36 ساعة في إسطنبول

تاريخ... وفن وتسوق وطعام

اسطنبول، المدينة التركية التي تمتد على قارتين (نيويورك تايمز)
اسطنبول، المدينة التركية التي تمتد على قارتين (نيويورك تايمز)
TT

36 ساعة في إسطنبول

اسطنبول، المدينة التركية التي تمتد على قارتين (نيويورك تايمز)
اسطنبول، المدينة التركية التي تمتد على قارتين (نيويورك تايمز)

إسطنبول، المدينة التركية التي تمتد على قارتين، لا تنام أبداً. في الصباح الباكر، تحلق طيور النورس في السماء بينما تنطلق الدراجات النارية في مختلف الزوايا، ويخرج الباعة الجائلون يدفعون عرباتهم إلى الأرصفة. يملأ صخب 16 مليون شخص أيام المدينة، وحتى القطط المنتشرة في كل مكان والمحبوبة من قبل كثير من السكان المحليين، تبدو مشغولة. مع حلول المساء، تتدفق العائلات والأزواج والأصدقاء إلى المطاعم والمقاهي الكثيرة في المدينة، وتمتزج حواراتهم مع رائحة الشاي الأسود المنتشرة في كل مكان. وتعد المدينة، التي تعرف باسم إسطنبول منذ عام 1930، مركزاً للثقافة والتجارة والسلطة منذ أكثر من 2000 عام، وبفضل مبانيها التي تعود إلى العصرين البيزنطي والعثماني، فهي مكان لا يبدو فيه الماضي بعيداً أبداً. ومع ذلك، تزدهر الثقافة المعاصرة هناك. أولئك الذين يغامرون بالذهاب إلى الأحياء العديدة خارج المركز التاريخي، سوف يجدون المتاجر الأنيقة، وأماكن مثيرة للموسيقى الحية، ومطاعم، ومقاهٍ عصرية، بالإضافة إلى الفن المعاصر والحديث.

أماكن التسوق

من إسطنبول الحديثة، توجه إلى كاراكوي، وهو حي على شاطئ الميناء حيث توجد - إلى جانب الفنادق الخمس نجوم والمطاعم الحائزة على نجمة ميشلان - أكشاك في الهواء الطلق تبيع «باليك دوروم»، أو لفائف من السمك المشوي والخضراوات. أحد هذه الأكشاك، ويُسمى «ميشور باليكجي أيوب أسطى»، يضفي على لفائف السمك طابعاً مميزاً بغطاء من الرمان والدبس والتوابل (بسعر 180 ليرة). بعد ذلك، تجول في أحياء جيهانجير، وجوكورجوما، وكاباتاس، حيث يتميز كل مبنى - سواء كان منزلاً ريفياً فاخراً أو متجراً مكتظاً بالأنتيكات - بطابع مميز. تفضل بزيارة «لوكال ميكرز»، وهو متجر متخصص يبيع منتجات من إبداع الحرفيين الأتراك، مثل الأوشحة الحريرية من «غاليني»، والحلويات التركية المصنوعة يدوياً من «مارسيل ديلايتس»، ودفاتر التلوين بالألوان المائية من تصميم «ناز سانر». وتجد في مكتبة «توركيش مودرن»، بتصميم العين الحاسدة، والسجاد التركي متقن الصنع، والصابون المصنوع يدوياً من زيت الزيتون.

تناول العشاء في فيلا فخمة

بثرياتها على طراز «آرت ديكو»، وساحتها المغطاة باللبلاب، ومقاعدها الجلدية بلون الكراميل، تبدو فيلا «أركسترا» الفخمة، كأنها مشهد من فيلم «غريت غاتسبي». تقع هذه الفيلا التي جُددت في الستينات داخل حي «إيتيلر»، على الجانب الأوروبي من المدينة، وتضم مطعماً حائزاً على نجمة ميشلان، وصالة موسيقية، وجميعها تتطلب حجزاً يمكن إجراؤه عبر موقعها على الإنترنت. في المطعم، يعد الشيف «سينك ديبنساسون» أطباقاً شهية مثل «كاتسو ساندو»، وهو عبارة عن شريحة سميكة من اللحم النيئ بين شريحتين من الخبز الياباني الطري، أو سمك القاروس الخفيف، وهو سمك يقدم مع الملفوف وزبدة اليوزو (وجبة لشخصين، بسعر نحو 9 آلاف ليرة). بعد العشاء، توجه إلى «غرفة الاستماع»، وهي صالة موسيقية، حيث يقوم منسقو الأغاني بتشغيل الأسطوانات من المجموعة الخاصة بالمكان، أو من مجموعتهم الخاصة. يُضفي ورق الجدران المطبوع بنقوش أشجار النخيل والشرفة الخشبية البيضاء على المكان، طابعاً استوائياً جذاباً.

