واين وول... ضابط استخبارات يقود سياسة أميركا في الشرق الأوسط

مسيرة عسكرية يكتنفها الغموض... وقلق إسرائيلي من «الرجل المجهول»

صورة من حساب وول على «فيسبوك» بزيه العسكري
صورة من حساب وول على «فيسبوك» بزيه العسكري
TT

واين وول... ضابط استخبارات يقود سياسة أميركا في الشرق الأوسط

صورة من حساب وول على «فيسبوك» بزيه العسكري
صورة من حساب وول على «فيسبوك» بزيه العسكري

لم يكن اسم واين وول يتردد خارج الأروقة الأمنية في واشنطن، حتى اختارته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس الثلاثاء، مديراً لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، لتخرجه من ظلال الاستخبارات إلى واجهة صناعة القرار في أخطر ملفات المنطقة.

وتحول الضابط المتقاعد إلى محور اهتمام الأوساط الدبلوماسية والعسكرية على حد سواء، لشح المعلومات المتوافرة عنه وعن مواقفه من قضايا الشرق الأوسط.

فالرجل الذي أمضى ثلاثة وعشرين عاماً في الجيش، منها أربعة عشر عاماً منغمساً في ملفات المنطقة، خرج من القيادة المركزية للجيش «سنتكوم» ووكالة استخبارات الدفاع إلى البيت الأبيض، حاملاً إرثاً من الخبرة الميدانية والتحليل الاستخباراتي.

مسيرة ميدانية تجافي الأضواء

يحمل وول شهادة ماجستير من كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة «جونز هوبكنز»، لكن مسيرته بقيت ضمن المؤسسات الرسمية؛ فالمدرجات الأكاديمية ومراكز التفكير لم تغره، كما لم تغوه المغريات التجارية التي تدفع ببعض الضباط المتقاعدين إلى مكاتب الاستشارات وشركات السلاح.

تذكر جامعة «جونز هوبكنز» في نشرة لخريجيها أنه ترقى إلى رتبة مقدم عام 2016 وانتقل من فلوريدا إلى واشنطن في نهاية العام نفسه. في «سنتكوم» عمل وول على ملفات الاستراتيجية العسكرية والاستخبارات في مسارح الشرق الأوسط المختلفة، بحسب تقرير لصحيفة «أكسيوس» الأميركية.

واتجه بعدها إلى وكالة استخبارات وزارة الدفاع ليقود أحد أقسامها، فوجد نفسه أمام ملفات حساسة: البرنامج النووي الإيراني، النزاع السوري، صعود الجماعات المسلحة، ومعادلات الردع في الخليج.

لغز الجزائر: فجوة غامضة

في صفحة عنه على موقع «روكيت ريتش» المعني بالسجلات المهنية، إشارة إلى شغله منصب الملحق العسكري للسفارة الأميركية في الجزائر بين 2017 و2019. لكن لم يتسن التحقق من صحة ذلك، إذ لم يكن لاسمه أثر في أي بيانات أميركية أو جزائرية في هذه الفترة.

لكن في الوقت نفسه هناك فجوة في سجلات المنصب بين العقيد بيل رويل الذي شغله حتى منتصف 2018 والعقيد كريس داميكو الذي تسلمه منتصف 2020. غير أنه لا تتوافر دلائل مؤكدة على أن وول شغلها.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال فعالية في البيت الأبيض 9 يونيو 2025 (أ.ب)

هذه الخلفية الاستخباراتية الغامضة ربما كانت سبباً رئيسياً في استدعاء وول إلى مجلس الأمن القومي بعد إعادة هيكلة واسعة أقدمت عليها إدارة ترمب، أطاحت إريك تراغر صاحب الخلفية البحثية والمواقف الصاخبة، وفتحت الباب أمام رجل اعتاد العمل بعيداً من الأضواء.

من سباقات الخيول إلى الشرق الأوسط

ولعل أبرز ما يلفت في شخصية وول هو تقشف حضوره العام. فصفحته على منصة «لينكدإن» محذوفة، وحسابه على منصة «إكس» يخلو من أي تغريدات، وإن كان يتابع حسابات مرتبطة بالشرق الأوسط وملفاته، ولا مقالات في الدوريات، ولا شهادات أمام الكونغرس توضح رؤيته للاتفاق النووي أو للمقاربة الأميركية إزاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

وحتى حسابه على «فيسبوك» لا يضم سوى بضع صور شخصية وتفاعلات محدودة تظهر ضمن ما تظهر اهتماماً بالخيول وسباقاتها.

