مع التحول الرقمي... كيف تستعد البنية التحتية لاحتضان ذكاء يتعلّم ويتصرّف؟

«فاست داتا»: يمكن دمج «الذكاء الاصطناعي الوكيلي» مع الأنظمة القديمة دون الحاجة إلى هدم أو استبدال شامل (غيتي)
«فاست داتا»: يمكن دمج «الذكاء الاصطناعي الوكيلي» مع الأنظمة القديمة دون الحاجة إلى هدم أو استبدال شامل (غيتي)
TT

مع التحول الرقمي... كيف تستعد البنية التحتية لاحتضان ذكاء يتعلّم ويتصرّف؟

«فاست داتا»: يمكن دمج «الذكاء الاصطناعي الوكيلي» مع الأنظمة القديمة دون الحاجة إلى هدم أو استبدال شامل (غيتي)
«فاست داتا»: يمكن دمج «الذكاء الاصطناعي الوكيلي» مع الأنظمة القديمة دون الحاجة إلى هدم أو استبدال شامل (غيتي)

لم يعد الذكاء الاصطناعي مقتصراً على النماذج الثابتة أو الاستجابات المبرمجة، بل يبرز نموذج جديد يعيد تعريف كيفية تفاعل الآلات مع البيانات والبيئات والبشر. يُعرف هذا التطور باسم «الذكاء الاصطناعي الوكيلي» (Agentic AI)، وهو يمثّل أنظمة ذكية لا تكتفي بالتحليل، بل تتصرف وتتعلم وتتأقلم مع مرور الوقت.

في المملكة العربية السعودية، حيث يُعد الذكاء الاصطناعي محوراً أساسياً في «رؤية 2030» والتحول الرقمي، فإن تبنّي «الذكاء الاصطناعي الوكيلي» يحمل أبعاداً استراتيجية عميقة. لكن مع هذه الإمكانيات الجديدة، يظهر تحدٍ جوهري. هل الأنظمة الحالية التي صُممت لمعالجة البيانات المؤقتة كافية؟

عزيز حيدر المدير العام لدى شركة «فاست داتا» في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا (فاست داتا)

«وكلاء ذكاء» مستقلون

تعتمد النماذج التقليدية للذكاء الاصطناعي على التنبؤ أو التصنيف أو التوليد بناءً على مدخلات ثابتة. وهي نماذج لا تحتفظ بالذاكرة وتعتمد على آلية استجابة للطلب، وتعتمد على بنى تحتية مصممة للاستدلال لا للتفاعل. أما «الذكاء الاصطناعي الوكيلي» فيقدم طبقة جديدة من الاستمرارية والاستقلالية. يقول المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا في شركة «فاست داتا» VAST Data، حيدر عزيز، خلال حديث خاص مع «الشرق الأوسط»، إن «الذكاء الاصطناعي الوكيلي» لا يكتفي بالاستدلال، بل يتصرف. ويشرح أنه على عكس النماذج التقليدية التي ترد على الطلبات، فإن «الوكلاء» يحتفظون بالذاكرة، ويتعلمون بمرور الوقت ويعملون باستقلالية.

هذا التغير يُسقط فرضيات قديمة حول إمكانية فصل التخزين عن المعالجة أو التعامل مع البيانات على أنها مؤقتة. ويوضح عزيز أن هذه الفرضيات تنهار عندما يتعلّق الأمر بوكلاء يحتاجون إلى التذكر والتفكير والتصرف بشكل مستمر.

هل البنية التحتية الحالية صالحة؟

جوهر التحدي يكمن في مفهوم «الذاكرة والسياق». فـ«الوكلاء الأذكياء» يحتاجون إلى بيئات غنية بالسياق ودائمة الاتصال. أي تأخير بين وحدة المعالجة والتخزين وسير العمل يمكن أن يعرقل قدرتهم على اتخاذ القرار.

ويشير عزيز إلى أهمية عمل البنية التحتية بوصفها نظاماً موحداً وآمناً وسريع الاستجابة وغنياً بالسياق. ويقول: «لا يمكن تعديل الأنظمة القديمة أو السحابية المصممة للاستدلال السلبي لتلبي هذه المتطلبات».

