اجتماع وزاري أوروبي طارئ قبل «قمة ترمب - بوتين»

حلفاء زيلينسكي يدفعون باتجاه مشاركته والضغط على الرئيس الأميركي للتشدد مع نظيره الروسي

الرئيسان الأميركي والروسي خلال لقائهما بأوساكا على هامش «قمة العشرين» في يونيو 2019 (د.ب.أ)
الرئيسان الأميركي والروسي خلال لقائهما بأوساكا على هامش «قمة العشرين» في يونيو 2019 (د.ب.أ)
TT

اجتماع وزاري أوروبي طارئ قبل «قمة ترمب - بوتين»

الرئيسان الأميركي والروسي خلال لقائهما بأوساكا على هامش «قمة العشرين» في يونيو 2019 (د.ب.أ)
الرئيسان الأميركي والروسي خلال لقائهما بأوساكا على هامش «قمة العشرين» في يونيو 2019 (د.ب.أ)

تتواصل الاتصالات الدبلوماسية الأوروبية قبيل القمة المرتقبة بين الرئيسين الأميركي والروسي في مدينة أنشورانج؛ كبرى مدن ولاية ألاسكا، بحثاً عن موقف موحد قادر على التأثير على مجريات القمة؛ تحديداً على الرئيس دونالد ترمب بشأن ملف الحرب في أوكرانيا. وآخر ما استجد الاجتماعُ الطارئ الذي عقده وزراء خارجية الاتحاد الأوربي من بُعد، الاثنين، بناء على دعوة من كايا كالاس، مسؤولة الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد، علماً بأن أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، وقعت البيان المهم الذي صدر عن رؤساء الدول والحكومات الـ6 الأكبر انخراطاً إلى جانب أوكرانيا في حربها مع روسيا.

خطوط حُمر

ويعدّ البيان رسماً لـ«الخطوط الحمراء» التي ينبغي على الرئيس الأميركي ألا يتجاوزها في بحثه عن «صفقة» لوضع حد للحرب الدائرة بين موسكو وكييف منذ 41 شهراً. وترى مصادر دبلوماسية أوروبية في باريس أن قدرة الأوروبيين على التأثير على ترمب «محدودة»، آخذين عليه تخليه عن الشروط التي وضعها بنفسه، مثل وقف إطلاق النار من أجل بدء مفاوضات سلام بين الطرفين. وترى المصادر أيضاً أن الرئيس ترمب، الذي كان أمهل نظيره الروسي حتى يوم الجمعة الماضي لوضع حد للحرب قبل أن يفرض على روسيا وعلى مشتري نفطها عقوبات رئيسية و«ثانوية»، استدار بشكل حاد بموافقته على عقد قمة ثنائية معه، يوم الجمعة المقبل، بعيداً عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعن القادة الأوروبيين بحيث عاد إلى «أحادية» الإمساك بالملف الأوكراني.

من هنا، فإن الهمَّ الأول للأوروبيين الضغطُ على واشنطن ليكون زيلينسكي جزءاً من المفاوضات، وليكون لهم دور من أجل الحفاظ على مصالحهم «الحيوية». وقال المستشار الألماني، فريدريك ميرتس، الأحد، إن ألمانيا لن تقبل بمناقشة أو اتخاذ قرارات بشأن القضايا الإقليمية من قبل روسيا والولايات المتحدة «من فوق رؤوس» الأوروبيين أو الأوكرانيين. وواشنطن لا ترى مانعاً من لقاء ترمب ــ زيلينسكي «بعد» قمة ترمب ــ بوتين. وبعد أن كان الأوروبيون يتوقعون مزيداً من الانخراط الأميركي إلى جانب أوكرانيا، حذرهم جي دي فانس، نائب الرئيس الأميركي، في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، الأحد، من أن «الأميركيين سئموا من الاستمرار في إرسال أموالهم؛ أموال ضرائبهم، لدعم هذا الصراع {الأوكراني} تحديداً»، مضيفاً أنه وترمب «يعتقدان أن أميركا أنهت دعم تمويل الحرب، فنحن نريد التوصل لتسوية سلمية». وبرأيه، فإنه إذا رغب الأوروبيون في تمويل شراء الأسلحة الأميركية لكييف، فإن بلاده لن تجد مانعاً يحول دون ذلك. وعملياً، تكون واشنطن قد تركت عبء تمويل الحرب على الأوروبيين وحدهم، وهو ما يسعون إلى تجنبه.