ومع ذلك، يجمع قائمته المختصرة من الحسابات التي يتابعها على «إكس» ولا تتجاوز 49، خيط ناظم هو الاهتمام بالشرق الأوسط وأفريقيا، إذ تضم مراكز بحث مثل «شاتام هاوس» ومعهد الشرق الأوسط في واشنطن، مروراً بجهات معروفة بانتقادها لإسرائيل، وصولاً إلى شخصيات وحسابات يمينية شعبوية أميركية.

التعيين نفسه جرى من دون بيان رسمي أو صورة مع الرئيس. مجرد تسريب تردد في صحف واشنطن. هذا الصمت المتعمد ربما يعكس التوجه الذي يرجح أن يتبعه وول: مقاربة هادئة تعتمد جمع المعلومات بصمت، وتدير الأزمات من الخلف، من دون ضجيج المؤتمرات الصحافية التي اعتاد بعض أسلافه استخدامها لإبراز العضلات.

فالمطلوب اليوم، وفق مطلعين على أجواء مجلس الأمن القومي، هو خبير يعرف متى يُسمع صوته ومتى يكتفي بتدوين الملاحظات، خصوصاً في ملف كإيران حيث يشدد البيت الأبيض على توازن دقيق بين التفاوض وإبقاء «الخيار العسكري» على الطاولة.

انقسام متوقع حول «الرجل المجهول»

في تل أبيب، تفاجأ بعض المراقبين بأن الرجل «مجهول» بالنسبة إليهم، وتساءلوا إن كانت متابعته لمراكز أبحاث «تنتقد إسرائيل» مؤشر ميلٍ إلى خطاب أكثر تشدداً تجاه حكومة بنيامين نتنياهو، بحسب ما نقلت عنهم منصة «جويش إنسايدر» اليهودية الأميركية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يمين) يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (رويترز)

في المقابل، قد تكون خلفيته في «سنتكوم» مبعث ارتياح لدى أطراف أخرى ربما ترى في خبرته تلك ضمانة لفهمه والتزامه أسس أمن المنطقة. أما طهران، فالأرجح أن ترى في انتقال ضابط استخبارات سابق في وزارة الدفاع إلى موقع سياسي رفيع سبباً للحذر.

يجلس وول اليوم في مكتب يطل على الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، مسلحاً بخبرة ميدانية لم تُختبر في العلن بعد، وبشبكة علاقات داخل «الدولة العميقة».

المنطقة بدورها ستكتشف سريعاً إن كان «رجل الظل» سيحافظ على صمته أم سيجد نفسه مضطراً إلى الكلام عندما تبدأ العواصف - التي لا تهدأ في الشرق الأوسط - بالاقتراب من أبواب البيت الأبيض.


مقالات ذات صلة

استراتيجية ترمب الجديدة تقوم على تعديل الحضور الأميركي في العالم

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

استراتيجية ترمب الجديدة تقوم على تعديل الحضور الأميركي في العالم

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي ترمب في استراتيجية جديدة أن دور الولايات المتحدة على الصعيد الدولي سينتقل إلى التركيز أكثر على أميركا اللاتينية ومكافحة الهجرة.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

لليوم الثالث على التوالي… ترمب يضع ضمادة على يده… ويبدو ناعساً

 سلط موقع «ديلي بيست» الأميركي الضوء على ظهور الرئيس دونالد ترمب الخميس وهو يضع ضمادة على يده اليمنى المُصابة بجروح لليوم الثالث على التوالي.

الولايات المتحدة​ ترمب يوقع على قرار تنفيذي في 23 يوليو 2025 (رويترز)

تحرّك في الكونغرس لترسيخ تصنيف «الإخوان» على لوائح الإرهاب

بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب التمهيدي لإدراج فروع من جماعة «الإخوان المسلمين» على لوائح الإرهاب يتحرك الكونغرس لدعم هذه الخطوة

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يغمض عينيه خلال اجتماع لمجلس الوزراء (أ.ف.ب)

للمرة الثانية في أقل من شهر... ترمب يقاوم النوم خلال اجتماع بالبيت الأبيض

بدا الرئيس الأميركي دونالد ترمب وكأنه يكافح النوم أمس الثلاثاء خلال اجتماع لمجلس الوزراء في البيت الأبيض، حيث أغمض عينيه، وبدا أحياناً وكأنه يغفو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
TT

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، وفق بيان صادر عنهم، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

وذكر البيان الذي نشره المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف على منصة «إكس» أن «الطرفين اتفقا على أن التقدم الحقيقي نحو أي اتفاق يعتمد على استعداد روسيا لإظهار التزام جاد بسلام طويل الأمد، بما في ذلك اتخاذ خطوات نحو خفض التصعيد ووقف أعمال القتل.


