«هل تعلمين أنها تلعب لآرسنال؟ وهذه أيضاً. وتلك؟ نعم، هي كذلك».
كان هذا محور كثير من الأحاديث خلال بطولة أوروبا للسيدات 2025، التي اختتمت بفوز إنجلترا على إسبانيا بركلات الترجيح في نهائي مثير الأحد الماضي. الركلة الحاسمة سجلتها، كما قد تتوقع، كلوي كيلي... لاعبة آرسنال وذلك وفقاً لشبكة The Athletic.
كانت ستينا بلاكستينيوس سبباً في فرحة لا توصف لجماهير آرسنال، حين سجّلت هدف الفوز بدوري أبطال أوروبا للسيدات في شباك برشلونة خلال مايو (أيار) الماضي.
وبعد شهرين فقط، أعادت ذات اللاعبة إنجلترا إلى غرفة الإنعاش بهدفين لصالح السويد في ربع النهائي، بعد مرور 25 دقيقة فقط.
لكن من أنقذ الموقف آنذاك؟ نعم، إنها ميشيل أجييمانغ، المهاجمة الشابة الموهوبة التي دخلت من دكة البدلاء وسجّلت هدف التعادل، بعد تقليص الفارق بهدف من لوسي برونز إثر عرضية من كيلي في الدقيقة 79.
ومن بين ثلاث ركلات ترجيحية ناجحة لإنجلترا في ذلك اللقاء، سجلت اثنتان بواسطة لاعبتَي آرسنال: أليسيا روسو وكيلي.
فصعدت إنجلترا إلى نصف النهائي، ربما بمساعدة بعض الحظ، لكن الفضل الأبرز كان لبريق آرسنالي واضح.
وفي نصف النهائي، تأخرت إنجلترا مرة أخرى، هذه المرة بهدف ضد إيطاليا، فلجأت المدربة سارينا فيغمان مجدداً إلى اللاعبات القادمات من الشطر الأحمر والأبيض من شمال لندن.
وجاء التبديل الأول بدخول بيث ميد بدلاً من لورين جيمس بسبب الإصابة، لكن التبديلات الحاسمة كانت في الشوط الثاني، مع نزول أجييمانغ وكيلي. وبينما كانت إنجلترا على أعتاب الخروج، أظهرت أجييمانغ رباطة جأش كبيرة وسددت الكرة في الشباك لإنعاش الآمال مجدداً.
ثم أتت اللحظة الحاسمة حين سددت كيلي ركلة جزاء في الوقت الإضافي، ارتدت من الحارسة، لكنها عادت وأكملتها داخل الشباك آرسنال تنقذ الموقف... مرة أخرى.
أما منتخب إسبانيا، فضمّ في تشكيلته الأساسية سبع لاعبات من برشلونة، واثنتين من ريال مدريد، ولاعبة من نادي غوثام الأميركي، وأخرى من آرسنال. وكما قد تتوقع، كانت صاحبة الهدف الأول في النهائي هي، بالطبع، ماريونا كالدينتي... لاعبة آرسنال.
وعندما نجحت كيلي وروسو في معادلة النتيجة خلال الشوط الثاني، بدأت بالفعل المقارنات الساخرة تشير إلى عنوان صحيفة «ذا ميرور» البريطانية الشهير: «آرسنال يفوز بكأس العالم» في 1998، حين سجّل فييرا وبيتي أهداف فرنسا أمام البرازيل.
وفي ختام المباراة، وبعد التعادل 1-1 في الأشواط الإضافية، أخفقت ثلاث لاعبات من آرسنال - بيث ميد، وليا ويليامسون، وماريونا كالدينتي - في تنفيذ ركلات الترجيح. ومع ذلك، فإن حقيقة أن كيلي هي من سجلت الركلة الحاسمة جعلت النهاية أكثر رمزية.
لقد كان العام الماضي مليئاً بـ«لحظات الأبواب الدوارة» بالنسبة إلى كيلي وناديها آرسنال.
اللاعبة البالغة من العمر 27 عاماً كانت على وشك «أخذ استراحة من كرة القدم» قبل انضمامها إلى آرسنال معارَة من مانشستر سيتي في يناير (كانون الثاني). لم تكن قد بدأت سوى مباراة واحدة في الدوري خلال النصف الأول من موسم 2024-2025، وبلغ توتر علاقتها مع ناديها السابق حد اتهامها لسيتي بـ«محاولة اغتيال شخصيتها».
