قمة ترمب ولي جاي… توافق حول بيونغ يانغ وخلافات حول الإنفاق الدفاعي

الرئيس الأميركي قال إنه سيلتقي الزعيم الكوري الشمالي «يوماً ما»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى اجتماعه مع نظيره الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ في البيت الأبيض الاثنين (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى اجتماعه مع نظيره الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ في البيت الأبيض الاثنين (رويترز)
TT

قمة ترمب ولي جاي… توافق حول بيونغ يانغ وخلافات حول الإنفاق الدفاعي

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى اجتماعه مع نظيره الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ في البيت الأبيض الاثنين (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى اجتماعه مع نظيره الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ في البيت الأبيض الاثنين (رويترز)

برزت خلال القمة التي جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ في البيت الأبيض، الاثنين، بوادر اتفاق في ملف التعامل مع كوريا الشمالية مقابل خلافات حول الصين والإنفاق الدفاعي. وأشاد ترمب بالتوافق الكبير بين واشنطن وسيول في النهج الدبلوماسي مع بيونغ يانغ، وبعلاقته الشخصية مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون واعتقاده بإحداث تقدُّم كبير في إحلال السلام. وأشار ترمب أيضاً إلى أهمية التعاون العسكري والتعاون في بناء السفن، وقال: «لدينا العديد من المؤسسات التجارية التي تعد من كبار المشترين لمعداتنا العسكرية، ونحن نصنع أفضل المعدات العسكرية في العالم مثل القنابل B2 التي تصيب هدفها بدقة». وأضاف: «كوريا الجنوبية مشتر كبير للمعدات العسكرية وسنتحدث عن ذلك وعن العديد من الأمور». من جانبه، أشاد الرئيس لي جاي ميونغ، عبر المترجم، بسعي ترمب لجعل أميركا عظيمة وإلى التعاون بين البلدين لإحلال السلام في كوريا الشمالية، ووصف الرئيسَ ترمب بأنه صانع سلام قائلاً إن العديد من الحروب في أوروبا وآسيا وأفريقيا والشرق الأوسط تتجه نحو السلام لفضل الدور الذي يلعبه الرئيس ترمب. وتابع أنه يتطلع إلى «لقاء ترمب مع كيم جونغ أون وإلى بناء برج ترمب في كوريا الشمالية وممارسة رياضة الغولف هناك». وقبيل وصول الرئيس الكوري الجنوبي إلى البيت الأبيض، سئل ترمب من قبل صحافيين عما إذا كان سيلتقي كيم جونغ أون مجدداً، فرد قائلاً: «سأراه يوماً ما. سنلتقي في وقت ما».

الرئيس ترمب مصافحاً الرئيس لي في المكتب البيضاوي الاثنين (أ.ب)

شبح الصين

وخيّم شبح الصين على المناقشات الثنائية بين الرئيسين الأميركي والكوري الجنوبي، حيث يُفاقم التنافس بين واشنطن وبكين التوتر في التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. وقد قاومت كوريا الجنوبية، التي تعتمد بشكل كبير على التجارة مع الصين، التوافق الكامل مع الجهود الأميركية لفك الارتباط الاقتصادي، وهي نقطة خلاف بين الجانبين. وأشار لي إلى أهمية تنسيق الردود على تجارب بيونغ يانغ الصاروخية وبرنامجها النووي. وتضمن جدول أعمال القمة اجتماعاً ثنائياً، وغداء عمل، ومناقشة ملفات تمتد من الأوضاع السياسية في آسيا وتهديدات كوريا الشمالية إلى التعاون الدفاعي والحواجز التجارية والأمن البحري وقضايا الطاقة واستثمار في بناء السفن الأميركية. ويرافق لي وفد يضم رئيس مجلس إدارة شركة سامسونج للإلكترونيات، جاي واي لي، مما أثار تكهنات باستثمارات إضافية في أشباه الموصلات الأميركية لكسب ود الإدارة الأميركية. وصرّح مسؤول كوري جنوبي للصحافيين بأن الرئيس لي يعتبر هذه الرحلة خطوة رئيسية في تعزيز رؤيته للدبلوماسية البراغماتية بعد زيارته لليابان وبعدها واشنطن في أولى جولاته لوضع الأساس لأجندته في السياسة الخارجية. وقد التقى الرئيس لي جاي ميونغ برئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا في طوكيو يوم السبت الماضي، قبل توجهه إلى واشنطن العاصمة. ووصف لي زيارته إلى طوكيو بأنها فرصة لترسيخ أسس علاقات «مستقبلية» في ظل احتفال البلدين هذا العام بالذكرى الستين لتطبيع علاقاتهما الدبلوماسية.

