الشرع خلال لقائه وفداً تركياً ضم وزيري الخارجية والدفاع ورئيس المخابرات في دمشق 22 ديسمبر (وزارة الدفاع التركية - «إكس»)

جاء الإعلان عن رسالة أوجلان لـ«قسد» بعد الاشتباكات الدامية التي وقعت في حلب بين قوات تابعة لوزارة الدفاع السورية و«قسد» في حلب، الاثنين، بالتزامن مع زيارة وفد تركي رفيع المستوى ضم وزيري الخارجية هاكان فيدان، والدفاع يشار غولر، ورئيس المخابرات إبراهيم كالين، إلى دمشق، ولقائه الشرع لبحث آخر التطورات في سوريا، وتنفيذ اتفاق 10 مارس، والتعاون بين البلدين في مختلف المجالات.

وأصدرت وزارة الدفاع السورية و«قسد»، ليل الاثنين - الثلاثاء، أوامر بوقف إطلاق النار، بعد الاشتباكات التي أوقعت 4 قتلى، فيما تبادل الطرفان الاتهامات حيال التسبب باندلاعها.

موقف تركي - سوري

وأكد وزيرا الدفاع التركي هاكان فيدان، ونظيره السوري أسعد الشيباني، في مؤتمر صحافي في دمشق، أنه لا توجد مؤشرات على نية «قسد» إحراز أي تقدم في تنفيذ اتفاق 10 مارس، وأنها تماطل في هذا الأمر، وهو ما أرجعه فيدان إلى مباحثاتها مع إسرائيل.

فيدان والشيباني خلال مؤتمر صحافي في دمشق 22 ديسمبر (إ.ب.أ)

وقال فيدان إنه «من المهم أن يتم دمج (قسد) في الإدارة السورية من خلال الحوار والمصالحة، وبشكل شفاف، وألا تعود تشكّل عائقاً أمام وحدة الأراضي السورية واستقرارها على المدى الطويل».

وذكر الشيباني أن دمشق تلقت، الأحد، رداً من «قسد» على صيغة اقتراح قدمته لها وزارة الدفاع السورية من أجل دمج مسلحيها في صفوف الجيش السوري، تجري دراسته وكيفية استجابته للمصلحة الوطنية في أن يحقق الاندماج ويحقق أرضاً سورية واحدة موحدة، وأنه سيتم إبلاغ الجانب الأميركي بالرد في القريب العاجل.

وفي أنقرة، دعا المتحدث باسم حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، عمر تشيليك، «قسد» إلى الإسراع في تنفيذ بنود اتفاق 10 مارس، لافتاً إلى أن تركيا مستعدة دائماً عسكرياً (حال عدم تنفيذ الاتفاق) لاتخاذ ما يلزم لضمان أمنها القومي.

واستدرك، خلال تصريحات مساء الاثنين، عقب اجتماع للجنة المركزية للحزب: «لكننا نريد ألا تصل الأمور إلى هذه المرحلة، وعندما تدعو الحاجة بطبيعة الحال فسيتم التنفيذ دون تردد».