الأمن ينجح في تحديد هوية الانتحاري الثالث في مسرح الباتاكلان

كان يريد تفجير نفسه في العراق

صورة أرشيفية لقوات الأمن الخاصة في نواحي مدينة ستراسبورغ (رويترز)
صورة أرشيفية لقوات الأمن الخاصة في نواحي مدينة ستراسبورغ (رويترز)
TT

الأمن ينجح في تحديد هوية الانتحاري الثالث في مسرح الباتاكلان

صورة أرشيفية لقوات الأمن الخاصة في نواحي مدينة ستراسبورغ (رويترز)
صورة أرشيفية لقوات الأمن الخاصة في نواحي مدينة ستراسبورغ (رويترز)

أصبح لـ«مجهول آخر» من بين إرهابيي 13 نوفمبر (تشرين الثاني) في باريس اسم وصورة، بعد أن نجحت مختبرات أجهزة الأمن الفرنسية في أن تفك لغز هويته. إنه فؤاد محمد العقاد الذي كان معروفا لدى الأجهزة المختصة، هو وشقيقه وما يسمى بـ«خلية استراسبورغ»، الواقعة شرقي فرنسا التي منها انطلقت مجموعة من «الأصدقاء» إلى سوريا للمشاركة في ميادين الجهاد.
ما يجمع بين هؤلاء هو أنهم من مجموعة جهادي فرنسي اسمه مراد فارس، نجح في تجنيد العشرات من أمثالهم وإرسالهم إلى سوريا للانضمام إلى صفوف «داعش». سبق مراد فارس الجميع إلى سوريا في عام 2013، لكنه اعتقل في تركيا العام الماضي.
وخلال العامين الأخيرين، تحول فارس إلى شخصية جهادية رئيسية. كتبت عنه الصحف كثيرا بسبب نشاطه الفائض على شبكة الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي ونجاحه في تجنيد العشرات من الفرنسيين وإرسالهم إلى سوريا والعراق.
وعاد ستة من الشبان الـ14 إلى فرنسا في الربيع الماضي، وهم يقبعون اليوم في السجون بعد أن وضعت الأجهزة الأمنية اليد عليهم وبينهم شقيق فؤاد محمد العقاد. وتقول فرنسواز كوتا، محامية شقيق العقاد المسجون، إنها «فوجئت» بأن فؤاد كان أحد الثلاثة الذين ارتكبوا أكبر مجزرة في فرنسا في زمن السلم، أي منذ نهاية الحرب العالمية الثالثة. فقد قام ثلاثة فرنسيين من أصول مغاربية، وهم فؤاد وعمر إسماعيل مصطفاوي وسامي عميمور، بقتل تسعين شابا وشابة في مسرح الباتاكلان بإطلاق النار عليهم مباشرة، وهم يحضرون حفلا موسيقيا. وبحسب المحامية المذكورة، فإن «الغريب» في حالة فؤاد أنه لم يكن مهمشا؛ إذ «استفاد» من النظام التعليمي الفرنسي، وتأهل مهنيا وحصل على عمل وكانت له علاقات صداقة، لا بل إنه كان يرتاد الملاهي الليلية مع رفاقه. لكنه مع ذلك، وقع وآخرون كثيرون في شباك أحد كبار صيادي الإرهابيين في فرنسا، المسمى مراد فارس.
وكانت فرنسواز كوتا تعرف أن «حلم» فؤاد أن يكون انتحاريا؛ إذ إن شقيقه الذي ذهب معه إلى سوريا في شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2013، لكنه عاد منها في الربيع الماضي، نقل عنه أنه يريد أن يقوم بعملية انتحارية في العراق، لا في فرنسا. وقامت زوجة فؤاد بالالتحاق به في سوريا.
وجاء غالبية الشباب الذين توجهوا إلى سوريا من حي فقير في مدينة استراسبورغ يدعى «لا مينو»، بينما فؤاد وشقيقه هما من مدينة ويسمبورغ (60 كلم عن استراسبورغ)، حيث كانا يعيشان مع والدتهما. وادعى الجميع أنهم ذاهبون إلى دبي لقضاء عطلة، بينما وجهتهم الحقيقية كانت تركيا حيث كان مراد فارس في استقبالهم وتولى إدخالهم إلى سوريا.
وبعد أقل من أربعة أشهر فقط، بدأ أفراد من مجموعة الـ14 بالتذمر من أوضاعهم وأبدوا رغبة في العودة، وهو ما نجحوا في تحقيقه عبر تركيا، لكن فؤاد محمد العقاد بقي هناك بعد أن لحقت به زوجته. والغريب أن والد فؤاد، بعكس والدته، لم يكن على دراية بما كان يقوم به ابنه أو أنه عاد من سوريا، وأن آخر مرة التقاه كانت قبل عامين.
وأفاد صحافي فرنسي، يعمل في القناة الثانية بالتلفزيون الفرنسي، بأن فؤاد الذي كان له ملف تحت الحرف «S»؛ أي أنه يتعين متابعته، نجح في الالتفاف على الرقابة والعودة هو الآخر إلى الأراضي الفرنسية رغم أنف الأجهزة الأمنية. ولم يتم التعرف على هوية الانتحاري الثالث في مسرح الباتاكلان إلا بفضل فحص الحمض النووي ومقارنته مع ما تمتلكه المختبرات المعنية.
ومع كشف هوية فؤاد محمد العقاد، لا تزال السلطات تجهل هوية اثنين من الانتحاريين الثلاثة الذين حاولوا الدخول إلى الملعب الكبير في سان دوني، لكن الحرس منعوهم من الدخول فقاموا بتفجير أنفسهم قريبا من الملعب. وعثر قريبا من الانتحاريين المجهولين على بطاقتي هوية سوريتين. لكن المرجح أنهما انتحلا هوية سوريا للعودة أو الدخول إلى أووربا مع اللاجئين السوريين؛ مما يزيد المخاوف من تسلل إرهابيين مع أفواج الواصلين إلى التراب الأوروبي.



مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع الانتخاب «المضمون» لرئيس مناهض لأوروبا

متظاهرون مؤيدون للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تبيليسي ليل الجمعة (أ.ف.ب)
متظاهرون مؤيدون للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تبيليسي ليل الجمعة (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع الانتخاب «المضمون» لرئيس مناهض لأوروبا

متظاهرون مؤيدون للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تبيليسي ليل الجمعة (أ.ف.ب)
متظاهرون مؤيدون للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تبيليسي ليل الجمعة (أ.ف.ب)

قد تتفاقم الأزمة في جورجيا، اليوم السبت، مع انتخاب نواب حزب «الحلم الجورجي» اليميني المتطرف الحاكم مرشّحه لاعب كرة القدم السابق ميخائيل كافيلاشفيلي، وهو شخصية موالية للحكومة التي تواجه تظاهرات مؤيدة للاتحاد الأوروبي.

وتمت الدعوة إلى تظاهرة حاشدة صباح السبت أمام البرلمان حيث ستُجرى الانتخابات الرئاسية التي تعتزم المعارضة مقاطعتها.

ويُعد كافيلاشفيلي، المعروف بتهجّمه اللاذع على منتقدي الحكومة، المرشح الرئاسي الوحيد رسميا لأن المعارضة رفضت المشاركة في البرلمان بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) وشُككت في نتيجتها، ولم ترشحّ أحدا لمنصب الرئيس.

ويتّهم المتظاهرون كافيلاشفيلي البالغ 53 عاما، بأنه دمية بين يدَي الملياردير بدزينا إيفانيشفيلي الذي جمع ثروته في روسيا وأسس حزب «الحلم الجورجي» ويحكم جورجيا من الكواليس منذ العام 2012.

المرشّح الرئاسي ميخائيل كافيلاشفيلي (أ.ب)

وتتخبّط الدولة القوقازية في أزمة منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في 26 أكتوبر وفاز بها حزب «الحلم الجورجي» الحاكم وطعنت بنتائجها المعارضة المؤيدة لأوروبا. وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، أصدرت الحكومة قرارا أرجأت بموجبه إلى العام 2028 بدء المساعي لانضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي، وهو هدف منصوص عليه في الدستور.