حرس الشرف خلال استقبال الرئيس الأميركي لنظيره الكوري الجنوبي في الجناح الغربي للبيت الأبيض الاثنين (إ.ب.أ)

استثمارات بـ150 مليار دولار

ووصل الرئيس لي جاي ميونغ إلى البيت الأبيض حاملاً حزمة استثمارية بقيمة 150 مليار دولار، أُطلق عليها شعار «جعل بناء السفن في أميركا عظيماً مرة أخرى» - أو MASGA - صُممت لتتوافق مع شعار ترمب «جعل أميركا عظيماً مرة أخرى». ويشكل هذا العرض، الذي يشمل تمويلاً لأحواض بناء سفن أميركية جديدة، وبرامج تدريبية لعمال بناء السفن الأميركيين، وعقود صيانة لسفن البحرية الأميركية، حجر الأساس لاتفاقية تجارية أُبرمت في اللحظة الأخيرة بين سيول وواشنطن الشهر الماضي. من جانبه أشاد ترمب (الذي شدد مراراً على أهمية إنعاش صناعة بناء السفن المحلية كركيزة أساسية في أجندته الاقتصادية) بالاتفاقية، باعتبارها مكسباً للوظائف والقدرات الدفاعية الأميركية. وقال ترمب في بيان له قبيل القمة: «يتعلق الأمر باستعادة صناعاتنا الأميركية العظيمة وضمان قوتنا في البحار». ورأى المسؤولون الكوريون الجنوبيون اتفاقية MASGA بمثابة غصن زيتون استراتيجي، يهدف إلى تخفيف حدة الخلافات بشأن الرسوم الجمركية على الصادرات الكورية، مثل الصلب والسيارات، والتي استهدفها ترمب في إطار سياساته الحمائية الأوسع. وتشمل الاتفاقية أيضاً تخفيضات في الرسوم الجمركية، وتوسيع نطاق وصول كوريا الجنوبية إلى أسواق الطاقة الأميركية، والتزامات بشراء موارد طاقة أميركية بقيمة 100 مليار دولار.

