هجمات ترمب على المؤسسات تُهدد استقلالية «الاقتصاد الأقوى»

خبراء يتخوفون من تداعيات خطيرة جراء جهوده للسيطرة على «الفيدرالي» و«إحصاءات» العمل

ترمب وباول خلال جولة داخل مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» بواشنطن في يوليو (رويترز)
ترمب وباول خلال جولة داخل مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» بواشنطن في يوليو (رويترز)
TT

هجمات ترمب على المؤسسات تُهدد استقلالية «الاقتصاد الأقوى»

ترمب وباول خلال جولة داخل مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» بواشنطن في يوليو (رويترز)
ترمب وباول خلال جولة داخل مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» بواشنطن في يوليو (رويترز)

على مر فترات الركود والحروب والأزمات المالية والاضطرابات السياسية، حافظ الاقتصاد الأميركي على سمعته كأكثر الأماكن أماناً في العالم للمستثمرين ورجال الأعمال. وقد منح هذا الولايات المتحدة ميزة اقتصادية لا تُقدّر بثمن، مما سمح لها بالاقتراض بتكلفة أقل، والنمو بشكل أسرع، والتعافي من الأزمات بنجاح أكبر من معظم الدول الأخرى.

لكن ترمب قد يكون بصدد إضعاف هذه الميزة. ففي الأسابيع الأخيرة، أقال رئيسة مكتب إحصاءات العمل عندما أعلن مكتبها عن تباطؤ نمو الوظائف، وحاول إجبار مسؤولين في بنك «الاحتياطي الفيدرالي» على التنحي عندما رفضوا خفض أسعار الفائدة. كما استخدم هو ومساعدوه سلطة الحكومة الفيدرالية لاستهداف «الأعداء المتصورين» - بمن فيهم مسؤولون في «الفيدرالي» - وملاحقتهم جنائياً، والضغط على الشركات للتأثير على قراراتها التجارية. كما استخدمت إدارته البيانات الضريبية الخاصة لملاحقة المهاجرين غير الشرعيين، وتجاوزت قرارات الهيئات المستقلة المانحة لقطع التمويل عن أنواع معينة من الأبحاث العلمية والطبية، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».

التداعيات الاقتصادية لتقويض المؤسسات

كل خطوة من هذه الخطوات تنطوي على مخاطر منفردة، حسبما يرى الاقتصاديون من مختلف الأطياف السياسية:

- تقويض استقلالية «الفيدرالي» قد يؤدي إلى تسارع التضخم.

- التدخل في الإحصاءات الاقتصادية قد يرفع تكاليف الاقتراض الحكومي.

- قطع تمويل الأبحاث قد يهدد النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

لكن مجتمعةً، تشكل جهود إدارة ترمب لتوسيع نفوذها في مجالات كانت في السابق بمنأى عن التدخل السياسي، تهديداً أكبر يمكن أن يقوض سمعة الولايات المتحدة التي كانت راسخة في السابق كمكان موثوق به ومستقر لممارسة الأعمال التجارية.

لطالما كان الاقتصاد والسياسة متشابكين. الرؤساء والكونغرس يحددون الضرائب، ويعقدون الصفقات التجارية، ويتحكمون في الإنفاق الفيدرالي، ويُحاسبون أمام الناخبين على أداء الاقتصاد. ولكن في حين أن السياسات قد تتغير من إدارة إلى أخرى، لطالما اعتمد المستثمرون والشركات على هيكل أساسي من القواعد وصناعها، الذين كانوا محصنين إلى حد ما من النفوذ السياسي.

لقد كانت هذه المبادئ - التي كرس بعضها القانون، وحمى العديد منها بالأعراف والتقاليد فقط - سبباً في جعل الاقتصاد الأميركي نقطة جذب لا مثيل لها لرؤوس الأموال والمواهب من جميع أنحاء العالم.

استعادة الاقتصاد بعد الأزمات

يشير دارون أسيموغلو، الخبير الاقتصادي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والحائز على جائزة نوبل لأبحاثه حول أهمية المؤسسات للنمو الاقتصادي، إلى أن الولايات المتحدة تعافت من ركود عام 2020 وأزمة التضخم التي تلته بشكل أسرع بكثير من معظم الدول الأوروبية أو الاقتصادات المتقدمة الأخرى. الأمر نفسه حدث بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008.

يقول أسيموغلو إن التعافي القوي كان جزئياً نتيجة لسمعة الاقتصاد الأميركي كملاذ آمن، مما جذب المستثمرين الراغبين في إقراض الحكومة الفيدرالية الأموال في شكل سندات خزينة بأسعار فائدة منخفضة.