أبنية تاريخية حولت الى متاحف أو مطاعم راقية (نيويورك تايمز)

استمتع بوجبة إفطار شهية

لا تكتمل أي رحلة إلى إسطنبول من دون تناول وجبة الإفطار التركية، أو «كهفالتي»، التي تتكون من الجبن، والزيتون، والمربى، والخبز، والبيض، وغير ذلك. يقدم مقهى «قهوة 6» الشهير الذي يتميز بأجواء غرفة المعيشة في الداخل وتراس مغلق مليء بالنباتات في الخلف، عدة خيارات. تأتي وجبة «الفطور الكامل»، التي تكفي لشخصين، مع مربى التوت، والكايماك، وهو مثل الكريمة المخثرة، مع العسل، ومعجون الطماطم الحار، والزيتون، وجبن «لور»، الذي يشبه الجبن القريش، مع الفلفل المخلل، والخبز، وكوب من الشاي التركي القوي الساخن (بسعر 590 ليرة). يمكنك إطالة الوجبة بإضافة «مينمين»، وهو بيض مخفوق غني بالأومامي مع الطماطم والفلفل (بسعر 260 ليرة)، أو تخطي وجبة «الفطور الكامل»، وجرّب بدلاً منها وجبة «إزمير»، التي تشمل جبنة تولوم المذابة التي تقدم في مقلاة من الحديد الزهر مثالية لتغميس السيميت، وهو خبز بالسمسم (بسعر 395 ليرة).رحلة عبر الزمن

توجد في حي الفاتح - المنطقة التي تضم بعض المعالم التاريخية الرئيسية في إسطنبول، والمدرجة على قائمة منظمة «اليونسكو» - أربعة معالم سياحية لا بد من زيارتها على مسافة قريبة بعضها من بعض، سيراً على الأقدام.

ابدأ بزيارة مسجد آيا صوفيا الكبير، وهو كنيسة بُنيت في القرن السادس الميلادي وتم تحويلها إلى مسجد بعد غزو العثمانيين للمدينة (رسوم الدخول تبلغ 1050 ليرة). بعد ذلك، اذهب لزيارة مسجد السلطان أحمد المذهل. يُعرف باسم المسجد الأزرق، وهو مبنى من القرن السابع عشر مزين من الداخل بـ20 ألف بلاطة معقدة.

يُحظر دخول السياح خلال أوقات الصلاة على مدار اليوم، والتي تتغير من يوم لآخر بناء على شروق الشمس وغروبها، وتستمر كل منها نحو 90 دقيقة، ولكن الدخول مجاني في الأوقات الأخرى. تابع الزيارة إلى صهريج البازيليكا، وهو مجمع تحت الأرض بُني في الوقت نفسه تقريباً الذي بُنيت فيه كنيسة آيا صوفيا، لتخزين ما يصل إلى 100 ألف طن من المياه للمدينة.

في الداخل، تقف أعمدة قديمة ضخمة وسط مياه ضحلة، مضاءة بأضواء زرقاء وخضراء وأرجوانية (سعر تذكرة الدخول مع دليل صوتي يبلغ 1500 ليرة)، ثم انتهِ بزيارة قصر توبكابي، وهو مجمع رائع كان في السابق مقر إقامة السلاطين العثمانيين، ويضم حريماً سابقاً ومتحفاً يعرض المجوهرات والمنسوجات والأسلحة. تناول وجبة خفيفة بين المحطات في مطعم «هوكاباسا بيدجيزي»، المتخصص في الـ«بيدي»، وهو خبز مسطح كبير مع إضافات مثل اللحم المفروم والجبن والخضراوات (سعر القطعة من 300 إلى 400 ليرة).

