يمكن تقسيم سياسة التعاقدات في أستون فيلا في الوقت الحالي إلى فئتين واضحتين، وذلك وفقاً لشبكة The Athletic.
فمنذ تولي المدير الرياضي مونتشي مهامه في صيف 2023، باتت للنادي الإنجليزي استراتيجيتان واضحتان في سوق الانتقالات: الأولى تتعلق بضم لاعبين جاهزين يمكنهم دعم الفريق الأول بقيادة أوناي إيمري فوراً، حتى إن لم يكونوا أساسيين. والثانية تركز على التعاقد مع لاعبين شبان بدأوا مسيرتهم في دوريات أقل شهرة حول العالم، ويُطلق عليهم إيمري لقب «اللاعبين المحتملين». هؤلاء لا يُنتظر منهم التأثير الفوري، بل يُراهن عليهم في المستقبل.
وظهر نمط واضح خلال الـ18 شهراً الماضية، حيث يعمل مونتشي بالتعاون مع فريق البيانات والكشافين على إتمام صفقات للاعبين مغمورين نسبياً، تتراوح قيمتها عادةً بين 5 و9 ملايين يورو (ما يعادل تقريباً بين 4.3 و7.8 مليون جنيه إسترليني أو 5.9 إلى 10.6 مليون دولار). وغالباً ما تتم إعارة هؤلاء اللاعبين إما إلى نادٍ ثالث أو يعودون مباشرة إلى أنديتهم الأصلية بعد التوقيع.
وفي حال نجاح أحد هؤلاء اللاعبين، فإن فيلا يحقق أرباحاً كبيرة على المدى الطويل، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل لوائح الاستدامة والربحية (PSR) المفروضة حالياً على أندية الدوري الإنجليزي.
ومن أبرز التغييرات منذ وصول مونتشي أنه أعاد هيكلة قسم التوظيف والتحليل في النادي، إذ طُلِب من الموظفين التركيز على مناطق جغرافية محددة، وتم نقل فريق تحليل البيانات إلى مكتب مجاور لمكتب مونتشي في مقر تدريبات النادي «بوديمور هيث»، لتسهيل النقاشات الخاصة والاستراتيجية.
ويتم التركيز على هذا النوع من التعاقدات عند مناقشة «اللاعبين المحتملين» - المواهب الشابة التي تحتاج إلى صقل وتطوير. لكن هذه الفئة من الصفقات قد تُثير إحباط الجماهير التي لا ترى تأثير هؤلاء اللاعبين مباشرة - أو ربما لا تراهم أبداً في الفريق الأول، إن تم بيعهم قبل أن ينالوا فرصتهم.
كوستا نيديليكوفيتش يُعدّ مثالاً واضحاً على هذا النهج.
فقد انضم الظهير الأيمن الصربي إلى أستون فيلا في يناير (كانون الثاني) 2024 قادماً من النجم الأحمر مقابل 9 ملايين يورو، بينما كان عمره 18 عاماً. وقد استمر مع ناديه الأصلي على سبيل الإعارة حتى نهاية الموسم. يقول ماركو ميتروفيتش، رئيس الكشافين في النادي الصربي، لموقع «ذا أثلتيك»: «كان عديم الخبرة عندما تعاقد معه فيلا، لكنه لفت الأنظار ببنيته الجسدية وخطواته الطويلة وسرعته».
خاض نيديليكوفيتش 9 مباريات في فترة التحضير للموسم الجديد مع فيلا لكنه لم يشارك أساسياً في أي مباراة بالدوري، ثم أُعير إلى لايبزيغ في نهاية سوق الانتقالات الشتوية مع خيار للشراء، لكن النادي الألماني لم يفعل هذا الخيار، وإن كان قد جدّد إعارته لموسم إضافي.
وفي المقابل، كان هناك حماس أكبر بشأن صفقة النرويجي سفيره نيبان.
كان فيلا من أبرز المهتمين بضم لاعب الوسط الشاب من نادي روزنبورغ، وأجرى موظفو النادي زيارات متكررة لمتابعته وبذلوا جهداً كبيراً لإقناع اللاعب ومحيطه، حيث تناول مونتشي العشاء مع عائلة نيبان وبنى علاقة قوية مع والده. وكان من المفترض أن ينضم إلى الفريق الأول مباشرة، مع إمكانية إعارته إذا لزم الأمر. لكن بعد تأخره في اتخاذ القرار، فقد النادي ثقته في إتمام الصفقة، لينتقل نيبان في النهاية إلى مانشستر سيتي مقابل 12.5 مليون جنيه استرليني.
