دعا رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الوزراء المعنيين، الأربعاء، الى «البدء الفوري» في تنفيذ إجراءات قانون «الإيجار القديم»، الذي صدر رسمياً في 4 أغسطس (آب) الحالي، بعد أن أثار جدلاً.
صدَّق الرئيس عبد الفتاح السيسي على «القانون 164 لسنة 2025»، ليصبح نافذاً من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية، أي من 5 أغسطس الجاري. ويعد هذا القانون الأكثر إثارة للجدل خلال الشهور الأخيرة بين مؤيديه من الملاك ورافضيه من المستأجرين. واستغرقت مناقشاته شهوراً داخل مجلس النواب حتى أقره في 2 يوليو (تموز) الماضي.
ونصّ قانون «الإيجار القديم» على تحرير العقود بين الملاك والمستأجرين خلال مدة 7 سنوات للشقق السكنية، و5 سنوات للمحلات للتجارية. ويقطن في وحدات الإيجار القديم، ذات القيم الإيجارية المتدنية نحو 1.6 مليون أسرة، وفق تقديرات رسمية.
وشدد مدبولي، خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي، الأربعاء، على أن «الدولة ستقف بجوار كل المستأجرين، وستضمن أن يكون هناك سكن بديل، وستحرص على متابعة هذا الملف بصورة دورية»، وفق بيان رسمي.
وأضاف رئيس الوزراء، خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع الحكومة، أن «الدولة ملزمة بتوفير بدائل للوحدات، وستبدأ في تنفيذ الإجراءات لذلك»، مؤكداً أن ذلك «ليس مرتبطاً بحكومة بعينها، وإنما هو التزام دولة، ستنفذه كل الحكومات المتعاقبة»، رداً على ما يثار حول أن هذه الحكومة لن تكون موجودة بعد 7 سنوات لتنفيذ تعهداتها، مُذكراً بما سبق وقاله الرئيس السيسي في هذا الإطار.
وأكد السيسي خلال الاحتفال بذكرى ثورة 23 يوليو (تموز)، أن «مصر التي أبت أن يعيش مواطنوها في العشوائيات والأماكن الخطرة لن تترك مستحقاً لسكن يقع في دوامة القلق على غده».
وأشار وزير الشؤون النيابية والتواصل السياسي المصري، محمود فوزي، إلى «قدرة الدولة على تنفيذ الرقم الأكبر المطروح لهذه الوحدات» وأن «هذه الوحدات لها معايير مختلفة عن الإسكان الاجتماعي الذي يشترط مبالغ معينة أو عمراً معيناً للمتقدمين لها»، مؤكداً، الأربعاء، أن «الدولة لن تتدخل لإخلاء الوحدات جبرياً بعد انتهاء الفترة الانتقالية، إلا حال فشل التفاهم بين المالك والمستأجر على قيمة إيجارية جديدة، وتقدم المالك بطلب قضائي لذلك».

وتعد وزارة الإسكان أُولى الوزارات المعنية ببدء العمل فوراً على ملف «الإيجار القديم»، وفق أستاذ الإدارة المحلية في مصر، حمدي عرفة، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أنها مطالَبة بإصدار منصة خلال شهر من بدء تطبيق القانون، لاستقبال طلبات المتضررين من قاطني وحدات الإيجار القديم، للحصول على وحدات أخرى، ووضع خطة لتوفير هذه الوحدات لهم.
وألزم القانون الحكومة بتوفير سكن بديل للمتضررين، «من الوحدات المتاحة لدى الدولة، وذلك بطلب يقدمه المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار مرفقاً به إقرار بإخلاء وتسليم العين المستأجرة فور صدور قرار التخصيص وتسلم الوحدة، وتكون الأسبقية في التخصيص للفئات الأولى بالرعاية، خصوصاً المستأجر الأصلي وزوجته ووالديه ممن امتد منهم إليه عقد الإيجار».
كما نص القانون على «تشكيل لجان حصر في كل محافظة لتقسيم المناطق إلى متميزة، ومتوسطة، واقتصادية، وفق معايير تشمل الموقع الجغرافي، ونوعية البناء والمرافق والخدمات، وتحديد الزيادة في الإيجار، ليرتفع إلى 20 ضعفاً في المناطق المتميزة، وبحد أدنى ألف جنيه (نحو 20 دولاراً)، و10 أضعاف في المناطق المتوسطة والاقتصادية بحد أدنى 400 و250 جنيهاً على التوالي».

أستاذ الإدارة المحلية يرى أنه تقع على وزارة التنمية المحلية المسؤولية الثانية بعد الإسكان، بالتنسيق مع المحافظين، لإعداد لجان لتقسيم المناطق السكنية، مشيراً إلى أنه لن يبدأ عمل هذه اللجان إلا بعد صدور قرار من رئيس الوزراء، في الأيام المقبلة، يحدد المعايير التي ستعمل بناءً عليها هذه اللجان.
وتوقع أن تضم هذه اللجان «مطوراً عقارياً، وعضو مجلس إسكان من الحي، وخبراء معماريين»، وأن يتركز عملها على «تقسيم المناطق وليس المنازل، ومن ثم فمن الوارد أن تتجاهل هذه اللجان مساحة الوحدة السكنية، مقابل التركيز على المستوى الاقتصادي للمنطقة الواقعة فيها».
وتلعب وزارات أخرى أدواراً لكن ليست بالصورة نفسها التي تقع على عاتق وزارتَي «الإسكان» و«التنمية المحلية»، وأوضح حمدي عرفة أن «وزارات مثل الأوقاف أو السياحة، التي لديها وحدات سكنية مؤجَّرة ضمن نظام الإيجار القديم، ستقع عليها مسؤولية حصر هذه الوحدات، والوقوف على حالة كل منها، للعمل على استرداد المغلقة فوراً، وفق ما نص عليه القانون».
وبخلاف المؤسسات الحكومية، يبدأ المُلَّاك أيضاً في تنفيذ الإجراءات التي ترتبت على إقرار القانون، وفق رئيس «ائتلاف مُلَّاك عقارات الإيجار القديم»، مصطفى عبد الرحمن، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المفترض أن يبدأ المُلَّاك في تحصيل إيجار بقيمة 250 جنيهاً بدايةً من سبتمبر (أيلول) المقبل ولمدة 3 أشهر، في حين أن إجراءات أخرى ستبدأ فوراً لاسترداد الشقق المغلقة».
ولا يتوقع أستاذ الإدارة المحلية حل قضايا الشقق المغلقة بسهولة، لكنه مع ذلك، رأى أن يتم اللجوء إلى «الحلول الودية»، و«التفاهمات» بين الكثير من المُلَّاك والمستأجرين خلال الفترة المقبلة، خصوصاً أن القانون يحض على ذلك حين نص على أن العقود تنتهي بعد الفترة الانتقالية، «ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك بالتراضي».