هذه الأجزاء مترابطة: المستثمرون على استعداد للإقراض للحكومة الأميركية لأنهم يثقون في أن «الفيدرالي» سيبقي التضخم تحت السيطرة، ولن يستسلم للضغوط السياسية لضخ الأموال في الاقتصاد لزيادة الإنفاق الحكومي. و«الفيدرالي» بدوره، يحدد أسعار الفائدة بناءً على بيانات اقتصادية يثق صناع السياسات في أنها خالية من التأثير السياسي.

سياسات ترمب تهدد الأُسس الاقتصادية

يتم تهديد كل هذه الأجزاء الآن. فقد صرح ترمب بأنه يخطط لاستبدال رئيسة مكتب إحصاءات العمل المعزولة بالاقتصادي إي. جيه. أنطوني، وهو خبير يميني معروف بانتقاده للوكالة ودعمه لسياسات الإدارة أكثر من خبرته في البيانات الحكومية. ويحتاج أنطوني إلى موافقة مجلس الشيوخ.

ويخشى الاقتصاديون من أن يؤدي تسييس الإحصاءات الحكومية إلى وضع الولايات المتحدة على مسار مشابه لمسار الأرجنتين واليونان وتركيا، وهي دول أخرى حاولت قمع أو تزوير البيانات غير المريحة سياسياً.

كما حاول ترمب ثني بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة. وقد هدد مراراً بإقالة رئيسه، جيروم باول، الذي أبقى أسعار الفائدة ثابتة منذ تولي ترمب منصبه.

ما يثير قلق العديد من الاقتصاديين بشكل خاص هو ربط ترمب الصريح بين طلبه خفض الفائدة، ورغبته في خفض تكلفة خدمة الدين الفيدرالي البالغ نحو 30 تريليون دولار. هذا يشير إلى أنه يرى أن وظيفة البنك المركزي هي مساعدة الحكومة على سداد ديونها، بدلاً من أن تكون وظيفة الكونغرس والرئيس هي تحديد سياسة الضرائب والإنفاق بطريقة مسؤولة.

ويحذر الاقتصاديون من أنه إذا فقد المستثمرون الثقة في استقلالية «الفيدرالي»، أو في موثوقية بيانات التضخم الأميركية، فسيبدأون في رؤية الولايات المتحدة كمكان أكثر خطورة للاستثمار. على المدى القصير، قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للحكومة، مما يترك أموالاً أقل لأولويات مثل البنية التحتية والتعليم. وعلى المدى الطويل، قد يزيد من خطر أن تكون الحكومة غير قادرة على الاقتراض بتكلفة معقولة للاستجابة لأزمة ما.


مقالات ذات صلة

2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)

2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

على امتداد أشهَر عامٍ اتسم بالتقلبات، حافظت واشنطن وبكين على نهج «التصعيد المحسوب»، بحيث ارتفعت وتيرة الإجراءات من دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة.

لمياء نبيل (القاهرة)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

هدوء ما بعد العطلة.. العقود الآجلة الأميركية تترقّب 2026 بسيولة محدودة

شهدت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية تعاملات هادئة في جلسة ضعيفة السيولة عقب عطلة عيد الميلاد يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)

انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

تشهد الأسواق المالية في الولايات المتحدة مرحلة من التحول، والتطور، مع اتساع نطاق الخيارات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين الأفراد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد دونالد ترمب وجيروم باول خلال جولة في مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن 24 يوليو الماضي (رويترز)

خفايا المواجهة: كيف صمد «الفيدرالي» في مواجهة ترمب؟

بينما كانت منصات التواصل الاجتماعي تمتلئ بتهديدات البيت الأبيض ضد استقلال البنك المركزي، كانت تجري خلف الأبواب المغلقة في فيلادلفيا معركة مختلفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

«وول ستريت» تحوم قرب مستويات قياسية قبل عطلة الميلاد

سادت حالة من الهدوء النسبي على «وول ستريت»، في مستهل تعاملات يوم الأربعاء، حيث استقرت المؤشرات الرئيسية بالقرب من مستويات قياسية في جلسة تداول قصيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

انكماش النشاط الصناعي الروسي بأسرع وتيرة منذ مارس 2022

مجمع شركة «ماغنيتوغورسك للحديد والصلب» في مدينة ماغنيتوغورسك (رويترز)
مجمع شركة «ماغنيتوغورسك للحديد والصلب» في مدينة ماغنيتوغورسك (رويترز)
TT

