هاو ضد هيوز: صداقة قديمة تتحول إلى صراع على إيزاك

إيدي هاو وألكسندر إيزاك (رويترز)
إيدي هاو وألكسندر إيزاك (رويترز)
TT

هاو ضد هيوز: صداقة قديمة تتحول إلى صراع على إيزاك

إيدي هاو وألكسندر إيزاك (رويترز)
إيدي هاو وألكسندر إيزاك (رويترز)

يصف إيدي هاو الأجواء التي يتوقعها الليلة في ملعب «سانت جيمس بارك» بـ«الكهربائية». إنها أول مباراة بيتية لنيوكاسل هذا الموسم، ليلة الاثنين تحت الأضواء، والجماهير ستُفرغ شحنة مشاعرها المكبوتة خلف الفريق: ليس ضد ألكسندر إيزاك هذه المرة، بل أمام ليفربول، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».

فقد تراكم شعور بالاستياء طوال الصيف في «تاينسايد»، وهذه الليلة قد تنفجر شرارته. تصرّفات إيزاك -رفضه حب جماهير نيوكاسل، وإدارته الظهر لمدربه وزملائه في مساعيه للرحيل- أشعلت الغضب. ومع أن ليفربول هو وجهته المنتظرة، فإنه سيكون في مواجهة مباشرة مع سخط المشجعين.

الليلة تعد بمشهد استثنائي للبث التلفزيوني في الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث أصبحت المواجهة على أرض الملعب مشحونة بأبعاد أكبر. إيزاك يصرّ على أنه لن يلعب لنيوكاسل مجدداً، وليفربول ما زال في الصورة، ومع اقتراب إغلاق سوق الانتقالات، تبدو المواجهة بين الفريقين أكثر إثارة.

لكن الكاميرات لن تنقل ما يجري خلف الكواليس. سيظهر هاو على الخط لمصافحة أرنه سلوت، لكن الغرف المغلقة ستشهد توتراً بارداً حين تصل بعثة ليفربول. ما زالت هناك إمكانية لصفقة في الأيام السبعة المقبلة إذا لبّى ليفربول تقييم نيوكاسل البالغ 150 مليون جنيه إسترليني (202.9 مليون دولار)، وتمكن الأخير من التعاقد مع بديل هجومي. غير أن العلاقة بين الناديين متوترة إلى أقصى حد.

هاو يقف في المنتصف، ليس فقط لأنه مطالب بشحذ طاقة فريقه بشكل متوازن، بل لأن مطاردة ليفربول لإيزاك يقودها رجال كانوا يوماً ما من أقرب أصدقائه: ريتشارد هيوز، المدير الرياضي لليفربول حالياً، كان زميله في بورتسموث مطلع الألفية، ولاحقاً لاعبه في بورنموث قبل أن يصبح ذراعه اليمنى في ملف التعاقدات. إلى جانبه مايكل إدواردز، الرئيس التنفيذي لكرة القدم في مجموعة «فينواي»، والذي ربطته علاقة وثيقة بهاو وهيوز منذ أيام بورتسموث.

علاقة هاو وهيوز كانت مختلفة: ثقة كاملة ورؤية مشتركة، بخلاف الخلافات التي جمعته بمديرين رياضيين آخرين في نيوكاسل. نجاحات بورنموث في سوق الانتقالات كانت شاهدة على شراكتهما: دومينيك سولانكي، ناثان آكي، آرون رامسديل، تايرون مينغز... أسماء بيعت لاحقاً بأرباح ضخمة.

لكن مع مرور الأسابيع، تحوّلت الروابط القديمة إلى مصدر توتر. ليفربول خطف المهاجم هوغو إيكيتيكي من آينتراخت فرنكفورت بعدما اعتقد نيوكاسل أنه الأقرب للتوقيع معه، وزادت الحساسية بعد اهتمام ليفربول السابق بانتوني غوردون. في المقابل، يرى ليفربول أن رواية نيوكاسل مبالغ فيها، وأن اهتمامه بإيكيتيكي جاء لحاجة حقيقية بعد رحيل لويس دياز وداروين نونيز، والإصابة المفجعة التي أنهت موسم ديوغو جوتا.

