الذكاء الاصطناعي ومستقبل المهارات: مبادرات تعليمية لمواكبة التحول في سوق العمل

جامعة «سيرفس ناو» الرقمية المجانية تهدف إلى تمكين الشباب العربي بمهارات المستقبل التقنية تماشياً مع «رؤية السعودية 2030»

«جامعة سيرفس ناو» الرقمية المجانية لتعليم الطلاب الذكاء الاصطناعي لبناء مهارات المستقبل
«جامعة سيرفس ناو» الرقمية المجانية لتعليم الطلاب الذكاء الاصطناعي لبناء مهارات المستقبل
TT

الذكاء الاصطناعي ومستقبل المهارات: مبادرات تعليمية لمواكبة التحول في سوق العمل

«جامعة سيرفس ناو» الرقمية المجانية لتعليم الطلاب الذكاء الاصطناعي لبناء مهارات المستقبل
«جامعة سيرفس ناو» الرقمية المجانية لتعليم الطلاب الذكاء الاصطناعي لبناء مهارات المستقبل

شهدت العقود الماضية تحولات متسارعة في عالم الأعمال، إلا أن وتيرة الابتكار لم تكن أبداً بالسرعة التي نراها اليوم، حيث انتقل الذكاء الاصطناعي من كونه مجرد تقنية مستقبلية إلى جزء لا يتجزأ من النظم التشغيلية للشركات والجهات الحكومية حول العالم. ولم يعد الهدف من تبني التقنية يقتصر على مجرد إيجاد بنية تحتية رقمية مثل قواعد البيانات والأجهزة الخادمة، كما كان الحال قبل خمسة عشر عاماً، بل أصبح التحول الرقمي الحقيقي يرتكز على دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات اليومية للشركات والقطاع الحكومي، ووضع استراتيجيات واضحة للاستفادة من قدراته التحليلية وتسريع تدفقات العمل بشكل جذري.

سيف مشاط نائب الرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة «سيرفس ناو»

وتحدثت «الشرق الأوسط» حصرياً مع سيف مشاط، نائب الرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، في «سيرفس ناو» ServiceNow حول آفاق هذه التطورات وكيفية تلبية احتياجات قطاع العمل من خلال تأهيل المهارات اللازمة.

«برج التحكم بالذكاء الاصطناعي»

بدايةً، توفر الشركة منصة متخصصة مبنيّة على الذكاء الاصطناعي لإدارة تدفقات العمل Business Workflow Platform لخدمة المنظومة بالكامل، أي إن عمليات قطاع الأعمال Business Process تُبنى عليها، مثل قسم عمليات والاتصالات والموارد البشرية والمصارف، وغيرها. وتهدف الشركة إلى توحيد آلية التعامل مع مئات من وكلاء الذكاء الاصطناعي المتخصصة في نظام واحد وإضافة طبقة عليا تُسمى «برج التحكم بالذكاء الاصطناعي» Artificial Intelligence Control Tower تضمن تناغم هذه التقنيات وتسهيل إدارتها. وهذه الطبقة الموحدة تُمكّن الأنظمة المختلفة من التفاعل ومشاركة البيانات؛ لتطوير الأداء وتقديم رؤى تحليلية دقيقة، مع التركيز على أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي AI Ethics لضمان اتخاذ قرارات عادلة ومنطقية.

الاستثمار في البنية التحتية الرقمية: توافُق مع «رؤية السعودية 2030»

وقال سيف إن وجود الشركة الفعلي في المملكة العربية السعودية ليس مجرد خطوة اعتيادية لتغطية منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، بل كان استثماراً استراتيجياً متكاملاً يتوافق مع أهداف «رؤية السعودية 2030». ففي عام 2024، أعلنت الشركة خططها لاستثمار 500 مليون دولار أميركي في المملكة لدعم التحول الرقمي، وخلق فرص عمل، وتنمية المهارات الرقمية في المنطقة. ويشمل هذا الالتزام الاستراتيجي إطلاق مركز إقليمي جديد للشركة في الرياض، بالإضافة إلى إنشاء مركزين مخصصين للبيانات داخل المملكة بما يضمن الامتثال لسياسات حماية البيانات.