وبالنسبة إلى المؤسسات السعودية التي تسعى إلى دمج الخدمات الذكية في مجالات؛ مثل: المدن الذكية، أو الخدمات اللوجيستية، أو الرعاية الرقمية، فإن البنية التحتية يجب أن تتحول من دعم «الذكاء» إلى «تمكين الفعل»، حسب وصفه.

يمثّل «الذكاء الاصطناعي الوكيلي» نقلة نوعية من النماذج السلبية إلى أنظمة تتعلّم وتتصرّف بشكل مستقل (شاترستوك)

الذاكرة لم تعد ميزة... بل أساس

لم يعد بالإمكان التعامل مع الذاكرة بوصفها إضافة. إنها اليوم حجر الزاوية. فـ«الوكيل» الذي يعمل في بيئة حقيقية يجب أن يتذكر ويتعلّم ويستجيب في الوقت الفعلي. وهذا يتطلّب بنية تحتية تضع الذاكرة والبيانات في صلب تصميمها. وحسب عزيز، «الآن يتم التعامل مع الذاكرة والبيانات بصفتها مواطنين من الدرجة الأولى، وليست نتائج ثانوية».

وهذا ضروري بشكل خاص في مشاريع المدن الذكية في السعودية، حيث يجب أن يعمل «الوكلاء» في بيئات مختلطة، من الحساسات والأجهزة إلى مراكز البيانات، وكلها تحت مظلة ذاكرة موحدة ومتصلة بالسياق.

المعالجة اللحظية للعالم الحقيقي

«الذكاء الاصطناعي الوكيلي» لا يعمل في عزلة بل يتعامل مع العالم الحقيقي الغني بالبيانات غير المنظمة؛ مثل: النصوص، والفيديو، والصوت، ومستشعرات «إنترنت الأشياء». هذه ليست مجرد بيانات، بل هي البيئة التي يتحرك فيها الوكلاء. يرى عزيز أن «البيانات غير المنظمة ليست مجرد وقود لـ(الذكاء الاصطناعي الوكيلي)، بل هي البيئة التي يجب أن يدركها ويتفاعل معها».

وبالنسبة إلى القطاعات السعودية التي تعتمد على التحليل اللحظي، سواء في الأمن أو الأتمتة الصناعية أو التفاعل مع العملاء، فإن الحاجة باتت ملحّة إلى أنظمة تلغي التعقيد وتقدّم البيانات بالزمن الحقيقي، دون خطوات وسيطة أو تأخير.

من «طبقة» إلى «نظام حي»

إذا أردنا أن تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي بوصفها «وكلاء مستقلين»، فإن البنية التحتية يجب أن تتطور من طبقات منفصلة إلى نظام حي ومترابط. وهو نظام يُوحِّد الحوسبة والتخزين والذاكرة والتنظيم بطريقة متناغمة.

يرى عزيز أن البنية التحتية المستقبلية ستتحرك نحو نماذج المنصات الذكية المستمرة، ويقول: «البيانات لن تُخزّن وتُعالج لاحقاً، بل ستُبث ويتم التفكير بها في الوقت الحقيقي... فكر فيها بوصفها نظاماً حياً، لا بصفتها مجموعة طبقات».

يُعد الأمن والحوكمة عنصرين أساسيين لا بد من تضمينهما منذ البداية عند تشغيل «وكلاء ذكاء مستقلين» (شاترستوك)

الحوكمة والمسؤولية مع الاستقلالية

مع الاستقلالية تأتي الحاجة إلى المساءلة. حين يتخذ «الوكلاء» قرارات في قطاعات؛ مثل: النقل أو الرعاية الصحية أو التمويل، تصبح الحوكمة أمراً جوهرياً. ويحذّر عزيز من أن «الأمن أمر أساسي، ويجب تضمين الحوكمة في مستوى البيانات والتنظيم منذ البداية... لا يمكنك إضافة الثقة لاحقاً». وبالنسبة إلى المملكة التي تستثمر في سيادة البيانات والثقة الرقمية، يُعدّ إنشاء بنية تحتية مبنية على أسس الامتثال والمراجعة والتصريح أولوية.