داخل نيوكاسل، هناك شعور بأن هاو تعرّض لـ«عدم احترام». مصدر مقرب تحدث عن «قدر من العداء» وانكسار في الثقة. ورغم أن هاو علنياً يصف الأمر بـ«المهني لا الشخصي»، إلا أن المقربين يرون أنه أكثر استياء مما يُظهر.

الأزمة تأتي في لحظة هشّة إدارياً لنيوكاسل: الرئيس التنفيذي دارين إيلز في فترة إنهاء عمله، والمدير الرياضي بول ميتشيل رحل بعد موسم واحد فقط. بينما في ليفربول، هيكل إداري متماسك بقيادة إدواردز وهيوز، وطاقم دعم يضم أسماء يعرفها هاو منذ عقدين.

الأمر يتجاوز مجرد لاعب؛ إنه صراع بين بناء مؤسسي متين في ليفربول، وفجوات لم تُسد بعد في نيوكاسل. المفارقة أن هاو، الذي يقاتل ضد أصدقائه القدامى، ربما يتمنى لو كان هؤلاء بجانبه بدلاً من مواجهتهم.

مع اقتراب إغلاق سوق الانتقالات، تبقى النتيجة معلّقة: هل سيبقى إيزاك، ويُعاد دمجه، كما لمّح هاو، أم يرحل إلى ليفربول؟ المؤكد أن الصداقة القديمة لم تعد حاضرة في قلب هذه المعركة.


مقالات ذات صلة

لماذا كسر ليفربول كل القواعد للتعاقد مع فيرتز؟

رياضة عالمية فلوريان فيرتز (أ.ب)

لماذا كسر ليفربول كل القواعد للتعاقد مع فيرتز؟

كانت هناك لحظة، قبل وقت قصير من تسجيل فلوريان فيرتز هدفه الأول بقميص ليفربول لخّصت حجم تطوره والثقة المتزايدة التي بات يتمتع بها في أجواء الدوري الإنجليزي.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية روبن أموريم (رويترز)

انتصار بلا طمأنينة: أموريم يكسب النتائج ويخسر التحكم

غالباً ما يُستشهد بعبارة روبن أموريم الشهيرة عن «البابا» ورفضه تغيير أسلوبه التكتيكي؛ لكن تلك العبارة تُنقل في كثير من الأحيان من دون الجزء الأهم.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية سلوت يوجه فيرتز نحو مزيد من الأهداف (رويترز)

سلوت: فيرتز سيسجل المزيد من الأهداف بعد هدفه في وولفرهامبتون

‭ ‬ قال أرنه سلوت مدرب ليفربول إن لاعبه فلوريان فيرتز بدأ في إثبات نفسه مع الفريق وسيواصل التحسن ​بعد أن سجل لاعب الوسط الألماني أول أهدافه مع حامل لقب الدوري.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية توماس فرانك (رويترز)

فرانك يثق في تغيير الأمور في توتنهام هوتسبير

يثق توماس فرانك مدرب توتنهام هوتسبير في أنه الرجل المناسب لقيادة الفريق للمضي قدماً، ​قائلاً إن تاريخه في تغيير البدايات السيئة يثبت أنه قادر على المساعدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية بالمر أثناء تبديله (رويترز)

بالمر «غاضب» من قرار مدرب تشيلسي باستبداله

بدا كول بالمر، نجم تشيلسي، محبطا بعد قرار المدرب إنزو ماريسكا باستبداله خلال مواجهة أستون فيلا، مساء السبت، في الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لماذا كسر ليفربول كل القواعد للتعاقد مع فيرتز؟

فلوريان فيرتز (أ.ب)
فلوريان فيرتز (أ.ب)
TT

لماذا كسر ليفربول كل القواعد للتعاقد مع فيرتز؟

فلوريان فيرتز (أ.ب)
فلوريان فيرتز (أ.ب)

كانت هناك لحظة، قبل وقت قصير من تسجيل فلوريان فيرتز هدفه الأول بقميص ليفربول، لخّصت بدقة حجم تطوره والثقة المتزايدة التي بات يتمتع بها في أجواء الدوري الإنجليزي الممتاز، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».