الرئيس الأميركي خلال حديث منفرد مع المستشار الألماني بمناسبة «القمة الأطلسية» في لاهاي يوم 25 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

بدوره، أعلن متحدث باسم المستشار الألماني، الاثنين، أن الرئيس ترمب وقادة أبرز الدول الأوروبية وأوكرانيا، إضافة إلى «حلف شمال الأطلسي» و«الاتحاد الأوروبي»، سيشاركون الأربعاء في «اجتماع افتراضي» يتناول ملف أوكرانيا، قبل يومين من «قمة ألاسكا» بين الرئيسين الأميركي والروسي. وقال المتحدث، شتيفان كورنيليوس، في بيان، إن هذه «المباحثات» التي ستجرى بمبادرة من برلين، ستتناول «التحضير لمفاوضات سلام محتملة» والقضايا «المتصلة بأراضٍ تجري المطالبة بها، وبالضمانات الأمنية»، فضلاً عن «خطوات إضافية» يمكن اتخاذها «لممارسة ضغط على روسيا».

«ميونيخ» مجدداً

في الأيام الأخيرة، لم تتردد جهات أوروبية في المقارنة بين ما قد يحدث من توافقات «ثنائية» بين ترمب وبوتين، وبين «اتفاقيات ميونيخ» عام 1938، التي وُقعت بين ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية من جهة؛ وبريطانيا وفرنسا من جهة ثانية، والتي شجعت هتلر وموسوليني على إطلاق الحرب العالمية الثانية في العام التالي للتوقيع. والمقصود بالمقارنة أن يوافق الرئيس الأميركي على مطالب بوتين الخاصة باقتطاع 20 في المائة من أراضي أوكرانيا، أي شبه جزية القرم والمقاطعات الأربع شرق وجنوب البلاد (دونيتسك، ولوغانسك، وزابوريجيا، وخيرسون) التي تحتلها القوات الروسية جزئياً. كذلك تشترط موسكو أن تتوقّف أوكرانيا عن تلقّي أسلحة غربية وتتخلّى عن طموحاتها للانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي»، وتخفض عديد جيشها إلى النصف، وتتخلى عن مرابطة قوات أوروبية - «أطلسية» على أراضيها لتوفير «ضمانات أمنية» لكييف ومنع روسيا من استئناف حربها. وباختصار، ترى المصادر الأوروبية أن ترمب، بقبوله القمة من دون توافر شروط مسبقة، أسدى خدمة كبرى إلى بوتين بأن «فَكَّ مجاناً عزلته السياسية والدبلوماسية» وأعاد «تأهيله» على المسرح الدولي، وجعل روسيا صنواً للولايات المتحدة، وتناسى أن بوتين هو من أطلق الحرب وهاجم دولة جارة لبلاده في فبراير (شباط) من عام 2022، كما أنه قبل بالشروط التي وضعها الأخير؛ أي أن تكون القمة ثنائية من غير زيلينسكي أو أي رئيس أوروبي. وثمة من يذهب أبعد من ذلك؛ إذ يعدّ أن ترمب قد مكّن بوتين «عملياً» من أن يكون «وصياً» على أوروبا لجهة استبعادها عن اجتماعات لها ارتداداتها المباشرة على أمنها ومستقبلها. وقالت كالاس، الأحد، إن «أي اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا يجب أن يضم أوكرانيا والاتحاد الأوروبي؛ لأن الأمر يتعلق بأمن أوكرانيا وأوروبا بأسرها».

دعوة زيلينسكي

بناء على ما سبق، يتركز اهتمام الأوروبيين على الضغط على ترمب ليكون زيلينسكي جزءاً من «قمة ألاسكا». لكن، حتى اليوم، لا مؤشرات تدل على أن تحولاً كهذا يمكن أن يحدث ما دام بوتين معارضاً لقاءه الرئيس الأوكراني إلا وفق شروطه. وقال فانس إن «واحدة من أهم العقبات هي أن فلاديمير بوتين قال إنه لن يجلس إلى طاولة المفاوضات قط مع زيلينسكي. لكن الرئيس (ترمب) غيّر ذلك الآن». بيد أن شيئاً من هذا لم يصدر عن الكرملين. كذلك يتمسك الأوروبيون بشرط توفير ضمانات أمنية صلبة لكييف عن طريق نشر قوات أوروبية على الأراضي الأوكرانية في إطار أي اتفاق لإنهاء النزاع. غير أن هناك صعوبتين رئيسيتين؛ الأولى: رفض موسكو مرابطة قوات أوروبية على حدودها. والثانية: تمسك كييف وكثير من العواصم الأوروبية التي شَكّلت، بقيادة بريطانية - فرنسية، ما سمي «تحالف الراغبين» المستعدين لتوفير وحدات عسكرية لهذه المهمة، بالحصول على ضمانات أميركية لنشر هذه القوة. والحال أن واشنطن لم تقل مطلقاً إنها مستعدة لتوفير هذه الحماية مخافة أن تفضي إلى مواجهة مباشرة مع القوات الروسية.