انكماش النشاط الصناعي الروسي بأسرع وتيرة منذ مارس 2022

مجمع شركة «ماغنيتوغورسك للحديد والصلب» في مدينة ماغنيتوغورسك (رويترز)
مجمع شركة «ماغنيتوغورسك للحديد والصلب» في مدينة ماغنيتوغورسك (رويترز)

أظهرت بيانات صادرة عن «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الاثنين، أن قطاع الصناعات التحويلية في روسيا سجّل، في ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أسرع وتيرة انكماش منذ مارس (آذار) 2022، في ظل تراجع حاد بمستويات الإنتاج والطلبات الجديدة، ما يعكس استمرار الضغوط على النشاط الصناعي.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات للصناعات التحويلية الروسية إلى 48.1 نقطة في ديسمبر، مقارنة بـ48.3 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ليسجل بذلك الشهر السابع على التوالي دون مستوى 50 نقطة الفاصل بين النمو والانكماش، ما يؤكد دخول القطاع في مرحلة انكماش ممتدة، وفق «رويترز».

وأظهرت البيانات أن الإنتاج الصناعي تراجع، للشهر العاشر على التوالي، مع تسارع وتيرة الانخفاض إلى أعلى مستوى لها منذ مارس 2022. وأرجعت الشركات هذا التدهور إلى ضعف الطلب المحلي وتراجع الطلبات الجديدة، في ظل بيئة استهلاكية أكثر حذراً.

كما واصلت المبيعات الجديدة تراجعها، للشهر السابع على التوالي، وإنْ بوتيرة أبطأ نسبياً، حيث أسهم تردد المستهلكين وتراجع قدرتهم الشرائية في كبح الطلب على المنتجات الصناعية.

وعلى صعيد سوق العمل، انخفض التوظيف في قطاع التصنيع مسجلاً تراجعاً في أعداد العاملين، للمرة الثالثة خلال أربعة أشهر، بينما بلغ معدل تسريح العمال أسرع وتيرة له منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، مدفوعاً بانخفاض متطلبات الإنتاج وتراجع حجم الأعمال.

في المقابل، تسارع تضخم تكاليف المُدخلات إلى أعلى مستوياته منذ مارس، مع إشارة الشركات إلى ارتفاع أسعار المورّدين وتكاليف المواد الخام. ورغم ضعف الطلب، لجأ المصنّعون إلى رفع أسعار البيع؛ في محاولة لتمرير جزء من هذه التكاليف المتزايدة إلى المستهلكين.

وفيما يتعلق بالآفاق المستقبلية، تراجعت ثقة المصنّعين بشكل ملحوظ، إذ هبط مستوى التفاؤل بشأن الإنتاج، خلال الفترة المقبلة، إلى أدنى مستوياته منذ مايو (أيار) 2022، وسط مخاوف مستمرة بشأن ضعف الطلب، رغم بقاء بعض الآمال بتحسن المبيعات واستئناف الاستثمار في منشآت إنتاجية جديدة.


تباين أداء الأسهم الآسيوية وسط تداولات هادئة وتوترات جيوسياسية

متداولون بجوار شاشة تعرض البيانات المالية في قاعة بنك هانا في سيول (إ.ب.أ)
متداولون بجوار شاشة تعرض البيانات المالية في قاعة بنك هانا في سيول (إ.ب.أ)
TT

تباين أداء الأسهم الآسيوية وسط تداولات هادئة وتوترات جيوسياسية

متداولون بجوار شاشة تعرض البيانات المالية في قاعة بنك هانا في سيول (إ.ب.أ)
متداولون بجوار شاشة تعرض البيانات المالية في قاعة بنك هانا في سيول (إ.ب.أ)

تباينت مؤشرات الأسهم الآسيوية خلال تعاملات يوم الاثنين، في ظل أحجام تداول محدودة مع استمرار عطلة الأعياد، وذلك بعد أداء ضعيف للأسهم الأميركية في أولى جلساتها عقب عيد الميلاد، على الرغم من تصاعد حدة التوترات في مضيق تايوان.

ولم تشهد العقود الآجلة للأسهم الأميركية تغيّرات تُذكر، في إشارة إلى حالة الترقب التي تسيطر على الأسواق العالمية مع اقتراب نهاية العام، وفق «وكالة أسوشييتد برس».

