مع اقتراب نهاية عام 2015، كشف مستثمرون عن تسجيل القطاع العقاري انخفاضا في وتيرة إطلاق المشروعات الجديدة في السعودية، بسبب استمرار العزوف وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين، والأحاديث التي تناولت قرب نزول الأسعار، حيث سجل أدنى أداء من ناحية إطلاق المشروعات، مقارنة بالأعوام الماضية، وبالتحديد في العقد الأخير الذي عاش فيه القطاع العقاري مدا وجزرا في أدائه، وتناقص إطلاق المشروعات بكامل أفرعها من أراض مطورة وشقق وفيلات، وهي التي كانت تزدهر خلال الفترة الماضية قبل أن يهوي الطلب لما هو عليه.
وأكد الكثير من العقاريين المهتمين أن القطاع تأثر بشكل سلبي من ارتفاع الأسعار وانتظار ما ستفضي إليه المشروعات الحكومية والقرارات الأخيرة، وأهمها رسوم الأراضي البيضاء، التي أصبحت الأمل الوحيد في تبديل حال السوق نحو الانخفاض، خصوصا أنها لم تستطع أن تخرج من أدائها المتواضع الذي استمر أكثر من خمس سنوات. إلا أن أهم ما يميز السنة الأخيرة هو العزوف الكبير في المبيعات، التي شهدت أقل مستوى في عمليات البيع، نظرا لاستمرار ارتفاع الأسعار فوق المنطقي، الأمر الذي انعكس على تقلص المشروعات التجارية، على الرغم من حزمة القرارات الحكومية التي أسهمت في انخفاض محدود في الأسعار.
وأكد محمد الجعوان، الذي يمتلك شركة كبرى للتطوير العقاري، أن نسبة إطلاق المشروعات الجديدة هذا العام لا تتجاوز نصف ما تم إطلاقه العام الماضي، خصوصا أن التمويل العقاري كان مفتوح النسبة، وهو ما يرى أنه كان سببا كبيرا في ضمور عمليات البيع والشراء بعد أن جرى تقييدها بنسبة الـ30 في المائة كدفعة أولى عند الشراء بالآجل، لافتا إلى أن القطاع يشهد انحدارا في إطلاق المشروعات على الرغم من الحاجة الكبيرة لها، إلا أن ارتفاع الأسعار حال دون زيادة المبيعات التي ظلت في تناقص على الرغم من تنامي الحاجة السنوية للوحدات السكنية، لافتا إلى أن حالة السوق خلال الفترة الأخيرة لا تسير بالشكل المطلوب بل عكس معطيات الحالة الاقتصادية للدولة، إذ إنه في الوقت الذي يسجل فيه الاقتصاد المحلي فائضا في موازنته وارتفاعا في العرض، فإن الطلب لا يزال منخفضا منذ سنوات بالتحديد، لكن السنة الماضية كانت الأشد توقفا عن الطلبات.
وزاد أن «دفعة التمويل العقاري أسهمت في خفض الحركة العقارية لأكثر من 40 في المائة في الوقت الذي ظلت الأسعار فيه ثابتة إلى حد كبير أو منخفضة بنسب محدودة»، موضحا أن الرياض تحتاج إلى مئات الآلاف من الوحدات السكنية، في حين أن المعروض في السوق لا يتجاوز 8 آلاف وحدة كحد أقصى، موضحا أن أفضل طريقة لخفض الأسعار هي زيادة المنتجات بشكل قياسي وفرض رقابة على أسعارها، لأن الوحدات الجاهزة، حاليا، والقديمة لن تتأثر، وإذا تأثرت فإن ذلك سيكون بشكل محدود.
وتفاقمت للأسبوع الثاني على التوالي حالة تأثر السوق العقارية المحلية منتصف الأسبوع الماضي، بعد الموافقة على نظام رسوم الأراضي البيضاء، حيث انخفضت قيمة صفقات السوق خلال الأسبوع بنسبة 8 في المائة، لتستقر في مجملها عند مستوى 6 مليارات ريال (1.6 مليار دولار)، متأثرة بدرجة أكبر بالانخفاض الكبير الذي طرأ على قيمة صفقات القطاع السكني، التي سجلت انخفاضا قياسيا وصلت نسبته إلى 17.5 في المائة.