ويظهر الأثر الملموس لهذا الوجود من خلال الشراكات التي أُبرمت بالفعل. ففي إطار سعي وزارة العدل السعودية إلى تحقيق أهداف «رؤية 2030»، تم استخدام منصة «سيرفس ناو» لرقمنة 80 في المائة من خدماتها وتبسيط تدفقات العمل المعقدة. وتم دمج أنظمة متعددة كانت تعمل بشكل منفصل في منصة موحدة، مما أدى إلى تطوير الكفاءة والشفافية في تقديم الخدمات للمواطنين. وعلى صعيد القطاع الخاص، تمت أتمتة عمليات شركة الاتصالات السعودية، مما أسهم في رفع مستويات الخدمة المقدمة.

تحديات عالمية وفرص محلية: الشباب ومستقبل المهارات

وأضاف أن سوق العمل العالمية تواجه تحديات هائلة، إذ تُشير التقديرات إلى أن نحو 85 مليون وظيفة حول العالم قد تظل شاغرة بحلول عام 2030 بسبب نقص الكفاءات اللازمة لشغلها. وتُبرز أبحاث مشتركة بين الشركة و«بيرسون» Pearson أن الذكاء الاصطناعي الوكيلي Agentic AI سيُعيد تعريف أكثر من 10.35 مليون وظيفة في الهند وحدها بحلول عام 2030، وهو ما يؤكد حجم التحول الذي تشهده سوق العمل. ويُبرز البحث أن هذا التحول ليس مجرد نقص في المهارات التقنية، بل هو إعادة هيكلة شاملة للوظائف، حيث يتطلب من الموظفين تطوير مهارات بشرية أساسية مثل التفكير النقدي والإبداع.

وفي ظل هذه التحديات العالمية، تبرز المنطقة العربية وأفريقيا مركزاً للفرص الفريدة، فحسب التقرير السنوي الأول لمؤشر نضج الذكاء الاصطناعي الصادر عن الشركة، أوضحت الدراسة أن 56 في المائة من الشركات السعودية أشارت إلى تحقيق نتائج إيجابية لاستثماراتها في الذكاء الاصطناعي مع تحسن واضح في الكفاءة والإنتاجية، بينما ذكرت 42 في المائة منها أن العائد على الاستثمار تجاوز نسبة 51 في المائة، مما يعكس الإمكانات الكبيرة لهذه التقنية في تعزيز الأداء المؤسسي.

ووفقاً لمؤشر نضج الذكاء الاصطناعي لعام 2024 الصادر من الشركة أيضاً، يستضيف 55 في المائة من المشاركين في الاستطلاع بدولة الإمارات فعاليات تعليمية حول الذكاء الاصطناعي لمساعدة الموظفين على استخدامه بفاعلية، مع قيام 45 في المائة بتطوير برامج تدريبية لرفع مهارات الموظفين وإعادة تأهيلهم. ووفقاً لتقرير من «كورسيرا»، ارتفع عدد المسجلين في دورات الذكاء الاصطناعي التوليدي في الإمارات بنسبة 344 في المائة خلال العام الماضي، متجاوزاً بذلك المتوسط العالمي (195 في المائة) ومتوسط منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (128 في المائة). وتولي 87 في المائة من الشركات في الإمارات حالياً أهمية كبيرة للذكاء الاصطناعي ومحو الأمية في مجال البيانات.

وحسب تقرير للأمم المتحدة، يمثل الشباب ما نسبته 70 في المائة من سكان جنوب الصحراء الأفريقية ممن تقل أعمارهم عن 30 عاماً. وتُشير دراسة من «مكتب مراجع السكان (PRB)» غبر الربحي إلى أن الشباب الأفريقي سيُشكل 42 في المائة من إجمالي شباب العالم بحلول عام 2030، وسيُشكلون 75 في المائة من الفئة العمرية التي تقل عن 35 عاماً في أفريقيا. هذه الإحصاءات لا تُشير فقط إلى فرصة محتملة، بل تُمثل أيضاً مسؤولية ضخمة تتمثل في تسليح هذه الأجيال الشابة بالمهارات اللازمة لقيادة المستقبل الرقمي. ويمكن أن يُحوِّل الفشل في سد الفجوة المعرفية هذه الفرصة إلى تحدٍّ اجتماعي واقتصادي كبير.

