في إجراء كان متوقعاً، أعلنت لجنة «مهرجانات بيت الدين» تعليق حفلاتها التي يُفترض أن تبدأ في 3 يوليو (تموز) وتستمر لغاية 27 من الشهر ذاته. وجاء في البيان الذي وزّعته اللجنة أنه «في ضوء الظروف السياسية والأمنية الحالية التي تؤثر في المنطقة وتعوق مشاركة الفنانين الأجانب، وحرصاً على ضمان إقامة المهرجان وأنشطته في أجواء من الاستقرار والهدوء، اتخذت لجنة «مهرجانات بيت الدين» القرار الصعب بتعليق المهرجان». ووعدت اللجنة أنها ستعود لإطلاع الرأي العام بموقفها في حال تبدّل الأوضاع، وتحديد الموعد الجديد إذا سمحت الظروف بذلك. وتم توجيه أصحاب التذاكر باسترداد أسعار البطاقات من خلال نقاط البيع.
وعبّر البيان عن امتنان المهرجان العميق للوزارات المعنية، والجهات الرسمية، والشركاء الذين يدعمون الفن والثقافة، والفنانين المشاركين، وكذلك الجمهور الوفي والقيم ووسائل الإعلام على دعمهم المستمر في هذا الوقت.
المفارقة أن لجنة «مهرجانات بيبلوس الدولية» عقدت في اليوم نفسه الذي تم فيه تعليق «حفلات بيت الدين»، مؤتمراً صحافياً كبيراً أعلنت فيه برنامجها المتنوع الذي تقول المسؤولة الإعلامية للجنة منى خوري: «إن الفنانين القادمين من الخارج للمشاركة فيه مصرون على الوجود معنا، وسيحضرون في كل الأحوال».
ومسألة اضطراب حركة الطيران في المنطقة كلها تبقى هي العائق الرئيسي أمام تصور إمكانية وصول الفنانين الآتين من الخارج.
كان يفترض مثلاً أن تحيي حفل اليوم الأول في «بيت الدين» مغنية الميزو سوبرانو الأميركية الشهيرة جي ناي بريدجز، المُلقبة بـ«بيونسيه الأوبرا». كما كان البرنامج على موعد مع المايسترو نصير شمة، ومجموعة من أساتذة الموسيقى العالمية يوم 18 يوليو.
واحتُفظ بجزء صغير من المهرجان، وهي المعارض الفنية السنوية التي تُنظّم على هامشه؛ حيث سيُفتتح -كما هو مُقرر في 3 يوليو الساعة السادسة مساءً- معرضان، أحدهما يقيمه صالح بركات صاحب الغاليري الذي يحمل اسمه في بيروت، تحية للزهور في أعمال الفنانين اللبنانيين الكبار. أما المعرض الآخر فهو جوّال يحمل عنوان «مناظر متحركة».
الوضع الحربي الاستثنائي الذي تعيشه المنطقة يفرض نفسه على الجميع، المتفائلين والحذرين. غير أن من تبدأ حفلاتهم في أول الصيف، مثل «بيت الدين»، اضطروا إلى اتخاذ إجراء مبكر، في حين يتمهل «مهرجان بعلبك» قبل اتخاذ القرار؛ لأن موعد انطلاقته هو 25 من يوليو. وتقول المسؤولة الإعلامية لـ«مهرجانات بعلبك»، مايا حلبي، إن «الوقت لا يزال متاحاً أمامنا، لنتخذ قرارنا. حفلاتنا تبدأ في 25 من شهر يوليو، لذلك نحن نترقب الوضع وننتظر حتى بداية الشهر المقبل، لنرى الخيار الأنسب، تبعاً لما ستمليه الأوضاع علينا». مع الإشارة إلى أن «مهرجانات بعلبك» تُقام في منطقة حساسة في القلعة الرومانية التاريخية في قلب سهل البقاع.
جدير بالذكر أن حفلَيْن فقط هما على برنامج «مهرجانات بعلبك»، يبدأ الأول في الثامن من أغسطس (آب) مع حفل لهبة طوجي يرافقها فيه الفنان أسامة الرحباني، مع أوركسترا ضخمة وجوقة مميزة، تقدم خلاله تحية للراحل الكبير منصور الرحباني بمناسبة مئويته.
أما الحفل الآخر «أوبرا كارمن» فيُقام يوم 25 أغسطس، من إنتاج مهرجانات بعلبك الدولية، بإدارة المخرج اللبناني العالمي جورج تقلا، المولود في بيروت، لكنه هاجر إلى البرازيل قبل 50 عاماً. وعودته إلى وطنه الأم لتكريم بعلبك ومهرجانها. هذا الحفل يستدعي وصول كل المشاركين فيه من الخارج، بمن فيهم الأوركسترا الوطنية للراديو الرومانية والفنانون الفرنسيون الأربعة الذين يؤدون الأدوار الرئيسية؛ وهم: ماري غوترو في دور «كارم»، وجوليان بير في دور «دون خوسيه»، وجيروم بوتيليه في دور «إسكاميليو»، وفانينا سانتوني في دور «ميكاييلا».
أما «مهرجانات أعياد بيروت»، التي يحيي حفلاتها فنانون لبنانيون، باستثناء حفل واحد تحييه فرقة أجنبية، فيبدو أنها مستمرة في برنامجها، ولا تعاني من مشكلات سفر الفنانين وتنقلهم.
المؤسف أن كل هذه المهرجانات كانت تَعِد نفسها بموسم حافل، وأعلنت حفلاتها في أجواء بهيجة، بعد توقف قسري العام الماضي بسبب الحرب الإسرائيلية التي كانت دائرة، لكن عيد هذا الصيف لا يأتي هو الآخر كما اشتهته السفن اللبنانية.