التسوق من النشاطات المهمة للسياح في اسطنبول (نيويورك تايمز)

رحلة بحرية

نظراً لموقعها على قارتين يفصل بينهما شريط مائي ضيق، تزخر إسطنبول بجولات القوارب. أرخص وأسهل طريقة للذهاب والاستمتاع بالبحر هي ركوب العبّارة. تستغرق الرحلة من «إمينونو»، في المركز التاريخي على الجانب الأوروبي، إلى «كاديكوي»، وهي منطقة مزدحمة على الجانب الآسيوي، نحو 20 دقيقة وتوفر إطلالات خلابة على قصر توبكابي والمسجد الأزرق وبحر مرمرة (سعر تذكرة الذهاب فقط 40 ليرة). إذا اشتدت الرياح على سطح السفينة، يمكنك الدخول إلى المقهى الموجود على متن السفينة لتناول قهوة تركية ساخنة، أو شاي أسود. يمكن الوصول إلى العبّارات من كثير من النقاط في المدينة، وهي تعمل بانتظام. تتاح الجداول الزمنية على موقع شركة تشغيل العبّارات وعلى خرائط «غوغل»، ويمكنك الدفع بواسطة الجوال أو البطاقة.

تناول وجبة خفيفة في كاديكوي

في قلب كاديكوي النابض بالحياة، يتزاحم السكان المحليون في الشوارع الضيقة، ويتسوقون البضائع، ويحتسون الشاي، ويتناولون الأطعمة الشعبية. جهّز العشاء بناء على ما ترغب فيه. وإليك بعض الاقتراحات: ابدأ بتذوق عينات من الزيتون والجبن والصلصات في «غوزدي ساركوتيري»، وهو متجر للأطعمة الفاخرة يحدد السعر حسب الوزن (توقع أن تنفق نحو من 200 إلى 300 ليرة لتشكيلة من الوجبات الخفيفة)، ثم اعبر الشارع إلى متجر يسمى «أوزكان تورسو 1935»، لتناول كوب من عصير المخلل المنعش (بسعر 30 ليرة). ثم توجه إلى «مركز كاديكوي بوريكسيسي»، حيث ستجد كثيراً من المقاعد، لتناول البوريك، وهو معجنات مقرمشة محشوة بالجبن أو البطاطس (بسعر 140 ليرة). واختتم وجبتك في «تتار سليم»، وهو مطعم بسيط ومريح يبيع الدونر، وهو شرائح لحم ضأن طرية تقدم مع خبز مسطح وسلطة منعشة من الأعشاب والخس والرمان (بسعر 410 ليرات). لا حاجة للحجز. تناول كوكتيلاً قبل أو بعد وجبتك في مطعم «فخري كونسولوس» المريح، حيث يمكن أن تشمل المكونات الفستق والسفرجل والزعفران، وتأتي المشروبات مع وجبات خفيفة صغيرة، مثل شريحة من البقلاوة محلية الصنع (سعر الكوكتيلات 620 ليرة).

ابدأ بلمسة حلوة

بالنسبة لمحبي الحلويات، لا تكتمل زيارة إسطنبول من دون البقلاوة، وهي معجنات حلوة ومغطاة بالشراب مصنوعة من طبقات من العجين المقرمش. يقدم مخبز «كاراكوي غولو أوغلو»، وهو مخبز شهير افتُتح عام 1949، معجنات متنوعة، بما في ذلك الشوكولاته أو البقلاوة الباردة، في أجواء أنيقة وعصرية. وإلى جانبه، يوجد مقهى شهير آخر، يُسمى «ماهيزر بقلاوة كاراكوي»، حيث يمكنك العثور على أطباق ومأكولات مبتكرة، مثل شطيرة آيس كريم البقلاوة، ونوع تركي من كعكة «تريلاتشي» التركية، وبودينغ التين.

أين تقيم؟

فندق «بينينسولا إسطنبول»، فندق خمس نجوم افتُتح قبل عامين فيما كان في السابق محطة عبّارات، يقع على الواجهة البحرية في حي كاراكوي العصري قبالة المركز التاريخي. كما هي الحال مع كثير من الفنادق، تُحدد الأسعار باليورو، وتختلف حسب التوافر والموسم.

يقع فندق «أورينت بانك إسطنبول»، أوتوغراف كوليكشن، على مسافة قصيرة سيراً على الأقدام من المعالم السياحية المدرجة على قائمة «اليونسكو»، مثل آيا صوفيا والمسجد الأزرق، وهو فندق صغير كان في السابق بنكاً.