بناء القدرات لمستقبل العمل: منصة تعليمية للجميع

ولمواجهة هذا الواقع المتسارع وتطوير المهارات، أعلنت الشركة عن إطلاق «جامعة سيرفس ناو» الرقمية في المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط، وهي منصة تعليمية مجانية تهدف إلى تمكين الكفاءات الوطنية وتزويدها بالمهارات المستقبلية. وتُعد هذه الجامعة امتداداً استراتيجياً لبرنامج الشركة العالمي «رايز أب» RiseUp الذي كان يهدف في البداية إلى تدريب مليون شخص على مستوى العالم، ثم ارتفع طموحه ليُصبح 3 ملايين بحلول عام 2027.

وتتميز هذه الجامعة لا بكونها مجرد نظام تقليدي للتعلم بل بأنها منصة تعليمية ذكية تُعرف باسم «جامعتك» University of You. ويعتمد هذا النظام على تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء ملف تعريفي موحد لكل متعلم يربط بين مهاراته وخبراته وأهدافه المهنية. وبناءً على هذه البيانات، تقوم المنصة بتخصيص مسارات ومحتوى تعليمي يتوافق تماماً مع احتياجات المتعلم، مما يُلغي فكرة البرامج التعليمية الموحدة التي لا تتناسب مع الجميع.

كما تُقدم المنصة مسارات وظيفية محددة مثل «مطور تطبيقات» Application Developer، و«مدير مشاريع تقنية» Technical Project Manager، مع إمكانية الاستفادة من مجموعة واسعة من الدورات التدريبية المجانية، في حين تُوجد بعض الدورات الاحترافية المدفوعة التي يقودها مدربون متخصصون في مجالات مثل إدارة خدمات تقنية المعلومات وأمن العمليات.

وأكد سيف أن الجامعة تطمح لإيجاد عدد كبير من الخبراء في الذكاء الاصطناعي (10 آلاف خبير على الأقل خلال 5 أعوام) بجودة نوعية وبخبرات متخصصة في قطاعات يحتاج إليها قطاع العمل، مثل أمن عمليات قطاع الأعمال واستمراريتها، وغيرها.

والتسجيل في الجامعة الرقمية متاح مجاناً لجميع الأفراد في المملكة، الراغبين بتعزيز مساراتهم المهنية والتقنية، وذلك من خلال موقعها الرسمي: www.ServiceNow.com

تعزيز الكفاءات الوطنية عبر الشراكات

وأضاف أن عمل الشركة لا يقتصر على منصتها التعليمية وحدها، بل يمتد ليشمل بناء شبكة من الشراكات الاستراتيجية مع المؤسسات المحلية لتعزيز تأثيرها وتوطين خبراتها. وتُعد هذه الشراكات بمثابة إثبات عملي لالتزام الشركة بتنمية الكفاءات الوطنية بما ينسجم مع أهداف التوطين في المملكة، ومن أبرزها التعاون مع هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا»، حيث تعاونت الشركة مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي Saudi Data & AI Authority SDAIA لإطلاق معسكر تدريبي للمطورين بهدف إعداد فريق من الخبراء القادرين على تلبية احتياجات «سدايا» الخاصة. ويُظهر هذا التعاون أهمية بناء قدرات محلية متخصصة في قطاعات حيوية مثل أمن العمليات واستمراريتها.

وتُشكل هذه الشراكات شبكة متكاملة تستهدف مختلف جوانب منظومة المواهب؛ من تطوير السياسات الحكومية، مروراً بالتعليم الأكاديمي والاحترافي، ووصولاً إلى دعم الابتكار وريادة الأعمال.

حقائق

56 %

من الشركات السعودية أشارت إلى تحقيق نتائج إيجابية لاستثماراتها في الذكاء الاصطناعي مع تحسن واضح في الكفاءة والإنتاجية


مقالات ذات صلة

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

تكنولوجيا نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

ذكرت دراسة «كاسبرسكي» أن نصف موظفي السعودية تلقوا تدريباً سيبرانياً ما يجعل الأخطاء البشرية مدخلاً رئيسياً للهجمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك في سباق الفضاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار شركة «إس كيه هاينكس» ولوحة أم للكمبيوتر تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

رئيس «إس كيه» الكورية: صناعة الذكاء الاصطناعي ليست في فقاعة

قال رئيس مجموعة «إس كيه» الكورية الجنوبية، المالكة لشركة «إس كيه هاينكس» الرائدة في تصنيع رقائق الذاكرة، إن أسهم الذكاء الاصطناعي قد تتعرض لضغوط.