فمع كرة طويلة أرسلها أليسون، وارتفعت في اتجاه الجهة اليسرى، كان الدولي الألماني تحت ضغط مباشر مع اندفاع مات دوهيرتي لإغلاق المساحة. لكن فيرتز تعامل مع الموقف بهدوء لافت؛ سيطر على الكرة من اللمسة الأولى، ثم استعرض مهارته بتحويلها بسلاسة من قدمه اليمنى إلى اليسرى، متجاوزاً قائد وولفرهامبتون قبل أن ينطلق بمحاذاة الخط الجانبي. مشهد أثار إعجاب مدرجات «أنفيلد» المكتظة التي عبّرت عن تقديرها بوضوح.

لم تكن عملية التأقلم سهلة بالنسبة لفيرتز منذ وصوله من باير ليفركوزن في صفقة بلغت قيمتها 116 مليون جنيه إسترليني في يونيو (حزيران). فقد احتاج اللاعب إلى وقت للتأقلم مع الإيقاع السريع والالتحامات البدنية القوية في كرة القدم الإنجليزية، ما دفع ليفربول إلى إخضاعه لبرنامج بدني خاص في صالة الألعاب الرياضية لمساعدته على زيادة قوته وتحمل شدة المنافسات.

سعر الصفقة الضخم، إلى جانب تفوق ليفربول على بايرن ميونيخ ومانشستر سيتي في سباق التعاقد معه، رفعا سقف التوقعات إلى مستويات عالية. وكان الصبر مطلوباً مع لاعب موهوب يبلغ 22 عاماً، يخوض تجربته الأولى خارج بلاده، ويحاول فرض نفسه في فريق ليفربول الذي لم يكن في أفضل حالاته تحت قيادة أرني سلوت.

ورغم تحسن إسهاماته الشاملة في المباريات ظل غياب الأهداف والتمريرات الحاسمة في الدوري الإنجليزي الممتاز مادة لانتقادات كثيرة. ولم يُخفِ مشجعو الفرق المنافسة شماتتهم، خصوصاً عندما قررت لجنة اعتماد الأهداف في الدوري هذا الشهر احتساب محاولته أمام سندرلاند هدفاً عكسياً على المدافع نوردي موكيلي.

لذلك لم يكن مفاجئاً حجم الفرح والارتياح الكبيرين، داخل الملعب وفي المدرجات، عندما سجل فيرتز الهدف الثاني لليفربول في الفوز 2-1، قبل نهاية الشوط الأول بقليل.

فبعد تحرك ذكي خلف الدفاع وتسلمه تمريرة هوغو إيكيتيكي، سدد فيرتز الكرة بنجاح في شباك جوزيه سا، قبل أن يرفع قبضته احتفالاً، ويضع يده على شعار النادي على قميصه، وسط تهنئة حارة من زملائه.

وقال فيرتز في تصريحات لـ«هيئة الإذاعة البريطانية»: «كان شعوراً رائعاً أن أسجل هدفي الأول منذ انضمامي إلى النادي. كنت آمل أن يراني هوغو، وأنا ممتن لأنه فعل ذلك ومنحني هذه الفرصة. أعلم أن هذا هو أصعب دوري في العالم، وكل ما عليَّ هو التأقلم مع القوة البدنية، ومع اللاعبين من حولي داخل الملعب. أشعر بأنني أتحسن في كل مباراة، ونبدأ إيجاد الإيقاع المناسب. المباريات الأخيرة كانت جيدة جداً، ونحن في تحسن واضح».

وكان فيرتز قد أنهى قبل ذلك بأسبوع انتظاره لأول تمريرة حاسمة في الدوري الإنجليزي، عندما هيأ الكرة لألكسندر إيساك ليسجل هدف التقدم أمام توتنهام هوتسبير.

وجاء هدفه أمام وولفرهامبتون، بعد 89 ثانية فقط من صناعة جيريمي فريمبونغ لهدف الافتتاح الذي سجله رايان غرافنبرخ، ليكون هدف الفوز في رابع انتصار متتالٍ لليفربول في جميع المسابقات، وهو ما رفع الفريق إلى المركز الرابع في الدوري الإنجليزي الممتاز. وأظهر هذا الهدف أن فيرتز بدأ يضيف الفاعلية الهجومية إلى أدائه، في مؤشر إيجابي للتحديات المقبلة.