يتردد الكثير من المؤسسات في تبني هذا التحول خوفاً من فقدان استثماراتها في الأنظمة القديمة. لكن عزيز يطمئن: «لسنا بصدد مطالبة المؤسسات بهدم أنظمتها، بل يمكن الاحتفاظ بالتطبيقات وسير العمل ومصادر البيانات، وإضافة طبقة ذكية فوقها». هذا النهج التدريجي يُتيح للمؤسسات السعودية تطوير بنيتها التحتية دون تعطيل أعمالها اليومية، مع تحقيق قيمة مضافة فورية من قدرات «الذكاء الاصطناعي الوكيلي».

من التجريب إلى التفعيل

الكثير من المؤسسات لا تزال عالقة في مرحلة التجريب. والسبب غالباً هو غياب البنية التحتية الملائمة أو الخوف من القفز في المجهول. لكن عزيز يضع خريطة طريق واقعية، قائلاً: «ابدأ بحالة استخدام تمزج بين الإدراك واتخاذ القرار، مثل الدعم الفني المؤتمت أو التوجيه الذكي في سلاسل التوريد... ولا تنظر إلى البنية التحتية والذكاء الاصطناعي بوصفهما مسارَيْن منفصلَيْن».

«الذكاء الاصطناعي الوكيلي» ليس مشروعاً فردياً بل منظومة متكاملة من النماذج والأدوات ومنصات التشغيل التي يجب أن تتكامل معاً. ويصف عزيز المشهد الحالي: «إنه مثل أوركسترا... سيمفونية من الأدوات والطبقات التي يجب أن تعمل بانسجام».

والمملكة العربية السعودية، بتسارع نموها في الاقتصاد الرقمي، قادرة على لعب دور ريادي في هذا التحول من خلال دعم معايير مفتوحة وتكامل المنصات.


مقالات ذات صلة

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

تكنولوجيا نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

ذكرت دراسة «كاسبرسكي» أن نصف موظفي السعودية تلقوا تدريباً سيبرانياً ما يجعل الأخطاء البشرية مدخلاً رئيسياً للهجمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك في سباق الفضاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار شركة «إس كيه هاينكس» ولوحة أم للكمبيوتر تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

رئيس «إس كيه» الكورية: صناعة الذكاء الاصطناعي ليست في فقاعة

قال رئيس مجموعة «إس كيه» الكورية الجنوبية، المالكة لشركة «إس كيه هاينكس» الرائدة في تصنيع رقائق الذاكرة، إن أسهم الذكاء الاصطناعي قد تتعرض لضغوط.

«الشرق الأوسط» (سيول)
تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد هاتف ذكي وشاشة كمبيوتر يعرضان شعارَي «واتساب» والشركة الأم «ميتا» في غرب فرنسا (أ.ف.ب)

تحقيق أوروبي في قيود «ميتا» على منافسي الذكاء الاصطناعي عبر «واتساب»

خضعَت شركة «ميتا بلاتفورمز» لتحقيق جديد من جانب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار، على خلفية خطتها لإطلاق ميزات ذكاء اصطناعي داخل تطبيق «واتساب».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
TT

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)

اختُتمت في ملهم شمال الرياض، الخميس، فعاليات «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025»، الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وشركة «تحالف»، عقب 3 أيام شهدت حضوراً واسعاً، عزّز مكانة السعودية مركزاً عالمياً لصناعة الأمن السيبراني.

وسجّلت نسخة هذا العام مشاركة مكثفة جعلت «بلاك هات 2025» من أبرز الفعاليات السيبرانية عالمياً؛ حيث استقطب نحو 40 ألف زائر من 160 دولة، داخل مساحة بلغت 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة، إلى جانب 300 متحدث دولي، وأكثر من 200 ساعة محتوى تقني، ونحو 270 ورشة عمل، فضلاً عن مشاركة 500 متسابق في منافسات «التقط العلم».

