«حماس» تبلغ الوسطاء استعدادها لقبول مقترح الهدنة الأخير دون تعديلات

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الحركة ألقت بالكرة أمام إسرائيل لتحدد خياراتها

فلسطينية تنتحب خلال تشييع قتلى بنيران إسرائيلية أثناء سعيهم للحصول على مساعدات غذائية في مدينة غزة السبت (رويترز)
فلسطينية تنتحب خلال تشييع قتلى بنيران إسرائيلية أثناء سعيهم للحصول على مساعدات غذائية في مدينة غزة السبت (رويترز)
TT

«حماس» تبلغ الوسطاء استعدادها لقبول مقترح الهدنة الأخير دون تعديلات

فلسطينية تنتحب خلال تشييع قتلى بنيران إسرائيلية أثناء سعيهم للحصول على مساعدات غذائية في مدينة غزة السبت (رويترز)
فلسطينية تنتحب خلال تشييع قتلى بنيران إسرائيلية أثناء سعيهم للحصول على مساعدات غذائية في مدينة غزة السبت (رويترز)

بعد جلسة وصفت بأنها «مشدودة»، ولربما وصفها البعض بأنها أظهرت «خلافات» واضحة في المواقف بين بعض الفصائل الفلسطينية من جانب، وحركة «حماس» من جانب آخر، خلال لقاء عقد في العاصمة المصرية القاهرة، بات موقف الحركة أكثر تغيراً تجاه التوجه نحو صفقة تمنع إسرائيل من تمرير مخططها لاحتلال مدينة غزة، وإجبار نحو مليون فلسطيني على النزوح مجدداً إلى جنوب القطاع.

وكشفت مصادر فلسطينية مطلعة من «حماس» وخارجها لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الوفد التفاوضي الذي يقوده خليل الحية، أبلغ الوسطاء في مصر وقطر، استعداد الحركة للعودة إلى مقترح اتفاق وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، كما طرح في آخر نسخة منه محدثة من الوسطاء بتحديد أماكن إعادة تموضع القوات الإسرائيلية، وإطلاق سراح 10 مختطفين إسرائيليين، على أن تبدأ فور تنفيذ هذه المرحلة مفاوضات بشأن المرحلة النهائية.

فلسطينيون يحاولون الحصول على وجبة طعام من مطبخ جماعي في مدينة غزة (أ.ب)

ووفقاً للمصادر، فإن «حماس» ألقت بالكرة بأكملها أمام إسرائيل لتحدد خياراتها للموافقة على المقترح، الذي كانت هي قد أعلنت قبولها به قبل أن تقوم الحركة بتقديم تعديلات عليه، مشيرةً إلى أن الحركة بإبلاغها رسمياً للوسطاء بموقفها الجديد، يعني أنها تراجعت عن التعديلات التي وضعتها بشأن الانسحاب، وكذلك بعض القضايا ومطالبها بشأن أخرى تتعلق بالإفراج عن أسرى فلسطينيين من عناصر الحركة وجناحها العسكري.

وتقول المصادر إن الحركة اتخذت موقفها ليس بفعل الضغوط من الفصائل الفلسطينية، بل من باب شعورها بضرورة وقف مخطط إسرائيل الهادف لاحتلال مدينة غزة وتشريد سكانها من جديد، لتصبح المدينة وشمالها تحت السيطرة الكاملة لها، ما يعني في النهاية تفريغها بشكل كامل من السكان، ولربما إعادة الاستيطان فيها وبناء مستوطنات في إطار خطة إسرائيلية واسعة تطال غزة والضفة الغربية في ظل المخططات الجديدة التي أعلن عنها وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش.

طفلة فلسطينية تحاول الحصول على وجبة غذائية من مطبخ جماعي بمدينة غزة (أ.ب)

وتقول المصادر إن تركيا وقطر ومصر أبلغت الولايات المتحدة بالموقف الجديد للوفد التفاوضي، وأن هناك حراكاً بهدف الضغط نحو إعادة مسار المفاوضات مجدداً بناءً على ذلك، من أجل الوصول إلى مرحلة ثانية تهدف لوقف الحرب بشكل كامل ضمن صفقة شاملة في مرحلة ثانية.

