أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في مرآة قمة جنيف... وريادة سعودية

من يُعلّم الآلة أن تكون إنسانية؟

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في مرآة قمة جنيف... وريادة سعودية
TT

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في مرآة قمة جنيف... وريادة سعودية

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في مرآة قمة جنيف... وريادة سعودية

في ممرات قصر الأمم بجنيف؛ حيث يلتقي العلم بالدبلوماسية، يتردّد سؤال واحد بين أروقة «قمة الذكاء الاصطناعي لأجل الخير» لعام 2025: هل يمكن أن تتعلم الآلة كيف تكون عادلة، ورحيمة، وإنسانية؟

حدود الأخلاقية والمسؤولية

هنا، لا تَحتدم النقاشات حول قدرات الذكاء الاصطناعي الخارقة، بل حول حدوده الأخلاقية ومسؤوليته تجاه الإنسان. في عصر باتت فيه الخوارزميات تحسم مصير وظائف، وتعطي توصيات طبية، وتُقيّم طلبات لجوء، لم يعد كافياً أن نسأل: «ماذا يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يفعل؟»، بل بات الأهم أن نسأل: «ما الذي ينبغي عليه ألا يفعله؟».

ومع ازدياد الاعتماد العالمي على الأنظمة الذكية، تتقدم إلى الواجهة قضايا مثل التحيز الخفي، والشفافية، والمساءلة، والعدالة الرقمية. مَن يُدرّب الخوارزميات؟ وفق أي قيم؟ ومن يضمن ألا تتحول الآلات الذكية إلى أدوات للتمييز بدلاً من المساواة؟

إطار سعودي لحوكمة الذكاء الاصطناعي

في هذا السياق، تتقدّم المملكة العربية السعودية برؤية رائدة، كونها أول دولة في الشرق الأوسط تضع إطاراً وطنياً شاملاً لحوكمة الذكاء الاصطناعي، يستند إلى مبادئ الأخلاق والعدالة والشفافية. وقد حرصت المملكة -من خلال الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)- على أن يكون الذكاء الاصطناعي جزءاً من مشروع وطني يخدم الإنسان ويحفظ القيم.

ولا تكتفي رؤية المملكة بتبني التقنية، بل تسعى إلى قيادتها بمنظور إنساني يعكس طموحها في أن تكون مركزاً عالمياً متقدماً في مجال الذكاء الاصطناعي المسؤول.

قمة جنيف لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي

وتأتي قمة جنيف -التي تُنظَّم هذا العام تحت رعاية الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)، وبالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للذكاء الاصطناعي لأجل التنمية- لتضع هذا الملف على رأس أولوياتها. فقد اختارت القمة شعاراً محورياً هو: «أخلاقيات الذكاء الاصطناعي»، في دعوة صريحة نحو وضع ميثاق عالمي يضمن استخداماً عادلاً، وآمناً، وشفافاً للتقنيات الذكية، وبما يُعزز العدالة الاجتماعية، ويحمي الحقوق الرقمية للبشر حول العالم.

حين تُخطئ الخوارزمية... مَن يتحمّل العواقب؟

الخوارزميات التي نُطلق عليها صفة «الذكاء» ليست سوى مرايا رقمية تعكس طبيعة البيانات التي دُرّبت عليها. وإذا كانت هذه البيانات مشوّهة أو منحازة، انعكس الانحياز بدوره في قرارات الآلة. هنا لا يعود الخطأ تقنياً فحسب، بل أخلاقياً وهيكلياً.

في تقرير مهم نُشر في عام 2024 في مجلة «Nature Machine Intelligence»، حذّر الخبراء من أن العديد من الأنظمة الذكية -بما في ذلك أدوات التوظيف الرقمية والتقييمات البنكية الآلية- قد تُكرّس أشكالاً غير مرئية من التمييز ضد النساء والأقليات، بسبب ما وصفه بـ«التحيّز البنيوي في البيانات».

في مثل هذه الحالات، لا يكفي أن نتقن كتابة الشيفرات، بل ينبغي أن نسأل: مَن يُحاسب حين تتسبب الخوارزمية في ظلم إنسان؟ ومن هنا تبرز الحاجة إلى حوكمة أخلاقية صارمة، تُلزم المطورين والمؤسسات بالمسؤولية الكاملة عن نتائج أدواتهم، لا الاكتفاء بجودة التصميم أو دقة الأداء.