كما سجّل المؤتمر حضوراً لافتاً للمستثمرين هذا العام؛ حيث بلغت قيمة الأصول المُدارة للمستثمرين المشاركين نحو 13.9 مليار ريال، الأمر الذي يعكس جاذبية المملكة بوصفها بيئة محفّزة للاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني، ويؤكد تنامي الثقة الدولية بالسوق الرقمية السعودية.

وأظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية؛ حيث بلغ إجمالي المشاركين 4100 متسابق، و1300 شركة عالمية، و1300 متخصص في الأمن السيبراني، في مؤشر يعكس اتساع التعاون الدولي في هذا القطاع داخل المملكة.

إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، بما يُسهم في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي، وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة.

وقال خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز لـ«الشرق الأوسط»: «إن (بلاك هات) يُحقق تطوّراً في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات».

أظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية (بلاك هات)

وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد بنحو 27 في المائة على العام الماضي».

وسجّل «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا» بنهاية نسخته الرابعة، دوره بوصفه منصة دولية تجمع الخبراء والمهتمين بالأمن السيبراني، وتتيح تبادل المعرفة وتطوير الأدوات الحديثة، في إطار ينسجم مع مسار السعودية نحو تعزيز كفاءة القطاع التقني، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».


دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
TT

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة «كاسبرسكي» في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، ونُشرت نتائجها خلال معرض «بلاك هات 2025» في الرياض، واقعاً جديداً في بيئات العمل السعودية.

فقد كشف الاستطلاع، الذي حمل عنوان «الأمن السيبراني في أماكن العمل: سلوكيات الموظفين ومعارفهم»، أن نصف الموظفين فقط في المملكة تلقّوا أي نوع من التدريب المتعلق بالتهديدات الرقمية، على الرغم من أن الأخطاء البشرية ما زالت تمثل المدخل الأبرز لمعظم الحوادث السيبرانية.

وتشير هذه النتائج بوضوح إلى اتساع فجوة الوعي الأمني، وحاجة المؤسسات إلى بناء منظومة تدريبية أكثر صرامة وشمولاً لمختلف مستويات الموظفين.

تكتيكات تتجاوز الدفاعات التقنية

تُظهر البيانات أن المهاجمين باتوا يعتمدون بشكل متزايد على الأساليب المستهدفة التي تستغل الجانب النفسي للأفراد، وعلى رأسها «الهندسة الاجتماعية».

فعمليات التصيّد الاحتيالي ورسائل الانتحال المصممة بعناية قادرة على خداع الموظفين ودفعهم للإفصاح عن معلومات حساسة أو تنفيذ إجراءات مالية مشبوهة.

وقد أفاد 45.5 في المائة من المشاركين بأنهم تلقوا رسائل احتيالية من جهات تنتحل صفة مؤسساتهم أو شركائهم خلال العام الماضي، فيما تعرّض 16 في المائة منهم لتبعات مباشرة جراء هذه الرسائل.

وتشمل صور المخاطر الأخرى المرتبطة بالعنصر البشري كلمات المرور المخترقة، وتسريب البيانات الحساسة، وعدم تحديث الأنظمة والتطبيقات، واستخدام أجهزة غير مؤمنة أو غير مُشفّرة.

الأخطاء البشرية مثل كلمات المرور الضعيفة وتسريب البيانات وعدم تحديث الأنظمة تشكل أبرز أسباب الاختراقات (شاترستوك)

التدريب... خط الدفاع الأول

ورغم خطورة هذه السلوكيات، يؤكد الاستطلاع أن الحد منها ممكن بدرجة كبيرة عبر برامج تدريب موجهة ومستمرة.

فقد اعترف 14 في المائة من المشاركين بأنهم ارتكبوا أخطاء تقنية نتيجة نقص الوعي الأمني، بينما أشار 62 في المائة من الموظفين غير المتخصصين إلى أن التدريب يعدّ الوسيلة الأكثر فاعلية لتعزيز وعيهم، مقارنة بوسائل أخرى مثل القصص الإرشادية أو التذكير بالمسؤولية القانونية.