«الشرق الأوسط» (سيول)
تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد هاتف ذكي وشاشة كمبيوتر يعرضان شعارَي «واتساب» والشركة الأم «ميتا» في غرب فرنسا (أ.ف.ب)

تحقيق أوروبي في قيود «ميتا» على منافسي الذكاء الاصطناعي عبر «واتساب»

خضعَت شركة «ميتا بلاتفورمز» لتحقيق جديد من جانب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار، على خلفية خطتها لإطلاق ميزات ذكاء اصطناعي داخل تطبيق «واتساب».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
TT

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)

اختُتمت في ملهم شمال الرياض، الخميس، فعاليات «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025»، الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وشركة «تحالف»، عقب 3 أيام شهدت حضوراً واسعاً، عزّز مكانة السعودية مركزاً عالمياً لصناعة الأمن السيبراني.

وسجّلت نسخة هذا العام مشاركة مكثفة جعلت «بلاك هات 2025» من أبرز الفعاليات السيبرانية عالمياً؛ حيث استقطب نحو 40 ألف زائر من 160 دولة، داخل مساحة بلغت 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة، إلى جانب 300 متحدث دولي، وأكثر من 200 ساعة محتوى تقني، ونحو 270 ورشة عمل، فضلاً عن مشاركة 500 متسابق في منافسات «التقط العلم».

كما سجّل المؤتمر حضوراً لافتاً للمستثمرين هذا العام؛ حيث بلغت قيمة الأصول المُدارة للمستثمرين المشاركين نحو 13.9 مليار ريال، الأمر الذي يعكس جاذبية المملكة بوصفها بيئة محفّزة للاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني، ويؤكد تنامي الثقة الدولية بالسوق الرقمية السعودية.

وأظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية؛ حيث بلغ إجمالي المشاركين 4100 متسابق، و1300 شركة عالمية، و1300 متخصص في الأمن السيبراني، في مؤشر يعكس اتساع التعاون الدولي في هذا القطاع داخل المملكة.

إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، بما يُسهم في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي، وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة.

وقال خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز لـ«الشرق الأوسط»: «إن (بلاك هات) يُحقق تطوّراً في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات».

أظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية (بلاك هات)

وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد بنحو 27 في المائة على العام الماضي».

وسجّل «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا» بنهاية نسخته الرابعة، دوره بوصفه منصة دولية تجمع الخبراء والمهتمين بالأمن السيبراني، وتتيح تبادل المعرفة وتطوير الأدوات الحديثة، في إطار ينسجم مع مسار السعودية نحو تعزيز كفاءة القطاع التقني، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».


دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
TT

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة «كاسبرسكي» في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، ونُشرت نتائجها خلال معرض «بلاك هات 2025» في الرياض، واقعاً جديداً في بيئات العمل السعودية.

فقد كشف الاستطلاع، الذي حمل عنوان «الأمن السيبراني في أماكن العمل: سلوكيات الموظفين ومعارفهم»، أن نصف الموظفين فقط في المملكة تلقّوا أي نوع من التدريب المتعلق بالتهديدات الرقمية، على الرغم من أن الأخطاء البشرية ما زالت تمثل المدخل الأبرز لمعظم الحوادث السيبرانية.

وتشير هذه النتائج بوضوح إلى اتساع فجوة الوعي الأمني، وحاجة المؤسسات إلى بناء منظومة تدريبية أكثر صرامة وشمولاً لمختلف مستويات الموظفين.

تكتيكات تتجاوز الدفاعات التقنية

تُظهر البيانات أن المهاجمين باتوا يعتمدون بشكل متزايد على الأساليب المستهدفة التي تستغل الجانب النفسي للأفراد، وعلى رأسها «الهندسة الاجتماعية».

فعمليات التصيّد الاحتيالي ورسائل الانتحال المصممة بعناية قادرة على خداع الموظفين ودفعهم للإفصاح عن معلومات حساسة أو تنفيذ إجراءات مالية مشبوهة.

وقد أفاد 45.5 في المائة من المشاركين بأنهم تلقوا رسائل احتيالية من جهات تنتحل صفة مؤسساتهم أو شركائهم خلال العام الماضي، فيما تعرّض 16 في المائة منهم لتبعات مباشرة جراء هذه الرسائل.

وتشمل صور المخاطر الأخرى المرتبطة بالعنصر البشري كلمات المرور المخترقة، وتسريب البيانات الحساسة، وعدم تحديث الأنظمة والتطبيقات، واستخدام أجهزة غير مؤمنة أو غير مُشفّرة.