السعودية أولاً... مرجعية عربية في أخلاقيات الذكاء

في قلب النقاشات العالمية حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، تبرز المملكة العربية السعودية بصفتها صوتاً ريادياً في المنطقة، كونها أول دولة في الشرق الأوسط تضع سياسة وطنية شاملة لحوكمة الذكاء الاصطناعي. فقد أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) هذه السياسة في عام 2022، واضعةً الأسس الأخلاقية لاستخدام التقنيات الذكية بما يخدم الإنسان أولاً.

وتنصّ الوثيقة الرسمية المنشورة على موقع «سدايا» على أربعة محاور رئيسية:

* الشفافية والعدالة واحترام حقوق الإنسان.

* مساءلة المطورين والمستخدمين عن نتائج استخدام الذكاء الاصطناعي.

* وضع معايير صارمة لحماية البيانات الشخصية.

* تعزيز الثقة المجتمعية في التقنيات الذكية.

وقد حظيت هذه المبادرة باهتمام دولي متزايد، خصوصاً بعد أن استضافت الرياض القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختيها لعامي 2022 و2023، بحضور وفود من أكثر من 90 دولة، وبشراكات فاعلة مع جهات مرجعية، مثل منظمة اليونيسكو، والمنتدى الاقتصادي العالمي، ومبادرة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) حول الذكاء الاصطناعي المسؤول.

إنّ ما تقدمه المملكة اليوم ليس مجرد نموذج محلي للحَوْكمة، بل مرجعية عربية طموحة تُعيد تعريف العلاقة بين التكنولوجيا والإنسان من منظور أخلاقي وإنساني متجذّر في الثقافة الإسلامية وقيم العدالة العالمية.

تسليط الضوء على الأخلاقيات

في كلمته الافتتاحية لقمة جنيف 2025، دعا الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات، دورين بوغدان-مارتن، إلى «وضع إطار قانوني عالمي لاستخدام الذكاء الاصطناعي بما يحترم الكرامة الإنسانية»، محذّراً من «فجوة أخلاقية» تسبق الفجوة الرقمية بين الدول.

وتُشارك السعودية حالياً في صياغة هذا الإطار عبر عضويتها في المجلس الاستشاري الدولي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، الذي أُنشئ ضمن تحالف عالمي ترعاه الأمم المتحدة، ويُشارك فيه خبراء من أكثر من 30 دولة.

نحو دستور رقمي عالمي: أبرز محاضرات القمة

من بين أبرز محاضرات قمة جنيف هذا العام، كانت الكلمة الافتتاحية للدكتورة بيغي هيكس، مديرة شؤون الانخراط في مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، التي أكَّدت أن «الذكاء الاصطناعي ليس محايداً بطبيعته، بل يعكس خياراتنا نحن البشر». ودعت إلى وضع «دستور أخلاقي رقمي» عالمي يُنظّم استخدام الذكاء الاصطناعي، بما يحمي الكرامة الإنسانية، ويراعي الفروقات الثقافية بين الشعوب. وقد لاقت كلمتها تفاعلاً واسعاً، خصوصاً مع مشاركة ممثلين عن أكثر من 100 دولة ومنظمات دولية مثل «اليونيسكو»، ومنظمة الصحة العالمية، والمنتدى الاقتصادي العالمي في نقاش مفتوح لصياغة إطار عالمي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.

الخصوصية... في مهب الريح

في عصر تتحوّل فيه البيانات الشخصية إلى سلعة رقمية، تُدق أجراس الإنذار بشأن انتهاك الخصوصية، لا سيما حين تُسخّر تقنيات الذكاء الاصطناعي في المراقبة واسعة النطاق دون ضوابط قانونية.

وفي مواجهة هذا التحدي، تتحرك الدول الواعية لوضع أطر قانونية تحمي مواطنيها، وهنا تبرز المملكة العربية السعودية مثالاً على هذا الاتجاه؛ إذ أقرت مؤخراً اللائحة العامة لحماية البيانات الشخصية، الصادرة عن الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، لتكون بمثابة مظلة تشريعية تضمن تنظيم جمع ومعالجة وتخزين البيانات وفق معايير شفافة ومُلزِمة، بما يُعزز الثقة الرقمية، ويحفظ كرامة الأفراد في الفضاء الإلكتروني.

هل للذكاء الاصطناعي ضمير؟

في عمق المختبرات والمراكز البحثية، لا ينحصر طموح العلماء في تطوير ذكاء يحاكي قدرات الإنسان، بل يمتد نحو ما يُعرف اليوم بـ«الذكاء الأخلاقي الآلي» (Machine Moral Reasoning)، محاولة لتعليم الآلة: كيف تفرّق بين الصواب والخطأ.

من معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT) إلى جامعة ستانفورد، وصولاً إلى جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في السعودية، تُجرى أبحاث متقدمة لدمج مفاهيم «الفلسفة الأخلاقية والمنطق الرياضي» داخل بنية الخوارزميات، بحيث تُصبح قرارات الذكاء الاصطناعي أكثر عدلاً وإنصافاً، خصوصاً في مجالات حساسة مثل الرعاية الصحية، والعدالة الجنائية، والتوظيف.

لكن، ورغم هذا التقدم، يبقى السؤال مفتوحاً: هل يمكن للآلة أن تمتلك «ضميراً رقمياً»؟ هل تستطيع التمييز بين الإنصاف والإجحاف... بين النية الطيبة والخداع؟

ما زال الجواب مُعلّقاً في المستقبل، لكنه بالتأكيد يبدأ من قرارات الحاضر، ومن التزام البشر بوضع القيم في قلب التكنولوجيا، لا على هامشها.


مقالات ذات صلة

أميركا تدشن حملة لتعيين مهندسي ذكاء اصطناعي بمناصب اتحادية

الولايات المتحدة​ علم أميركا على مجلس الشيوخ في العاصمة واشنطن (رويترز)

أميركا تدشن حملة لتعيين مهندسي ذكاء اصطناعي بمناصب اتحادية

دشنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب حملة لتعيين ألف مهندس في وظائف حكومية اتحادية لمدة عامين، وفقاً لموقع إلكتروني حكومي اطلعت عليه «رويترز» اليوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

«وول ستريت» ترتفع قبل أسبوع حافل بالتقارير الاقتصادية

شهدت «وول ستريت» ارتفاعاً يوم الاثنين، مع بداية أسبوع مليء بالتقارير الاقتصادية التي قد تؤثر على أسعار الفائدة، وبالتالي على أسعار الأسهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد يعمل أحد المتداولين في قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)

«سيتي غروب» تحدد 7700 نقطة هدفاً لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنهاية 2026

حدّدت «سيتي غروب» هدفها لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند 7700 نقطة بنهاية عام 2026، مستندة إلى قوة أرباح الشركات واستمرار النمو في استثمارات الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد عَلم الاتحاد الأوروبي ومخطط للأسهم وعبارة «الذكاء الاصطناعي» في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

الذكاء الاصطناعي يفتح شهية المستثمرين على أسهم البنوك الأوروبية

بعد عام 2025 الاستثنائي، يتوقع المستثمرون أن تُواصل أسهم البنوك الأوروبية مسارها الصاعد خلال عام 2026، مدعومة بأرباح قوية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولو عملات يراقبون شاشات تُظهر مؤشر «كوسبي» وسعر صرف الدولار مقابل الوون داخل بنك هانا بسيول (أ.ب)

الأسواق الآسيوية تتراجع وسط بيانات صينية ضعيفة

انخفضت الأسهم في الأسواق الآسيوية، يوم الاثنين، بعد إعلان الصين تراجع الاستثمار في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

فيديو جديد... زوجان نزعَا سلاح أحد منفذي «هجوم سيدني» قبل مقتلهما

خبراء الأدلة الجنائية يقومون بمعاينة جثة أحد الضحايا في موقع إطلاق النار على شاطئ بونداي في سيدني (إ.ب.أ)
خبراء الأدلة الجنائية يقومون بمعاينة جثة أحد الضحايا في موقع إطلاق النار على شاطئ بونداي في سيدني (إ.ب.أ)
TT

فيديو جديد... زوجان نزعَا سلاح أحد منفذي «هجوم سيدني» قبل مقتلهما

خبراء الأدلة الجنائية يقومون بمعاينة جثة أحد الضحايا في موقع إطلاق النار على شاطئ بونداي في سيدني (إ.ب.أ)
خبراء الأدلة الجنائية يقومون بمعاينة جثة أحد الضحايا في موقع إطلاق النار على شاطئ بونداي في سيدني (إ.ب.أ)

أظهرت لقطات مصوّرة نُشرت حديثاً من سيدني زوجين وهما يشتبكان بالأيدي مع أحد منفذي الهجوم الدموي الذي استهدف احتفالات عيد «حانوكا»، حيث تمكّنا لفترة وجيزة من انتزاع سلاحه قبل أن يُطلق عليهما النار ويُقتلا.

ويأتي الفيديو الجديد بعد واقعة أحمد الأحمد الذي وصف بالبطل لنجاحه في التصدي لأحد منفذي الهجوم.