ويبرز هذا التوجه أهمية بناء برامج تدريبية متكاملة تشكل جزءاً أساسياً من الدفاع المؤسسي ضد الهجمات.

وعند سؤال الموظفين عن المجالات التدريبية الأكثر أهمية لهم، جاءت حماية البيانات السرية في صدارة الاهتمامات بنسبة 43.5 في المائة، تلتها إدارة الحسابات وكلمات المرور (38 في المائة)، وأمن المواقع الإلكترونية (36.5 في المائة).

كما برزت موضوعات أخرى مثل أمن استخدام الشبكات الاجتماعية وتطبيقات المراسلة، وأمن الأجهزة المحمولة، والبريد الإلكتروني، والعمل عن بُعد، وحتى أمن استخدام خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

واللافت أن ربع المشاركين تقريباً أبدوا رغبتهم في تلقي جميع أنواع التدريب المتاحة، ما يعكس حاجة ملحة إلى تعليم شامل في الأمن السيبراني.

«كاسبرسكي»: المؤسسات بحاجة لنهج متكامل يجمع بين حلول الحماية التقنية وبناء ثقافة أمنية تُحوّل الموظفين إلى خط دفاع فعّال (شاترستوك)

تدريب عملي ومتجدد

توضح النتائج أن الموظفين مستعدون لاكتساب المهارات الأمنية، لكن يُشترط أن تكون البرامج التدريبية ذات طابع عملي وتفاعلي، وأن تُصمَّم بما يتناسب مع أدوار الموظفين ومستوى خبراتهم الرقمية. كما ينبغي تحديث المحتوى بانتظام ليتوافق مع تطور التهديدات.

ويؤدي تبني هذا النهج إلى ترسيخ ممارسات يومية مسؤولة لدى الموظفين، وتحويلهم من نقطة ضعف محتملة إلى عنصر دفاعي فاعل داخل المؤسسة، قادر على اتخاذ قرارات أمنية واعية وصد محاولات الاحتيال قبل تصعيدها.

وفي هذا السياق، يؤكد محمد هاشم، المدير العام لـ«كاسبرسكي» في السعودية والبحرين، أن الأمن السيبراني «مسؤولية مشتركة تتجاوز حدود أقسام تقنية المعلومات».

ويشير إلى أن بناء مؤسسة قوية يتطلب تمكين جميع الموظفين من الإدارة العليا إلى المتدربين من فهم المخاطر الرقمية والتصرف بوعي عند مواجهتها، وتحويلهم إلى شركاء حقيقيين في حماية البيانات.

تقوية دفاعات المؤسسات

ولتقوية دفاعاتها، تنصح «كاسبرسكي» أن تعتمد المؤسسات نهجاً متكاملاً يجمع بين التكنولوجيا والمهارات البشرية واستخدام حلول مراقبة وحماية متقدمة مثل سلسلة «Kaspersky Next» وتوفير برامج تدريبية مستمرة مثل منصة «كاسبرسكي» للتوعية الأمنية الآلية، إضافة إلى وضع سياسات واضحة تغطي كلمات المرور وتثبيت البرمجيات وتجزئة الشبكات.

وفي الوقت نفسه، يساعد تعزيز ثقافة الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة ومكافأة السلوكيات الأمنية الجيدة في خلق بيئة عمل أكثر يقظة واستعداداً.

يذكر أن هذا الاستطلاع أُجري في عام 2025 بواسطة وكالة «Toluna»، وشمل 2,800 موظف وصاحب عمل في سبع دول، بينها السعودية والإمارات ومصر، ما يقدم صورة إقليمية شاملة حول مستوى الوعي والتحديات المرتبطة بالأمن السيبراني في أماكن العمل.


تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
TT

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك، مؤسس «سبيس إكس»، في سباق الفضاء.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، بأن ألتمان يدرس شراء أو الشراكة مع مزود خدمات إطلاق صواريخ قائم بتمويل.

وأشار التقرير إلى أن هدف ألتمان هو دعم مراكز البيانات الفضائية لتشغيل الجيل القادم من أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كما أفادت الصحيفة بأن ألتمان قد تواصل بالفعل مع شركة «ستوك سبيس»، وهي شركة صواريخ واحدة على الأقل، ومقرها واشنطن، خلال الصيف، واكتسبت المحادثات زخماً في الخريف.

ومن بين المقترحات سلسلة استثمارات بمليارات الدولارات من «أوبن إيه آي»، كان من الممكن أن تمنح الشركة في نهاية المطاف حصة مسيطرة في شركة الصواريخ.

وأشار التقرير إلى أن هذه المحادثات هدأت منذ ذلك الحين، وفقاً لمصادر مقربة من «أوبن إيه آي».

ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، جاء تواصل ألتمان مع شركة الصواريخ في الوقت الذي تواجه فيه شركته تدقيقاً بشأن خططها التوسعية الطموحة.

ودخلت «أوبن إيه آي» بالتزامات جديدة بمليارات الدولارات، على الرغم من عدم توضيحها لكيفية تمويلها عملية التوسعة الكبيرة.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ألتمان حالة من القلق الشديد على مستوى الشركة بعد أن بدأ برنامج «شات جي بي تي» يتراجع أمام روبوت الدردشة «جيميني» من «غوغل»؛ ما دفع «أوبن إيه آي» إلى تأجيل عمليات الإطلاق الأخرى، وطلب من الموظفين تحويل فرقهم للتركيز على تحسين منتجها الرائد.

يرى ألتمان أن اهتمامه بالصواريخ يتماشى مع فكرة أن طلب الذكاء الاصطناعي على الطاقة سيدفع البنية التحتية للحوسبة إلى خارج الأرض.

لطالما كان من دعاة إنشاء مراكز بيانات فضائية لتسخير الطاقة الشمسية في الفضاء مع تجنب الصعوبات البيئية على الأرض.

تشارك كل من ماسك وجيف بيزوس وسوندار بيتشاي، رئيس «غوغل»، الأفكار نفسها.

تُطوّر شركة «ستوك سبيس»، التي أسسها مهندسون سابقون في «بلو أوريجين»، صاروخاً قابلاً لإعادة الاستخدام بالكامل يُسمى «نوفا»، والذي تُشير التقارير إلى أنه يُطابق ما تسعى «سبيس إكس» إلى تحقيقه.

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (أ.ف.ب)

وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الشراكة المقترحة كانت ستُتيح لألتمان فرصةً مُختصرةً لدخول قطاع الإطلاق الفضائي.

تُسلّط محادثات ألتمان الضوء على التنافس المستمر بينه وبين ماسك. فقد شارك الاثنان في تأسيس شركة «أوبن إيه آي» عام 2015، ثم اختلفا حول توجه الشركة، ليغادر ماسك بعد ثلاث سنوات.

ومنذ ذلك الحين، أطلق ماسك شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي، xAI، بينما وسّع ألتمان طموحات «أوبن إيه آي»، ودعم مؤخراً مشاريع تُنافس مشاريع ماسك مباشرةً، بما في ذلك شركة ناشئة تُعنى بالدماغ والحاسوب.

ألمح ألتمان إلى طموحاته في مجال الفضاء في وقت سابق من هذا العام، وقال: «أعتقد أن الكثير من العالم يُغطى بمراكز البيانات بمرور الوقت. ربما نبني كرة دايسون كبيرة حول النظام الشمسي ونقول: مهلاً، ليس من المنطقي وضع هذه على الأرض».

ثم في يونيو (حزيران)، تساءل: «هل ينبغي لي أن أؤسس شركة صواريخ؟»، قبل أن يضيف: «آمل أن تتمكن البشرية في نهاية المطاف من استهلاك قدر أكبر بكثير من الطاقة مما يمكننا توليده على الأرض».