ولا يعرف كيف ستتصرف إسرائيل مع موقف «حماس» الجديد، خصوصاً أنها والولايات المتحدة اتفقتا على المضي بخطة جديدة تهدف بشكل أساسي إلى الوصول لصفقة شاملة مرة واحدة، بالإفراج عن جميع المختطفين ونزع سلاح الحركة والفصائل، وإخراج «حماس» من المشهد السياسي بشأن اليوم التالي للحرب، والبحث عن جهة بديلة لحكم القطاع.

فيما ذكرت القناة «12» العبرية، أنه وضعت بين يدي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وثيقة رسمية تظهر استعداد «حماس» للتوصل إلى صفقة جزئية بشكل فوري، مشيرةً إلى أن قادة الأجهزة الأمنية وبعض الجهات في حكومته يدعمون هذا الخيار على إمكانية الذهاب لمزيد من الخطط العسكرية، التي يمكن أن تؤثر على حياة المختطفين.

ووفقاً للوثيقة، فإن «حماس» غيّرت مواقفها التي كانت قد طرحتها قبل 3 أسابيع وتسببت في انهيار المحادثات، مشيرةً إلى أن قادة الأجهزة الأمنية أكدوا ضرورة استغلال الفرصة الجديدة التي تتشكل حالياً بتراجع الحركة عن مواقفها المعدلة على المقترح الأخير.

مظلات تحمل مساعدات غذائية خلال إسقاطها فوق غزة (د.ب.أ)

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، فإن الوسطاء نقلوا إلى إسرائيل رسالة مفادها أن «حماس» مستعدة حالياً لصفقة جزئية، داعين تل أبيب إلى العودة للمفاوضات مجدداً بعد انهيارها مؤخراً، مشيرةً إلى أن هناك اختلافات في المواقف داخل إسرائيل بالنظر إلى التغيير في موقف الحركة، فمن جهة هناك من يرى أن الحركة تحاول وقف خطة احتلال غزة بوصفها مناورة سياسية، ومن جهة أخرى هناك مَن يرى أنه لا ينبغي لإسرائيل تأجيل المفاوضات بشأن صفقة جزئية، قد تؤدي إلى إطلاق سراح 10 مختطفين أحياء وإنقاذهم قبل تعرضهم لظروف غير عادية، وأن حياتهم باتت على المحك فعلياً.

ويؤيد رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، وقادة الأجهزة الأمنية، منهم رئيس جهاز «الموساد» ديدي برنياع، فكرة الصفقة الجزئية، فيما يعارضها رئيس وفد التفاوض، وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، الذي رشحت أنباء عن إمكانية استقالته من مهمة قيادة الوفد.

وتشير التقديرات في إسرائيل إلى أنه في حال كانت «حماس» مستعدة للدخول في مفاوضات بشأن اتفاق جزئي، فإن من سيتخذ القرار في هذا الشأن هو المجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر (الكابنيت).

الوضع الميداني

تواصلت العمليات العسكرية الإسرائيلية براً وجواً، وتقدمت قوات برية بشكل أكبر في بعض أجزاء جنوب وغرب حيي الزيتون والصبرة، جنوب مدينة غزة، فيما تواصلت عمليات نسف المنازل والمباني في تلك المناطق، إلى جانب وسط وجنوب وشمال خان يونس جنوب القطاع.

فلسطينيون يعاينون مدرسة تؤوي نازحين بعد استهدافها بقصف إسرائيلي في مدينة غزة (رويترز)

وبدأت إسرائيل عمليتها بحيي الزيتون والصبرة بشكل غير معلن منذ أيام، قبل أن تعلن عن بدئها رسمياً مساء الجمعة، التي يبدو أنها تأتي في إطار احتلال مدينة غزة وفصلها عن وسط وجنوب القطاع.

وقتل منذ فجر السبت وحتى ساعات ما بعد الظهيرة ما لا يقل عن 20 فلسطينياً، في سلسلة غارات جوية طالت بعضها خياماً للنازحين بخان يونس ومدينة غزة، بينما قتل نحو 9 من منتظري المساعدات في شمال ووسط القطاع.

