ميسي وسواريز ونيمار يضيئون ملاعب الكرة المظلمة

ظاهرة رياضية فريدة قلما يجود الزمان بمثلها

كتيبة هجوم برشلونة التي يصعب تكرارها (إ.ب.أ)
كتيبة هجوم برشلونة التي يصعب تكرارها (إ.ب.أ)
TT

ميسي وسواريز ونيمار يضيئون ملاعب الكرة المظلمة

كتيبة هجوم برشلونة التي يصعب تكرارها (إ.ب.أ)
كتيبة هجوم برشلونة التي يصعب تكرارها (إ.ب.أ)

كتيبة هجوم برشلونة نموذج مذهل لتزامن ظهور المواهب الرياضية يتحدى المفاضلة وتستحسنه الجماهير. «إنه برشلونة المذهل، أليس كذلك؟ هما ليسا فقط مذهلان، بل مذهلان بشكل عجيب، وناجحان بشكل مذهل. بالإضافة كل إلى هذا، فهما متفانيان وعاشقان ويعيشان قصة حب»، «فليو ولويز صديقان عظيمان، وأتمنى اللعب بجوارهما لمدة طويلة».. هذا ما كان قد صرح به نيمار عقب الإعلان عن أسماء المرشحين لجائزة أفضل لاعب في العالم. كان مصدر التعاسة الوحيد لليونيل ميسي الموجود على رأس القائمة هو لويز سواريز، الشقيق الثالث لهما، الذي غاب عن قائمة الفيفا.
أصبح تحليل كيمياء ثلاثي هجوم برشلونة الآن الشغل الشاغل لجماهير الكرة في العالم التي تجتهد في تفسير تلك الظاهرة الرياضية الفريدة من نوعها. لكن يظل التساؤل غير الاعتيادي: هل الثلاثي، نيمار وميسي وسواريز، هم الأفضل على الإطلاق كي تكون المقارنة أشمل؟ أم هم أفضل من رأينا خلال فترة معينة؟ الإجابة على السؤال: بالطبع هم الأفضل في كلتا الحالتين. بالأحرى الوضع يشتمل على تحد للتفسيرات والوصف، والبحث عن التفضيل الصحيح، عن الزاوية الصحيحة التي تحكم من خلالها، وتتأمل من خلالها كي تستمتع بكل تفاصيل ذلك التزامن الرياضي. وعليه، ربما بعد إجراء التعديلات الفنية ورص فسيفساء المهارات والإمكانات البدنية، فلم يعد هناك إغراء لإيجاد ثلاثي متجانس وغير أناني مثل نيمار وميسي وسواريز، يقدم كل هذا السحر. فكل أندية كرة القدم تقريبا تعتمد على فكرة الاستثناء، وعلى فكرة أن النصر مستحق، وهى نتاج لا لفكرة ماذا تفعل، لكن لفكرة من أنت. فلمانشستر يونايتد رومانسيته الدائمة التي (ترتكز على المال إلى حد بعيد)، وريال مدريد هم ملوك إمبراطورية الشمس الذين ولدوا ليحكموا، في حين أنهم في برشلونة يفوزون لأنهم يتمتعون بقلوب نقية، وهو ثاني أغنى ناد في العالم، وينجز بشجاعة في مملكة السلام والعقل.
وهنا مرة أخرى نيمار، وميسي، وسواريز، ليسوا فقط الأفضل، لكن أفضل الأفضلين، فهم أخوة، وأصدقاء، ومحترمون، ومتعاونون، وشركاء نموذجيون في المحبة. كل تلك الصفات رائعة، لكن عليكم الاستمرار في نفس الأداء السحري بالكرة. ولأن أي تفسير يقال الآن يعد مقبولا، فأي وجهة نظر عن السعادة التي منحنا إياها ثلاثي هجوم برشلونة سوف تكون وجهة نظر جيدة ومقبولة.