وفي صلب الموضوع، أشار عبد الرحمن بن عبد العزيز الشبيلي، الذي يدير شركة عقارية، إلى أن القطاع العقاري السعودي كذراع استثمارية ممتاز للغاية رغم التوقفات والغربلة الذي يعيشها، إلا أن ذلك يمثل نتيجة طبيعية لإعادة ترتيب القطاع العقاري من جديد نظرا إلى عشوائيته في الماضي القريب، مؤكدا أنه متفائل بما سيحدث خلال السنوات المقبلة، مضيفا أن السوق تعيش ركودا كبيرا إلا أنها مرتبطة بمستقبل مشرق، لكن التطورات الأخيرة وعلى رأسها فرض دفعة أولى على شراء المساكن بالآجل أسهمت بشكل كبير في الانخفاض المؤقت، موضحا أنهم في الوضع الحالي لا يحققون أرباحا كبيرة تستحق الإشادة، إلا أنهم يطمعون في تحسن أداء القطاع قريبا.
كما اتسعت دائرة الانخفاض لتشمل أيضا أعداد العقارات المبيعة، التي سجلت بدورها في جانب القطاع السكني انخفاضا أسبوعيا للأسبوع الثالث على التوالي، بلغت نسبته 0.4 في المائة، لتستقر عند 4690 عقارا مبيعا خلال الأسبوع، تأثرت بصورة أكبر بالانخفاض الكبير الذي طرأ على مبيعات قطع الأراضي السكنية، التي سجلت انخفاضها الأسبوعي الثاني على التوالي بنسبة 1.6 في المائة، مقارنة بنسبة انخفاضها للأسبوع الأسبق بنحو 10.7 في المائة.
من جهته، أشار سعود العقلا، الذي يمتلك مؤسسة استشارات عقارية، إلى أن القطاع العقاري لم يعد جاذبا للاستثمار رغم تزعمه لشتى القطاعات الاقتصادية الأخرى في فترات ماضية. وعن تأثير هذا الركود على الأداء العام للسوق، أوضح أن عمليات البناء شبه متوقفة في ظل ارتفاع أسعار الأراضي وأسعار المقاولين، إضافة إلى ارتفاع تكاليف مواد البناء، التي أصبحت تشكل ضغطا إضافيا على أداء القطاع الذي لم يعد يحتمل مزيدا من الضغوطات، خصوصا أن السوق تترنح بشكل يعجز عن تفسير ما يحدث فيها، موضحا أن التجار يتوجسون خيفة من حال السوق في الأعوام المقبلة، خصوصا إذا تمت مشروعات وزارة الإسكان التي وعدت بها، وهو ما يعتبرونه المسمار الأخير في نعشهم.
يذكر أن قيم الصفقات الأسبوعية للســـــــــــوق العقارية المحلية عادت للانخفاض، بعد ارتفاعها الوحيد خلال الأسبوع الأسبق، مسجلة انخفاضا أسبـوعيا بنسبة 8 في المائة، مقــــــــــــارنة بارتفاعها الأسبوعي الأسبق بنحو 19.7 في المائة، لتستقر عند نحو 6 مليارات ريال (1.6 مليار دولار)، وتباين الأداء على مستوى قيم الصفقات بين كل من القطاعين السكني والتجاري، حيث سجلت قيمة صفقــــــات القطاع الســـــكني خلال الأسبوع انخفاضا بنسبة 17.5 في المائـــــــــة، مقارنة بارتفاعها الأسبوعي الأسبق بنسبة 25.2 في المــــــائة، لتستقر قيمتها بنهاية الأسبوع عند مستوى 3.9 مليار ريال (1.040 مليار دولار)، فيما سجلت قيمة صفقات القطاع التجاري ارتفاعا أسبوعيا بلغت نسبته 17 في المائة، مقارنة بارتفاعها الأسبوعي الأسبق بنســـــــبة 7.1 في المائة، لتستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 1.8 مليار ريال (480 مليون دولار).
2015 يسجل أدنى مستوى للمشروعات العقارية التجارية في السعودية
عقاريون يؤكدون أن ارتفاع الأسعار وانتظار نتائج القرارات الحكومية وشروط «ساما» أهم الأسباب
2015 يسجل أدنى مستوى للمشروعات العقارية التجارية في السعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة