كان موقف جوزيه مورينيو واضحاً بعد أن أصبح أول مدرب يُحقق لقب الدوري الإنجليزي الممتاز في موسمه الأول. قال بثقة: «الموسم المقبل، الفرق الأخرى ستعرف مدى قوتنا، وسيتعين عليها التطور، لكن إذا ظلّت كما هي فلن تكون لديها أي فرصة».
وكما هي الحال مع كثير من توقعاته في بدايات فترته الأولى بإنجلترا، كان محقّاً. فبعد قيادة تشيلسي للتتويج باللقب عام 2005، نجح مورينيو في الاحتفاظ به في الموسم التالي، وإن كان بأسلوب أقل اندفاعاً. ويظل البرتغالي حتى الآن المدرب الوحيد الذي فاز بـ«البريميرليغ» في موسمه الأول والثاني على التوالي مع الفريق.
الآن، يملك أرني سلوت فرصة الانضمام إلى هذه القائمة بعد موسمه الأول الناجح مع ليفربول، لكن لا تتوقع منه الحدة الإعلامية نفسها التي اشتهر بها مورينيو. الهولندي يميل لإبقاء أوراقه قريبة إلى صدره، ونادراً ما يكشف عن أفكاره الداخلية علناً. ومع ذلك، صرّح مؤخراً بتشكيلته قائلاً: «على هؤلاء اللاعبين أن يخطوا خطوة أخرى للأمام، لأن منافسينا لا يقفون مكتوفي الأيدي».
ووفق شبكة «The Athletic»، فإن صيف ليفربول كان مليئاً بالأحداث، بعضها مأساوي، خاصة بعد وفاة ديوغو جوتا، وشقيقه أندريه سيلفا، في حادث سير. وعلى الرغم من إنفاق نحو 300 مليون جنيه إسترليني على صفقات جديدة، أشار سلوت إلى رحيل أسماء بارزة مثل ترينت ألكسندر-أرنولد، ولويس دياز، وداروين نونيز، مؤكداً أن هذه الخسائر لم تُمنح الاهتمام الكافي إعلامياً.
نادراً ما يخسر بطل «البريميرليغ» أكثر من نجم أساسي واحد في الصيف التالي للتتويج، لكن ليفربول فقد عدة أعمدة مؤثرة. ورغم أن الأهداف لا تبدو مشكلة بوجود الوافدين الجدد؛ فلوريان فيرتز وهوغو إكيتيكي، فإن الحفاظ على نظافة الشباك يمثل تحدياً واضحاً.
المعطيات الدفاعية معقدة: رحيل ألكسندر-أرنولد إلى ريال مدريد، وغياب بديله كونور برادلي، والمدافع جو غوميز للإصابة، ما يعني أن جيريمي فريمبونغ سيُلقى به مباشرة في التشكيلة الأساسية، إلى جانب يسار جديد بمشاركة ميلوش كيركيس، ومع إيقاف رايان غرافنبرخ.
الهجوم بدوره بحاجة إلى تأقلم سريع، خصوصاً بعد رحيل دياز؛ حيث سيُطلب من فيرتز وإكيتيكي سد هذا الفراغ فوراً. إشراك 4 لاعبين جدد في الدرع الخيرية، وهو أكبر عدد من الوافدين الجدد في أول مباراة بموسم جديد منذ 2015-2016، يعكس حجم المرحلة الانتقالية.
التاريخ يُقدم دروساً: عندما فاز مورينيو بلقب 2004-2005 بفارق 12 نقطة، عزّز كل نقطة ضعف محتملة بصفقات نوعية. بيب غوارديولا بدوره واصل تطوير مانشستر سيتي بخطط مبتكرة، وتغييرات تكتيكية ذكية أبقته متفوقاً على الجميع.
أما السير أليكس فيرغسون، فقد غرس في لاعبيه ذهنية الجوع المستمر للبطولات، وهي السمة التي يتشاركها نجوم ليفربول الحاليون، مثل فان دايك، وصلاح، وأليسون، وروبرتسون.
لكن الإحصاءات ليست مشجعة لمن هم في موقف سلوت، فبعد مورينيو، فاز 5 مدربين بـ«البريميرليغ» في موسمهم الأول مع أنديتهم (كارلو أنشيلوتي، وأنطونيو كونتي، وكلاوديو رانييري، ومانويل بيليغريني، وأخيراً سلوت نفسه)، ولم يتمكن أي منهم من الاحتفاظ باللقب.
قصص الإخفاقات تتشابه، فأنشيلوتي اصطدم بمنافسة قوية من مانشستر سيتي وضغوط إدارة تشيلسي، وكونتي عانى جراء سوق انتقالات غير مقنعة، وبيليغريني فشل في البناء على التتويج رغم إنفاق ضخم.
سلوت يمتلك فرصة لتغيير هذه القاعدة، خصوصاً مع تعاقدات قوية، مثل فيرتز، وإكيتيكي، وكيركيس، وفريمبونغ، وربما ألكسندر إيزاك إذا اكتملت الصفقة، لكنه يعرف أن الاستقرار الدفاعي والتطوير المستمر سيكونان مفتاح الحفاظ على القمة.
في النهاية، موسم ليفربول الجديد ليس مجرد دفاع عن اللقب، بل اختبار لقدرة أرني سلوت على كتابة اسمه في سجل المدربين القلائل الذين جمعوا بين لقب «البريميرليغ» في الموسم الأول والثاني على التوالي.
