كعادته في نهاية كل صيف، ينظّم غاليري «آرت أون 56» في الجميزة معرضاً جماعياً يختصر من خلاله فصولاً من الإبداع شهدتها صالة العرض على مدار المواسم الماضية.
المعرض الذي يحمل عنوان «ملاذ الأمل»، يستمر حتى 23 أغسطس (آب) المقبل، ويجمع تحت سقفه أعمالاً لفنانين تشكيليين بارزين من لبنان، تتنوّع بين اللوحات، والمنحوتات، والفن الفوتوغرافي، ليُقدّم للزوّار تجربة بصرية غنيّة تنقلهم عبر محطات فنية متعدّدة.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، تقول نهى محرم صاحبة الغاليري ومنظمة المعرض: «نرغب من خلال نشاطات مماثلة تأكيد استمرارية موقع لبنان الثقافي، فبعد مرورنا بظروف قاسية، شهدت الحركة التشكيلية تراجعاً عاماً، وقد تأثرنا بذلك أيضاً، ما اضطرنا لتقليص عدد معارضنا السنوية من 8 إلى 4. ومع ذلك، نتمسك بالاستمرارية، ونبذل أقصى جهد للحفاظ على موقع بلدنا الريادي في مجال الفن. هذا المعرض الجماعي يأتي تأكيداً على أننا لا نزال نمتلك الطاقة والقدرة اللازمتين لمواصلة المسيرة حتى النفس الأخير. نحن نتشبث بالأمل، فالفن التشكيلي يعكس وجه لبنان الحقيقي، الوجه الذي نحبّ ونؤمن به».
أما الجولة في معرض «ملاذ الأمل»، فهي بمثابة رحلة فنية غنيّة تفصلك عن صخب الواقع وأعبائه. تحلّق بك في فضاء واسع، ينثر ظلالاً من الراحة والهدوء، ويمنحك لحظات تأمل واستعادة لجماليات الحياة.

من اللوحات التي تلفت الانتباه في المعرض، تلك التي وقّعها منير الشعراني بعنوان «من ثمارهم تعرفونهم»، حيث برز فيها الخط العربي باللون الأسود على خلفية بيضاء من تقنية «سيلك سكرين»، مع تلوين تحريك الحروف بالأحمر، ما أضفى على العمل لمسة فنية راقية.
أما لوحة إدوار شهدا، فتقدم بتقنية الـ«ميكسد ميديا» وتحمل عنوان «في مشغلي»، وهي من إنتاج عام 2013، مصنوعة بطبقات باهتة تُبرز صورة امرأة شقراء شاردة الذهن، تنقل أجواءً حالمة وتأملية.
وكعادتها، تأخذ الفنانة غادة جمال ناظر لوحتها «مزاج لبناني» في رحلة إلى طبيعة لبنان الخلابة؛ حيث تتداخل الألوان الزاهية في مشهد يطل فيه البحر وسفح الجبل، ليجسد جمالاً نابضاً بالحياة.

تستوقفك لوحة سارة شعار، التي تلتقط فيها مشاعر العودة من الغربة، مستخدمة تقنية الـ«ميكسد ميديا» لتجسيد أحلام معلّقة بين السماء والأرض. وتوضح نهى محرم: «هذه اللوحة كان من المقرر لها أن تُعرض ضمن معرض فردي خاص بسارة، لكن ظروفاً خارجة عن إرادتها حالت دون ذلك، نتيجة سفرها، فأُلغي المعرض. في هذا العمل، تعبّر عن الحنين إلى وطن غادرته بعد انفجار المرفأ، وهي اللوحة الأولى من سلسلة طويلة نأمل أن نستضيفها قريباً في صالتنا».
من جهتها، تتناول الفنانة ديالا خضري أحد هموم اللبنانيين اليومية؛ حيث ترسم مأساة انقطاع التيار الكهربائي بأسلوب ساخر. تصور الإمدادات الكهربائية على أسطح بيروت، مؤلفة عملاً متشابك الأهداف، باستخدام الريشة الزيتية في بعض المواضع و«الأكريليك» في أخرى. وتُسلّط اللوحة الضوء على بشاعة مشهد أصبح مألوفاً للمواطن، مشيرة من خلالها إلى معاناة اللبناني الذي، رغم اشتراكه في المولدات الكهربائية، يعيش في ظلال العتمة.

في لوحة جورج باسيل بعنوان «لم أستطع أن أحبك أكثر»، تلفت انتباهك شفافية ريشته وتقنية الـ«أكريليك»؛ حيث تأخذ المشاهد إلى عالم رومانسي بامتياز، تتلألأ فيه ملامح الأنثى الواقعة في الحب. ويبرز استخدامه للألوان الدافئة مع باقة من الزهور البيضاء والحمراء، ليخلق مشهداً متناقضاً وجذاباً في الوقت نفسه.