وانتشل جثمان الصحافية مروة مسلم بعد 44 يوماً على قصف منزلها في حي التفاح، وانتشل برفقتها 5 من أشقائها كانوا قد قتلوا برفقتها.

وإنسانياً، ما زالت الأوضاع تزداد صعوبة في ظل استمرار نهب المساعدات المدخلة إلى القطاع، وعدم تأمينها وتوزيعها بشكل آمن على مستحقيها.

وحسب وزارة الصحة في غزة، فإنه سجل خلال الـ24 ساعة الماضية 11 حالة وفاة نتيجة المجاعة وسوء التغذية منهم طفل، ما يرفع إجمالي ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 251، من بينهم 108 أطفال.


مقالات ذات صلة

الطائرة الإغاثية السعودية الـ77 تصل إلى العريش محمَّلة بالمساعدات لغزة

الخليج جانب من عملية تفريغ حمولة الطائرة السعودية الإغاثية في مطار العريش بمصر (واس)

الطائرة الإغاثية السعودية الـ77 تصل إلى العريش محمَّلة بالمساعدات لغزة

وصلت إلى مطار العريش الدولي بمصر، الأحد، الطائرة الإغاثية السعودية الـ77، حاملة على متنها سلالاً غذائية وحقائب إيوائية، تمهيداً لنقلها إلى المتضررين في غزة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص مقاتل من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» يتابع البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمشاركة عناصر الصليب الأحمر وسط مخيم جباليا شمال غزة... 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ) play-circle

خاص إسرائيل تنفذ عمليات سرية بمناطق «حماس» بحثاً عن جثة آخر أسير

تواصل إسرائيل تتبع بعض الخيوط المتعلقة بجثة آخر أسير لها داخل قطاع غزة، الشرطي ران غويلي، في ظلِّ عدم قدرة «حماس» على الوصول إليها وتسليمها.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أفراد عائلة فلسطينية نازحة يتدفأون حول نار خارج مأواهم في مدينة خان يونس أمس (إ.ب.أ)

غزة: نازحون يبيتون في العراء وسط البرد القارس بعد غرق خيامهم

توفيت شابة فلسطينية إثر سقوط جدار منزل قصفه الجيش الإسرائيلي، فيما تسببت رياح قوية وأمطار غزيرة، بغرق عدد من خيام النازحين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

كشفت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن العملية الانتخابية لرئيس المكتب السياسي العام ستُجرى الأسبوع المقبل، أو في الأيام الـ10 الأولى من شهر يناير المقبل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ ترمب يستقبل نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

مسؤول إسرائيلي: نتنياهو سيلتقي ترمب في الولايات المتحدة الاثنين

يتوجّه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، غداً الأحد، ويلتقي الرئيس دونالد ترمب في فلوريدا خلال اليوم التالي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الجيش الإسرائيلي يعتقل سوريين يجمعون «الفطر» في الجنوب السوري

توغل القوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل القوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
TT

الجيش الإسرائيلي يعتقل سوريين يجمعون «الفطر» في الجنوب السوري

توغل القوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل القوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

اعتقلت قوات الجيش الإسرائيلي، الأحد، 5 شبان من محافظة درعا جنوب سوريا أثناء قيامهم بالبحث عن الفطر البري الذي يطلق عليه «لحم الفقراء» في الأراضي الزراعية القريبة من بلدة كودنة في ريف القنيطرة الجنوبي.

وذكر مراسل «سانا» في القنيطرة أن قوات الاحتلال نقلت المعتقلين إلى قاعدة تل الأحمر الغربي، دون ورود معلومات عن أسباب الاعتقال أو مصير الشبان.