تجدر الإشارة إلى أن نيبان وقضية المدافع جاي دي كانفوت من تولوز، الذي قدم فيلا عرضاً لضمه، يُمثّلان صفقتين تقعان خارج النطاق السعري التقليدي لسياسة التعاقدات بـ5-9 ملايين يورو، ما يعكس تطوراً في انتقاء «اللاعبين المحتملين».
وفي ظل بحث فيلا عن ظهير أيمن في سوق الشتاء الماضي، اعتبر مسؤولو النادي أن الخيارات البارزة مرتفعة الثمن، فحوّلوا اهتمامهم إلى الإسباني الشاب أندريس غارسيا من نادي ليفانتي في الدرجة الثانية، مقابل 7 ملايين يورو. غارسيا كان معروفاً من قبل فريق التحليل بفضل أدائه مع الفريق الرديف في ليفانتي، واعتُبر مناسباً لنمط اللعب في الدوري الإنجليزي رغم حاجته لتطوير بعض الجوانب الفنية.
شارك غارسيا في 7 مباريات بالدوري الممتاز الموسم الماضي، بينها 5 مباريات أساسيا، ويثق الجهاز الفني في تطوره أكثر خلال الموسم المقبل، لا سيما أن إيمري يمنحه الثقة. وإذا استمر في حصد الدقائق، فإن هناك فرصة لبيعه لاحقاً بمبلغ يصل إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف المبلغ الذي دُفع لضمه.
وفي يناير أيضاً، أتم فيلا صفقة ضم المدافع التركي الشاب ياسين أوزجان من قاسم باشا مقابل 7 ملايين يورو بالإضافة إلى مليون إضافي حوافز. ورغم أن عمره لم يتجاوز 19 عاماً، فقد خاض أكثر من 90 مباراة في الدوري التركي وشارك مع المنتخبات السنية، قبل أن يسجل ظهوره الأول مع المنتخب الأول في مباراة ودية ضد المكسيك.
يمتاز أوزجان بأنه مدافع أعسر ويمكنه اللعب ظهيرا أو في قلب الدفاع، وقد جربه إيمري في مراكز مختلفة خلال التحضيرات، إما ليكون بديلاً محتملاً في الفريق الأول، أو يُعار لنادٍ آخر قبل إغلاق سوق الانتقالات في سبتمبر (أيلول).
وتُعدّ صفقة المدافع الكولومبي ييمار موسكيرا مثالاً آخر على صفقات «اللاعبين المحتملين». فقد انضم من نادي أورسومارسو في الدرجة الثانية الكولومبية، وأُعير مباشرة إلى نادي رِيـال أونيون الإسباني التابع لأستون فيلا. موسكيرا، الذي يبلغ 20 عاماً الآن، يخضع للتقييم في فترة الإعداد لتحديد مصيره.
ومؤخراً، أعلن فيلا عن التعاقد مع السنغالي مودو كيبا سيسيه من نادي لاسك النمساوي مقابل 5 ملايين يورو، متفوقاً على نادي تروا الفرنسي التابع لمجموعة «سيتي فوتبول». سيسيه، البالغ 19 عاماً، سينضم إلى فيلا رسمياً لكنه سيُعاد إلى ناديه النمساوي على سبيل الإعارة لموسم جديد.
ويقول لوكا بافلوفيتش، مدرب تحت 18 عاماً السابق في لاسك: «أحضرناه إلى الفريق الثاني بعد تجربة قصيرة وقلت وقتها: هذا هو بوغبا القادم. كان لاعب وسط، لكن النادي قرر تحويله إلى قلب دفاع، وكان قراراً صائباً. إنه موهوب، يعمل بجد، ومتواضع جداً».
وفي النهاية، فإن نجاح مثل هذه الصفقات مرهون بتعريفك لـ«النجاح».
أستون فيلا يدرك تماماً أنه ليس كل موهبة شابة ستحقق مكانة في الفريق الأول، لكن الإدارة تعتقد أن كل لاعب منهم يمكن أن يصبح في المستقبل إما ركيزة فنية أو أصلاً تجارياً يُدرّ أرباحاً.