وقال أرني سلوت بعد المباراة: «أنا متأكد تماماً أن الهدف كان بمثابة ارتياح كبير له. رأيت ذلك في طريقة احتفاله، وكذلك في رد فعل زملائه، الذين كانوا سعداء جداً من أجله. في كرة القدم، وربما عن حق، يتم الحكم علينا بالنتائج، وعلى اللاعبين بالأهداف والتمريرات الحاسمة، لكننا أحياناً ننسى بقية الأدوار داخل المباراة».

وصنع فيرتز 3 فرص محققة، وهو أعلى رقم في اللقاء، من بينها تمريرة بينية متقنة لإيكيتيكي في الدقائق الأولى انتهت بتسديدة ارتطمت بالقائم. ومن المتوقع أن يشكل هذا الثنائي عنصراً حاسماً في المرحلة المقبلة، في ظل غياب إيزاك حتى مارس (آذار) بسبب كسر في الساق.

كما نجح فيرتز في إتمام 7 مراوغات من أصل 9 محاولات، وفاز في 11 من أصل 15 التحاماً، إضافة إلى لمسه الكرة داخل منطقة جزاء الخصم 9 مرات، وهو أعلى رقم في المباراة. وقد حظي بتصفيق حار من الجماهير عند استبداله ونزول تراي نيوني في الوقت بدل الضائع.

ويبدو أن اللعب في الجهة اليسرى ضمن خطة 4-2-3-1 التي يعتمدها سلوت يناسب فيرتز؛ حيث يمنحه حرية التحرك بين الخطوط والدخول إلى العمق. صحيح أن المنافس كان وولفرهامبتون الذي يعاني هذا الموسم، لكن هذا الأداء لم يكن استثناءً، بل امتداد لتصاعد تأثيره، مع تحسن دقته في التمرير، وتماسكه البدني، وتزايد ثقته بنفسه، مع تنامي الانسجام مع زملائه. وهو ما يفسر بوضوح سبب استعداد ليفربول لدفع هذا المبلغ الكبير من أجله.

وأضاف سلوت: «فلوريان قدم عدة مباريات جيدة معنا، لكنه يتحسن مع كل مباراة. لياقته في تصاعد مستمر، وكان يقترب أكثر فأكثر من هدفه الأول، لذلك لم يكن مفاجئاً أن يسجل. وهو أول مَن يدرك أن هدفاً واحداً لا يكفي، ونأمل أن يسجل الكثير من الأهداف مستقبلاً. أعجبني أداؤه في فترات طويلة من المباراة، وكان مميزاً في لحظات عديدة».

ورغم ذلك، لا تزال هناك مخاوف أوسع لدى سلوت، أبرزها ضعف إدارة المباريات، والقصور الواضح في الدفاع عن الكرات الثابتة. وكان سانتياغو بوينو آخر من استفاد من ذلك عندما قلّص الفارق من ركلة ركنية بعد بداية الشوط الثاني، فيما كاد وولفرهامبتون يخرج بنقطة في يوم عاطفي شهد تكريم ذكرى ديوغو جوتا.

لا يزال أمام سلوت الكثير من العمل مع دخول العام الجديد إذا ما أراد ليفربول مواصلة هذا التقدم في جدول الترتيب، لكن امتلاك لاعب مثل فيرتز، وهو يؤدي بهذا القدر من الثقة والحضور، يُمثل مكسباً بالغ الأهمية.


انتصار بلا طمأنينة: أموريم يكسب النتائج ويخسر التحكم

روبن أموريم (رويترز)
روبن أموريم (رويترز)
TT

انتصار بلا طمأنينة: أموريم يكسب النتائج ويخسر التحكم

روبن أموريم (رويترز)
روبن أموريم (رويترز)

غالباً ما يُستشهد بعبارة روبن أموريم الشهيرة عن «البابا» ورفضه تغيير أسلوبه التكتيكي، ولكن تلك العبارة تُنقل في كثير من الأحيان من دون الجزء الأهم الذي أعقبها، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».