«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
TT

«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)

قالت شركتا «أبل» و«غوغل» إنهما أرسلتا، هذا الأسبوع، مجموعة جديدة من إشعارات بشأن التهديدات الإلكترونية للمستخدمين في جميع أنحاء العالم، معلنتين عن أحدث جهودهما لحماية العملاء من تهديدات المراقبة والتجسس.

و«أبل»، و«غوغل» المملوكة لـ«ألفابت»، من بين عدد محدود من شركات التكنولوجيا التي تصدر بانتظام تحذيرات للمستخدمين عندما تتوصل إلى أنهم ربما يكونون مستهدفين من قراصنة مدعومين من حكومات.

وقالت «أبل» إن التحذيرات صدرت في الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، لكنها لم تقدم سوى تفاصيل قليلة متعلقة بنشاط القرصنة المزعوم، ولم ترد على أسئلة عن عدد المستخدمين المستهدفين أو تُحدد هوية الجهة التي يُعتقد أنها تُقوم بعمليات التسلل الإلكتروني.

وأضافت «أبل»: «أبلغنا المستخدمين في أكثر من 150 دولة حتى الآن».

ويأتي بيان «أبل» عقب إعلان «غوغل» في الثالث من ديسمبر أنها تحذر جميع المستخدمين المعروفين من استهدافهم باستخدام برنامج التجسس (إنتلكسا)، والذي قالت إنه امتد إلى «عدة مئات من الحسابات في مختلف البلدان، ومنها باكستان وكازاخستان وأنغولا ومصر وأوزبكستان وطاجيكستان».

وقالت «غوغل» في إعلانها إن (إنتلكسا)، وهي شركة مخابرات إلكترونية تخضع لعقوبات من الحكومة الأميركية، «تتفادى القيود وتحقق نجاحاً».

ولم يرد مسؤولون تنفيذيون مرتبطون بشركة (إنتلكسا) بعدُ على الرسائل.

واحتلت موجات التحذيرات العناوين الرئيسية للأخبار، ودفعت هيئات حكومية، منها الاتحاد الأوروبي، إلى إجراء تحقيقات، مع تعرض مسؤولين كبار فيه للاستهداف باستخدام برامج التجسس في السابق.


المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

وافقت المحكمة العليا الأميركية ذات الغالبية المحافظة، الجمعة، على مراجعة دستورية المرسوم الذي أصدره الرئيس دونالد ترمب ويلغي حق المواطنة بالولادة لأطفال المهاجرين غير النظاميين.

وأعلنت المحكمة في بيان موجز أنها ستنظر في طعن إدارة ترمب في أحكام صادرة من محاكم أدنى خلصت جميعها إلى أنه غير دستوري.

ويحظر الأمر التنفيذي على الحكومة الفيدرالية إصدار جوازات سفر أو شهادات جنسية للأطفال الذين تقيم أمهاتهم بشكل غير قانوني أو مؤقت في الولايات المتحدة.

كما يستهدف النص الأطفال الذين يقيم آباؤهم بشكل مؤقت في الولايات المتحدة بتأشيرة دراسة أو عمل أو سياحة.

بعد تعليق العديد من المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف مراسيم رئاسية وقرارات حكومية، أصدرت المحكمة العليا حكماً في 27 يونيو (حزيران) يقيّد سلطة قضاة المحاكم الأدنى في تعليق قرارات الإدارة على مستوى البلاد.

ووقع ترمب المرسوم المتعلق بحق المواطنة بالولادة فور عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني)، وأدرجه في سياق مساعيه لمكافحة الهجرة غير النظامية.

وتطبق الولايات المتحدة منذ 150 عاماً مبدأ المواطنة بالولادة، المنصوص عليه في التعديل الرابع عشر للدستور، ويرد فيه أن أي شخص يولد في الولايات المتحدة هو مواطن أميركي تلقائياً.

تم اعتماد التعديل الرابع عشر عام 1868، بعد الحرب الأهلية وإلغاء العبودية، لضمان حقوق العبيد المحررين وذريتهم.