اقتصاد تركيا يتجاهل العوامل السياسية وينمو بأكبر من المتوقع

ارتفع بنسبة 4 % خلال 3 أشهر

اقتصاد تركيا يتجاهل العوامل السياسية وينمو بأكبر من المتوقع
TT

اقتصاد تركيا يتجاهل العوامل السياسية وينمو بأكبر من المتوقع

اقتصاد تركيا يتجاهل العوامل السياسية وينمو بأكبر من المتوقع

رغم حالة عدم اليقين السياسي، والنزاع المستمر مع الأكراد، وتوترات العلاقات الروسية - التركية، استطاع اقتصاد تركيا أن يخالف التوقعات ويتوسع خلال الربع الثالث من العام الحالي، بأسرع وتيرة له منذ بداية عام 2014، بدعم من ارتفاع معدلات الاستهلاك المحلي مع تجدد الثقة في البلاد.
وأظهرت بيانات معهد الإحصاء، أمس الخميس، نمو الاقتصاد التركي بأعلى من المتوقع إلى 4 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، في دفعة للحكومة بعد توقعات سابقة بتباطؤ النمو.
وأرجع محمد شيمشك، نائب رئيس الوزراء التركي، التوسع في النمو إلى ارتفاع الطلب من القطاع الخاص. ويتوقع شيمشك أن يكون العام المقبل «أفضل بكثير» وسط تنفيذ مزيد من الإصلاحات وزيادة إمكانات النمو.
وقال معهد الإحصاء التركي، إن نفقات المستهلكين ارتفعت بنحو 3.4 في المائة عن العام السابق. وارتفع الإنفاق الحكومي على الرواتب وكذلك المشتريات من السلع والخدمات إلى 7.8 في المائة من 7.2 في المائة خلال الربع الثاني.
وارتفع الإنفاق الاستهلاكي إلى 21.03 مليون ليرة (7.38 مليون دولار) في الربع الثاني من عام 2015، من 21.01 مليون ليرة (7.37 مليون دولار) في الربع الأول، وفقا لمعهد الإحصاء. وبلغ إنفاق المستهلكين في تركيا نحو 453.6 مليون دولار في عام 2014، مقارنة بنحو 447.7 مليون دولار في العام السابق له.
ويرى بورا تامر يلدز، الخبير الاقتصادي لدى «زيرات للأوراق المالية» في إسطنبول، أن المستهلكين في تركيا عقدوا النية مرة أخرى على الإنفاق رغم فترة عدم اليقين السياسي التي سبقت الانتخابات العامة. وأضاف يلدز، في مذكرة نشرت في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن عودة الاستقرار السياسي ستساعد الليرة، التي تراجعت لمستويات خطرة خلال العام الحالي، على استعادة قوتها في التداول خلال العام المُقبل.
وقال شيمشك، في بيان صحافي أمس الخميس، إن الحكومة ستحافظ على سياستها المالية الصعبة للمساعدة في مكافحة العجز في الحساب الجاري والتضخم. وتجاوز النمو توقعات سابقة قُدرت بنحو 2.8 في المائة، وكان معدل النمو في الربع الثاني من العام بلغ 3.8 في المائة.
وعلى أثر نشر بيانات النمو، ارتفعت الليرة بنحو 0.4 في المائة في منتصف تداولات أمس. وارتفع العائد على سندات الحكومة التركية لمدة عامين بنحو خمس نقاط أساس ليصل إلى 10.88 في المائة، وفقًا لبيانات جمعتها «بلومبيرغ».
وتتوقع وكالة «موديز» نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في تركيا بمعدل 3 في المائة خلال السنوات الثلاث المقبلة، والذي يتبع متوسط نمو 5.4 في المائة خلال 2010 - 2014. وأكدت «موديز» في استعراضها الأخير لاقتصاد تركيا الصادر في 4 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، على التصنيف الائتماني لتركيا عند «Baa3» بما يعكس المرونة الاقتصادية والمقاييس المالية القوية للبلاد.
وعلى الرغم من ارتفاع التضخم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فإن محللين قالوا إن التضخم في تركيا بدأ يستقر. وبلغ معدل التضخم 8.1 في المائة في نوفمبر الماضي على أساس سنوي مُرتفعًا من 7.58 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفقًا لمعهد الإحصاء التركي.
وتدعم بيانات النمو الجيدة عملية «إعادة التوازن» في ميزان التجارة الخارجية لتركيا؛ إذ واصلت الواردات الانخفاض في الربع الثالث بينما تسارع الإنفاق الحكومي وإنفاق المستهلكين على السلع والخدمات.
وقال شيمشك إن تركيا ستخفض العجز في الحساب الحالي إلى أقل من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي (GDP) في المدى المتوسط من خلال إجراء الإصلاحات التي تعزز القدرة التنافسية.
وأعلن البنك المركزي التركي عن تراجع العجز في الحساب الجاري، إلى 25.4 مليار دولار خلال الأشهر الـ10 الأولى من العام الحالي، مقارنة مع 33.8 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
ووفقًا لتقرير صادر عن البنك، أمس الخميس، تراجع عجز الحساب الجاري في تركيا إلى 133 مليون دولار في أكتوبر الماضي، انخفاضا من 2.3 مليار دولار في الشهر نفسه من العام السابق.
وقال اردم باسجي، محافظ البنك، إن العجز سيستمر في التراجع مع محاولة صناع السياسة الحفاظ على نمو القروض الاستهلاكية.
وقال آتيليم مراد، وهو أستاذ مشارك من جامعة «TOBB ETU»: «انخفض عجز الحساب الجاري إلى أضيق مستوى له منذ عام 2009 بسبب تراجع أسعار السلع، خصوصًا النفط، فضلاً عن تباطؤ الواردات».
وتراجعت أسعار النفط بنحو 60 في المائة منذ منتصف عام 2014، من 115 دولارًا للبرميل في يونيو (حزيران) من العام الماضي، إلى أقل من 40 دولارًا للبرميل في الوقت الراهن، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ سبع سنوات.
وأشار مراد إلى أن البيانات الجيدة تعد مُفيدة جدًا بالنسبة لتركيا التي لا تزال تواجه مخاطر سياسية وأمنية مستمرة، قائلاً: «تراجع العجز التجاري وبيانات النمو المرتفع، سيؤديان إلى تعزيز شهية المستثمرين للقيام بأعمال تجارية في تركيا».
ووفقًا لرؤية ألبونا بانيرجي، نائب رئيس وكالة الائتمان الدولية «موديز»، فإن هناك كثيرا من عوامل الضعف التي تتحدى الاقتصاد التركي خلال الفترة المُقبلة، مثل العجز الكبير في الحساب الجاري، وتراكم الديون الخارجية، واتجاه السياسات غير المؤكد بالنظر إلى البيئة السياسية المحلية والاضطرابات الجيوسياسية.
ومع ذلك، أشار بانيرجي، في تصريحات صحافية أول من أمس، إلى أن الطبقة الوسطى الكبيرة في تركيا، والتركيبة السكانية الشابة، والروابط التجارية المتنوعة، هي بعض من نقاط القوة الائتمانية للبلد، التي تشمل أيضًا سجلا قويا حافلا من الاستقرار المالي، والفوائض الأولية، وانخفاض مستويات الدين الحكومي.
* الوحدة الاقتصادية لـ«الشرق الأوسط»



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.