مسؤولة السياسة الخارجية والأمن في «الاتحاد الأوروبي» كايا كالاس خلال اجتماع وزاري في بروكسل يوم 14 يوليو 2025 (رويترز)

أوكرانيا الخاسرة

ورغم مجمل هذه التحفظات، فإن أوروبا لا تجرؤ على «الانقطاع» عن واشنطن رغم ما تترهصه من تنازلات ستطلب من زيلينسكي أن يقدمها. فـ«الاتحاد الأوروبي» يعي، كما قالت كالاس يوم الأحد، أن «لدى الولايات المتحدة القدرة على إجبار روسيا على التفاوض بجدية». وكان بإمكانها أن تضيف أنها «الوحيدة القادرة على ذلك». وشددت كالاس على أن «السلام المستدام يعني أيضاً أن العدوان لا يمكن أن يُكافأ»، مضيفة أن «الأراضي الأوكرانية المحتلة مؤقتاً يجب أن تعود لأوكرانيا». لكن ترمب قال لصحافيين في البيت الأبيض، قبل يومين، متحدثاً عن هذه الأراضي: «نحن ندرس هذه المسألة، لكننا نسعى في الواقع إلى استعادة جزء من هذه الأراضي. إنها عملية تبادل. الأمر معقد... لكننا سنستعيد جزءاً من الأراضي، وسنتبادل جزءاً آخر. سيكون هناك تبادل للأراضي يعود بالنفع على الطرفين». ومضمون كلام ترمب لا يطمئن مطلقاً. فالمعروف أن القوات الأوكرانية لا تحتل أي شبر من الأراضي الروسية بعد إخراجها هذا العام من الأراضي التي احتلتها سابقاً في منطقة كورسك قريباً من الحدود المشتركة مع أوكرانيا. وبالتالي، فإن كييف لا تمتلك ما يمكنها المقايضة به. فضلاً عن ذلك، فقد نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، قوله لمسؤولين أوروبيين، الجمعة، إن المقترح الروسي ينقسم إلى جزأين؛ الأول: ينص على انسحاب من المناطق الأربع التي ضمتها روسيا في عام 2022، يتبعه تجميد القتال على الخطوط الراهنة. والثاني: التوافق على خطة سلام بين بوتين وترمب يجري التفاوض بعدها مع زيلينسكي.

وإذا صحت هذه المعلومات، فإن أوكرانيا ستكون الخاسر الأكبر من هذه القمة، علماً بأن زيلينسكي كان قد أكد، خلال الأيام القليلة الماضية، أن بلاده «لن تتخلى أبداً» عن جزء من أراضيها لروسيا، وأن قانوناً صدر عن البرلمان الأوكراني يمنع ذلك.



تساؤلات حول مبادرة ماكرون باستئناف الحوار مع بوتين

الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)
الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)
TT

تساؤلات حول مبادرة ماكرون باستئناف الحوار مع بوتين

الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)
الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)

يعود آخر اتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي ونظيره الروسي بمبادرة من الأول إلى يوم الثلاثاء في 1 يوليو (تموز) الماضي. وقتها، أفاد قصر الإليزيه بأن الاتصال دام أكثر من ساعتين، وتركز بشكل خاص على الملف النووي الإيراني، وذلك بعد أيام قليلة على الضربات الإسرائيلية والأميركية التي استهدفت المنشآت النووية والخبراء وأعضاء في القيادات العسكرية الإيرانية.

لكن الاتصال تطرق أيضاً للحرب في أوكرانيا. ووفق الإليزيه، فقد كان أشبه بـ«حوار طرشان» للتمايز العميق في مقاربة الطرفين. ورغم ذلك، أفاد بيان الإليزيه بأن ماكرون وبوتين «قررا استكمال التواصل بينهما حول هذه النقطة».