غرف «موناس رومز»، المعروفة باسم «أجنحة موناس» في بعض محركات البحث ومواقع حجز الفنادق، هو فندق يضم غرفاً على طراز الشقق في جيهانجير، وهو حي يتميز بالتلال والشوارع المتعرجة.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

سفر وسياحة مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مكان يجمع بين البحر الصافي وجمال الطبيعة ودفء الشمس والشعور براحة البال، هناك في طابا، أقصى الشرق من شبه جزيرة سيناء.

محمد عجم (القاهرة)
سفر وسياحة الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)

كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

افتُتح فندق «ديسا بوتاتو هيد بالي» عام 2010، وتم تطويره في 2016 ليجسد رؤية جديدة لمؤسسه رونالد أكيلي حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الفندق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون فندق «سافوي»، في فلورنسا، مع علامة القرطاسية التاريخية «باينيدر» للاحتفال بموسم الأعياد القادمة عبر فعالية «Wrapped in Time» أو «مغلف بالزمن»

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد متسوقون يتجولون في مركز «دولفين» التجاري خلال «الجمعة السوداء» في ميامي (إ.ب.أ)

المستهلكون الأميركيون ينفقون 11.8 مليار دولار في «البلاك فرايدي»

شهد المستهلكون الأميركيون عطلة تسوق قياسية بعد عيد الشكر؛ حيث سجّل الإنفاق عبر الإنترنت في «الجمعة السوداء» (بلاك فرايدي) رقماً غير مسبوق، دافعاً تجارة التجزئة…

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق السويد واحدة من أقل دول أوروبا كثافة سكانية (رويترز)

السويد تشجع السياح على زيارتها بهدف «الشعور بالملل»

تشجع السويد الزوار على السفر إليها بحثاً عن الراحة والهدوء.

«الشرق الأوسط» (ستوكلهوم)

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
TT

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

مكان يجمع بين البحر الصافي وجمال الطبيعة ودفء الشمس والشعور براحة البال، هناك في طابا، أقصى الشرق من شبه جزيرة سيناء، حيث تختبئ المدينة المصرية كواحدة من أكثر الوجهات السياحية سحراً وهدوءاً.

تلك البقعة الساحلية التي تقدم لزوارها تجربة فريدة تجمع بين جمال الطبيعة البكر وهدوء العزلة، ما يجعلها وجهة مثالية للمسافرين الباحثين عن الاسترخاء، حيث تُعرف طابا بكونها المكان الأمثل لمن يبحث عن الانعزال عن صخب الحياة اليومية وقضاء عطلة مميزة وسط الطبيعة الخلابة، كما أن تميز المدينة بأجوائها الدافئة والمشمسة، يجعلها القرار الأمثل لقضاء وقت هادئ وممتع خلال أشهر الشتاء.

تتميز أعماق المياه في طابا بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

تقع طابا على رأس خليج العقبة على شواطئ البحر الأحمر، وتمتاز بأنها من أصغر المدن السياحية المصرية، إذ لا تتعدى مساحتها 508.8 أفدنة، ورغم صغرها، فإنها وجهة تقدم مشهداً بانورامياً يسيطر عليه التناغم بين زرقة مياه البحر الزاهية الممتدة أمام الأعين، والهدوء الذي تفرضه جبال جنوب سيناء.

زيارة قلعة "صلاح الدين" تتيح التعمق في التاريخ (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

ماذا تزور في طابا؟

إذا كانت وجهتك هي طابا، فإن جدول رحلتك سيكون مميزاً، فقط عليك اصطحاب كتابك المفضل ونظارتك الشمسية، وترك نفسك للطبيعة البكر.

تظل التجربة تحت الماء هي العنوان الأبرز في طابا، إذ يزخر خليج العقبة بالشعاب المرجانية والحياة البحرية المتنوعة، مما يجعلها وجهةً مثاليةً للغوص والغطس، تنتقل معهما إلى عالم آخر من الألوان والجمال الفطري.

ويُعد خليج «فيورد باي» (جنوب المدينة) قبلة عالمية لهواة الغوص، يضم هذا الخليج الطبيعي حفرة غطس فريدة، تتميز بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة، مما يجعل الخليج قبلة للغواصين المحترفين، كما الخليج له قيمة استراتيجية وتاريخية نادرة، حيث يتيح للزوار فرصة فريدة لمشاهدة حدود أربع دول هي مصر، السعودية، الأردن، وفلسطين من موقعه المتميز.