وقال مدرب مانشستر يونايتد في ذلك المؤتمر الصحافي خلال شهر سبتمبر (أيلول): «سيكون هناك تطور، ولكن علينا أن نخطو كل الخطوات الصحيحة». وأضاف: «عندما تفكر في تأثير أي قرار على الفريق، تدرك أن كل شيء مهم. أنا أعمل بطريقتي، وهناك من يعمل بطرق مختلفة، ولكن التغيير قادم. آمل أن أحصل على الوقت الكافي لإحداثه، ولكنه سيحدث».

جاءت كلمات أموريم منسجمة مع تصريحاته السابقة حول تكييف نظام اللعب بثلاثة مدافعين عندما يحين الوقت المناسب.

والواقع أن الخطط التكتيكية لا تبقى ثابتة طوال المباراة؛ بل تتغير حسب مراحل اللعب، سواء في البناء من الخلف، أو الضغط العالي، أو الدفاع المتأخر. فعلى سبيل المثال، اعتمد مانشستر يونايتد كثيراً على الضغط بطريقة 4-4-2 منذ وصول أموريم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

ومع ذلك، شهد شكل الفريق بعض التعديلات في المباراتين الأخيرتين. ففي مراحل البناء والتقدم بالكرة أمام بورنموث، تمركز أماد في موقع متقدم أكثر من ديوغو دالوت، ليبدو الشكل أقرب إلى 3-4-3 غير متوازن.

وفي الفوز 1-0 على نيوكاسل يونايتد، مساء الجمعة، ظهر يونايتد عند الاستحواذ على الكرة بأسلوب قريب من 4-2-3-1 غير المتكافئ، مع تحركات ماتيوس كونيا إلى العمق قادماً من الجهة اليسرى.

غير أن التغيير الأبرز كان في طريقة الدفاع بالكتلة المتوسطة قرب خط المنتصف. ففي التعادل 4-4 أمام بورنموث، دافع الفريق بأسلوب 4-4-2، ثم انتقل إلى 4-3-3 خارج أرضه أمام أستون فيلا الأسبوع الماضي، قبل أن يعتمد 4-2-3-1 أمام نيوكاسل في «أولد ترافورد»، في خروج واضح عن نظام الخط الخلفي الخماسي المعتاد. وقد قاد هذا التعديل مانشستر يونايتد إلى فوزه الأخير، رغم المعاناة التي واجهها في الشوط الثاني.

وبالنظر إلى طريقة عمل ثلاثي وسط نيوكاسل، بدا التحول إلى 4-2-3-1 عند الدفاع في الكتلة المتوسطة خياراً منطقياً. ففي الشوط الأول، تولى ماسون ماونت ومانويل أوغارتي وكاسيميرو رقابة لاعبي الوسط، مع تقدم ليساندرو مارتينيز أو آيدن هيفن، لمواجهة نيك فولتمايده عندما يتراجع رأس الحربة.

ونجح أوغارتي وكاسيميرو وماونت في الحد من تأثير برونو غيمارايش وجاكوب رامسي وساندرو تونالي، من خلال تتبع تحركاتهم ومعرفة التوقيت المناسب للضغط عليهم.

ففي إحدى اللقطات، كان نيوكاسل ينسق هجومه عبر الجهة اليمنى، مع اندفاع أوغارتي نحو غيمارايش، بينما تولى كاسيميرو مراقبة رامسي. وأجبر التفوق العددي لفابيان شار، لوك شو على التقدم، ما ترك مارتينيز لمواجهة جاكوب ميرفي.

ونتيجة لذلك، اضطر قلبا دفاع مانشستر يونايتد إلى التحرك أفقياً، ما خلق فراغاً في الخط الخلفي. حاول رامسي استغلال المساحة، ولكن كاسيميرو تبعه عن قرب وأجبره على توجيه كرة رأسية ضعيفة.

كذلك، كان كاسيميرو وأوغارتي يتراجعان باستمرار لدعم الخط الخلفي، عندما يصل نيوكاسل إلى مناطق العرضيات. ففي إحدى الحالات، لاحظ لاعب الوسط البرازيلي وجود فجوة في الخط الدفاعي ليونايتد عندما تحرك دالوت إلى الطرف، فتراجع لتغطية القائم القريب.