منعطف سياسي

ويمثل اجتماع البيت الأبيض منعطفاً حاسماً بالنسبة للي، الذي تولى منصبه في يونيو (حزيران) عقب عزل سلفه يون سوك يول. وأثار إعلان يون الأحكام العرفية، الذي لم يُدم طويلاً، في ديسمبر (كانون الأول) 2024، احتجاجات واسعة النطاق وأزمة دستورية، مما أدى إلى إقالته وإجراء انتخابات مبكرة دفعت بلي، المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان وزعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي، إلى الرئاسة بنسبة 49.2 في المائة من الأصوات. وأدت هذه الفترة من عدم الاستقرار المؤقتة إلى توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. وقد واجهت كوريا الجنوبية، بداية مضطربة لعلاقتها مع الرئيس دونالد ترمب، بمفاوضات تعريفات جمركية مثيرة للجدل تعثرت طويلاً في ظل صراع سيول مع الاضطرابات الداخلية. وعلى الرغم من اختلافاتهما الآيديولوجية - ينحدر لي من خلفية تقدمية، ويدعو إلى نهج أكثر تصالحية للعلاقات بين الكوريتين، بينما يُجسد ترمب الشعبوية المحافظة - فإن الزعيمين يشتركان في أوجه شبه شخصية وسياسية مثيرة للاهتمام. نجا كلاهما من محاولتي اغتيال: ترمب خلال تجمع حاشد في يوليو (تموز) 2024 في بنسلفانيا، ولي في حادثة طعن في يناير (كانون الثاني) 2024 في بوسان كادت أن تودي بحياته. علاوة على ذلك، يُظهر كلاهما استعداداً للانخراط دبلوماسياً مع كوريا الشمالية المسلحة نووياً، مبتعدين عن المواقف المتشددة التي انتهجها أسلافهما. وقد سعى ترمب، على نحوٍ معروف، إلى عقد قمم مع كيم جونغ أون خلال ولايته الأولى، بينما أشار لي إلى انفتاحه على الحوار لتخفيف التوترات في شبه الجزيرة الكورية. ومع ذلك، يحذر خبراء من أن هذه القواسم المشتركة قد لا تُجسّد تماماً وجهات نظرهما المتباينة حول قضايا سياسية واقتصادية وخارجية أوسع نطاقاً. ويقول فيكتور تشا، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS): «يأتي لي وترمب من طرفي نقيض؛ أحدهما إصلاحي ليبرالي، والآخر قومي حمائي». يتمثل التحدي في التعامل مع مطالب ترمب المتعلقة بالإنفاق الدفاعي ومساهمات القوات، حيث واجهت كوريا الجنوبية تاريخياً ضغوطاً لدفع المزيد مقابل 28,500 جندي أميركي متمركزين هناك. وبموجب معاهدة الدفاع المشترك لعام 1953، يشكل التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية قوة الردع في شبه الجزيرة الكورية والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. تُلزم المعاهدة كلا الجانبين بالتشاور عند تعرض أمن أيٍّ منهما للتهديد، وتُتيح وجوداً مستداماً للقوات الأميركية في كوريا. وطلب الرئيس ترمب من كوريا الجنوبية زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وتوسيع نطاق تقاسم التكاليف؛ حيث تنفق كوريا الجنوبية حالياً نحو 3.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع.


مقالات ذات صلة

إيران تحذر من «رد أشد» على أي مغامرة إسرائيلية

شؤون إقليمية إيرانيتان تمران بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون... هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران تحذر من «رد أشد» على أي مغامرة إسرائيلية

حذرت طهران من أن أي مغامرة إسرائيلية جديدة «ستواجه برد أشد»، وقالت إنها تسعى إلى تفاوض معقول يحقق رفعاً فعلياً للعقوبات، مع بقاء قنوات الاتصال مع واشنطن قائمة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الولايات المتحدة​ سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مايك والتز خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأميركية 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

أميركا تتعهد بتقديم مليارَي دولار لدعم الجهود الإنسانية للأمم المتحدة

تعهدت الولايات المتحدة بتقديم مليارَي دولار لدعم ​الجهود الإنسانية التابعة للأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب خلال لقائه بزيلينسكي في فلوريدا يوم 28 ديسمبر 2025 (رويترز)

اتهامات جمهورية لترمب بالتخلي عن «أميركا أولاً»

تركيز ترمب على السياسة الخارجية في الأيام الأخيرة من العام، أثار حفيظة بعض الجمهوريين الذين استغربوا من تجيير الانتباه عن السياسة الداخلية.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا ترمب وبوتين يتصافحان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب بأوكرانيا في أغسطس الماضي (رويترز)

«الكرملين»: بوتين وترمب يتحدثان هاتفياً قريباً

قال المتحدث باسم «الكرملين»، ديميتري بيسكوف، الاثنين، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الأميركي دونالد ترمب، سيُجريان قريباً اتصالاً هاتفياً.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ صورة مركبة للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ف.ب) play-circle