جزيرة فرعون تسمح لزائرها بممارسة اليوغا أمام مشهد خلاب وسط الطبيعة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

لعشاق التاريخ والهدوء، فيمكن لهم زيارة «جزيرة فرعون» قبالة شاطئ المدينة الجنوبي، على بعد 8 كيلومترات منه، ويمكن الوصول إلى هذه الجزيرة الساحرة عبر رحلة بحرية بمركب أو لانش يخترق مياه الخليج الهادئة، حيث يمكن قضاء اليوم في الاسترخاء أو الغطس، والتمتع بمنظر غروب الشمس الذي لا مثيل له.

تحتضن الجزيرة معلماً تاريخياً هو حصن أو «قلعة صلاح الدين»، التي بنيت عام 1171 ميلادية من الحجر الناري الجرانيتي، لحماية مصر من خطر الحملات الصليبية، والتي تم ترميمها مؤخراً، ليُكمل المشهد السياحي الذي تقدمه المدينة ما بين استرخاء في الطبيعة وتعمق في التاريخ، فما يميز زيارة الجزيرة هو جمعها بين عظمة القلعة التاريخية وإمكانية ممارسة رياضات الاستجمام، مثل اليوغا، أمام هذا المنظر الساحر، الذي يمنح الزائر صفاءً ذهنياً وعلاجاً للروح.

لا تكتمل مغامرة طابا دون زيارة «الوادي الملون»، إحدى العجائب الطبيعية في جنوب سيناء، إذ يوفر هذا الوادي متاهة من الصخور الرملية المنحوتة بفعل الطبيعة، واكتسب الوادي الملون اسمه بفضل ظلال الألوان التي تكسو جدرانه بفعل الأملاح المعدنية، والتي تتدرج ألوانها بين الأصفر الدافئ والأحمر القاني والذهبي اللامع، وهو مكان مثالي لرحلات السفاري والمشي، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بجمال الطبيعة الصارخ في حضور عظمة الجيولوجيا.

جمال الطبيعة وعظمة الجيولوجيا يجتمعان في "الوادي الملون" بطابا (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

كذلك، تمنح طابا فرصة لا تُنسى لمحبي المغامرة، فموقعها المميز يجعلها نقطة انطلاق مثالية لرحلات استكشاف الطبيعة البرية والجبلية، إذ يمكن للسائح أن يعيش تجربة استثنائية من المغامرات الصحراوية، أو استكشاف سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية. وبعد أن يقضي الزائر لطابا نهاره أمام البحر والغوص، أو التمتع بجمال الطبيعة، يحل خلال الليل موعد السهرات البدوية، على الرمال وأسفل النجوم ووسط الجو الدافئ. فمع حلول المساء، تدعو طابا زوارها إلى الاستمتاع بسهرات بدوية، تزينها المشاوي والمشروبات، ويتخللها الغناء والاستعراض، ما يعرف الزائر بالتراث التقليدي للبدو المقيميين.

خليج "فيورد باي" في طابا قبلة عالمية لهواة الغوص (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

محمية طابا

لا تقتصر متعة طابا على شواطئها فحسب، إذ تُعد طابا أيضاً محمية طبيعية منذ عام 1998، وبفضل مساحتها التي تغطي حوالي 2800 كيلومتر مربع، تتربع المحمية على الساحل الشمالي الشرقي لخليج العقبة، لتقدم للزائر تجربة فريدة تتجاوز مجرد الاستمتاع بالشاطئ، ما يجعل المحمية من أكثر الأماكن المفضلة لدى السياح بالمدينة.

تتميز محمية طابا بكونها محمية ذات إرث طبيعي ومنطقة لإدارة الموارد الطبيعية، وتشتهر بتكويناتها الجيولوجية الفريدة التي يعود تاريخها إلى 5000 عام، وهي ليست مجرد أرض، بل متحف طبيعي مفتوح يضم مناظر طبيعية خلابة مثل الواحات والأخدود الملون وعيون المياه المنتشرة داخلها، حيث تحتوي على كهوف وممرات جبلية، ووديان أشهرها وادي وتير والزلجة والصوانة نخيل وواحة عين خضرة، بالإضافة إلى أنواع نادرة من الحيوانات و50 نوعاً من الطيور وأكثر من 450 نبات نادر.