كان ماكرون الوحيد بين القادة الغربيين، باستثناء الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الذي كسر قاعدة فرض العزلة الدبلوماسية على بوتين رغم أنه، في العامين الأخيرين، سعى لتزعم الجناح المتشدد في التعاطي مع روسيا، إن لجهة فرض العقوبات المالية والاقتصادية عليها، أو في دعم أوكرانيا مالياً وعسكرياً، أو في الدعوة إلى إنشاء «تحالف الراغبين» في إرسال وحدات عسكرية ترابط على الأراضي الأوكرانية لـ«ردع» روسيا عن مهاجمة جارتها أوكرانيا بعد التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية.

كذلك، سعى ماكرون ليكون «مرجعاً» للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي دعاه إلى باريس ثلاث مرات في الآونة الأخيرة ووقَّع معه «مذكرة تفاهم» لتزويد أوكرانيا بمائة طائرة مقاتلة من طراز «رافال» من الجيل الرابع.

الرئيس الأركاني فولوديمير زيلينسكي محاطاً في برلين بقادة أوروبيين وبأمين عام الحلف الأطلسي والمفاوضين الأميركيين في ملف الحرب الأوكرانية 15 ديسمبر (إ.ب.أ)

يغرّد خارج السرب الأوروبي

مرة أخرى، يغرّد ماكرون خارج السرب الأوروبي. ففي المؤتمر الصحافي، الذي عقده عقب انتهاء القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل التي أقرَّت قرضاً لأوكرانيا قيمته 90 مليار يورو، فاجأ ماكرون جميع الحاضرين بدعوته إلى معاودة الحوار المباشر مع بوتين. وبرر دعوته بقوله: «أرى أن هناك أشخاصاً يتحدثون إلى فلاديمير بوتين؛ لذا أعتقد أنه من مصلحتنا نحن الأوروبيين والأوكرانيين إيجاد إطار لإعادة فتح هذه المناقشة بشكل رسمي وإلا سنظل نناقش الأمور فيما بيننا، بينما يتفاوض المفاوضون وحدهم مع الروس. وهذا ليس مثالياً».

وكان ماكرون يشير إلى الرئيس الأميركي الذي لا يجد غضاضة في الاجتماع مع بوتين وجهاً لوجه كما حصل في ألاسكا، أو التواصل معه هاتفياً أكثر من مرة. وجاء الرد من الرئيس الروسي سريعاً؛ إذ قال يوم الأحد، بمناسبة مؤتمره الصحافي السنوي، إنه «مستعد للحوار» مع ماكرون. لذا؛ سارعت مصادر الرئاسة الفرنسية إلى القول إنه «من المرحّب به أن يمنح الكرملين موافقته العلنية على هذه المبادرة. سننظر خلال الأيام المقبلة في أفضل طريقة للمضي قدماً».

ولأن مبادرة ماكرون جاءت مفاجئة، فإن مصادر الإليزيه حرصت على الرد سلفاً على أي انتقادات بتأكيدها أن «أي نقاش مع موسكو سيتم بكل شفافية» مع زيلينسكي ومع الأوروبيين، وأن هدفها يظل التوصل إلى «سلام متين ودائم» للأوكرانيين. وفي معرض تبريره غياب الحوار مع ورسيا، قال قصر الإليزيه: «إن غزو أوكرانيا وإصرار الرئيس بوتين على الحرب وضعا حداً لأي إمكانية للحوار خلال السنوات الثلاث الماضية». أما توقيت استئنافه، فإنه سيحصل بمجرد أن تتضح ملامح وقفٍ لإطلاق النار و(انطلاق) مفاوضات سلام، (عندها) يصبح من المفيد مجدداً التحدث إلى بوتين».

الرئيس الأوكراني وجهاً لوجه مع الرئيسين الأميركي والفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني في البيت الأبيض 18 أغسطس (أ.ب)

