بينما أعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الأربعاء، عن قلقه بشأن اكتشاف عشرات الجثث، بعضها متفحم ومدفون، والبعض الآخر في ثلاجات المستشفيات، داخل العاصمة الليبية، توافق الاتحاد الأوروبي والبعثة الأممية على «ضرورة عدم ادخار أي جهد للحفاظ على وقف إطلاق النار في طرابلس، ومنع العودة إلى العنف».
وقال سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، إنه بحث مع رئيسة بعثة الأمم المتحدة، هانا تيتيه، الأربعاء، وجهات النظر حول تواصل الطرفين مع الشركاء الليبيين والدوليين، وناقشا الخطوات التالية في العملية السياسية التي تيسرها البعثة، بما في ذلك كيف يمكن للاتحاد الأوروبي أن يدعم جهودها على أفضل وجه، فيما وصفه بهذا «المنعطف الدقيق»، الذي تمر به ليبيا.

وأكد أورلاندو مجدداً دعم الاتحاد الأوروبي القوي للبعثة الأممية، مشدداً على ضرورة انخراط جميع الجهات الفاعلة الرئيسية بشكل بناء مع البعثة، وتجنب المبادرات غير المنسقة، على حد تعبيره. ومؤكداً أن الاتحاد الأوروبي لا يزال ملتزماً التزاماً راسخاً بالمساءلة عن أي تهديدات للسلام والاستقرار والعملية السياسية.
في السياق ذاته، جدد القائد العام للجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، دعمه لجهود البعثة الأممية، وجميع المبادرات التي من شأنها فتح آفاق الحلّ السياسي، وإنهاء مرحلة الانقسام، والدفع بالعملية السياسية قدماً. وأكد حفتر خلال لقائه، مساء الثلاثاء، مع تيتيه، دعمه الكامل لكل ما من شأنه تهيئة الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات، تحقيقاً لتطلعات الشعب الليبي نحو الاستقرار الدائم.
ونقل عن تيتيه تقديرها لما وصفته بدوره في دعم المسار السياسي، وإشادتها بجهود الجيش في تعزيز الأمن والاستقرار، مؤكدة التزام البعثة الأممية بمواصلة العمل مع كافة الأطراف الليبية في سبيل تحقيق توافق وطني يُفضي إلى حل شامل، ومشيرة إلى بحث نتائج أعمال «اللجنة الاستشارية»، التي قدمت مقترحات وتوصيات بشأن عدد من الجوانب المتعلقة بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة.

كما بحثت تيتيه أيضاً في بنغازي مع مستشار الأمن القومي الليبي، إبراهيم بوشناف، الوضع الأمني الراهن في ضوء الاشتباكات الأخيرة في طرابلس، حيث أكدا أهمية الحفاظ على الهدنة، وتعزيز الاستقرار لقيام عملية سياسية شاملة، وضرورة التوصل إلى حل توافقي، وتهيئة بيئة أمنية ملائمة لإنهاء المراحل الانتقالية، لا سيما تهيئة المناخ المناسب لإجراء انتخابات وطنية.
بدورها، ناقشت ستيفاني خوري، نائبة تيتيه، مع مجموعتين من ممثلي الأحزاب والتكتلات السياسية، ومن الشباب وممثلي منظمات المجتمع المدني في بنغازي، الاشتباكات الأخيرة في طرابلس، ونتائج عمل اللجنة الاستشارية والمسار السياسي في ليبيا.
في غضون ذلك، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إنه صدم من المعلومات التي كشفت عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في مرافق احتجاز في طرابلس، يديرها جهاز دعم الاستقرار، وهو جماعة مسلحة قتل قائدها عبد الغني الككلي خلال اشتباكات بين الميليشيات في منتصف مايو (أيار) الماضي.

وقال مكتب حقوق الإنسان إنه تلقى لاحقاً معلومات عن استخراج 10 جثث متفحمة من مقر جهاز دعم الاستقرار في حي أبو سليم، و67 جثة أخرى اكتشفت في ثلاجات مستشفيي أبو سليم والخضراء. كما أشار إلى تقارير عن موقع دفن في حديقة حيوان طرابلس كان يديره جهاز دعم الاستقرار، مبرزاً أن هويات الجثث لم تتضح حتى الآن.
وأعرب فولكر عن صدمته مما وصفه بـ«انتهاكات جسيمة» لحقوق الإنسان في مرافق احتجاز رسمية، وغير رسمية تابعة لجهاز دعم الاستقرار في طرابلس، تشمل التعذيب والاختفاء القسري، وقتلاً خارج نطاق القانون. ودعا إلى إغلاق هذه المواقع، وإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة، مشيراً إلى اكتشاف عشرات الجثث وأدوات تعذيب، ومنع السلطات فرق الطب الشرعي من الوصول إلى المواقع. كما ندد باستخدام القوة ضد احتجاجات شعبية على الاشتباكات بين الأجهزة الأمنية، محذراً من انتهاك حرية التعبير والتجمع.
وشدد فولكر على ضرورة تحقيق شامل في مقتل الككلي، رئيس الجهاز، والانتهاكات التي تلت ذلك، داعياً لاحترام كرامة الضحايا، ومضاعفة الجهود لإنهاء الفوضى السياسية، وبناء دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان.