ترمب يعلن تدمير «منشأة كبيرة» ضمن حملته ضد فنزويلا

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في مقابلة إذاعية، إن الولايات المتحدة دمَّرت «منشأة كبيرة» الأسبوع الماضي، في إطار حملة إدارته ضد فنزويلا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أميركا تتعهد بتقديم مليارَي دولار لدعم الجهود الإنسانية للأمم المتحدة

سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مايك والتز خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأميركية 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مايك والتز خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأميركية 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

أميركا تتعهد بتقديم مليارَي دولار لدعم الجهود الإنسانية للأمم المتحدة

سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مايك والتز خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأميركية 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مايك والتز خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأميركية 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، اليوم (الاثنين)، إن الولايات المتحدة تعهدت بتقديم مليارَي دولار لدعم ​الجهود الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، في خطوة تأتي بعد التخفيضات الكبيرة التي أجرتها إدارة الرئيس دونالد ترمب على المساعدات الخارجية خلال عام 2025، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

وخفّضت الولايات المتحدة إنفاقها على المساعدات هذا العام، وقلّصت جهاتٌ مانحة غربية رائدة مثل ألمانيا مساعداتها هي الأخرى عقب تحويل أولوياتها ‌المالية إلى ‌المجال الدفاعي، مما تسبّب ‌في ⁠أزمة تمويل ​حادة ‌للأمم المتحدة.

وقال المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة تتعهد بتخصيص مليارَي دولار لتمويل برامج المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة، دون كشف تفاصيل توزيع هذه الأموال أو ما إذا كانت هناك تعهدات إضافية مرتقبة.

الشعار الرسمي للأمم المتحدة في مقر المنظمة بمدينة نيويورك الولايات المتحدة 23 أغسطس 2022 (رويترز)

وتُظهر بيانات الأمم ⁠المتحدة أن مجموع الإسهامات الإنسانية الأميركية للأمم المتحدة انخفض ‌إلى نحو 3.38 مليار ‍دولار في عام 2025، ‍أي ما يعادل نحو 14.8 ‍في المائة من الإجمالي العالمي. ويمثّل هذا انخفاضاً حاداً عن 14.1 مليار دولار في العام السابق، وعن الذروة التي بلغت 17.2 مليار دولار في ​عام 2022. وأطلقت الأمم المتحدة في وقت سابق من ديسمبر (كانون الأول) نداءً ⁠لجمع 23 مليار دولار خلال عام 2026، للوصول إلى 87 مليون شخص معرّضين للخطر، وهو نصف المبلغ الذي طلبته لعام 2025 وبلغ 47 مليار دولار، مما يعكس تراجع دعم المانحين رغم الاحتياجات العالمية.

وقال منسق الإغاثة في الأمم المتحدة، توم فليتشر، إن الاستجابة الإنسانية التي تقدّمها المنظمة تعاني من ضغط شديد ونقص حاد في التمويل، مما يعني أنه يجب اتخاذ «خيارات ‌قاسية» لإعطاء الأولوية لمن هم في حاجة أكبر مقارنة بغيرهم.


اتهامات جمهورية لترمب بالتخلي عن «أميركا أولاً»

ترمب خلال لقائه بزيلينسكي في فلوريدا يوم 28 ديسمبر 2025 (رويترز)
ترمب خلال لقائه بزيلينسكي في فلوريدا يوم 28 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

اتهامات جمهورية لترمب بالتخلي عن «أميركا أولاً»

ترمب خلال لقائه بزيلينسكي في فلوريدا يوم 28 ديسمبر 2025 (رويترز)
ترمب خلال لقائه بزيلينسكي في فلوريدا يوم 28 ديسمبر 2025 (رويترز)

​قبل أيام معدودة من نهاية العام، ينصب تركيز الرئيس الأميركي دونالد ترمب على السياسة الخارجية، فبعد لقاء الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي في مقر إقامته في مارالاغو، يوم الأحد، يلتقي يوم الاثنين برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فلوريدا؛ حيث يقضي فترة الأعياد.

