أعلنت مصر عن اتفاقيات شراكة مع الجانب الصيني في مجال صون التراث الثقافي المغمور بالمياه، الذي يتضمن الآثار الغارقة، إلى جانب التنسيق والتعاون عبر بروتوكولات مشتركة لتنظيم معارض أثرية مؤقتة.
وأعلن المجلس الأعلى للآثار بمصر الموافقة على عدد من الموضوعات، أبرزها مشروع بيان مشترك بين وزارة السياحة والآثار، ممثلة في المجلس الأعلى للآثار، والإدارة الوطنية للتراث الثقافي بجمهورية الصين الشعبية، بشأن التعاون في إطار المبادرة الآسيوية للحفاظ على التراث الثقافي، بهدف تعزيز التعاون في مجالات ترميم الآثار، وصون التراث الثقافي المغمور بالمياه، والمتاحف، والبحث العلمي، وتنظيم المعارض المؤقتة، إلى جانب جهود مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، وبناء شبكة تعاون لاستردادها وصونها.
كما وافق المجلس على اتفاقية تعاون مشترك بين الجانبين لتعزيز الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد في ترشيح وإدارة مواقع التراث الثقافي العالمي، من خلال دعم مشاريع الحفظ، وإعداد خطط الإدارة، ورقمنة التراث، والتحول الأخضر للمتاحف، وتبادل الخبرات في مجالات الحفظ والترميم والإدارة. وفق بيان للوزارة، الثلاثاء.
وخلال الاجتماع الذي ترأسه وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، استعرض الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، أبرز الإنجازات التي حقّقها المجلس خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، التي تضمنت الإعلان عن عدد من الاكتشافات الأثرية الهامة، والانتهاء من أعمال ترميم وافتتاح عدد من المواقع الأثرية أمام الزائرين، من بينها قبتا يحيى الشبيهي بمنطقة الخليفة، وصفي الدين جوهر بمنطقة الإمام الشافعي.
ووصلت نسبة إنجاز أعمال ترميم دير البراموس بوادي النطرون إلى نحو 90 في المائة، إلى جانب التقدم الملحوظ في أعمال الترميم ببهو الأعمدة الكبرى بمعبد هيبس بالوادي الجديد، والصالة الطولية بمقبرة TT109 بالأقصر، حيث بلغت نسبة تنفيذهما 90 في المائة.
وتضم مصر مجموعة من مواقع التراث الثقافي والحضاري المغمور بالمياه، من بينها موقع مدينتي كانوبيس وهيراكليون بخليج أبو قير قبل بناء مدينة الإسكندرية، وموقع الميناء الشرقي بالإسكندرية، وكذلك موقع قلعة قايتباي وموقع خليج المعمورة، وجميعها تضم آثاراً من عصور مختلفة.
ووصف عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، الشراكة المصرية - الصينية الجديدة في مجال صون الآثار الغارقة، بأنها «خطوة بالغة الأهمية والاستراتيجية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «مصر تمتلك إرثاً فريداً من الآثار الغارقة في البحرين الأبيض والأحمر، خصوصاً في الإسكندرية وأبو قير، والشراكة مع الصين، بقوتها التكنولوجية الكبيرة وتقدمها في مجالات المسح الرقمي والروبوتات والغوص الأثري، يمكن أن تمثل نقلة نوعية في آليات الحفاظ على هذا النوع الفريد من التراث، ونموذجاً للتعاون الحضاري المثمر بين الجانبين».

وخلال اجتماع المجلس، ألقى خالد الضوء على المعارض المصرية المؤقتة بالخارج، حيث تم مدّ فترة عرض معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» بالعاصمة اليابانية طوكيو حتى يناير (كانون الثاني) 2026. وأشار إلى التقدم في مشروعات التوثيق الأثري، بالإضافة إلى استعراض الجهود المبذولة لاسترداد القطع الأثرية التي خرجت من مصر بطريقة غير مشروعة، آخرها التابوت واللحية الخشبية اللذان تم استردادهما من بلجيكا.
ونظّمت مصر أكثر من معرض أثري مؤقت بالخارج، من بينها «رمسيس وذهب الفراعنة» الذي يضم 180 قطعة أثرية منتقاة من المتاحف والبعثات الأثرية؛ لتعبّر عن الحضارة المصرية القديمة بعصورها المختلفة، وتم عرضه في 6 مدن كبرى حول العالم، وكذلك معرض «قمة الهرم... حضارة مصر القديمة» في مدينة شنغهاي بالصين، وضمّ 787 قطعة أثرية من مقتنيات المتاحف المصرية، ومن المقرر أن تسافر 130 قطعة أثرية من «كنوز الفراعنة» إلى العاصمة الإيطالية روما خلال أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وعدّ عبد البصير استمرار معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» في اليابان حتى يناير المقبل دليلاً دامغاً على ما تحظى به الحضارة المصرية القديمة من احترام وتقدير وإعجاب عالمي واسع النطاق، وأضاف: «الملك رمسيس الثاني أحد أعظم ملوك الفراعنة، وما زال إلى يومنا هذا رمزاً للقوة والعظمة والدهاء السياسي والديني»، لافتاً إلى أن هذا المعرض «لا يقتصر على عرض كنوز أثرية ثمينة فقط، بل هو عرض سردي للتاريخ المصري القديم»، وفق تعبيره.

وبحسب بيان الوزارة، وافق المجلس على مذكرة تفاهم بين المجلس الأعلى للآثار والمتحف البريطاني، تشمل تنظيم المعارض المؤقتة، والمشاريع البحثية، والبرامج التعليمية والتدريبية، وورش العمل، وترميم القطع الأثرية. كما تمت الموافقة مبدئياً على مشروع التعاقد مع شركة تكنولوجية لتقديم تجربة تفاعلية للزوار من خلال خدمة «الرسم على ورق البردي» باستخدام روبوت ذكي في عدد من المواقع الأثرية، منها معابد الأقصر والكرنك ومنطقة وادي الملوك بالأقصر.