الإقامة في طابا

تشتهر مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة، التي تمنح المقيمين فيها تجربة إقامة استثنائية، خصوصاً أن هذه المنتجعات تحتمي بالجبال الشاهقة من حولها، مما يوفر خصوصية للزائرين، مع إطلالات بانورامية خلابة وأجواء هادئة ومريحة. وتوفر هذه المنتجعات مجموعة متميزة من الخدمات، أبرزها حمامات السباحة المتنوعة، بالإضافة إلى بعضها يضم بحيرات الملح العلاجية، التي تضمن تجربة استجمام فريدة.


كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
TT

كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)

افتُتح فندق «ديسا بوتاتو هيد بالي» عام 2010، وتم تطويره في 2016 ليجسد رؤية جديدة لمؤسسه رونالد أكيلي حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الفندق. إنه ليس مشروعاً تجارياً مستداماً فحسب، بل يقوم على التجديد، ويحدث أثراً إيجابياً بشكل فعّال. أمام ذلك الفندق هدف طموح، يتمثل في أن يصبح خالياً من الفضلات والمخلفات تماماً، وقد اقترب كثيراً من تحقيق هذا الهدف. يقول أكيلي: «لم نصل إلى نقطة عدم وجود مخلفات، وصدقاً ربما لا نصل أبداً. مع ذلك لقد حققنا تقدماً كبيراً، حيث تحول 99.5 في المائة من مخلفاتنا بعيداً عن مكبّ النفايات». ويأتي هذا الرقم مع وجود أكثر من ألف نزيل يومياً في القرية.

مشروع "سويت بوتيتو" (الشرق الاوسط)

يجب أن تمثل الفضلات والمخلفات دائرة مكتملة. عندما تسمع عبارة «فندق بيئي»، من المرجح أن يكون مصطلح البصمة البيئية هو أول ما يخطر ببالك، والتدوير هو الوقود الذي يشغل محرك فندق «بوتاتو هيد». لقد حظرنا استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في المكان منذ 2017، ويُمنح كل شيء ضروري فرصة حياة ثانية داخل «معمل المخلفات»، حيث يُعاد إنتاج كل شيء، بدءاً بقواعد الأكواب، وصولاً إلى زجاجات المياه وقطع الأثاث، بل بُنيت بعض مباني الفندق من قوالب الطوب المهملة المستبعدة والمواد البلاستيكية.

الرياضة واليوغا من النشاطات المرغوبة في السفر (الشرق الاوسط)

ويعمل طاهٍ يكرّس جهده للوصول إلى مستوى الخلو من الفضلات تماماً في كل المطاعم لضمان الإبداع والفاعلية. ويشارك فريق العمل بانتظام في دورات تعليمية خاصة بالطهي من دون مخلفات. كذلك يُهدى كل نزيل عند وصوله مجموعة أدوات خاصة بتحقيق هذا الهدف، ويُدعى إلى المشاركة في جولة «متابعة الفضلات» لرؤية عملية التدوير على أرض الواقع.

المشروع الأكثر تأثيراً للفندق هو «مشروع المخلفات المجتمعي»، وهو مركز لتجميع المخلفات والنفايات افتُتح عام 2024 بالتعاون مع جهات تجارية محلية أخرى. ولإدراكنا أن الفصل السليم أمر ضروري، شارك فندق «بوتاتو هيد» خبرته مع الجهات الشريكة لضمان نجاح العمل. ويقول أكيلي: «أكبر إنجاز نفتخر به ليس الحدّ من المخلفات داخل الفندق، بل مشاركة ما تعلمناه خارج جدرانه». وتتم معالجة ما يصل إلى نحو 5 أطنان من المخلفات والنفايات يومياً، وقد وسّع ذلك نطاق تأثير الفندق، وأسّس لمستقبل أكثر نظافة للسكان المحليين، ووفّر وظائف جديدة في إطار هذا العمل. ويُعاد استثمار كل الأرباح، التي تدرّها عملية بيع المنتجات، التي خضعت لعملية إعادة التدوير، في المجتمع. وأوضح قائلاً: «الفكرة هي أن يستمر تحسين وتطوير النموذج بما يساعد الجزيرة، لا نحن فقط، في الاقتراب من تحقيق هدف عدم تشكل أي مخلفات».