وقال مسؤولون أمنيون إسرائيليون إنهم أصدروا تحذيرات إلى عدد من أجهزة الاستخبارات حول العالم، محذّرين من احتمال وقوع هجمات إرهابية تستهدف أهدافاً يهودية، وداعين السلطات الدولية إلى اتخاذ إجراءات وقائية مشددة.

وأظهرت اللقطات الجديدة، التي بثّتها هيئة الإذاعة الأسترالية الرسمية (ABC)، الزوجين وهما يواجهان أحد الإرهابيين من دون أي أسلحة. ويَظهر في الفيديو اشتباكهما معه ومحاولتهما نزع سلاحه، وهو ما نجحا فيه لفترة وجيزة.

وحسب صحيفة «ديلي ميل»، تمكّن الإرهابي لاحقاً من استعادة السيطرة على سلاحه ومواصلة هجومه الدموي. وكان الزوجان من بين الضحايا الذين قُتلوا في الهجوم الإرهابي.

وقتل ساجد أكرم وابنه نافيد 15 شخصاً في عملية إطلاق نار جماعي استهدفت احتفالاً يهودياً بعيد «حانوكا». ووصفت السلطات الهجوم بأنه عمل إرهابي معادٍ للسامية، لكنها لم تقدم حتى الآن سوى القليل من التفاصيل حول الدوافع الأعمق للاعتداء.

وقال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، أمس، إن الهجوم يبدو أنه «مدفوع بآيديولوجية تنظيم (داعش)».

من جانبها، قالت الشرطة الأسترالية، أمس، إن السيارة التي استخدمها المسلحان اللذان يشتبه في تنفيذهما الهجوم على شاطئ بوندي، وهما رجل وابنه، كانت تحتوي على علمين لتنظيم «داعش» بالإضافة إلى قنابل.

وأوضح مفوض شرطة نيو ساوث ويلز مال لانيون لصحافيين أن السيارة التي عُثر عليها قرب شاطئ سيدني مسجلة باسم الابن وتحتوي على «علمين محليي الصنع لتنظيم (داعش)» بالإضافة إلى عبوات ناسفة.

اقرأ أيضاً


منفِّذا «هجوم سيدني» تلقيا تدريبات عسكرية في الفلبين الشهر الماضي

صورة مقتبسة من مقطع فيديو تظهر المسلحين اللذين نفذا الهجوم (أ.ف.ب)
صورة مقتبسة من مقطع فيديو تظهر المسلحين اللذين نفذا الهجوم (أ.ف.ب)
TT

منفِّذا «هجوم سيدني» تلقيا تدريبات عسكرية في الفلبين الشهر الماضي

صورة مقتبسة من مقطع فيديو تظهر المسلحين اللذين نفذا الهجوم (أ.ف.ب)
صورة مقتبسة من مقطع فيديو تظهر المسلحين اللذين نفذا الهجوم (أ.ف.ب)

أكدت مصادر أمنية لهيئة الإذاعة الأسترالية «إيه بي سي» أن المسلحين ساجد أكرم وابنه نافيد، اللذين نفذا الهجوم على حشد كان يحتفل بـ«عيد حانوكا اليهودي» على شاطئ بوندي في سيدني، سافرا إلى الفلبين لتلقي تدريبات عسكرية مكثفة الشهر الماضي.

صلة منفذي هجوم بوندي بـ«داعش»

كانت هيئة الإذاعة الأسترالية قد كشفت بالأمس أن وكالة الاستخبارات الأسترالية (ASIO) حققت مع نافيد أكرم عام 2019 بشأن صلاته بأعضاء خلية إرهابية تابعة لتنظيم «داعش» في سيدني.

ولقي 15 شخصا حتفهم جراء الهجوم الذي وقع يوم الأحد وكان أسوأ إطلاق نار جماعي تشهده أستراليا منذ ما يقرب من 30 عاما. ويجري التحقيق فيه باعتباره عملا إرهابيا كان يستهدف اليهود.

وقال مصدر أمني رفيع إن نافيد، الذي كان يبلغ من العمر 18 عاماً آنذاك، أظهر «علاقات مثيرة للقلق» بـ«داعش» تم التحقيق فيها من قبل وكالة الاستخبارات الأسترالية، إلا أنها لم ترَ حاجةً لمزيد من التحقيقات في ذلك الوقت.

ويُجري المحققون حالياً تحقيقاً في صلات ساجد أكرم وابنه بشبكة إرهابية دولية، بعد اكتشاف سفرهما إلى مانيلا في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً لمسؤولين مطلعين على التحقيق.