مبررات مبادرة ماكرون

تقول مصادر ديبلوماسية أوروبية في باريس إن مبادرة ماكرون تعكس، وإن جاءت متأخرة، قلقاً فرنسياً - أوروبياً مما هو جارٍ على صعيد الوساطة التي تتفرد الولايات المتحدة بين روسيا وأوكرانيا. ورغم نجاح الأوروبيين في حجز مقعد لهم في الأسابيع الأخيرة، فإنهم يستشعرون رغبة أميركية في استبعادهم عنها. ثم جاء كلام ترمب لموقع «أطلنتيكو» الأسبوع الماضي صادماً؛ إذ قال فيه إن الأوروبيين «يتحدثون كثيراً ولا يفعلون شيئاً، والدليل أن الحرب ما زالت قائمة...». كذلك، نددت تولسي غابارد، مديرة المخابرات الوطنية الأميركية بالأوروبيين وذلك في تغريدة على منصة «إكس» الأسبوع الماضي أيضاً؛ إذ اتهمتهم واتهمت الحلف الأطلسي بـ«تصعيد الحرب وسعيهم لاجتذاب الولايات المتحدة في نزاع مباشر مع روسيا». وإضافة إلى ما سبق، تتساءل المصادر المشار إليها: «لماذا لا يحق للأوروبيين أن يتناقشوا مع بوتين، خصوصاً أنهم هم من يتحمل عبء الحرب من خلال دعم كييف بينما قطعت واشنطن عنها المساعدات عنها» لتضيف أن مصير الحرب يمس أمن وسلامة دول الاتحاد الأوروبي والقارة القديمة بشكل عام؛ ولذا من الضروري والمهم أن يكون هناك حوار مباشر وليس بالواسطة مع بوتين.

لم تنزل مبادرة ماكرون برداً وسلاماً على شركائه في الاتحاد الأوروبي، لا على زيلينسكي ولا على المستشار الألماني الذي يريد أن يلعب دور الزعيم الأوروبي في مواجهة روسيا. واكتفى شتيفن ماير، نائب الناطق باسم الحكومة الألمانية، بالقول إن الحكومة «أٌحيطت علماً» بمبادرة ماكرون، مضيفاً أنه «لا توجد مخاوف من تصدع الوحدة الأوروبية بسبب هذا الملف».

ماكرون ونابليون بونابرت

يؤخذ على ماكرون أمران أساسيان: الأول، تغير نهجه من السعي لممارسة أقصى الضغوط على روسيا وبوتين إلى الانتقال إلى الحوار معه مع وجود كثير من التحفظات حول ما يمكن أن يحصل عليه ولم يحصل عليه المفاوض الأميركي؛ والآخر، أن ماكرون كسر الجدار الأوروبي والعزلة الدبلوماسية المُحكمة التي أقيمت حول بوتين؛ فهو بمبادرته يوفر له الفرصة للعب على الانقسامات الداخلية الأوروبية وعلى افتراق الرؤى مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي ببروكسل عقب انتهاء القمة الأوروبية حيث أعلن انفتاحه على محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)

وكتبت صحيفة «لو موند» في عددها ليوم الاثنين، أن زيلينسكي اعترف بأن ماكرون ناقش معه مبادرته، وأنه أبدى تحفظات بشأنها. كذلك نقلت عن دبلوماسي أوروبي قوله: «الجميع في أوروبا يدرك أنه سيتعيّن في يومٍ ما التحدث إلى بوتين، ولا سيما إذا ما فشلت الوساطة الأميركية. أما ما سيكون معقداً، فهو مسألة الإطار الأنسب لإجراء هذه المناقشات، هل يكون ذلك ضمن صيغة (الترويكا الأوروبية) أم في إطار أوسع». وتضم «الترويكا» فرنسا وألمانيا وبريطانيا. ويعني هذا التساؤل ما إذا كان ماكرون سيتحدث باسم فرنسا أم أنه سينال تفويضاً من زيلينسكي ومن نظرائه الأوروبيين للتحدث باسمهم؟

لا شك أن هناك تنافساً بين قادة «الترويكا» الثلاثة وإن بقي مضمراً. وفي أي حال، يبدو من المبكر التكهن بما قد يحصل في الأيام والأسابيع المقبلة، وما ستكون عليه الصيغة التي يريدها بوتين الذي لم يتردد، في مؤتمره الصحافي الأخير عن وصف القادة الأوروبيين بـ«صغار الخنازير». أما الصحافة الروسية، فإنها لا تتردد بتذكير ماكرون بالهزيمة التي ألحقتها روسيا القيصرية بالإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت الذي غزا روسيا عام 1812، حيث خسر جيشه الجرار وكانت تلك المغامرة بداية سقوطه.