نظرياً، تكمن خطورة الرقابة الفردية لثلاثي وسط نيوكاسل في إمكانية سحب ماونت وأوغارتي وكاسيميرو من مواقعهم وخلق مساحات بين الخطوط. ولكن فريق أموريم أظهر وعياً جيداً بتبديل الرقابة والتقاط لاعبي نيوكاسل بين الخطوط باستمرار.

وفي مثال آخر، تقدم لاعبو وسط يونايتد لملاحقة غيمارايش ورامسي وتونالي، وبينما تحرك ميرفي إلى العمق لاستغلال الفراغ، فإن الجهة اليسرى لمانشستر يونايتد تعاملت مع الموقف بذكاء. تراجع لوك شو لمواجهة لويس مايلي، بينما أغلق مارتينيز وكونيا المساحة على ميرفي، مع محاولة شار تمرير الكرة إلى الجناح الأيمن.

واكتمل الحد من خطورة نيوكاسل الهجومية في الشوط الأول بفضل التزام الجناحين باتريك دورغو وكونيا بالواجبات الدفاعية؛ حيث كانا يتراجعان لدعم الظهيرين، وهو أمر ضروري نظراً للدور الكبير الذي يلعبه لاعبو خط ظهر نيوكاسل في الهجوم.

من الناحية الدفاعية، يُعد الشوط الأول أمام نيوكاسل من أفضل عروض مانشستر يونايتد تحت قيادة أموريم، غير أن الفريق احتاج إلى تكديس الأجساد أمام المرمى بعد الاستراحة لحسم النقاط الثلاث.

وقبيل مرور ساعة من اللعب، أجرى أموريم تبديلين بإشراك جوشوا زيركزي وليني يورو بدلاً من بنجامين شيشكو وكاسيميرو، مع الحفاظ على الخطة نفسها لكن بتغيير أدوار الأجنحة. تقدم دالوت إلى الجهة اليمنى، وانتقل دورغو إلى اليسار.

وكان الهدف من ذلك أن تسهم الخصائص الدفاعية لدالوت ودورغو في دعم يورو وشو أمام خطورة نيوكاسل المستمرة عبر الأطراف. وأوضح أموريم أنه استبدل كاسيميرو لأن كونيا قادر على توفير حلول في التحولات، ولأن جاك فليتشر وأوغارتي كانا أكثر جاهزية بدنية، إضافة إلى أن نيوكاسل «كان يقوم بكثير من الانطلاقات نحو منطقة الجزاء».

ولا يمكن تجاهل الإرهاق البدني والذهني عند الدفاع لفترات طويلة بكتلة منخفضة، وهو ما يفسر جزئياً تراجع الرقابة على لاعب ارتكاز نيوكاسل في الشوط الثاني. فلم يعد غيمارايش وقبله تونالي مراقبَين بالصرامة نفسها، ما سمح لتحركاتهما من دون كرة بتغذية الهجوم، ولا سيما في الدقائق العشر الأخيرة من الوقت الأصلي.

وفي إحدى اللقطات بمنتصف الشوط الثاني، جذب تمركز تونالي داخل منطقة الجزاء أوغارتي، ما أبعد لاعب الوسط الأوروغواياني عن أنتوني غوردون الذي شكَّل زيادة عددية في الجهة اليمنى. ومع انشغال فليتشر ودورغو وشو بالتفاهمات الجانبية لنيوكاسل، انطلق غوردون خلف الظهير الأيسر ليونايتد، من دون قدرة أوغارتي على إيقافه. ووجد ميرفي تمريرة لغوردون، ولكن تسديدته ذهبت خارج المرمى.

وفي لقطة أخرى، تسلل غيمارايش خلف كونيا وزيركزي ليستغل المساحة بين الخطوط. مجدداً، شغلت تحركات نيوكاسل الجانبية فليتشر ودورغو وشو، ما خلق فراغاً أكبر لغيمارايش. ومع تمريرة مايلي إلى اللاعب البرازيلي، اندفع هارفي بارنز خلف شو الذي تحرك في الاتجاه المعاكس لمواجهة غيمارايش، بينما كان أوغارتي مشغولاً بمراقبة جويلينتون، ما ترك زيادة عددية لغوردون في العمق. وتبادل غيمارايش وبارنز الكرة قبل أن تصل لغوردون الذي أهدر الفرصة بتسديدة خارج المرمى.