وقال مكتب الهجرة في الفلبين الثلاثاء إن منفذي الهجوم في سيدني سافرا إلى الفلبين في أول نوفمبر (تشرين الثاني) على متن الرحلة (بي.آر212) للخطوط الجوية الفلبينية من سيدني إلى مانيلا ومنها إلى مدينة دافاو، حيث تنشط فيها جماعات إرهابية، من بينها فصائل مرتبطة بتنظيم «داعش».

وذكر المتحدث باسم المكتب أن ساجد أكرم (50 عاما)، وهو مواطن هندي مقيم في أستراليا، سافر بجواز سفر هندي، بينما استخدم ابنه نافييد أكرم (24 عاما)، وهو مواطن أسترالي، جواز سفر أستراليا. ووصلا معا على متن تلك الرحلة.وغادر الرجل وابنه في 28 نوفمبر تشرين الثاني على نفس الرحلة من دافاو عبر مانيلا إلى سيدني قبل الهجوم بأسابيع

وأفاد مسؤول كبير في مكافحة الإرهاب في أستراليا، طلب عدم الكشف عن هويته، بأن ساجد ونافيد سافرا إلى جنوب الفلبين وخضعا لتدريب عسكري.

وتُعدّ الفلبين بؤرةً للمتشددين منذ أوائل التسعينيات، حين أُعيد إنشاء معسكرات تدريب إرهابية كانت قائمةً على الحدود الباكستانية الأفغانية في جنوب جزيرة مينداناو.

وفي عام 2017، سيطر مسلحون متأثرون بفكر تنظيم «داعش» على أجزاء من مدينة ماراوي في جنوب الفلبين وتمكنوا من الاحتفاظ بها لخمسة أشهر رغم عمليات برية وجوية ظل الجيش يشنها. وأدى حصار ماراوي، الذي شكل أكبر معركة تشهدها البلاد منذ الحرب العالمية الثانية، إلى نزوح نحو 350 ألف شخص ومقتل أكثر من 1100 معظمهم من المسلحين.

وقال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، الثلاثاء، إن الهجوم يبدو أنه «مدفوع بآيديولوجية تنظيم (داعش)».

وقالت الشرطة الأسترالية إن السيارة التي استخدمها المسلحان كانت تحتوي على علمين لتنظيم «داعش» بالإضافة إلى قنابل.

وقتل ساجد أكرم وابنه نافيد 15 شخصاً في الهجوم الذي نُفذ مساء الأحد.


الإرهاب يؤرّق العالمَ في أعياد الميلاد

يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)
يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)
TT

الإرهاب يؤرّق العالمَ في أعياد الميلاد

يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)
يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)

أطلَّ الإرهاب بوجهه مجدداً في أكثر من قارة وتحت أكثر من سبب، مع اقتراب أعياد نهاية السنة الميلادية؛ ففي وقت كُشف فيه أنَّ الاستخبارات الأسترالية سبق لها أن حقَّقت في ارتباط أحد منفذي هجوم شاطئ بونداي في سيدني بتنظيم «داعش»، أعلن هذا التنظيم المتطرف مسؤوليتَه عن هجوم على قوات الأمن السورية بمعرة النعمان في محافظة إدلب، غداة هجوم آخر تسبب في مقتل 3 أميركيين، ونفذه عضو «متطرف» في الأمن العام السوري.

وأفيد أمس بأنَّ منفذي هجوم سيدني الذي أوقع 15 قتيلاً خلال احتفال يهودي؛ هما ساجد أكرم وابنه نافيد أكرم، في وقت كشفت فيه هيئة الإذاعة الأسترالية أنَّ الاستخبارات حقَّقت قبل 6 سنوات في صلات نافيد بـ«داعش». وتزامناً مع ذلك، وصف والدا أحمد الأحمد، السوري الذي صارع نافيد وانتزع منه سلاحه خلال هجوم سيدني، ابنهما، بأنَّه بطل.

وأعلن «داعش» أمس، مسؤوليته عن قتل 4 عناصر أمن سوريين بهجوم في محافظة إدلب، ما يشير إلى أنَّه يحاول إحياء نشاطه في سوريا.

وفي لوس أنجليس، أعلنت السلطات اعتقال 4 أشخاص يُشتبه في أنَّهم أعضاء في جماعة متطرفة، يُعتقد أنَّهم كانوا يخططون لتنفيذ تفجيرات منسقة في ليلة رأس السنة بكاليفورنيا. وأشارت وكالة «أسوشييتد برس» إلى أنَّ الشكوى الجنائية ضدهم ذكرت أنَّهم أعضاء في فصيل منشق عن جماعة مؤيدة للفلسطينيين. (تفاصيل ص 3)