وأفاد مصدر محلي لموقع «درعا 24»، بأن الشبان الذين اعتقلتهم دورية لقوات الاحتلال الإسرائيلي قرب سد بلدة كودنة بريف القنيطرة أثناء بحثهم عن الفطر، ينحدرون من مدينة جاسم بريف محافظة درعا الشمالي، منهم: محمود أحمد الصلخدي، وداوود سليمان الصلخدي، ومحمد أحمد الصلخدي، وعبد الباسط سليمان الصلخدي، وحسب المصدر، أقدم جنود الاحتلال على تكسير الدراجات النارية الخاصة بالشبان قبل اعتقالهم.

واعتدت قوات الجيش الإسرائيلي في 24 الحالي على أطفال ونساء أثناء جمعهم الفطر في المنطقة الواقعة بين قريتي العدنانية ورويحينة في ريف القنيطرة الشمالي، وذلك عبر إطلاق قنابل دخانية تجاههم.

الطريق إلى جبا بريف القنيطرة (أرشيفية - سانا)

وذكر مراسل «سانا» في القنيطرة أن قوة الاحتلال مؤلفة من سيارتين إحداهما من نوع هايلكس والأخرى هامر عسكرية، أطلقت قنابل دخانية تجاه الأطفال والنساء أثناء قيامهم بجمع الفطر في المنطقة الواقعة بين القريتين.

ويتحدث تقرير سابق لموقع «اقتصاد» عن رحلة جمع الفطر في المنطقة وأهميتها للسكان، بقوله، إن «أجواء محافظة القنيطرة مناسبة جداً لنمو الفطر البري، فأمطار المحافظة غزيرة، وغالباً ما تترافق مع البرق والرعد. وعلى الرغم من أن عادة جمع الفطر ليست بالجديدة، لكنها تحولت إلى مصدر رزق مؤقت لعدد كبير من الأهالي، خصوصاً النازحين المقيمين في المحافظة الذين لا يملكون عملاً أو مردودهم المادي ضئيل».

قوات الجيش الإسرائيلي تتوغل في قرية صيدا الحانوت وتعتقل مواطناً من عين القاضي بريف القنيطرة الجنوبي (أرشيفية - سانا)

في السياق نفسه، أفاد مراسل «درعا 24»، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت من قرية صيدا الحانوت (الجولان) بريف القنيطرة الجنوبي، إبراهيم غازي الشنور، ويعمل راعي أغنام.

وكانت القوات الإسرائيلية قد توغلت، السبت، في قرية طرنجة، وصولاً إلى أطراف بلدة جباثا الخشب في ريف القنيطرة الشمالي.


نعيم قاسم: لبنان أمام مفصل تاريخي إما «وصاية أميركية وإما سيادة»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

نعيم قاسم: لبنان أمام مفصل تاريخي إما «وصاية أميركية وإما سيادة»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

قال الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم، الأحد، إن لبنان أمام «مفصل تاريخي حاسم» يكون فيه إما «تحت الوصاية الأميركية الإسرائيلية، وإما النهوض واستعادة السيادة والأرض».

وأضاف قاسم، في خطاب خلال حفل للحزب، «من يطالب بحصرية السلاح رغم استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان لا يعمل لمصلحة البلاد»، مشيراً إلى أن الهجمات الإسرائيلية على لبنان لم تتوقف رغم اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه، العام الماضي.

وتابع: «نزع السلاح مشروع إسرائيلي أميركي حتى لو جرى تسويقه تحت عنوان حصرية السلاح»، مؤكداً أن نزع السلاح «جزء من مشروع لإنهاء القدرة العسكرية للبنان، وزرع الشقاق مع (حركة أمل)».

وأوضح الأمين العام للحزب أنه «لم يعد مطلوباً من لبنان أي إجراء، على أي صعيد، قبل أن يلتزم العدوّ الإسرائيلي بما عليه من التزامات».

وأعلن رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام مؤخراً قرب الانتهاء من المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح بيد الدولة جنوب نهر الليطاني.

وازدادت الضغوط على «حزب الله» اللبناني للتخلي عن سلاحه بعد أن تعرض لضربة قوية في حربه مع إسرائيل، العام الماضي، حيث لقي العديد من كبار قادته حتفهم، ومنهم الأمين العام حسن نصر الله، قبل التوصل إلى هدنة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بوساطة أميركية.

وألزم اتفاق الهدنة لبنان بحصر حيازة الأسلحة على 6 أجهزة أمن حكومية، ونص على منع إعادة تسليح الجماعات غير الحكومية.


أي مهام للقوة الدولية «الموعودة» في لبنان بعد انسحاب «اليونيفيل»؟

موكب تابع للكتيبة الإسبانية في قوة «اليونيفيل» يعبر بلدة القليعة (جنوب لبنان) يوم 12 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)
موكب تابع للكتيبة الإسبانية في قوة «اليونيفيل» يعبر بلدة القليعة (جنوب لبنان) يوم 12 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)
TT

أي مهام للقوة الدولية «الموعودة» في لبنان بعد انسحاب «اليونيفيل»؟

موكب تابع للكتيبة الإسبانية في قوة «اليونيفيل» يعبر بلدة القليعة (جنوب لبنان) يوم 12 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)
موكب تابع للكتيبة الإسبانية في قوة «اليونيفيل» يعبر بلدة القليعة (جنوب لبنان) يوم 12 أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

تنشط المساعي الأوروبية لبلورة بديل عن القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) التي يُفترض أن تبدأ انسحابها من لبنان مع نهاية عام 2026، بقرار من مجلس الأمن الدولي.

وحتى الساعة، لا يزال غير واضح تحت أي مسمّى سيبقى بعض هذه القوات؛ إذ أعلنت فرنسا وإيطاليا عن رغبتهما في بقاء قواتهما، وما إذا كانت ستخضع لحكومات دول الاتحاد الأوروبي أم ستعود مجدداً لتكون تحت مظلة مجلس الأمن.

وهذا ما يطرح علامات استفهام حول جدوى استبدالها بـ«اليونيفيل»، وما إذا كانت إسرائيل، التي ضغطت بقوة لإنهاء دور «اليونيفيل»، ستقبل أصلاً بتشكيل قوة من هذا النوع.

وكانت فرنسا أعربت أكثر من مرة عن اهتمامها بإبقاء قواتها في جنوب لبنان لمساعدة الجيش في مهامه على الحدود، تلتها إيطاليا التي خرج وزير دفاعها غيدو كروسيتو ليعلن بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الأسبوع الماضي، رغبة بلاده في إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب نهر الليطاني بعد انسحاب «اليونيفيل» منها، لافتاً إلى وجود دول أوروبية أخرى تنوي أيضاً اتخاذ الموقف نفسه.

وأوضح أن «هذه الخطوة تهدف إلى دعم الجيش اللبناني في مهامه بالجنوب؛ لأن إيطاليا تعتبر أن أمن لبنان والمنطقة والبحر المتوسط يتحقق من خلال تعزيز دور الجيش اللبناني وتوفير الإمكانات الضرورية له».

قوات «اليونيفيل»

وقرر مجلس الأمن الدولي أواخر أغسطس (آب) الماضي تمديد مهمة قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان (اليونيفيل) لمرة أخيرة، مع وضع برنامج لانسحابها عام 2027، بعدما طالبت إسرائيل والولايات المتحدة بذلك.

ونص قرار المجلس، الذي تم تبنّيه بالإجماع، على «تمديد تفويض (اليونيفيل) مرة أخيرة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2026، والبدء بعملية تقليص وانسحاب منسقة وآمنة بدءاً من 31 ديسمبر 2026 ضمن مهلة عام واحد».

آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

ويبلغ عدد الدول التي تتألف منها «اليونيفيل» 49 دولة، تشارك بما مجموعه 9923 جندياً لحفظ السلام، وتتصدر إيطاليا قائمة الدول الأوروبية بالعديد؛ إذ بلغ عدد الجنود المشاركين 1099 جندياً، في حين يبلغ عدد الجنود الإسبان في البعثة 824 جندياً، و762 فرنسياً، و414 آيرلندياً، و217 بولندياً، و221 ألمانياً. أما كبرى البعثات، فهي من إندونيسيا بـ1232 جندياً.