خطوات أثارت حفيظة بعض الجمهوريين الذين استغربوا من تجيير الانتباه في الأيام الأخيرة من العام عن السياسة الأميركية الداخلية، فقالت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين في منشور على منصة «إكس»: «زيلينسكي اليوم. نتنياهو غداً. هل يمكن أن نركز على أميركا فقط؟».

تصريح يحمل معاني مبطنة، فغرين التي كانت من أشد حلفاء ترمب شراسة، وأبرز وجوه قاعدة «ماغا» الشعبية، انشقت عن الرئيس الأميركي، بعد أن سحب دعمه لها إثر ازدياد انتقاداتها له؛ خصوصاً حيال تعاطي إدارته مع ملف إبستين. ولطالما دعت إلى التركيز على الولايات المتحدة وسياسة «أميركا أولاً»، رافضة استمرار المساعدات الأميركية لكييف من جهة، ومنتقدة نهج أميركا تجاه إسرائيل من جهة أخرى. وبينما لا يمثل موقف غرين مواقف الجمهوريين التقليديين في الكونغرس الذين يعتبرون أن السياسة الخارجية أساسية للحفاظ على النفوذ الأميركي في العالم، فإنها تمثل شريحة بارزة من القاعدة الشعبية التي سئمت من الحروب الأبدية، وهي الشريحة التي يتحدث معها ترمب، عندما يعد بإنهاء هذه الحروب والتركيز على «أميركا أولاً».

النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين في جلسة استماع بالكونغرس يوم 11 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

ولكن هذه الوعود تصطدم أيضاً بواقع المبادئ الجمهورية التقليدية؛ خصوصاً فيما يتعلق بتعاطي ترمب مع الحرب الروسية الأوكرانية. فقد اعتبر رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، الجمهوري مايك ترنر، أنه «من غير الممكن أن نكون مع (أميركا أولاً) وموالين لروسيا في الوقت نفسه». وأضاف في مقابلة مع شبكة «إيه بي سي»: «روسيا هي خصم معلن للولايات المتحدة. وهي ماضية في قتل الأوكرانيين بلا رحمة، وتحاول الاستيلاء على الأراضي الأوكرانية». ورغم أن ترنر لم يذكر الرئيس الأميركي بالاسم، فإنه من الواضح أن تصريحاته هذه تلمح إلى مواقف ترمب المثيرة للجدل حيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

شعبية منخفضة

ترمب خلال مؤتمر صحافي مع زيلينسكي في فلوريدا يوم 28 ديسمبر 2025 (أ.ب)

يأتي هذا في وقت يواجه فيه ترمب أرقاماً منخفضة في شعبيته، إذ وصلت إلى 39 في المائة حسب استطلاع نهاية العام لمؤسسة «غالوب». ويقول كارل روف مستشار الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، إن على ترمب أن يقوم بعمل أفضل في عرض إنجازاته في السياسات الداخلية، محذراً: «سوف ينهي الرئيس هذا العام بأدنى نسبة تأييد في التاريخ الحديث لأي رئيس خلال السنة الأولى بعد تنصيبه. وعليه أن يعمل على رفع هذه الأرقام». ودعا روف ترمب إلى زيارة الحدود الجنوبية للبلاد لعرض إنجازاته في التصدي للهجرة غير الشرعية، كما حثه على التطرق إلى التحديات الداخلية، كموضوع الرعاية الصحية، والاقتصاد، وشرح استراتيجيته حيالها للأميركيين بأسلوب واضح.

وأضاف روف في مقابلة مع «فوكس نيوز»: «عليه أن يُخفف من سقف التوقُّعات، وأن يقدِّم إنجازات تفوق الوعود. يجب أن يكون هدفه في العام المقبل هو التقليل من الوعود مقابل الإفراط في الإنجاز».


