بعد أسابيع قليلة من تحطيم رقمه القياسي في سوق الانتقالات بضم صانع الألعاب فلوريان فيرتز من باير ليفركوزن بصفقة تبلغ نحو 116 مليون جنيه استرليني (155 مليون دولار)، يستعد بطل الدوري الإنجليزي للذهاب أبعد من ذلك في سعيه لضم المهاجم المثالي بالنسبة إلى جماهيره: ألكسندر إيزاك، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».
حتى الآن، لم يتقدّم ليفربول بعرض رسمي إلى نيوكاسل يونايتد، لكنه أبلغ إدارة النادي استعداده لإتمام صفقة تُقدّر بنحو 120 مليون جنيه إسترليني. ورغم تمسك نيوكاسل بموقفه الرافض بيع الدولي السويدي المتألق، الذي لا تزال في عقده 3 سنوات، فإن الموقف قد يصبح أكثر تعقيداً في ظل عمل النادي على صفقة محتملة لضم المهاجم هوغو إيكيتيكي من آينتراخت فرنكفورت مقابل نحو 65 مليون جنيه.
وفي حال أصرّ نيوكاسل على عدم بيع إيزاك، فإن ليفربول قد يُحوّل اهتمامه إلى إيكيتيكي، وهي صفقة يعتقد النادي أنه قادر على الفوز بها بسهولة، رغم أنه لم يدخل المنافسة رسمياً حتى الآن. إيكيتيكي، صاحب الـ23 عاماً، قدّم موسماً استثنائياً في 2024 - 2025، سجل فيه 22 هدفاً بجميع المسابقات، فيما تطلب إدارة فرنكفورت صفقة تصل إلى 90 مليون جنيه.
لكن من الواضح أن نيوكاسل لن يحتفظ بكلا المهاجمين معاً، مما يُنذر بأن أحدهما سيغادر. يبقى السؤال: هل سيضغط إيزاك من أجل الرحيل؟ وإن فعل، فكيف سيتعامل النادي مع ذلك؟ خصوصاً في ظل «قواعد الاستدامة المالية (PSR)»، التي قد تُغري نيوكاسل بتحقيق أرباح طائلة من بيع لاعب اشتراه من ريال سوسييداد مقابل 60 مليون جنيه فقط قبل 3 سنوات.
في «آنفيلد»، يدرك صناع القرار أن محاولة ضم إيزاك هذا الصيف ستكون معقّدة، خصوصاً بعدما ضمن نيوكاسل التأهل لدوري أبطال أوروبا. ومع ذلك، فإن اختبار مدى صلابة موقف نيوكاسل يُعد خطوة منطقية، فإيزاك يُعدّ أكثر المهاجمين شمولاً في الوقت الحالي، ولا يُفترض الانتقال إلى «الخطة.ب» إلا بعد استنفاد كل السبل في «الخطة.أ».
أرقامه تدعم هذا الرأي؛ فقط محمد صلاح (29 هدفاً) سجل أكثر منه في الدوري الموسم الماضي (23 هدفاً). وسجل 62 هدفاً في 109 مباريات مع نيوكاسل، منها أهداف في شباك ليفربول تحديداً، أبرزها في تعادل مثير 3 - 3 في «سانت جيمس بارك» خلال ديسمبر (كانون الأول)، وفي نهائي كأس الرابطة في «ويمبلي»، إلى جانب أهدافه في الموسمين السابقين ضد الريدز... ما يمتلكه من حركة ومرونة ولياقة وإنهاء حاسم يجعله الإضافة المثالية لفريق المدرب آرني سلوت.
لكن الحديث عن الانتقالات يظل حساساً داخل النادي، بعد الصدمة التي تلقاها الجميع برحيل ديوغو جوتا، الذي توفي في حادث سير هو وشقيقه آندريه سيلفا بإسبانيا مطلع الشهر الحالي. اللاعبون والجهاز الفني لا يزالون يعيشون تحت وطأة الحزن، فيما يستعد الفريق لجولة تحضيرية تشمل مباراتين في هونغ كونغ واليابان.