مصلحة لبنانية

ويبدو لبنان الرسمي متحمساً لاستمرار وجود قوات دولية على حدوده مع إسرائيل، وهو ما عبّر عنه الرئيس اللبناني مؤخراً، لافتاً إلى أن «لبنان يرحب بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى في أي قوة تحل محل القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) بعد اكتمال انسحابها في عام 2027»، موضحاً أن ذلك يأتي لـ«مساعدة الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من التلال والأراضي التي تحتلها».

وأشارت مصادر وزارية إلى أن «التداول بطرح القوة البديلة لـ(اليونيفيل) بدأ فور الإعلان عن انتهاء مهام هذه الأخيرة مع نهاية عام 2027»، لافتة إلى أن «الفرنسيين والإيطاليين والإسبان أعربوا في وقتها عن رغبتهم في إبقاء قواتهم في الجنوب، وإن كان بعديد أقل من عديدها الحالي، وهم عادوا وأكدوا ذلك مؤخراً»، مرجحة انضمام دول أخرى لهذه القوة كألمانيا ودول أفريقية.

وشرحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «الهدف من وجود هذه القوات هو تثبيت حضور دولي على الحدود يساعد في انتشار الجيش بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي والتلال المحتلة»، مشيرة إلى أنه «حتى الساعة، من غير الواضح تحت أي مسمى أو مظلة قد يحصل ذلك؛ تحت مظلة الاتحاد الأوروبي أو تحت مظلة دولية أخرى، باعتبار أنه لا يزال هناك متسع من الوقت لبلورة الأمور (نحو عامين)».

جنود تابعون لقوة الأمم المتحدة (اليونيفيل) وجنود من الجيش اللبناني في نقطة قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)

وأوضحت المصادر أن «بقاء هذه القوات يُفترض أن يحصل في إطار اتفاق يتم بين الحكومة اللبنانية وحكومات هذه الدول لشرعنة وجودها»، مضيفة: «الدولة اللبنانية رحبت بهذا التوجه، وتحصل راهناً دراسة ونقاشات جدية في هذا الخصوص؛ لأن للبنان مصلحة بوجود قوات دولية في المنطقة الحدودية مع إسرائيل للتصدي لأي مخططات توسعية أو غيرها».

قوة غير خاضعة للأمم المتحدة؟

ويرجح مدير «مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية»، الدكتور سامي نادر، أن تكون القوة الدولية الجديدة المنوي تشكيلها «غير خاضعة للأمم المتحدة، سواء كالتي في العراق أو غزة، ما يجعلها لا تصطدم بفيتوات وبيروقراطية الأمم المتحدة، وتكون برعاية وإدارة أميركية وتضم بلداناً متحالفة»، موضحاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هدفها سيكون التأكد من تنفيذ الجيش اللبناني المهام الموكلة إليه، إضافة إلى مؤازرة العناصر والضباط في عملية (حصرية السلاح)».

خلفية الاندفاعة الفرنسية

بدوره، يكشف العميد المتقاعد منير شحادة أن «فرنسا في الاجتماع الأخير الذي حصل في باريس وضم ممثلين عن الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، بالإضافة إلى قائد الجيش اللبناني، اقترحت أن يحصل توثيق دولي لما يقوم به الجيش، وأنها مستعدة إلى أن تكون ضمن الفريق الذي يقوم بذلك لدحض ادعاءات إسرائيل بأنه لا يقوم بما هو مطلوب منه في جنوب الليطاني».

ولفت شحادة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الهدف من الاندفاعة الفرنسية في هذا المجال هو تجنب أي تصعيد إسرائيلي، كذلك كي يبقى لباريس موطئ قدم في لبنان، ودور لها في الأمن والسياسة عندما تنتهي مهام قوات (اليونيفيل). أضف أن الثروات النفطية الموعودة تشكل عاملاً جاذباً ليس فقط للفرنسيين، إنما أيضاً للإيطاليين». ويضيف: «لكن أميركا تسعى إلى أن يكون أي وجود لقوات أجنبية في لبنان تحت مظلة مجلس الأمن، وبالتالي وجود مقونن دولياً».