ترمب يعلن تدمير «منشأة كبيرة» ضمن حملته ضد فنزويلا

صورة مركبة للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)
صورة مركبة للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)
TT

ترمب يعلن تدمير «منشأة كبيرة» ضمن حملته ضد فنزويلا

صورة مركبة للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)
صورة مركبة للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في مقابلة إذاعية، إن الولايات المتحدة دمَّرت «منشأة كبيرة» الأسبوع الماضي في إطار حملة إدارته ضد فنزويلا.

وأدلى ترمب بتصريحه يوم الجمعة، خلال مقابلة مع جون كاتسيماتيديس، الملياردير الجمهوري ومؤيد الرئيس، ومالك محطة إذاعة «WABC» في نيويورك.

وكان الرجلان يناقشان الحملة العسكرية الأميركية لعرقلة تهريب المخدرات من أميركا اللاتينية، عبر استهداف قوارب يُشتبه في نقلها للمخدرات.

وقال ترمب: «لديهم مصنع ضخم أو منشأة كبيرة تنطلق منها السفن»، دون أن يحدد موقعها، أو يُشير صراحة إلى فنزويلا كهدف. وأضاف: «قبل ليلتين، دمرنا ذلك الموقع».

وقال مسؤولون أميركيون لصحيفة «نيويورك تايمز»، إن ترمب كان يشير إلى منشأة لتهريب المخدرات في فنزويلا، وأنه تم تدميرها، ولكنهم لم يقدموا أي تفاصيل.

وإذا ثبتت صحة تصريح ترمب بأن الولايات المتحدة قصفت موقعاً في المنطقة، فسيكون ذلك أول هجوم بري معروف منذ بدء حملته العسكرية ضد فنزويلا.

وامتنع المسؤولون الأميركيون عن تحديد أي تفاصيل بشأن الموقع الذي أعلن الرئيس عن استهدافه، أو موقعه، أو كيفية تنفيذ الهجوم، أو الدور الذي لعبه في تهريب المخدرات. ولم يصدر أي تقرير علني عن هجوم من الحكومة الفنزويلية أو أي سلطات أخرى في المنطقة.

وامتنع كل من البيت الأبيض ووكالة الاستخبارات المركزية عن التعليق.

وتشتهر فنزويلا بدورها في تهريب المخدرات، وخصوصاً الكوكايين المنتج في كولومبيا، ولكنها لم تكن منتجاً رئيسياً للمخدرات.

ووعد ترمب بشنِّ ضربات برية في فنزويلا، في إطار حملة ضغط متصاعدة على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي تتهمه الولايات المتحدة بالمشاركة في تجارة المخدرات.

وقد سمح الرئيس الأميركي لوكالة الاستخبارات المركزية بالبدء في التخطيط لعمليات سرية داخل فنزويلا، قبل أشهر.

وتشنُّ الولايات المتحدة غارات عسكرية على سفن في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، منذ سبتمبر (أيلول). وتؤكد الإدارة الأميركية أن هذه السفن تنقل الكوكايين. وقد أسفرت هذه العمليات عن مقتل 105 أشخاص على الأقل حتى الآن، ووصفها منتقدون بأنها عمليات قتل خارج نطاق القانون، قائلين إن الجيش الأميركي لا يملك أي أساس قانوني لشنِّ ضربات مميتة ضد المدنيين.

ودافعت الإدارة الأميركية عن الهجمات بالقول إن الولايات المتحدة في صراع مع ما تسميه «إرهابيي المخدرات» الذين لا يمكن إيقافهم إلا بالقوة العسكرية.

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن أشخاص مطلعين على الأمر، قولهم إن تلك الضربات البحرية هي في الأصل جزء من عملية من مرحلتين، مشيرين إلى أن «المرحلة الثانية التي لم يُعلن عنها رسمياً بعد، ستشمل ضربات على منشآت المخدرات في فنزويلا».

ومنذ بدء الضربات، أعلن ترمب ما سمَّاه حصاراً على فنزويلا، في الوقت الذي بدأت فيه الولايات المتحدة محاولات اعتراض ناقلات النفط، قاطعة بذلك مصدر دخل حيوياً لحكومة مادورو.