مع انطلاق «بطولة أميركا المفتوحة للتنس 2025 (فلاشينغ ميدوز)» في «مركز بيلي جين كينغ الوطني للتنس» بنيويورك، كشفت توقعات وأسواق المراهنات عن ملامح المنافسة على اللقب، حيث تصدّر الإيطالي يانيك سينر قائمة المرشحين في منافسات الرجال، متقدماً على الإسباني كارلوس ألكاراس، فيما جاءت البولندية إيغا شفيونتيك في صدارة ترشيحات السيدات، متفوقة على المصنفة الأولى عالمياً حاملة اللقب آرينا سابالينكا.
وتؤكد الأرقام أن البطولة الحالية قد تشهد استمرار سيطرة الثنائي «سينر - ألكاراس» على ألقاب «غراند سلام»، بينما يبقى الصراع مفتوحاً لدى السيدات مع وجود منافسات بارزات مثل كوكو غوف، وإيلينا ريباكينا، وماديسون كيز.
لكن خلف هذه العناوين المباشرة، تدور قصة أعمق، حيث يدخل اللاعبون واللاعبات إلى «نيويورك» وسط أجواء مختلفة، وأرقام تضع بعضهم في القمة والبعض الآخر تحت الضغط.
في منافسات الرجال، بدا واضحاً أن التنس يعيش عصراً جديداً تُهيمن عليه ثنائية «سينر - ألكاراس».
الاثنان فقط يتقاسمان السيطرة منذ خريف 2023؛ إذ لم ينجح أي لاعب آخر في انتزاع بطولة كبرى من بين أيديهما، حتى باتت النهائيات حكراً عليهما؛ إما بمواجهات مباشرة، وإما بمسارات متوازية تلتقي عند خط النهاية.
هذا الاحتكار جعل مكاتب المراهنات تضع سينر بنسبة تتجاوز 47 في المائة للفوز باللقب، مقابل 37 في المائة لألكاراس، وهو فارق ضئيل، لكنه يؤكد أن المنافسة على الكأس في نظر الأسواق تكاد تنحصر بينهما.
أما نوفاك ديوكوفيتش، بطل 24 بطولة كبرى وأسطورة العصر الحديث، فجاءت ترشيحاته بعيدة (+1200) أي أقل من 8 في المائة. منذ فوزه الأخير في «أميركا المفتوحة 2023»، لم يحقق الصربي سوى نهائي واحد في 7 بطولات كبرى، ورغم أن مستواه لم يسقط بشكل كارثي، فإن اندفاع سينر وألكاراس جعله يبدو كأنه تراجع إلى الصف الثاني.
ورغم ذلك، فإن حضوره يظل ذا قيمة كبيرة، خصوصاً مع احتمال مواجهة نصف نهائي مثيرة ضد ألكاراس إذا وصل كلاهما إلى ذلك الدور.
وبعيداً عن الثلاثة الكبار، تبرز أسماء أخرى مثل ألكسندر زفيريف (+1800)، الذي ما زالت جماهير التنس تتذكر نهائيّه المرير في 2020 حين أضاع فرصة حسم اللقب أمام دومينيك تيم.
وهناك الأميركي بن شيلتون (+1800) الذي يشتهر بإرساله القوي وصوته الصاخب داخل الملعب، وقد يجد نفسه أمام ألكاراس في ربع النهائي، بمشهد يتوقع أن يكون من أعلى لحظات البطولة إثارة. ويأتي خلفهما الإنجليزي جاك دريبر (+2000)، المصنف الخامس عالمياً الذي بلغ نصف النهائي العام الماضي في «نيويورك»، لكنه لم يتجاوز الدور الرابع في أي «غراند سلام» هذا الموسم؛ مما يضعه أمام امتحان إثبات جديد. أما تايلور فريتز (+2800)، فيحمل على عاتقه آمال الجماهير الأميركية الباحثة عن بطل محلي منذ تتويج آندي روديك عام 2003، لكن مهمته تبدو صعبة في ظل قوة المنافسة.
في منافسات السيدات، لم يكن المشهد أقل إثارة، لكن الفارق أن الصراع لم يتجمد عند ثنائية مطلقة مثل الرجال.
دخلت البولندية إيغا شفيونتيك البطولة وهي المرشحة الأولى للفوز باللقب (+260) بما يعادل احتمالاً يبلغ نحو 27 في المائة، متقدمة بفارق بسيط على البيلاروسية آرينا سابالينكا حاملة اللقب المصنفة الأولى عالمياً (+300) بنسبة 25 في المائة.

ورغم أن الفارق بينهما ضئيل، فإنه عكس تحوّلاً في التوقعات: شفيونتيك، التي وصلت إلى «نيويورك» بعد تتويجها ببطولة «سينسيناتي»، بدت في قمة جاهزيتها، بينما وجدت سابالينكا نفسها مطالبة بتأكيد هيمنتها من جديد رغم سجلها اللافت في البطولات الكبرى.
وبالعودة إلى أرقام سابالينكا، فهي اللاعبة التي لم تغب، بشكل شبه كامل، عن المربع الذهبي في آخر عامين؛ إذ بلغت نصف النهائي في 10 من آخر 11 «غراند سلام».
إنجاز غير مسبوق تقريباً في العصر الحديث باستثناء ما فعلته سيرينا ويليامز. ومع ذلك، ظل التركيز الإعلامي منصباً على شفيونتيك، خصوصاً أنها تملك لقباً سابقاً في «نيويورك» وتعيش أفضل لحظاتها في هذا الصيف.
لكن خلفهما يقف طابور من المنافسات القادرات على قلب الطاولة. الأميركية كوكو غوف (+900) تبقى المرشحة الأبرز لجماهير البلد المضيف، فقد سبق أن تُوجت باللقب هنا عام 2023، وأحرزت لقب «رولان غاروس» هذا الموسم، رغم سقوطها المفاجئ من الدور الأول في «ويمبلدون». ومع عودتها إلى ملعب «آرثر آش»، حيث صرخت الجماهير باسمها قبل عامين، فإنها تأمل أن تستعيد زخمها وسط أجواء لا تضاهيها أجواء أي ملعب آخر في العالم.
إلى جانبها، تأتي الكازاخستانية إيلينا ريباكينا (+1200)، إحدى أقوى اللاعبات على مستوى الإرسال والضربات من الخط الخلفي، والموهبة الروسية ميرا آندرييفا (+1200) التي تبلغ 18 عاماً فقط لكنها دخلت قائمة المرشحات مبكراً بعد سلسلة عروض مذهلة. أما الأميركية ماديسون كيز (+1600)، فقد عادت إلى الأضواء هذا الموسم بعد فوزها بلقب «أستراليا المفتوحة» على حساب سابالينكا، وهي التي سبق لها أن لعبت نهائي «نيويورك» في 2017؛ مما يجعلها قادرة على استخدام خبرتها للذهاب بعيداً مجدداً.