بيد أن النبوغ الرياضي أمر متقلقل، فبمجرد أن تتوقف العجلة وتطقطق الأجزاء، سوف تتداخل البكرات والسنون وتتعطل الطائرة في الجو. مر عام تقريبا منذ حصل مدرب برشلونة لويس أنريكي على الفرصة وحول ميسي إلى جناح أيسر حر، ووضع سواريز في المنتصف في مباراة بطولة أبطال أوروبا أمام أبويل نيقوسيا. ففي خلال أثني عشر شهرا فاز برشلونة بـ54 مباراة من إجمالي 67 مباراة وحمل فيها أربعة كؤوس، وفاز بأربع عشرة مباراة من أصل خمس عشرة مباراة ضد أبطال فرنسا، وإنجلترا، وإيطاليا، وألمانيا، إضافة إلى بطلي إسبانيا (بالطبع غير برشلونة). وفى هذا السباق، سجل ميسي 53 هدفا في 54 مباراة، وسواريز 43 هدفا في 58 مباراة، ونيمار 42 هدفا في 53 مباراة.
ترى عند أي نقطة توقف عقلك عن العمل قليلا؟ فالأرقام وحدها قاسية وتسيل اللعاب وتنبئ بالمزيد من النتائج الأفضل. فسواريز المحفز لا يعطي القوة والحركة فحسب، لكن يشكل الذكاء الخداعي. فمع ميسي نحصل على أعلى مستويات العبقرية، ليس في إنهاء الهجمات والركض فقط، لكن في تناغم الأداء الجماعي أيضا. ونيمار بساطة لاعب جميل بأداء خصب مصنوع من خليط من الشربات والكياسة. غير أن هناك شيئا آخر هنا هو إحساس بسيط من عدم اليقين من الظاهرة برمتها، فعند مشاهدتهم تتعجب: «هل سيسمحون لهذا الأمر بالاستمرار؟»، فحتى كرة القدم العبقرية لا تزال كرة قدم، تظل خاضعة لنفس قوانين التدفق. وكما وصل ميسي، وسواريز ونيمار على عجل، فقد جاء وصولهم متأخرا أكثر مما تعتقد. فلن يحدث شيء، فهذا مجرد إعلان تجاري ورياضي أيضا، وهناك رجفات طبيعية في الأطراف. ونجما فريق برشلونة حاليا في مرحلة تفاوض ما قبل توقيع العقود، وكلاهما كانت له مشكلات مع السلطات، وكلاهما كان يملك القوة لطلب المزيد.
في الوقت ذاته، بلغ إف سي برشلونة الحد الأقصى، فهو يجني الكثير من المال لكنه ينفقها سريعا أيضا. وجاءت صفقة حقوق ملكية اسم الاستاد الرياضي كصفقة لحفظ ماء الوجه ليتباهى بها النادي.
هناك ضغوط أخرى أيضا، فمانشستر سيتي أيضا على سبيل المثال، من دون شك، سوف يقفز على أي فرصة حقيقية لإنجاز صفقة التفوق بالحصول على خدمات ميسي - غراديلوا معا بملعب الاتحاد، وهي إمكانية واردة الحدوث خاصة بعد الإعلان عن صفقة الاستثمار الصيني الضخم مؤخرا. بالتأكيد، سوف يكون المشهد رهيبا، فهذا المشهد سوف يكون النسخة المكررة لكن في كرة القدم، نسخه تحاكى ما فعله ذلك الملياردير الذي دفع لنجمة الغناء بيونسي مبلغ مليون دولار كي تطير وتغني في حفل عيد ميلاده. ما سيحدث في كرة القدم سوف يكون شيئا من هذا القبيل ولن يخلو من الانفعال والمخاطرة ليجعل الأمر جديرا بالاهتمام.
فهذه هي كرة القدم، المال وليست الصداقة أو مجرد متعة اللعب هو من يحكم في النهاية، المال وحده هو القاعدة. والآن دعونا فقط نستمتع إلى أبعد حد بمشاهدة تلك التروس تدور مع بعضها وهى لا تزال متراصة، فالرياضة ليست دوما هكذا، وإن فعلت، فلا تستمر طويلا. ربما هذا هو سبب عشقنا لذلك الثلاثي الرهيب الذي سيبدأ في التسرب. لكن تبقى ظاهرة نيمار، وميسي، وسواريز بقعة صغيرة في ضوء شمس ساطعة لرياضة مليئة بتضارب المصالح تحكمها قوة أكبر في سبيلها للتلاشي، وإن كانت تنعم بشيء بهذا الصفاء والجمال.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».