واثار هذا القرار احتجاجات شعبية نظمها المؤيدون لأوروبا تخللتها صدامات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن.

ومنذ صدور القرار تشهد جورجيا كل مساء تظاهرات احتجاجية تفرّقها الشرطة باستخدام خراطيم المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع، ويردّ عليها المتظاهرون برشق عناصر الشرطة بالحجارة والألعاب النارية.

ويقول المتظاهرون إنّهم ماضون في احتجاجاتهم حتى تراجع الحكومة عن قرارها.

وللمرة الأولى منذ بدأت هذه الاحتجاجات، سارت في تبليسي الجمعة تظاهرة نهارية نظّمتها هذه التظاهرة الحاشدة قطاعات مهنية.

ودعت المعارضة التي تتّهم الحكومة باتباع نهج استبدادي موال لروسيا إلى عشرات التجمعات الاحتجاجية في العاصمة تبليسي مساء الجمعة.

الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي بين مؤيدين في العاصمة الجورجية (أ.ب)

* الرئيسة المنتهية ولايتها

أعلنت الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي التي تتمتع بسلطات محدودة لكنّها على خلاف مع الحكومة وتدعم المتظاهرين، أنها لن تتخلى عن منصبها إلى أن يتم تنظيم انتخابات تشريعية جديدة.

وخلال مؤتمر صحافي عقدته الجمعة، قالت زورابيشفيلي إنّ الانتخابات الرئاسية المقررة السبت ستكون «غير دستورية وغير شرعية».

في جورجيا، صلاحيات رئيس الدولة محدودة ورمزية. لكن ذلك لم يمنع زورابيشفيلي المولودة في فرنسا والبالغة 72 عاما، من أن تصبح أحد أصوات المعارضة المؤيدة لأوروبا.

ومساء الجمعة، جرت التظاهرة أمام البرلمان في تبليسي من دون اضطرابات، على عكس الاحتجاجات السابقة التي تخللتها اشتباكات عنيفة منذ انطلقت في 28 نوفمبر.

وأوقفت السلطات خلال الاحتجاجات أكثر من 400 شخص، بحسب الأرقام الرسمية.

أوروبياً، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رسالة مصورة إنّ فرنسا تقف بجانب «أصدقائها الجورجيين الأعزاء» في «تطلعاتهم الأوروبية والديموقراطية».

علم الاتحاد الأوروبي يتصدر مسيرة احتجاجية في تبيليسي (أ.ف.ب)

* تهديد الديمقراطية

في المقابل، حمّل «الحلم الجورجي» المتظاهرين والمعارضة المسؤولية عن أعمال العنف، مشيرا إلى أنّ التظاهرات كانت أكثر هدوءا منذ أيام، وأنّ الشرطة ضبطت كميات كبيرة من الألعاب النارية.

وأعلنت واشنطن الجمعة أنّها فرضت على حوالى 20 شخصا في جورجيا، بينهم وزراء وبرلمانيون، حظر تأشيرات متّهمين بـ«تقويض الديمقراطية».

وحتى قبل أن يُصبح كافيلاشفيلي رئيسا، شكك خبراء في القانون الدستوري في شرعية انتخابه المرتقب، ومن بينهم أحد واضعي الدستور، فاختانغ خمالادزيه.

ويقول هذا الخبير الدستوري إنّ سبب هذا التشكيك هو أنّ البرلمان صادق على انتخاب النواب خلافا للقانون الذي يقضي بانتظار قرار المحكمة بشأن طلب الرئيسة زورابيشفيلي إلغاء نتائج انتخابات أكتوبر.

وأضاف خمالادزيه لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ «جورجيا تواجه أزمة دستورية غير مسبوقة»، مشددا على أنّ «البلاد تجد نفسها من دون برلمان أو سلطة تنفيذية شرعيين، والرئيس المقبل سيكون غير شرعي أيضا».