الاستدامة مطلوبة في السفر العصري (الشرق الاوسط)

المجتمع مهم

أصبح الإخلاص لمناصرة المجتمع المحلي ضرورياً لتحقيق الاستدامة الشاملة حين يتعلق الأمر بالفنادق. كثيراً ما يتم إغفال وتجاهل الجانب الاجتماعي للاستدامة، لكن مجال الضيافة يتمحور حول الناس، ولا يمكن لفندق أن يصبح موجوداً بشكل مستدام دون أن يضع في الاعتبار كيفية تأثيره على النزلاء والعاملين والسكان المحليين. ويقول أكيلي: «المجتمع يمنح الفندق روحه، ومن دون ذلك سيصبح مجرد مبنى آخر. نحن نرى أنفسنا جزءاً من النظام البيئي، لا جزءاً منفصلاً عنه. ونتعاون مع المبادرات المحلية ونفتح أبوابنا للمشروعات المجتمعية، سواء أكانت برامج توعية بالمخلفات والنفايات أم ورش عمل ثقافية وأماكن إقامة إبداعية. ليس هدفنا هو استضافة النزلاء فحسب، بل تقديم شيء ذي معنى إلى المكان الذي يضمّنا».

وقد وزّع مشروع «سويت بوتاتو»، الذي نفّذه الفندق، أكثر من 38 ألف وجبة على المحتاجين خلال عام 2024، وشارك العاملون في أعمال الزراعة والتوصيل التطوعي وتنظيف الشاطئ. وأوضح أكيلي قائلاً: «يحدث التغيير عندما يدرك الناس الأمور المهمة. لهذا السبب نبدأ بفريق العمل لدينا أولاً. عندما يعيشون ويتنفسون الغرض والغاية، ويشعرون باتصالهم به، يشاركونه بشكل عفوي وتلقائي مع نزلائنا ومجتمعنا». يمنح الفندق سلامة وسعادة فريق العمل به الأولوية. يقول أكيلي: «نريد ضمان تطور كل من يعمل معنا، ليس على المستوى المهني فقط، بل فيما يتعلق بجودة الحياة أيضاً، بما في ذلك الصحة والسعادة والاستقرار المالي».

المنتجات التي تستخدم في الفنادق تخضع لعنصر الاستدامة ايضا (الشرق الاوسط)

الإحساس بالمكان

يمكن أن يصبح تسليط الضوء على الموطن جزءاً قوياً ومؤثراً بوجه خاص من استراتيجية الاستدامة للفنادق، حيث يدعم الأنظمة الاقتصادية المحلية، مع تقديم مذاق فريد للثقافة والتراث إلى النزلاء. ويوضح أكيلي: «الموطن همزة وصل بين ما نفعله وبين المكان الذي نوجد فيه. منذ اللحظة التي يصل فيها النزلاء نريد أن يشعروا بروح بالي من خلال الطعام والناس والحكايات التي تجعل هذا المكان مميزاً. يتعلق الأمر بالاتصال بالوجهة، لا إعادة تكوين شيء يمكن أن يتوفر في أي مكان آخر في العالم».

إن فخر فندق «ديسا بوتاتو هيد» بهويته يتضح ويبرز منذ اللحظة التي يُقدّم فيها إلى النزيل مشروب الـ«جامو»، وهو مشروب عشبي إندونيسي تقليدي، عند تسجيل دخوله إلى الفندق، ويتجلى في كل قرار يتعلق بمشتريات الفندق. تعمل المطابخ عن كثب مع المزارعين المحليين، وتدعم التنوع البيولوجي بالمنطقة من خلال تقديم النباتات الأصيلة قدر الإمكان. ويساعد التعاون والعمل مع الحرفيين بالجزيرة في الحفاظ على المهارات التراثية. على سبيل المثال، بُنيت الأجنحة في الفندق باستخدام قوالب طوب المعبد المضغوطة يدوياً، وهي طريقة بناء تقليدية في بالي. ويقول أكيلي: «نحن لا نشتري المكونات أو المواد الأولية فقط، بل نصنع نظام تدوير يعود بالنفع على الآخر. بهذه الطريقة نكوّن حلقة إيجابية متجددة بدلاً من حلقة سلبية استبعادية».