الأخطاء البشرية مثل كلمات المرور الضعيفة وتسريب البيانات وعدم تحديث الأنظمة تشكل أبرز أسباب الاختراقات (شاترستوك)

التدريب... خط الدفاع الأول

ورغم خطورة هذه السلوكيات، يؤكد الاستطلاع أن الحد منها ممكن بدرجة كبيرة عبر برامج تدريب موجهة ومستمرة.

فقد اعترف 14 في المائة من المشاركين بأنهم ارتكبوا أخطاء تقنية نتيجة نقص الوعي الأمني، بينما أشار 62 في المائة من الموظفين غير المتخصصين إلى أن التدريب يعدّ الوسيلة الأكثر فاعلية لتعزيز وعيهم، مقارنة بوسائل أخرى مثل القصص الإرشادية أو التذكير بالمسؤولية القانونية.

ويبرز هذا التوجه أهمية بناء برامج تدريبية متكاملة تشكل جزءاً أساسياً من الدفاع المؤسسي ضد الهجمات.

وعند سؤال الموظفين عن المجالات التدريبية الأكثر أهمية لهم، جاءت حماية البيانات السرية في صدارة الاهتمامات بنسبة 43.5 في المائة، تلتها إدارة الحسابات وكلمات المرور (38 في المائة)، وأمن المواقع الإلكترونية (36.5 في المائة).

كما برزت موضوعات أخرى مثل أمن استخدام الشبكات الاجتماعية وتطبيقات المراسلة، وأمن الأجهزة المحمولة، والبريد الإلكتروني، والعمل عن بُعد، وحتى أمن استخدام خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

واللافت أن ربع المشاركين تقريباً أبدوا رغبتهم في تلقي جميع أنواع التدريب المتاحة، ما يعكس حاجة ملحة إلى تعليم شامل في الأمن السيبراني.

«كاسبرسكي»: المؤسسات بحاجة لنهج متكامل يجمع بين حلول الحماية التقنية وبناء ثقافة أمنية تُحوّل الموظفين إلى خط دفاع فعّال (شاترستوك)

تدريب عملي ومتجدد

توضح النتائج أن الموظفين مستعدون لاكتساب المهارات الأمنية، لكن يُشترط أن تكون البرامج التدريبية ذات طابع عملي وتفاعلي، وأن تُصمَّم بما يتناسب مع أدوار الموظفين ومستوى خبراتهم الرقمية. كما ينبغي تحديث المحتوى بانتظام ليتوافق مع تطور التهديدات.

ويؤدي تبني هذا النهج إلى ترسيخ ممارسات يومية مسؤولة لدى الموظفين، وتحويلهم من نقطة ضعف محتملة إلى عنصر دفاعي فاعل داخل المؤسسة، قادر على اتخاذ قرارات أمنية واعية وصد محاولات الاحتيال قبل تصعيدها.

وفي هذا السياق، يؤكد محمد هاشم، المدير العام لـ«كاسبرسكي» في السعودية والبحرين، أن الأمن السيبراني «مسؤولية مشتركة تتجاوز حدود أقسام تقنية المعلومات».

ويشير إلى أن بناء مؤسسة قوية يتطلب تمكين جميع الموظفين من الإدارة العليا إلى المتدربين من فهم المخاطر الرقمية والتصرف بوعي عند مواجهتها، وتحويلهم إلى شركاء حقيقيين في حماية البيانات.

تقوية دفاعات المؤسسات

ولتقوية دفاعاتها، تنصح «كاسبرسكي» أن تعتمد المؤسسات نهجاً متكاملاً يجمع بين التكنولوجيا والمهارات البشرية واستخدام حلول مراقبة وحماية متقدمة مثل سلسلة «Kaspersky Next» وتوفير برامج تدريبية مستمرة مثل منصة «كاسبرسكي» للتوعية الأمنية الآلية، إضافة إلى وضع سياسات واضحة تغطي كلمات المرور وتثبيت البرمجيات وتجزئة الشبكات.

وفي الوقت نفسه، يساعد تعزيز ثقافة الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة ومكافأة السلوكيات الأمنية الجيدة في خلق بيئة عمل أكثر يقظة واستعداداً.