وفي تطور جيوسياسي لافت، أعلن الجيش الصيني أنه نشر قوات جوية وبحرية وصاروخية لإجراء مناورات عسكرية مشتركة حول تايوان، الجزيرة ذاتية الحكم التي تعتبرها بكين جزءاً من أراضيها، في خطوة وصفتها بأنها تحذير لما تسميه «القوى الانفصالية» و«التدخل الخارجي». من جانبها، أعلنت تايوان رفع مستوى الجاهزية العسكرية، ووصفت الحكومة الصينية بأنها «أكبر مهدد للسلام» في المنطقة.

وجاءت هذه المناورات عقب تعبير بكين عن غضبها إزاء مبيعات الأسلحة الأميركية لتايوان، وكذلك تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية، ساناي تاكايتشي، التي قالت إن بلادها قد تتدخل في حال أقدمت الصين على أي عمل عسكري ضد تايوان. ورغم ذلك، لم يأتِ بيان الجيش الصيني الصادر صباح الاثنين على ذكر الولايات المتحدة أو اليابان بالاسم.

وعلى صعيد أداء الأسواق، ارتفع المؤشر الرئيسي في تايوان بنسبة 0.8 في المائة، بينما صعد مؤشر «هانغ سنغ» في هونغ كونغ بنسبة 0.3 في المائة ليغلق عند 25887.33 نقطة. كما أضاف مؤشر شنغهاي المركب 0.3 في المائة ليصل إلى 3975.92 نقطة. في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 0.2 في المائة إلى 50663.90 نقطة.

وفي كوريا الجنوبية، قفز مؤشر «كوسبي» بنسبة 1.9 في المائة مسجلاً 4,207.36 نقطة، في حين انخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز/إيه إس إكس 200» الأسترالي بنسبة 0.3 في المائة ليصل إلى 8732.70 نقطة.

وعقب استئناف التداول يوم الجمعة بعد عطلة عيد الميلاد، تراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة تقل عن 0.1 في المائة ليصل إلى 6929.94 نقطة. كما انخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بنسبة أقل من 0.1 في المائة إلى 48710.97 نقطة، وتراجع مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.1 في المائة ليصل إلى 23,593.10 نقطة.

ومع تبقي ثلاثة أيام تداول فقط على نهاية عام 2025، يكون مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» قد حقق مكاسب تقارب 18 في المائة منذ بداية العام، مدعوماً بسياسات تخفيف القيود التنظيمية التي تبنتها إدارة ترمب، إلى جانب تفاؤل المستثمرين بآفاق الذكاء الاصطناعي.


الفنادق المصرية كاملة العدد بموسم إجازات «رأس السنة»

مصر تعيش انتعاشة سياحية في الربع الأخير من عام 2025 (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصر تعيش انتعاشة سياحية في الربع الأخير من عام 2025 (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

الفنادق المصرية كاملة العدد بموسم إجازات «رأس السنة»

مصر تعيش انتعاشة سياحية في الربع الأخير من عام 2025 (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصر تعيش انتعاشة سياحية في الربع الأخير من عام 2025 (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وسط توقعات بتحقيق أرقام قياسية في أعداد السائحين خلال عام 2025، أكد رؤساء شركات سياحية ومسؤولون مصريون أن موسم احتفالات رأس السنة شهد إقبالاً واسعاً بمصر، إذ وصلت حجوزات الفنادق إلى ما يقرب من مائة في المائة «كاملة العدد»، في بعض المدن، فيما قال وزير السياحة والآثار شريف فتحي، إن بلاده استقبلت خلال هذا العام نحو 19 مليون سائح.

وأكد وزير السياحة المصري أن عدد السائحين بلغ بنهاية العام الحالي نحو 18 مليوناً و800 ألف سائح، أي ما يقارب 19 مليون سائح، موضحاً في تصريحات صحافية السبت أن «هذا الرقم في أعداد السائحين حقق، لأول مرة في تاريخ قطاع السياحة بمصر، إيرادات سياحية تتجاوز 18 مليار دولار»، (الدولار يساوي 47.5 جنيه مصري).

وحسب فتحي، جاءت السوق الروسية في المرتبة الأولى من حيث أعداد السائحين، ثم السوق الألمانية، ثم الإنجليزية، ثم السوق السعودية، ثم الإيطالية، وهي الأسواق الخمس الأولى التي تصدرت الحركة السياحية الوافدة إلى مصر خلال 2025. وأشار إلى أن هناك 15 ألف غرفة فندقية جديدة افتتحت خلال 2025، ومن المتوقع أن تتم إضافة نحو 25 ألف غرفة فندقية في العام المقبل.