جناح كاتامانا الذي يراعي الاستدامة (الشرق الاوسط)

يتعلق الأمر بتحقيق التقدم لا المثالية

أهم جزء من تعريف مشروع تجاري مسؤول هو التزامه بالتطوير والتحسين المستمر.

المثالية أمر لا يمكن الوصول إليه. الاستدامة هي ببساطة التقدم خطوة نحو الأمام في المرة الواحدة. ويعدّ التواصل الشفاف عنصراً أساسياً من هذا الأمر، حيث يساعد في توعية العملاء وتحفيز العاملين والحثّ على إحداث تغيير أكبر في مجال العمل. يقول أكيلي: «نحن لا نروي قصصاً للتسويق، بل نحثّهم على إلهام الآخرين ليكونوا جزءاً من هذه الحركة. تبني الشفافية والثقة، والثقة تصنع الفعل».

الإخلاص للرحلة هي أهم ما في الأمر، ولا يقتصر ذلك على المنتجعات الفاخرة أو الوجهات الفريدة. إن أي فندق مستعد دائماً لمواصلة التعلم واتخاذ خطوات ملموسة قابلة للقياس نحو مستقبل أكثر استدامة هو فندق بيئي. ويضيف أكيلي: «سوف نواصل تطوير كل جزء مما نفعله، بدءاً بالمشتريات، ووصولاً إلى تصميم المنتج والعمليات اليومية حتى نظل متجددين ومشاركين في التجديد قدر الإمكان. وسوف نواصل مشاركة ما نتعلمه، وندعو الآخرين إلى الانضمام إلينا في إحداث تغير من أجل التجديد. نحن نختار التقدم لا المثالية. لا يهم الحجم، لكن الأمر المهم حقاً هو بدء إحداث تغييرات».


سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
TT

سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

تعاون فندق «سافوي»، في فلورنسا، مع علامة القرطاسية التاريخية «باينيدر» للاحتفال بموسم الأعياد القادمة عبر فعالية «Wrapped in Time» أو «مغلف بالزمن»، وتدعو هذه الشراكة الضيوف إلى تبنّي روح السفر البطيء وإعادة اكتشاف الوقت كهدية ثمينة، وتشجيع لحظات التوقّف والتأمل وإعادة التواصل في عالم اليوم السريع الإيقاع.

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

استلهم الفندق ديكورات موسم الأعياد من فن الخط، حيث تبرز في الردهة شجرة لافتة مزيّنة بظروف مختومة بالشمع مع لمسات ذهبية وفضية وحمراء، إلى جانب الأختام الأيقونية لـ«باينيدر». يجسّد هذا العرض التزام علامة القرطاسية الفلورنسية بالحرفية والاهتمام بالتفاصيل.

وتعكس الشجرة أيضاً الرؤية المشتركة بين العلامتين الفلورنسيتين، ليس فقط من خلال تصميمها، بل أيضاً عبر تجربة «A Wish for Florence»؛ حيث يكتب الضيوف أمنياتهم ورسائلهم للمدينة على ورق كتابة من «باينيدر». ثم تُوضع الرسائل في صندوق عيد ميلاد خاص ليتم حفظها وإرسالها لاحقاً إلى عمدة فلورنسا.

رسائل مكتوبة بخط اليد (الشرق الأوسط)

ويدعو فندق سافوي ضيوف الأجنحة إلى عيش سحر عيد الميلاد من خلال تجارب باينيدر الخاصة والقرطاسية الفاخرة، بما في ذلك ورش الخط المخصّصة، وأقلام الحبر الفاخرة، وورق الكتابة المميز. في هذه اللحظات الحميمة، حيث يتوقف الزمن، يصنع الضيوف ذكريات مكتوبة بخط اليد ويعيدون اكتشاف متعة الكتابة.

تعاون ما بين أهم شركة قرطاسية وسافوي في فلورنسا فترة الأعياد (الشرق الأوسط)

كما تشمل فعالية «Wrapped in Time» جانباً خيرياً من خلال التعاون مع مستشفى جيميلي للأطفال في روما، حيث اجتمعت فرق باينيدر وفندق سافوي لكتابة رسائل مليئة بالأماني الطيبة للأطفال، تحمل رسائل أمل وخيال ودهشة. ومن خلال هذه اللفتة، يعيدون إحياء السحر الحقيقي لعيد الميلاد، الذي ينبض حين نمنح وقتنا واهتمامنا ورعايتنا للآخرين.