رئيس وزراء غرينلاند: مصير الإقليم يُحسم على أراضيه

رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)
رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)
TT

رئيس وزراء غرينلاند: مصير الإقليم يُحسم على أراضيه

رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)
رجل يمر بجوار تمثال لهانز إيغيده الذي اضطلع بدور مهم في تاريخ غرينلاند ويبدو العلم الدنماركي (رويترز)

أكد رئيس وزراء غرينلاند، الثلاثاء، أن القرارات المتعلقة بمستقبل الجزيرة تُتَّخذ على أراضيها، وذلك ردّاً على محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتكررة لضمّ هذا الإقليم الدنماركي المتمتع بحكم ذاتي.

وكتب ينس فريدريك نيلسن، عبر «فيسبوك»: «غرينلاند بلدنا. قراراتنا تُتَّخذ هنا». وأعرب عن «حزن» بعد سماعه ترمب يُكرر رغبته في السيطرة على غرينلاند.

وكان ترمب كرّر، الاثنين، أنّ بلاده «بحاجة» إلى غرينلاند؛ لضمان أمنها في مواجهة الصين وروسيا. وسبق له أن أدلى بهذا التصريح بعد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة.

وقال نيلسن: «هذه الكلمات تختزل بلدنا في مسألة أمن وسلطة. هذه ليست نظرتنا إلى أنفسنا، ولا يمكن ولا يجوز أن تُوصف حالتنا في غرينلاند بهذه الطريقة».

وشكر شعب غرينلاند على ردّ فعله «الهادئ والراقي». وأعرب عن امتنانه لدعم عدد كبير من الدول، مضيفاً: «هذا الدعم يؤكد أننا لسنا وحدنا هنا على أرضنا».

في غضون ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن غرينلاند «ملك لشعبها» وأن «الدنمارك هي ضامنتها». وكتب عبر منصة «إكس»: «أضمّ صوتي إلى أصوات الأوروبيين لأعرب عن تضامننا الكامل».


الملجأ المضاد للإشعاعات بمحطّة تشيرنوبيل النووية قد ينهار بضربة روسية

محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)
محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)
TT

الملجأ المضاد للإشعاعات بمحطّة تشيرنوبيل النووية قد ينهار بضربة روسية

محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)
محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا (أ.ف.ب)

قد تؤدّي ضربة روسية إلى انهيار الملجأ المضاد للإشعاعات داخل محطّة تشيرنوبيل النووية التي توقّفت عن العمل راهناً في أوكرانيا، بحسب ما قال مدير المنشأة سيرغي تاراكانوف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وصرّح تاراكانوف خلال مقابلة أجرتها معه «وكالة الصحافة الفرنسية» الأسبوع الماضي: «في حال أصابه صاروخ أو مسيّرة مباشرة أو حتّى سقط في محيطه مثلاً صاروخ من نوع (إسكندر)، لا قدّر الله، فقد يُحدث ذلك زلزالاً صغيراً في المنطقة».

وأكّد أن «لا أحد في وسعه أن يضمن أن الملجأ سيبقى قائماً بعد ذلك. وهذا هو أكبر تهديد».

والمحطّة النووية مدّعمة بهيكل من الفولاذ والإسمنت من الداخل أقيم على عجالة بعد الكارثة النووية سنة 1986 وهي مغلّفة أيضاً بغلاف خارجي حديث وعالي التطوّر يطلق عليه اسم «عازل الأمان الجديد» (NSC).

وقد تعرّض الغلاف الخارجي لأضرار كبيرة إثر ضربة بمسيّرة روسية في فبراير (شباط) تسبّبت في حريق ضخم في التكسية الخارجية للهيكل الفولاذي.

وأشار تاراكانوف إلى أن «عازلنا خسر الكثير من مهامه الرئيسية. ونحن بحاجة إلى ثلاث أو أربع سنوات لإعادة هذه الخصائص».

وما زال مستوى الإشعاعات في الموقع «مستقرّاً وبحدود العادة»، وفق المدير.

وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مطلع الشهر أن بعثة تفتيش لاحظت أن الملجأ «فقد مهامه الأمنية الأساسية، لا سيّما قدراته العازلة، لكن ما من أضرار دائمة في الهيكليات الداعمة أو أنظمة المراقبة».

وتمّت تغطية الفجوة التي خلّفتها الغارة الروسية بستار حامٍ، بحسب تاراكانوف، لكن لا بدّ من سدّ 300 ثغرة صغيرة أحدثها عناصر الإطفاء لمكافحة النيران.

وكان الجيش الروسي قد استولى على المحطّة في بداية الحرب سنة 2022 قبل أن ينسحب منها بعد بضعة أسابيع.