وفي تلك الأثناء، كان آرسنال يعاني كذلك، إذ حقق الفريق فوزاً واحداً فقط في أول أربع مباريات بالدوري، قبل الخسارة الثقيلة 4-1 أمام تشيلسي في أكتوبر (تشرين الأول)، ما أنهى آمالهم في المنافسة على اللقب، وأطاح بالمدرب يوناس إيديڤال. ورغم أن النادي كان قادراً على التعاقد مع مدرب جديد من خارج المنظومة، فإنه اختار ترقية مدربة التطوير رينيه سليغيرز، التي أثبتت نجاحها لاحقاً.
ويمكن القول إن آرسنال في الوقت الحالي أقوى من أي وقت مضى في العصر الحديث للعبة النسائية. فهو بطل أوروبا، وسيخوض جميع مبارياته في الدوري الإنجليزي الممتاز للسيدات على ملعب الإمارات الموسم المقبل. وقد باع النادي بالفعل 15 ألف تذكرة موسمية، إضافة إلى حزم مكونة من ست مباريات.
كما واصل النادي زخم الفوز بدوري الأبطال، فكسر الرقم القياسي العالمي في انتقالات الكرة النسائية بالتعاقد مع أوليفيا سميث من ليفربول مقابل مليون جنيه إسترليني.
وكان أحد أهداف سوق الانتقالات الحالي هو زيادة المنافسة على المراكز الأساسية. فوجود دكة بدلاء قوية كان عاملاً حاسماً في فوز تشيلسي بلقب الدوري لستة مواسم متتالية، وسد الفجوة في هذا الجانب أمر لا بد منه للمنافسة.
وقد كان تثبيت كيلي بشكل دائم جزءاً أساسياً من هذا المشروع، إلى جانب ضم اثنتين من أفضل لاعبات ليفربول: تايلور هايندز وأوليفيا سميث.
أما على مستوى الأفراد، فقد أظهرت البطولة الأوروبية مدى جودة التشكيلة تحت قيادة سليغيرز. فأجييمانغ، التي حازت عن جدارة جائزة أفضل لاعبة شابة في البطولة، قد لا تكون ضامنة لمكان أساسي مع آرسنال في الموسم الجديد 2025-2026، بسبب وفرة المهاجمات. فهي تنافس مباشرة مع روسو وبلاكستينيوس، في حين أن كيلي، وسميث، وميد، والدولية الأسترالية كايتلين فورد يمثلن خيارات قوية على الأطراف.
وسيتعين على آرسنال اتخاذ القرار الأمثل لتطوير أجييمانغ. قبل موسمين، لعبت بنظام الإعارة المزدوجة مع واتفورد، وسجلت هدفاً ضد آرسنال في كأس الاتحاد. أما الموسم الماضي فقد خاضته مع فريق برايتون، وقال إيديڤال حينها إن اللعب «بدقائق تنافسية عالية» كان «في غاية الأهمية» لتطورها.
ويحافظ آرسنال على علاقة قوية مع برايتون، ومن المتوقع أن يعير هذا الموسم روزا كافاجي، لاعبة الوسط الإبداعية التي تم التوقيع معها من نادي هاكن السويدي الصيف الماضي. ويُنظر إلى برايتون على أنه بيئة جيدة لتطويرها، مع الاعتقاد بأنها من ركائز مستقبل آرسنال وليست مجرد صفقة للإعارة طويلة المدى.
ولا تقتصر طموحات آرسنال على أرض الملعب، فقد استضاف النادي عدداً متزايداً من مباريات السيدات في ملعب الإمارات منذ فوز إنجلترا بـ«يورو 2022»، ما أسهم في توسّع القاعدة الجماهيرية للفريق.
واستُقبلت اللاعبات بحفاوة بالغة عند عودتهن من لشبونة عقب الانتصار المفاجئ على برشلونة، فيما ضجّت شوارع منطقة هايبري المحيطة بالهتافات وأبواق السيارات احتفالاً بتتويج إنجلترا باللقب الأوروبي مجدداً. ويتوقع أن يستمر هذا الدعم الجماهيري في الموسم الجديد.
صحيح أن الفريق لم يُتوج بلقب الدوري منذ ست سنوات، لكن لاعبات آرسنال أظهرن مؤخراً قدرتهن على اقتناص اللحظات الكبرى، سواء على مستوى القارة أو في المحافل الدولية.
والآن... حان وقت إثبات ذلك محلياً.