ومع ذلك، فإن التعاقد مع مهاجم جديد كان ضمن أولويات الصيف، في ظل اقتراب داروين نونيز من الرحيل، وسط اهتمام من نابولي الإيطالي ونادي الهلال السعودي.
في الوقت ذاته، يُجري المدير الرياضي، ريتشارد هيوز، محادثات بشأن اهتمام بايرن ميونيخ بضم الكولومبي لويس دياز. فقد رفض ليفربول بالفعل عرضاً بقيمة 59 مليون جنيه، وأكد تمسكه باللاعب الذي خاض أفضل مواسمه (17 هدفاً في 50 مباراة). ويُقدّر ليفربول قيمة دياز بمقياس ما عرضه الهلال السعودي على مانشستر يونايتد مقابل برونو فرنانديز (100 مليون يورو)، قبل أن يُرفض العرض.
دياز من جهته يتوق لتجربة جديدة، لكن عقده يمتد لعامين آخرين، وقد يتردد في إجبار النادي على رحيله في وقتٍ حزين، خشية أن يُضعف علاقته بالجماهير.
ورغم هذه الملابسات، فإن المضيّ في صفقة إيزاك، بعد صفقة فيرتز اللافتة، يُعدّ إعلاناً واضحاً عن نيات ليفربول مواصلة الهيمنة بعد تتويجهم بلقب الدوري في الموسم الأول لسلوت.
وكان ليفربول قد عزز صفوفه بالفعل بضم كل من جيريمي فريمبونغ (35 مليون يورو)، وميلوش كيركيز (40 مليون جنيه)، وجورجي مامارداشفيلي (25 مليون)، وآرمين بيتشي (1.5 مليون)، إضافة إلى فيرتز. ومع تحقيق عوائد بيع تصل إلى 64 مليون جنيه حتى الآن، فإن إنفاق أكثر من 300 مليون جنيه بضم إيزاك سيمثل أكبر استثمار في تاريخ النادي بسوق الانتقالات.
صفقة إيزاك، تماماً كصفقة فيرتز، تمثّل توجهاً جديداً نحو شراء لاعبين جاهزين على أعلى مستوى. وهو ما لم يفعله ليفربول منذ ضم أليسون في 2018، بعد 6 أشهر فقط من التعاقد مع فان دايك. طيلة حقبة يورغن كلوب، اعتاد النادي ضم مواهب قابلة للتطوير، مثل كيركيز، الذي لا يزال في الـ21 من عمره، أو حتى فريمبونغ (24 عاماً) رغم خبرته الأوسع.
أما فيرتز وإيزاك، فهما من النوع الذي يُمكن أن يلتحق مباشرة بأي فريق نخبة، وسعراهما يعكسان ذلك. مجرد التفكير في وجود فيرتز خلف ثلاثي هجومي مكوّن من صلاح، وإيزاك، ودياز أو كودي خاكبو، يبدو حلماً يحثّ على الإعجاب.
وحتى لو لم يُحسم التعاقد مع السويدي، فإن إيكيتيكي سيظل ترقية كبيرة على مستوى الخيارات المتاحة حالياً في مركز رأس الحربة.
ولأن ليفربول أصبح قادراً على التفكير في صفقات بهذا الحجم، فهذا يُبرز بوضوح موقعه الحالي. فإيرادات أيام المباريات بلغت مستويات قياسية بعد توسعة ملعب «آنفيلد» إلى 61 ألف مقعد، والصفقات التجارية في نمو متواصل، مع بدء شراكة جديدة مع «أديداس» نهاية الشهر، فيما تضاعفت عوائد البث بعد العودة إلى دوري الأبطال، ناهيك بدفعة التتويج بلقب الدوري.
مع امتلاك النفوذ المالي والجاذبية التنافسية، أصبح بمقدور ليفربول أن يطمح دون قيود.
وإيزاك، دون شك، سيكون القطعة التي ترفع هجوم الفريق - الأقوى في الدوري أصلاً - إلى آفاق جديدة.