وقال أموريم بعد المباراة: «الشعور جيد، ولكن إذا قارنَّاها بمباريات أخرى، فقد عانينا اليوم كثيراً. في لحظات معينة وضعنا كل شيء على المحك، كنا نضع أجسادنا أمام المرمى وندافع عن كل عرضية. هذا إحساس جيد، ولكن إذا نظرت إلى المباراة، فستجد أننا في مباريات كثيرة كنا نسيطر على المنافس بشكل أفضل».

وتبقى الكلمة المفتاحية هنا هي «التحكم». فافتقاد مانشستر يونايتد للاستحواذ في الشوط الثاني أبقاه في حالة دفاعية استنزفت الجهدين البدني والذهني. صحيح أن الفريق يعاني من غيابات عديدة ومؤثرة، ولكن القدرة على إدارة المباريات عند التقدم في النتيجة لا تزال جانباً يعمل عليه أموريم.

وسواء لعب الفريق بثلاثة مدافعين، أو أربعة، أو خمسة، فإن الأهم يبقى كيفية أداء مانشستر يونايتد داخل هذه الأطر التكتيكية.


بحثاً عن المنظِّم الغائب... ريال مدريد يواجه إرث كروس ومودريتش

الريال يفتقد مساهمات مودريتش في تنظيم خط الوسط (رويترز)
الريال يفتقد مساهمات مودريتش في تنظيم خط الوسط (رويترز)
TT

بحثاً عن المنظِّم الغائب... ريال مدريد يواجه إرث كروس ومودريتش

الريال يفتقد مساهمات مودريتش في تنظيم خط الوسط (رويترز)
الريال يفتقد مساهمات مودريتش في تنظيم خط الوسط (رويترز)

يختتم ريال مدريد عام 2025 وهو يعاني نقصاً واضحاً في خط الوسط. فالنادي لم يتجه إلى سوق الانتقالات الصيفية الماضية للتعاقد مع لاعب من طراز «المنظِّم» بعد رحيل لوكا مودريتش، وقبل ذلك بعام واحد رحيل توني كروس وذلك وفقاً لصحيفة «ماركا» الإسبانية.

وكانت الفكرة داخل أروقة النادي أن العناصر الموجودة في خط الوسط تملك من الإمكانات ما يكفي ليبرز أحدهم ويتولى قيادة اللعب. حاول المدرب تشابي ألونسو، في المقام الأول، الاعتماد على أردا غولر، غير أن الواقع أثبت أن أحداً في التشكيلة لم ينجح في تعويض هذين الغيابين خلال الموسمين الماضيين.

ريال مدريد في عهد ألونسو يضم لاعبين قادرين، نظرياً، على أداء هذا الدور. غولر، على سبيل المثال، تراجع بمركزه إلى الخلف، لكنه فقد جزءاً من بريقه عندما لعب بعيداً عن مناطق التأثير، إذ خسر ميزة التمريرة الأخيرة وكذلك انسجامه الجيد مع كيليان مبابي. ومنذ كأس العالم للأندية، بدا واضحاً رهان المدرب على الدور الجديد للاعب التركي، غير أن تأثيره تراجع في المراحل الأخيرة من شهر ديسمبر (كانون الأول)، كما ظهر في جلوسه على مقاعد البدلاء أمام مانشستر سيتي. وينهي غولر العام بوصفه اللاعب الوحيد الذي شارك في جميع مباريات ريال مدريد الـ25 حتى الآن، لكنه يحتل المرتبة السابعة من حيث عدد الدقائق.