يذكر أن هذا الاستطلاع أُجري في عام 2025 بواسطة وكالة «Toluna»، وشمل 2,800 موظف وصاحب عمل في سبع دول، بينها السعودية والإمارات ومصر، ما يقدم صورة إقليمية شاملة حول مستوى الوعي والتحديات المرتبطة بالأمن السيبراني في أماكن العمل.


تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
TT

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك، مؤسس «سبيس إكس»، في سباق الفضاء.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، بأن ألتمان يدرس شراء أو الشراكة مع مزود خدمات إطلاق صواريخ قائم بتمويل.

وأشار التقرير إلى أن هدف ألتمان هو دعم مراكز البيانات الفضائية لتشغيل الجيل القادم من أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كما أفادت الصحيفة بأن ألتمان قد تواصل بالفعل مع شركة «ستوك سبيس»، وهي شركة صواريخ واحدة على الأقل، ومقرها واشنطن، خلال الصيف، واكتسبت المحادثات زخماً في الخريف.

ومن بين المقترحات سلسلة استثمارات بمليارات الدولارات من «أوبن إيه آي»، كان من الممكن أن تمنح الشركة في نهاية المطاف حصة مسيطرة في شركة الصواريخ.

وأشار التقرير إلى أن هذه المحادثات هدأت منذ ذلك الحين، وفقاً لمصادر مقربة من «أوبن إيه آي».

ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، جاء تواصل ألتمان مع شركة الصواريخ في الوقت الذي تواجه فيه شركته تدقيقاً بشأن خططها التوسعية الطموحة.

ودخلت «أوبن إيه آي» بالتزامات جديدة بمليارات الدولارات، على الرغم من عدم توضيحها لكيفية تمويلها عملية التوسعة الكبيرة.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ألتمان حالة من القلق الشديد على مستوى الشركة بعد أن بدأ برنامج «شات جي بي تي» يتراجع أمام روبوت الدردشة «جيميني» من «غوغل»؛ ما دفع «أوبن إيه آي» إلى تأجيل عمليات الإطلاق الأخرى، وطلب من الموظفين تحويل فرقهم للتركيز على تحسين منتجها الرائد.

يرى ألتمان أن اهتمامه بالصواريخ يتماشى مع فكرة أن طلب الذكاء الاصطناعي على الطاقة سيدفع البنية التحتية للحوسبة إلى خارج الأرض.

لطالما كان من دعاة إنشاء مراكز بيانات فضائية لتسخير الطاقة الشمسية في الفضاء مع تجنب الصعوبات البيئية على الأرض.

تشارك كل من ماسك وجيف بيزوس وسوندار بيتشاي، رئيس «غوغل»، الأفكار نفسها.

تُطوّر شركة «ستوك سبيس»، التي أسسها مهندسون سابقون في «بلو أوريجين»، صاروخاً قابلاً لإعادة الاستخدام بالكامل يُسمى «نوفا»، والذي تُشير التقارير إلى أنه يُطابق ما تسعى «سبيس إكس» إلى تحقيقه.

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (أ.ف.ب)

وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الشراكة المقترحة كانت ستُتيح لألتمان فرصةً مُختصرةً لدخول قطاع الإطلاق الفضائي.

تُسلّط محادثات ألتمان الضوء على التنافس المستمر بينه وبين ماسك. فقد شارك الاثنان في تأسيس شركة «أوبن إيه آي» عام 2015، ثم اختلفا حول توجه الشركة، ليغادر ماسك بعد ثلاث سنوات.

ومنذ ذلك الحين، أطلق ماسك شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي، xAI، بينما وسّع ألتمان طموحات «أوبن إيه آي»، ودعم مؤخراً مشاريع تُنافس مشاريع ماسك مباشرةً، بما في ذلك شركة ناشئة تُعنى بالدماغ والحاسوب.

ألمح ألتمان إلى طموحاته في مجال الفضاء في وقت سابق من هذا العام، وقال: «أعتقد أن الكثير من العالم يُغطى بمراكز البيانات بمرور الوقت. ربما نبني كرة دايسون كبيرة حول النظام الشمسي ونقول: مهلاً، ليس من المنطقي وضع هذه على الأرض».

ثم في يونيو (حزيران)، تساءل: «هل ينبغي لي أن أؤسس شركة صواريخ؟»، قبل أن يضيف: «آمل أن تتمكن البشرية في نهاية المطاف من استهلاك قدر أكبر بكثير من الطاقة مما يمكننا توليده على الأرض».