افتتاح المتحف الكبير أحدث زخماً سياحياً لافتاً بمصر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويؤكد الخبير السياحي الدكتور زين الشيخ لـ«الشرق الأوسط» أن «التقارير تؤكد أن عدداً كبيراً من الفنادق المصرية كاملة العدد خلال عطلة رأس السنة»، متوقعاً حدوث «طفرة كبيرة في أعداد السائحين بمصر خلال العام المقبل». وأرجع الشيخ أسباب زيادة السياحة الوافدة لمصر خلال العام الحالي والطفرة المتوقعة مستقبلاً إلى عدد من العوامل، أبرزها الزخم الذي أحدثه افتتاح المتحف الكبير، وتطوير شبكة الطرق والخدمات، والتسهيلات التي تبنتها الدولة لدعم الاستثمار في القطاع السياحي، فضلاً عن تنوع المنتج السياحي المصري وتفرده.

وحسب الشيخ: «تركّز الإقبال السياحي والإشغال خلال عطلة رأس السنة الحالية على مدينتي الأقصر وأسوان، ومدن الساحل الشمالي، وأيضاً السياحة الثقافية بالقاهرة، كما حظيت الجيزة بإقبال لافت بسبب الرغبة في زيارة المتحف الكبير والأهرامات». وتطمح مصر إلى استقطاب 30 مليون سائح سنوياً بحلول عام 2031، وفق الاستراتيجية التي تنفذها من خلال تحسين الخدمات، والخطط الترويجية، وتنوع المنتج السياحي، وزيادة الطاقة الفندقية، ودعم الطيران منخفض التكاليف.

توقعات بطفرة كبيرة في السياحة المصرية (شركة ميناء القاهرة الجوي)

وذكر وزير السياحة في تصريحاته، أنه «تم استحداث شقق الإجازات (Holiday Home)، التي تعد أحد الأنماط المستحدثة من أنماط الإقامة الفندقية»، كما تم «استحداث تحويل العقار السكني، الذي يصل عدد وحداته السكنية إلى 8 وحدات، سواء شقة أو استديو، ويتوافر فيها بعض الخدمات الأساسية، لتحويلها إلى فنادق».

وأكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، رانيا المشاط، أن عدد السائحين سوف يصل إلى 19 مليون سائح بنهاية العام الحالي، وقالت في تصريحات صحافية، السبت، إن «الليالي السياحية في الربع الأخير من العام الحالي كانت الأعلى على الإطلاق». وأقرت مصر تسهيلات جديدة في شروط ترخيص الفنادق، وأصدر وزير السياحة قرارات وزارية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بتسهيل شروط تحويل الشقق بالمباني السكنية إلى فنادق لتقدم نمطاً سياحياً مستحدثاً.

بهو المتحف الكبير (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأكد رئيس غرفة شركات السياحة بالأقصر، ثروت عجمي أن «نسبة الحجوزات بالفنادق في الأقصر وأسوان بلغت مائة في المائة في الوقت الراهن وهو موسم احتفالات رأس السنة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى وصول الحجز بمعظم فنادق مصر بالمناطق السياحية إلى ما يقرب من المائة في المائة»، متوقعاً أن «يشهد القطاع السياحي المصري طفرة قريبة على خلفية حملات الترويج العالمية التي تنفذها مصر، والتسهيلات التي تقدمها الدولة للقطاع السياحي».

قناع توت عنخ آمون الذهبي بالمتحف الكبير (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب الخبير السياحي الدكتور حسام هزاع، شهدت مؤشرات حركة السياحة في مدن البحر الأحمر ارتفاعاً ملحوظاً مقارنة بالسنوات الماضية، تزامناً مع قرب احتفالات أعياد رأس السنة، واصفاً هذه الزيادة بأنها «عالية وغير معتادة»، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء السبت، إن «مدينتي الغردقة ومرسى علم استقبلتا خلال 48 ساعة فقط نحو 289 رحلة طيران سياحي من عدة مدن أوروبية، على متنها قرابة 57 ألف سائح من جنسيات مختلفة، في مؤشر واضح على انتعاش الموسم السياحي الشتوي»، مشيراً إلى أن «مطار الغردقة الدولي سجل أعلى معدلات وصول خلال الأسبوع الماضي، باستقباله 155 رحلة طيران دولية من عدد من الدول الأوروبية».