ويُعد إدواردو كامافينغا مرشحاً آخر للقيام بدور صناعة اللعب في خط الوسط، إلا أن أدواره تغيّرت مع ألونسو. فقد شارك أحياناً قريباً من الجهة اليمنى، حيث قدَّم أحد أفضل مستوياته في مباراة «الكلاسيكو»، كما لعب محوراً عند غياب تشواميني، أو قام بدور لاعب وسط داخلي. ومع ذلك، لم يتمكَّن من تثبيت موقعه هذا الموسم، بصرف النظر عن المركز، كما أثّرت عليه إصابة الكاحل في بداية الموسم. ويُنتظر أن يكون من اللاعبين الذين قد يزداد تأثيرهم خلال عام 2026.

أما داني سيبايوس، فهو لاعب آخر يملك خصائص «المنظِّم»، لكنه لم يحظَ بفرص كثيرة مع ألونسو. وكانت مشاركته الأبرز في التشكيلة الأساسية أمام مانشستر سيتي، غير أن المدرب لم يمنحه فرصاً إضافية كافية لإظهار قدرته على قيادة إيقاع الفريق. خاض 4 مباريات أساسياً أخرى في الدوري، لكنه أنهى العام بـ5 مباريات متتالية من دون أن يلعب دقيقة واحدة، بعد لقاء إشبيلية الختامي.

بيلينغهام وفالفيردي... خياران هجوميان

أكثرهناك أيضاً أسماء ذات نزعة هجومية أكبر، مثل فيديريكو فالفيردي، وجود بيلينغهام، يمكن لألونسو استكشافها في دور صانع اللعب. غير أن أياً منهما لم يظهر بأفضل نسخة له تحت قيادة المدرب القادم من تولوسا. فالفيردي شغل مركز الظهير الأيمن في ظل غياب داني كارفاخال وترينت ألكسندر-أرنولد، ورغم عودته لاحقاً إلى خط الوسط، فإنه لم يتمكَّن من فرض نفسه قائداً للعب. وكان كارلو أنشيلوتي قد جرّب فالفيردي في الموسم الماضي، بعد رحيل كروس، في أدوار أقرب إلى العمق والمشاركة في بناء اللعب، بل ورث القميص الذي كان يحمله الألماني.

وقال ألونسو في وقت سابق عن اللاعب الأوروغواياني: «لم أرَ كثيراً من اللاعبين يمتلكون هذا الأداء البدني. يذكرني بشخص مثل ستيفن جيرارد». ومع ذلك، فإن المكان الأنسب لممارسة دور المنظّم يبقى قريباً من تشواميني، الذي يبدو خياراً ثابتاً في مركز الارتكاز، لكن فالفيردي في هذا الموقع يفقد قدرته على التقدم والتسجيل، علماً بأنه لاعب قادر بتسديداته على تسجيل أكثر من 10 أهداف في الموسم الواحد.

وبالنسبة إلى بيلينغهام، أحد العناصر الأساسية، فإنه لم يتولَّ بعد دور «عقل» الفريق، رغم مشاركته في أكثر من مناسبة خلف المهاجمين. والحقيقة أن عام 2026 يجب أن يشهد حسم موقعه الأمثل في منظومة ألونسو. فمع اللعب بـ3 مهاجمين، شارك في أغلب الأحيان من الجهة اليسرى، بينما تولّى دور صانع الألعاب عند اللعب بمهاجمَين اثنَين، من دون أن ينجح في الإمساك الكامل بزمام الأمور. ومع ذلك، يرى ألونسو أن الإنجليزي مؤهل لهذا الدور، كما قال فور وصوله: «أراه بوضوح لاعب وسط، ومع كل هذا الإمكان سنحاول أن نجعله أكثر فاعلية قدر الإمكان، وهذه إحدى الخطوات التي يجب أن نقوم بها». وأظهرت آخر استطلاعات الرأي التي أجرتها «ماركا» بوضوح أن جماهير ريال مدريد ترغب في التعاقدات الجديدة، وتضع لاعب الوسط على رأس الأولويات. وكان اسم مارتين زوبيمندي قد طُرح في وقت سابق بوصفه النموذج المثالي الذي يفتقده الفريق، غير أنه كان قد التزم بالفعل مع آرسنال. وسيواصل النادي استخلاص النتائج بشأن احتياجات الفريق في النصف الثاني من الموسم، رغم أن كثيرين يرون أن ما قُدِّم في النصف الأول كان كافياً لاتضاح الصورة.